منجي باكير (*) إنّ ديننا ، أعرافنا و أخلاقنا تحتّم علينا احترام كبيرنا و إجلاله ، كبيرنا الذي هو غالبا مخزون من التجارب و الحنكة و عنوان للوقار و الهيبة ،،، كبيرنا الذي يقدّر نفسه فيقدّره الآخرون و يعرف جليّا و بكل وضوح حدود تدخّلاته ، و محاذير سلوكاته و تصرّفاته ، و كذلك يعرف جيّدا مدى صلاحيّاته و صلوحيّته أيضا . فكبيرنا هذا يؤمن شديد الإيمان أنّ لكلّ قوّة ضعفا ، و لكلّ بداية نهاية وبالتالي فهو على يقين ثابت أنّ لكلّ زمان أهله . و لهذا فإنّه (يكرمْ لحيتو بيدو). غير أنّ السيّد الباجي – كبير المشهد السياسي سنّا – برغم أنّ العمر بلغ به عِتيّا فرغبته كانت جامحة لتصدّرهذا المشهد و لإرضاء عقد ماضيه السّياسي الذي تلطّخ بكثير من الهنّات و الإهتزازات و أكثر من هذا قد تكون – حلْمة – قديمة راودته لمّا كان يقابل ( عرْفه ) بورقيبة بين ردهات قصر قرطاج أراد تحقيقها مهما كان الثمن و متى كان الزّمن .. سي الباجي عُرف ب- قوالبه – و محلاّت الشّاهد و كثيرا من التفوّهات التي تخرج أحيانا عن إطار المعقول و قد تعكس باطنا حقيقيّا يحاول إخفاءه بدبلوماسيّة غير احترافيّة . تفوّهات تأخذ أحيانا طابع السّخريّة و التمقصيص أو تتلبّس بغضب صارخ تفلت معه أعصابه ... هذا ما تعوّدناه من سي الباجي و ربّما صنّفه البعض في خانة الدّعابة ،، لكن ما ظهر منه و ما – شنّف – به الأسماع هذه الأيّام وفي إطار حملته الإنتخابيّة ((لرئاسة البلاد و لرئاسة الشعب التونسي)) قد خرج عن طور المعقول و وصل إلى دوائر الخطر و لا يتقبّله أي عاقل من شيخ عاديّ في سنّه فما بالك إذا كان طامعا في الجلوس على كرسي الرئاسة و عمارة قصر قرطاج ! تفوّهات و ترف لغويّ لعلّ – أقربها زمنيّا – التي أثارت حفيظة ، بل غضب السّواد الأعظم من التونسيين على اختلاف مشاربهم ودفعت بالكثير منهم للنزول إلى الشوارع و السّاحات تعبيرا عن حنقهم و رفضهم لما صرّح به سي الباجي للإعلام الغربي ، تصريحات كان مضمونها خطيرا و يحمل تداعيات أخطر على وحدة البلاد و يمسّ شريحة واسعة من أهل العمق الشعبي ، تصريحات زادت في تكريس واقع مخلّفات سياسة ستّة عقود من التقسيم و الجهويات و عبّرت بوضوح عن احتقار شائن للدّاخل التونسي و أهله ، تصريحات لم يشأ قائلها أن يدرجها في باب فلتات اللسان التي تتطلّب اعتذارا ، بل أصرّ على ما بدر منه من إساءة تحمل في طيّاتها ما تحمل للجمهور الواسع الذي صوّت لمنافسه الدكتور المرزقي ... لم يقف عدُّ تفوّهات الرجل عند هذا الحدّ – و لا أظنّ ذلك – فزاد الطين بلّة حينما ردّ على تلك الصحفي بلفظ ماسخ لا يجد له مكانا في قاموس الحياء ، لفظ - خرم - الأسماع و فتح الباب مجدّدا أمام أسئلة كثيرة لعلّ أهمّها : أيّ كفاءة عقليّة و أيّ انضباط سياسي سيتحفنا به سي الباجي لو -لا قدّر الله- مسك بدواليب الدّولة ؟؟؟ لهذا و أكثر فإنّنا نهيب بالسيد الباجي أن ينقذ ما تبقّى من صورته و أن يحجم عن التمادي في ضلال سياسي حشره فيه بلاطه و حاشيته و كثير من الفاسدين الذين تمترسوا وراء تلك الصّورة الباهتة في محاولة بائسة لاستجلاب ما يثبت شرعيّة تواجدهم في المشهد السياسي ، كما تداروا وراءه ليخفوا كثيرا من نواجذ وسخة و أنياب ملطّخة تتربّص بهذا الوطن و أهله لنهشه و امتصاص ما تبقّى من دماءه و ثرواته و إعادته إلى حكم الجمر و سنوات الضياع ... الكِبر سنّة في البشريّة و الخرَف مرض له تعليلاته الفيزيولوجيّة و ستْرهُ حفظ ماء الوجه أمّا التّصابي أو التجاهر بما ينافي الحياء أوما من شأنه أن يخلق الفتنة فهذا لا يُبوّب إلاّ تحت عنوان : القَرفْ -