في "مصافحة خاصة مع أبناء وبنات تونس" نظمتها جمعية نساء تونسيات في قصر المؤتمرات بالعاصمة أمس الأحد، قدم الداعية المصري الدكتور صفوت حجازي في محاضرة له بالمناسبة، أفكاره لما يعتمل في الساحة التونسية من تفاعلات فكرية وسياسية، مبدئا قراءات مستمدة من رؤى إسلامية المنزع ومن مقاربات سياسية حاولت أن تبرز عوامل التوحيد بين الفرقاء. ودافع حجازي في مداخلته عن رؤية معينة "للخلافة الراشدة"، قائمة على توافق عام، في مقابل "دكتاتورية بغيضة" أيا كان اللون الذي ترتديه، وفق رأيه. وفي قراءة من هذا العالم المصري للساحة التونسية باعتبارها مؤثرة فيما حولها، ومصر بالخصوص، حث حجازي التونسيين على التمسك بهويتهم الاسلامية وعروبتهم والحذر من الانقسامات بين الاسلاميين أنفسهم، وذلك على حد قوله "لأن أعداء الاسلام في تونس يترقبون تنازل اهل تونس عن هويتهم ليقولوا لنا انظروا من قام بالثورة ترك الاسلام وذهب الى الليبرالية والعلمانية ونحن على يقين ان شعب تونس لن يستسلم فمن الخيانة للشهداء ان نتخلى عن مشروع تونس الحضارة والعروبة والاسلام، كما أن عملاء امريكا واسرائيل وعملاء التغريب ومشروع التبعية هؤلاء يتعاملون يدا بيد مع الخونة من بقايا النظام السابق ويعلمون جيدا أن سلاحهم الأساسي في افشال هذه الثورة هو التفرقة "فرق تسد"، ووصلوا إلى ان فرقوا بين ابناء الوطن الى اسلاميين وغير اسلاميين وفرقوا الاسلاميين انفسهم الى سلفي وتحريري ونهضوي وصوفي حتى اصبحنا كإسلاميين يكره بعضنا بعضا وذلك لأجل تفريق وافشال المشروع الاسلامي، لذا يجب ان نلفظ كل اشكال الانقسامات والاقصاء خاصة في هذه الفترة، فهناك عندنا في الفقه الاسلامي ما يسمى بالترف الفكري أو الترفه الفقهي يعني عندما ننتهي من البناء والتأسيس نبحث عن المور الجانبية الأخرى". كما دعا الى التشبث بالمذهب المالكي لأنه يرمز لوحدة الصف التونسي لذلك هناك مساعي لهدم المذهب المالكي في تونس، وفق قوله. وأوصى صفوت حجازي بالصبر على الحكومة المؤقتة وتأجيل المطالبات الى ما بعد البناء وفك الاعتصامات في هذا الظرف مذكرا بالفتوى التي تحرم الاعتصامات في مصر خلال هذه الفترة. وحذر من الاصغاء او الوقوع في الفخ الذي يرصده البعض من خلال توظيف قراءات خاطئة لنقطتين هامتين في الشريعة وهما مسألة المرأة والحرية، "فالمرأة في الارث في كثير من الحالات ترث اكثر من الرجل وشهادتها في بعض الحالات يأخذ بها ولا يأخذ بشهادة الف رجل، أما الحرية فحدودها ثلاثة هي المقدس، فلا يمكن قبول رأي في الله أو رسوله، وكذلك تقف الحرية عند الحرام والحلال، والثالث حرية الآخرين. "إسلامية لا دكتاتورية" وقدم الدكتور رؤاه الاستشرافية المستبشرة بالحكومات الاسلامية القادمة بقلوه "سيتم الله علينا النصر وستكون هناك خلافة اسلامية على منهاج النبوة، وقريبا جدا سيكون بشار مصيره اما كمصير معمر أو بن علي واما أن يرحل إلى احدى البلدان التي تسانده الآن، وسيتحقق حلم كنا نتوق اليه هو الولاياتالمتحدة العربية ان شاء الله وهذه الولاياتالمتحدة العربية هي النواة للولايات المتحدة الإسلامية، التي ستكون عاصمتها القدس ان شاء الله وسيكون هناك رئيس واحد نختاره من المحيط الى الخليج، وسيبقى الرئيس لدورتين اثنتين فقط لن نتبدل الدكتاتورية الفاسدة بدكتاتورية اسلامية ولأن نواة الثورة بدأت من تونس فما المانع ان تكون نواة الولاياتالمتحدة العربية من تونس"؟ وأضاف الداعية "أدرك أن هناك أناسا يرتعدون ويصابون بالرعشة بمجرد ان تذكر كلمة الخلافة الاسلامية لكن لا احد يستطيع أن يقف أمام الشعوب، سموها ما شئتم المهم اننا جميعا حتى من يعارض الفكرة الاسلامية كلنا نتفق على الوحدة العربية والقومية العربية". وفي شرحه لمفهوم الخلافة الاسلامية في نظره قال "هم يقولون اذا وصل الاسلاميون الى الحكم ووضعوا الدستور فلن يتركوا الحكم ابدا نقول لهم الاسلاميون يقرون بالانتخابات ويقرون بالصندوق واذا فشل الاسلاميون في دورة فالشعب سياتي بغيرهم فهو يريد حكومة مصلحة تؤكد على القيم الانسانية وليس الحكومة الفاسدة، ونحن لن نستبدل دكتاتورية فاسدة بدكتاتورية اسلامية شرعية. بعض طلبة العلم يقول لا يمكن ان يكون هناك رئيس سابق لانه لم يكن هناك خليفة سابق اقول له هذا قياس فاسد لان الخليفة لن يكون له احكام ابو بكر وعمر وعثمان وعلي لان خلافتهم كانت خلافة تعبدية وبعدهم يتغير الحاكم ويكون عندنا رئيس سابق مسلم". وأسس المحاضر لجملة من المبادئ والإضاءات التي في رأيه يجب ان يرتكز عليها الحكم وهي أولا عدم الإقصاء "فكل انسان تونسي حر له مكان على ارض تونس مهما اتفقنا ومهما اختلفنا لن نفعل مع الآخرين كما كان يفعل معنا لن يسجن صاحب رأي مهما كان، ولن يهاجر لاجئا أي تونسي حر شريف من ابناء تونس، واذا اجتمعنا على حب هذا الوطن واختلفنا في رؤانا لأساليب بنائه فسيكون الفيصل هو الشعب والمهم ان نبني هذا الوطن، لكن بشرطين: الشرط الاول ان لا يكون المتقدم من اتباع النظام السابق ويريد اعادة النظام السابق والشرط الثاني ان لا يكون من اصحاب الاجندات الذين يريدون ان يعيدوا الاستعمار الى بلادنا". المبدأ الثالث الذي أكد عليه المحاضر "اياك ان يساء للإسلام بسببك واياكم ان يخرج علينا الاعلام بوزير لص او مرتش من الاسلاميين هذه الأيادي المتوضئة يجب ان تبقى طاهرة أبد الدهر فالشعب لم يثق فينا لأننا اولياء الله بل لأنه يعلم اننا نخاف الله ولن نسرق ولن نرتشي". تونس أيقونة اسلامية وعبر صفوت حجازي في محاضرته أمس عن شعور عام لدى مواطنيه المصريين حول البلاد التونسية بقوله "نحن في مصر لا نعرف عن تونس الا جامع الزيتونة والقيروان وقرطاج وعبد الله بن الزبير بن العوام الذي دخل تونس وجيوش تونس التي عبرت مضيق جبل طارق لتنشر الاسلام في اوروبا. فتونس بالنسبة إلينا ايقونة او جوهرة من جواهر الاسلام وانتم دائما تسبقون ونحن لأننا اكثر عددا واعلى صوتا نأخذ نحن الزخم دائما، سبقتم بالزيتونة قبل الأزهر وسبقتم بالثورة قبل 25 يناير وحتى طريقة مقاومة الغاز المسيل للدموع تعلمها شباب مصر منكم وأنا اقول دائما ثورة تونس وثورة مصر ثورة صنعها الله وليس لها مخطط ولا زعيم ولا قائد انما هي من صنع الله اناس اتاهم الله الملك فاراد ان ينزع منهم الملك نزعا فاخرج هذه الشعوب لتتحرك، وعلينا أن نحافظ عليها".