محمد خليل قموار شكّل التهديد الإرهابي الخطير الذي كشفت عنه وزارة الداخلية و المتعلّق بتخطيط جماعة أنصار الشريعة بمدينة درنة الليبية مع خلية إرهابية نائمة بتونس لاغتيال رجل الأعمال الشاب و رئيس الإتحاد الوطني الحر و النادي الإفريقي سليم الرياحي برهانا جديدا على حجم المخاطر التي تهدد تونس في هذا الظرف الصعب و الحساس من الفترة الإنتقالية . بعد الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي تكشف وزارة الداخلية عن محاولة جدية لتصفية السيد سليم الرياحي مما دفع بالسيد لطفي بن جدو إلى إجراء مكالمة هاتفية مع رئيس الإتحاد الوطني الحر الذي كان موجودا بالخارج لطلب بيانات دقيقة حول منزله و مركز عمله لتوفير الحماية الأمنية اللازمة . ما يثير الإستغراب هو استهداف الجماعات الإرهابية للقيادات الشابة و الصاعدة في تونس , وهي قيادات باتت تعبّر دون حسابات عن طموحات جماهير الشعب الكادح و الذي يرغب في تحقيق أهداف الثورة في العدالة الإجتماعية و التنمية و التشغيل و كشف ملفات الفساد للحيلولة دون عودة أباطرة العهد السابق و عصابات المافيا إلى السيطرة على مقدرات البلد مجددا , و قد أصبحنا نسمع بالفعل لدى الشارع التونسي حديثا عن بقاء نفس المنظومة الإقتصادية القديمة و قطع الطريق على كل محاولات اختراق تلك المنظومة عبر تأبيد سيستام المصالح و اللصوص , و لنا في الإحباط الذي يسود بعض التونسيين الأثرياء في الخارج الذين أرادوا الإستثمار في بلدهم و مساعدته فوجدوا عراقيل و عوائق تطير العقول مما دفع ببعضهم إلى العودة إلى أوروبا , و في تونس يبدو مشروع " مكتريس " الضخم شاهدا على حجم العراقيل التي اعترضت رجل الأعمال الشاب سليم الرياحي و شريكه الصربي إلى اليوم . لا شكّ أنّ هذه القيادات الشابّة و غيرها داخل الأوساط الحزبية و النقابية باتت في مرمى الجماعات الإرهابية و الإجرامية التي تتربّص بتونس , لأنّها قريبة من نبض الشباب و تسعى لتحقيق طموحاته عبر خلق المشاريع و فرص العمل و إعطاء النموذج الناجح عبر جيل منفتح على العصر و مواكب لمتغيّرات الواقع و متمسّك بهويته العربية الإسلامية كأحد روافد التمدّن فلا يمكن لجيل منبتّ عن جذوره أن يقود مسيرة التحديث , حتى النمور الآسيوية الصاعدة التي كنا نشاركها نفس المشاكل قبل 40 سنة حقّقت التنمية و التطوّر بعد استيعابها لإشكالية الأصالة و الحداثة . هذه الجماعات المنفصلة عن العصر و التي تعيش غربة فكرية لم تخلق لتكون معاول بناء و تأسيس بل هي أدوات هدم و تخريب و تنغيص و يلتقون مع الإستعمار في التصدي لكل محاولات النهوض العلمي و الإقتصادي و الثقافي , هم العدو الداخلي و أكثرهم قد أصبح مخترقا من طرف القوى الفاعلة في الداخل و الخارج ليتلاعبوا بهم كيفما شاؤوا بعدما اكتشفوا سذاجتهم و سطحية تفكيرهم . إنّهم الخوارج الذين اتّهموا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكفر بعد قبوله التحكيم مع معاوية حفاظا على دماء المسلمين , و عندما سأله بعض الصحابة رضوان الله عليهم عن موقفه منهم أجاب : " إنّهم أعراب بكر و تميم ضلّوا و أضلّوا " . هذا ما قاله فيهم أحد الخلفاء الراشدين و من تربّى في بيت النبوّة و أوّل من افتدى الرسول صلى الله عليه و سلّم بروحه عند الهجرة . يحاول خوارج العصر تخريب الثورة التونسية التي تهدف إلى البناء و صنع الحضارة التي استخلف الله تعالى الإنسان من أجلها و علّمه لأجل ذلك ما لم يعلم , لكن يبدو أنّ طيور الظلام تريد أن تسفك الدماء و تفسد في الأرض . عاشت تونس بكل أحرارها و مناضليها و حفظ الله كل أبنائها من الخونة و المرتزقة و عملاء الإستعمار .