إستأنف المجلس الوطني التأسيسي، صباح اليوم السبت 6 جويلية 2013، أشغال مناقشة مشروع الدستور الجديد في نسخته الثالثة، وذلك في رابع جلسة عامّة من النقاش العام المخصّص للدستور، ولم تختلف قراءات النواب للمشروع عن القراءات الأولى حيث تضمنت أبرز الملاحظات النقاط الخلافية بين نواب المجلس ولعلّ أبرز هذه النقاط إدراج حريّة الضمير في مشروع الدستور حيث واصل البعض من النواب تحفّظهم بشأن هذه الحرية في حين اعتبر آخرون أنّه لا يوجد أي تعارض بين هذه الحرية والقانون الوضعي التونسي. وفي هذا الإطار أعرب النائب عن كتلة حركة وفاء ربيع العابدي عن تحفظه على "حريّة الضمير" لأنّه يعد ضربا للمنظومة القانونية على حدّ قوله، ويفتح المجال أمام كلّ ماهو مخالف للقانون التونسي خاصّة في ظل ظهور عدّة أشياء برزت هنا وهناك على غرار الزواج الجماعي في فرنسا وغيرها من الأمور التي تحصل بتعلّ حرية الضمير. وأكّد العابدي تحفّظ حزبه على حذف فصل تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني واعتبر أنّ هذا الفصل في حدّ ذاته يعدّ دستورا، إلى جانب أنّه لا يعني فقط التضامن مع الشعب الفلسطيني إنّما هو أيضا ثورة في حدّ ذاته ضدّ النظام العالمي الجديد. أمّا بخصوص الأحكام الإنتقالية فقد أشار ربيع العابدي أنّها أحكام ناقصة وتحتاج إلى التعديل، لذلك يجب التنصيص فيها على التحصين الدستوري لقانون تحصين الثورة وقانون العدالة الإنتقالية. من جهته، بيّن النائب عن الكتلة الديمقراطية سمير بالطيب أنّ الهيئة المشتركة للتنسيق تجاوزت صلاحياتها لأنّها غيرت كثيرا من الفصول وحذفت بعضها وأضافت فصولا أخرى، واصفا ذلك بالتحريف في مشروع الدستورن، مؤكّدا أنّ الرجوع إلى التقارير النهائية للجان فإنّه سيتأكّد للجميع أنّ الهيئة حرفت كثيرا من المضامين وأضافت أشياء لم تكن موجودة وغيّرت بعض المفاهيم وحذفت بعضها الآخر. وقال بالطيب "إنّ هذه الأشياء لا يمكن قبولها وحمّل في ذلك المسؤولية كاملة لهيئة التنسيق والصياغة التي حرّفت وغيّرت وزوّرت المضامين كما شاءت"، حسب تعبيره. وأضاف سمير بالطيب أنّه من بين الأشياء التي حذفت قسم يتعلق بالرقابة الديمقراطية للأمن والدفاع وتحديدا في باب السلطة التشريعية، وقد كانت مسألة المراقبة محل إجماع على الأقل بين أغلب الكتل. وأكّد في نفس السياق أنّ المشروع لم يرتقي إلى دستور إنّما بقي مسودة يمكن تحسينها. أمّا في ما يتعلّق بباب السلطة القضائية فقد اعتبر بالطيب أنّ هذا الباب لا يحمل تصورا لسلطة قضائية مستقلة بذاتها وبمعزل عن أي سلطة أخرى. وفي إطار النقاش العام أيضا قال النائب نعمان الفهري إنّ مشروع الدستور يحتوي على ستّة أشياء متفق على تغييرها أوّلها باب الأحكام الانتقالية، وثانيا الفصل 141 الذي ينّ على أنّ الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة معتبرا أنّ هذه المسألة ليس محلّ خلاف، وثالثا إحداث تغيير على الفصل المتعلق بهيئة الإعلام السمعي البصري حتّى لا تكون وزارة الإعلام الجديدة، رابعا تغيير الفصل 48 من خلال إضافة الضرورة والنسبية في تحديد الحريات للصالح العام. ومن المسائل الأخرى التي تتطلب مراجعة حسب النائب نعمان الفهري هي المراقبة الديمقراطية على الدفاع والأمن التي إختفت دون مبرر، وفي هذا السياق طالب رئيس المجلس بالإجابة عن سبب إلغاء هذا الفصل. وتابع الفهري "ما فائدة التوطئة في ظل وجود مبادئ واضحة وقانون واضح" مشدّدا على ضرورة حذف باب التوطئة. وفي المقابل إنتقدت النائبة عن كتلة النهضة هاجر عزيز إعتراض بعض النواب عن ذكر الإسلام دين الدولة في الدستور، حيث اعتبرت أنّ هذا الاستنتاج الصادر عن بعض "العلمانيين المتطرفين" لا مبرّر له ولا يمكن أن يكون إلاّ من باب المزايدات على حدّ تعبيرها. من ناحية أخرى تطرّقت هاجر عزيز إلى حقوق المرأة التونسية في الدستور وقد اشارت في هذا الباب إلى سهو اللجنة المعنية بباب الحقوق والحريات عن ذكر مبدأ التناصف في القوائم الإنتخابية وذلك في الفصل 44 من مشروع الدستور، مطالبا بتدارك هذا الخطأ والتنصيص على التناصف بين المرأة والرجل في القوائم الإنتخابية. أمّا بخصوص الإشكال الحاصل حول حرية الضمير فقد أشارت عزيز أنّ عديد الخبراء في القانون التونسي يؤكّدون أنّه بالتنصيص على هذه الحريّة لا يمكن منع المرتدين عن الدين، على حدّ قولها.