في حين كنّا ننتظر قرارات ثورية تعيد للأمن التونسي هيبتهن وتعطي لأعوانه صلاحيات أكبر وضمانات تحميهم عند أداء آدائهم، طلع علينا السيد رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي بتعليق عادي وبسيط عمّا حدث في معتمدية بئر علي بن خليفة. تعليق السيد حمادي الجبالي يطرح أكثر من تساؤلن ويفتح الباب أمام أكثر من تأويل، وهو ما نخشاه في هذه المرحلة الحساسة جدا من تاريخ بلادنا. ماذا يعني أن يصرح رئيس الحكومة التونسية المؤقتة السيد حمادي الجبالي لوكالات الأنباء العالمية في بروكسال ويقول حرفيا إنّ "عملية تبادل إطلاق النار بين مسلحين وقوات أمنية وعسكرية ببئر علي بن خليفة في ولاية صفاقس لا تشكل خطورة بالغة سيّما وأنّه تمّت السيطرة على الوضع" و لا حظ الجبالي حسب وكالة الأنباء التونسية الرسمية في رده على استفسارات الصحفيين حول هذه الحادثة خلال لقاء صحفي انعقد الخميس بمقر المفوضية الأوروبية ببروكسيل أنّ "مثل هذه الأحداث يمكن أن تجدّ في الجنوب التونسي وفي المناطق الحدودية التي تشهد عدم استقرار على المستوى الأمني ولا تمثّل أخطارا جسيمة" ماذا يعني أن يقلل السيد رئيس الحكومة مما حدث؟ هل معنى هذا أنّ ما حدث فعلا لا يشكل أي خطر على بلادنا؟ وهذا يتنزّل طبعا في إطار أن أولي الأمر فينا يعلمونا أفضل منّا. لذلك يجب أن نصدق كل ما يقولون، ويجب علينا من باب طاعة وليّ الأمر أن نقتنع تماما بما ذهب إليه السيد رئس الحكومة. إنّ ما حدث في بئر علي بن خليفة يعدّ مؤشرا خطيرا جدا وبكل المقاييس ويقدم صورة قاتمة عمّا وصل إليه الوضع المني في بلادنا، وحتى إن حاول السيد رئيس الحكومة التخفيف من وطأة الصدمة خاصة وأنه في بروكسيل يجدّ في مساعيه من أجل تجميع ما أمكن من دعم لتونس في هذه المرحلة الانتقالية والحساسة جدا. ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنّه يأتي في وقت يشهد فيه اقتصادنا انحدارا غير مسبوق ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه يأتي في وقت أصبح فيه الحديث عن النقاب واللحية أهم من الحديث عن مشاكل البطالة والجوع والعراء والألم الذي يعيشه أكثر من ربع التونسيين. ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه يأتي في وقت أطلق فيه أصحاب وكالات الأسفار في تونس صيحة فزع أمام تردي أوضاع السياحة في بلادنا. ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه يأتي في وقت فقد فيه الأمن هيبته، وأصبح التونسيّون يطبقون قوانينهم التي صنعوها على مقاساتهم الخاصة.(اعتداءات بالجملة على أعوان الأمن في كل وقت وكل مكان دون رادع) ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه يأتي في ظل تنامي ظاهرة التكفير في مجتمعنا التونسي، مع تنامي أشكال إهدار الدم ودعوات قتل "أعداء الله". (صفحات التطرف اليميني واليساري على فيس بوك أكبر دليل وأعظم شاهد) ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه يأتي في وقت لم تتخذ فيه حكومتكم المحترمة أية قرارات من شأنها أن تخفف وطأة القلق الذي ينتاب أبناء البلد علة مستقبل بلدهم. ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه حدث غير بعيد عن مدينة صفاقس أكبر مركز إقتصادي في تونس (هل هذا من باب الصدفة؟). ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه يأتي تحت مسمّى الجهاد باسم الله والجهاد باسم الإسلام (حزب التحرير غير مرخص له ومع ذلك ينشط أكثر من حزب النهضة) ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأن ثلاثة أو أربعة أفراد بسيارة واحدة تمكنوا من جرح عدد من رجال الأمن الجيش رغم أنّ عددهم كان وافرا ومدعمين بمروحيّات (ألا يطرح هذا أكثر من سؤال حول صلاحيات الأمن التونسي وضماناته تجاه هذه العناصر وغيرها؟ ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه يأتي في وقت أقدمت فيه الحكومة التونسية المحترمة على إطلاق سراح الآلاف من المساجين أغلبهم من أصحاب السوابق الإجرامية (كثير منهم عاد إلى سالف نشاطه بعد يوم واحد من العفو عنه، ألا تصلك الأخبار سيدي الرئيس؟ ألا يتابع مستشاروك وسائل الإعلام؟) ما يحدث خطير سيدي الرئيس لأنه يأتي في وقت أصبح فيه كل الإعلاميين في بلادنا وكل المؤسسات الإعلامية عميلة وغير وطنية (هكذا وضع الثوار الجدد كل الإعلام في سلّة واحدة) ما يحدث سيدي رئيس الوزراء خطير جدا، وأعذرني سيدي إن لم تقنعني كلماتك ولا ابتسامتك هذه المرّة. أبو شهد