بقلم: شكري بن عيسى (*) لا نكاد نفهم منذ 28 جوان المنقضي تاريخ اعلان وزارة الداخلية، في بلاغ مقتضب، على إلقاء القبض على "احد العناصر الإرهابية"، الذي قيل انه كان متحصنا بجبال فرنانة، عدة أشياء، وكنا ننتظر ان يقع توضيحها بكل شفافية وتجرد في ما بثته قناة "تونس 7"، والذي فضلا عن كونه زاد في الضبابية، فقد كان موجّها وبوليسيا، وليس إعلاميا، وعمق الضبابية: 1- لأول مرة "تونس 7" تصف عنصر تم إلقاء القبض عليه في عملية وقع تصنيفها إرهابية تصفه ب"المتهم" وليس "إرهابي" بعد ان كانت تزيد كلمة متشدد وفي حالات اخرى متطرف!!!!؟؟؟؟ 2- لأول مرة لم نر الموسيقى التأثيرية في مثل هذه الريبورتاجات-الحوارات ولا أيضاً ديكورا "مميزا" بايحاءات "مميزة"!!؟؟ 3- لأول مرة عنصرا مطاردا يقع الاستماع اليه بعد اقل من اسبوع وبعد ان اعلن العروي منذ أيام الامر وصرح انه "تاب" واعترف ب"الخطأ"!!!؟؟ 4- لأول مرة يعلن المستجوب "هاكم شفتوني وقتاش تشديت وتوة تشوفوني وقتاش نتسيب"!!!!؟؟؟ والرجل عارف التفاصيل بكل دقائقها وله "ضمانات" على ما يبدو صلبة للغاية.. 5- لأول مرة مستجوب من هذا النوع يعلم بدون تردد ولا ترمرم "ما ثماش تعذيب" وبدون ان يسأل حتى على الامر!!!؟؟؟؟ 6- لأول مرة الداخلية منذ "إلقاء القبض" على المعني تعلن على هويته واسمه حتى بالحروف الاولى لأن الاسم متداول ومعروف والكل علمه!!!؟؟؟ 7- التصريحات الامنية التي قالت ان عملية محاصرة المنزل ومفاوضة المطارد لمدة 18 ساعة كاملة لم نفهم لها لا أصلا ولا فصلا خاصة وان المعني لا يملك لا سلاحا ولا متفجرات حسب تصريحاته.. ثم إذا كان البيت محاصرا ومراقبا باعتبار "خطورة" العنصر فكيف تم دخوله!!!؟؟؟ 8- السن (28 سنة) التي صرح بها المتهم ومستواه التعليمي (سنة سابعة ثانوي)، راجعوا ما تناقلته الصحافة الاسبوع المنقضي لتجدوا ان سنه كان 30 سنة ومستواه محدود حسب ما كتبته في احتراف كامل للكذب كما تم توصيف المعني ب"الإرهابي الخطير".. ولا ندري كيف سيصبح التوصيف اليوم بعد التوصيف الجديد "متهم"!!!؟؟؟ في الاخير لا بد من الوقوف على الإسفاف في أسئلة "الصحفي" الذي أجرى الحوار "التحقيق" ببيداغوجيا تجمعية للوصول الى السؤال "الحاسم" "ماكش نادم؟".. لينفجر الرجل ويعلنها مدوية بانها "غلطة" و"اللي مطارد يسلم روحو" و"قالولي بش نعاونوك" و"ماثماش عائلة ما فيهاش امني".. و"نحب نرجع لعايلتي ومرتي وولدي ونعيش لاباس" والراجل طلع يفهم في السياسة وحتى في الدبلوماسية ولا يملك اية مخلفات غلظة ولا تشدد.. ولا تصلب ولا غضاضة.. الحاصل.. ان كل ما بث يوحي بشكل عال ان المعني هو عنصر "متعاون" مع الامن.. قد يكون تم استثمار عملية "القبض عليه" قبل اسبوع.. لتحقيق "نجاحات" أمنية افتقدت الأشهر الأخيرة.. وكان لابد من إيجاد المخرج.. لوضعه.. فكان أعلام "تونس 7" الذي صار "متعاونا أمنيا" درجة عليا.. وصدق صديقي احمد لما قال ذات مرة لماذا لا يتم الحاق هذه البناية الضخمة واعوانها بوزارة الداخلية فالوظيفة واحدة.. بل ان الحرفية أعلى و"أرقى".. هنالك!!!!!!!! قد نتجاوز عن الخروقات والتجاوزات إذا علمنا هدف الرسالة الداعي الى "الوئام المدني"، ونسعد بالتخلي عن لوك "لوبانة" أنصار الشريعة، والاتهامات الجزافية ومراجعة المقاربات الأمنية، ولكن ان يتواصل التعتيم والضبابية و"التركيب" الفاحش، فهذا ما ينذر باستمرار نفس الممارسات القديمة ولن يتقدم بنا نحو المعالجة العميقة بمحاورها الاجتماعية والتنموية والثقافية والقضائية والحقوقية، والاستخباراتية، قبل الأمنية.