انعقدت الندوة السنوية لرؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية التونسية بالخارج من 14 إلى 16 أوت 2013، حول موضوع "الدبلوماسية الاقتصادية: الأولويات والآفاق". واشتمل جدول أعمال هذه الندوة، بالخصوص، على الكلمة الافتتاحية لرئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي وكلمة الاختتام لعلي العريّض رئيس الحكومة، فضلا عن مداخلات وزير الشؤون الخارجية ووزير الداخلية وكاتب الدولة المكلف بالتونسيين بالخارج والهجرة والرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات. وتكمن أهمية الاختيار على موضوع الدبلوماسية الاقتصادية بالأساس في خصوصية الوضع الاقتصادي الداخلي وحجم التحديات المطروحة في هذه المرحلة النهائية من مسار الانتقال الديمقراطي ببلادنا، علاوة على الظرف الاقتصادي الإقليمي والدولي الصعب والمتقلب وبروز تجمعات وفاعلين اقتصاديين جدد وانتقال الاقتصاد إلى مركز ثقل الدبلوماسية التي أصبح لها، بالتالي، دور محوري في بناء مناخ من الثقة يُمكّن من تطوير المنظومة الاقتصادية الوطنية، ويعطي إشارات إيجابية قوية ومطمئنة لشركائنا في الجوار القريب والبعيد. وقد تميّزت هذه الندوة بدسامة المداخلات وغزارتها وتنوّعها حيث أتت على مختلف الجوانب المتعلقة بالدبلوماسية الاقتصادية وأبرزت تلازمها بالأبعاد السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن تفاعلها تأثيرا وتأثرا بالمتغيرات الإقليمية والدولية. وفي هذا السياق، تم التأكيد على ضرورة تقييم التجارب السابقة لتطوير أداء الدبلوماسية الاقتصادية ومراجعة آليات عملها حتى تضطلع بدورها الاستراتيجي في تحقيق الأهداف الوطنية للتنمية وفي مقدمتها استكشاف فرص تشغيل الكفاءات واليد العاملة التونسية في الخارج وخلق مواطن الشغل وجلب الاستثمارات والترويج للوجهة السياحية التونسية وتطوير الشراكات واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية ونقل التكنولوجيا ودعم الصادرات واستكشاف فرص وإمكانيات التمويل الثنائي والثلاثي ومتعدد الأطراف. وأبرز المتدخلون أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب ترتيب المجالات الجغرافية للتحرك الدبلوماسي ترتيبا براغماتيا يُرسّخ علاقات تونس بشركائها التقليديين في محيطها العربي والأوروبي والمتوسطي، مع التركيز، على الشراكات الواعدة مع دول المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا. فضلا عن توفير الإمكانيات المالية واللوجستية والبشرية الضرورية لضمان النّجاعة المطلوبة. وقد خلصت الندوة إلى عدّة توصيات من أجل إرساء دبلوماسية اقتصادية جديدة نشيطة وذكية تكون فعلا آلية إسناد ودعم للدبلوماسية التقليدية وإطارا مناسبا لتعزيز العلاقات الخارجية لتونس وتطويرها، وتحصين تموقعها على الساحة الدولية والذود عن مصالحها، من أهمّها: * مراجعة الإطار الهيكلي والقانوني والتنظيمي للتحرك الاقتصادي الخارجي، بما يمكن وزارة الشؤون الخارجية من أداء دورها التنسيقي والاستشرافي والتعريفي على أكمل وجه في إطار خطة استراتيجية وطنية موحدة وشاملة لكافة الفاعلين الوطنيين. * مزيد إحكام التنسيق بين مختلف الهياكل الرسمية والقطاع الخاص ووسائل الإعلام والمجتمع المدني وجاليتنا بالخارج في إطار مقاربات متجانسة وآليات ناجعة تعتمد على قاعدة بيانات محينة وموحدة وشاملة حول الاقتصاد التونسي وحاجياته وأولوياته. * إعادة الانتشار الدبلوماسي التونسي في الخارج بما يتماشى والتطورات الاقتصادية العالمية وبروز دول ومجموعات إقليمية جديدة واعدة ومؤثرة، لا سيّما في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، فضلا عن تدعيم بعثاتنا بالخارج، خاصة في إفريقيا، ماديا وبشريا، والترفيع في عدد الممثليات الاقتصادية والتجارية بالخارج وتدعيم شبكة القناصل الشرفيين. * بعث مجالس أعمال إضافية، وتطوير المشاركات في المعارض والتظاهرات الإقليمية والدولية ومزيد حفز المؤسسات البنكية التونسية على دعم الصادرات وتشجيع انتصاب المؤسسات التونسية بالخارج. * ضمان استفادة تونس من برامج التعاون التنموية والفنية وفرص التمويل التي توفرها المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية. * وضع تصور وطني يهدف إلى دعم الحضور التونسي بالمنظمات الدولية والإقليمية التي تعنى بالمسائل الاقتصادية والمالية والتجارية وتوثيق الصلة بالموظفين التونسيين الدوليين والاستفادة من خبراتهم وتوصياتهم. * الحرص على استغلال الفرص المتاحة في إطار التّعاون الدولي اللاّمركزيّ للاستفادة من التجارب الناجحة في عدة مجالات كالتنمية المحلية والحكم الرشيد والديمقراطية المحلية. * مواصلة المساعي لاسترجاع الأموال المنهوبة بالخارج. * تدعيم الهجرة المنظمة ووضع إطار جديد لاتفاقيات الهجرة مع الدول ذات القدرة العالية على استيعاب اليد العاملة التونسية.