قالت "هيومن رايتس ووتش" إن الحكومة السورية تقوم دون وجه حق باحتجاز الآلاف من المعتقلين السياسيين على غير أساس سوى نشاطهم السلمي، وقد بدأت "هيومن رايتس ووتش" حملة تستهدف إلقاء الضوء على مصيرهم. وقد امتد احتجاز الكثيرين منهم لفترات طويلة وتعرضوا للتعذيب. تتولى حملة "هيومن رايتس ووتش" الإلكترونية، "داخل الثقب الأسود السوري"، سرد القصص الخاصة ب21 سورياً احتجزتهم الحكومة منذ بداية الانتفاضة السورية في 2011. وقد تم اعتقال الجميع على غير أساس سوى ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي أو توفير الرعاية الطبية لأشخاص أصيبوا أثناء الاحتجاجات، والمأوى لأشخاص نزحوا بفعل النزاع. يجب على الحكومة إسقاط التهم الموجهة إلى المحتجزين السياسيين الذين تحاكمهم المحاكم الميدانية العسكرية ومحاكم مكافحة الإرهاب المقامة في جويلية 2012. قال "جو ستورك" القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "خلف الوحشية المروعة للقتال في سوريا، يتوارى انتهاك حقوق المعتقلين السياسيين الذين يجري اعتقالهم وتعذيبهم، بل قتلهم، جراء انتقادهم الحكومة سلمياً ومساعدة المحتاجين. لقد صار الاحتجاز التعسفي والتعذيب من المهام التي اعتادت عليها قوات الأمن السورية". يوفر لجوء الحكومة إلى التعذيب بشكل ممنهج دليلاً قوياً على سياسة حكومية من شأنها أن تعد جريمة ضد الإنسانية، بحسب "هيومن رايتس ووتش". يقول التقرير: قامت القوات النظامية السورية بعمليات اعتقال تعسفي وتعذيب بحق بعض العاملين بالمستشفيات الذين كانوا يستقبلون المتظاهرين الجرحى، وبحق رجال أعمال محليين كانوا يجمعون التبرعات لشراء أغطية للنازحين، وبحق مطوري برمجيات كانوا ينادون بحرية التعبير على الإنترنت. ومعظم المعتقلين من الرجال، لكن النساء والأطفال لم يسلموا. تحبس السلطات المعتقلين السياسيين لشهور دون توجيه اتهامات إليهم، وتعذبهم وتسيء معاملتهم وتمنعهم من التواصل مع محاميهم أو عائلاتهم، فتترك ذويهم في حالة من القلق على معرفة مصيرهم. تقول المنظمة: في جويلية 2012 تبنت سوريا قانوناً فضفاضاً لمكافحة الإرهاب يجرم كافة أنشطة المعارضة السلمية تقريباً، وقد استغلت الحكومة محكمة مكافحة الإرهاب حديثة الإنشاء، والمحاكم الميدانية العسكرية الأقدم، لاستهداف الناشطين ومعاقبة المعارضة السلمية. ويحرم كل من هذين النظامين المتهمين من الحقوق الأساسية في المحاكمة العادلة، وتوجه الاتهامات أمام تلك المحاكم تحت ستار الأمن أو مكافحة المعارضة المسلحة، لكن المزاعم تتعلق في الواقع بتوزيع المعونات الإنسانية والمشاركة في مظاهرات سلمية وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان. وقال محتجزون سابقون ل "هيومن رايتس ووتش" إن مسؤولي الأمن عذبوهم بإرغامهم على اتخاذ أوضاع مجهدة، وبالانتهاك الجنسي، بما في ذلك عن طريق الاغتصاب والصدمات الكهربية على الأعضاء التناسلية، والضرب بالعصي والأسلاك والقضبان المعدنية، كما وصفوا أساليب وأدوات خاصة مثل الشبح وبساط الريح والدولاب، يعرف عن الحراس والمحققين السوريين استخدامها في مراكز اعتقال تشمل أرجاء البلاد. وبحسب مركز توثيق الانتهاكات، وهو مجموعة رصد سورية، تأكدت وفاة ما يقرب من 1200 شخص أثناء الاحتجاز. وسبق ل هيومن رايتس ووتش توثيق مواقع 27 مقراً للاعتقال في أرجاء سوريا، حيث قام أفراد قوات الأمن بتعذيب مدنيين. وقد حدد التقرير الجهات المسؤولة عن تلك المقار، وأسماء قادتها في حالات كثيرة. كما طالبت "هيومن رايتس ووتش"الحكومة السورية بإتاحة المجال لمراقبي الاحتجاز الدوليين، للوصول الفوري دون عوائق إلى كافة مقرات الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، إضافة للإفراج عن كافة المعتقلين دون وجه حق. ودعت المنظمة الحكومات المعنية للضغط على السلطات السورية للإفراج عن المعتقلين السياسيين والسماح للمراقبين بالوصول إلى مقرات الاحتجاز. وعلى الحكومات استغلال القنوات الدبلوماسية والجزاءات محددة الهدف ضد الأشخاص المتورطين بمزاعم ذات مصداقية في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وطالبت المنظمة الحكومات المعنية أيضاً بتأييد قيام مجلس الأمن بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق مع أولئك الذين يتحملون أعظم المسؤولية عن الانتهاكات في سوريا، وملاحقتهم قانونياً.