مسّت قضيّة الطفل ربيع المجتمع في الصميم، حيث لم يكن يتصور أحد أن يتجرّأ بشر على التمثيل بطفل بريء بتلك الطريقة ، وأي بشر وهما عمّتاه وخطيب إحداهنّ في أطوار غريبة تجسد الحقد البشري ووسوسة الشيطان المتعطش للدماء الطاهرة الزكيّة. الحادثة خليط من الانتقام والسحر الأسود، حيث وسوس ذئب بشري في ضمير شقيقتين أن يساعدا في اختطاف ابن أخيهما القاطن فوقهما، ثم حضور مقتله بل والمبادرة بضربه الضربة الأولى التي لا رجوع وراءها دون تذكّر أنّ الدم الذي يجري في عروقهما هو نفس الدم النابض من قلب الطفل. عائلة ربيع المتكونة من والدته المكلومة ووالده المنهار وشقيقه الذي لم يصدق ما حدث وشقيقته الملتاعة في شقيقها الصغير تعاطف معهم الجميع, الحيّ الذي نظم مظاهرة أمام البيت مطالبين بالقصاص العاجل من الذئاب البشرية وخاصة المتهم الرئيسي الذي لم يشفق ولا يرف جفنه حين مواجهته مع العائلة في برنامج قناة حنبعل. وحتى نكون منصفين لا بد من تحيةهذه القناة التي شاركت بصفة مباشرة في إظهار الحقيقة حيث تحركت النخوة في ضمير أحدهم وهو رفيق سجن المتهم الرئيسي وتقدّم طوعا للشهادة ضدّ السفاح الذي في لحظة صدق باح بسره إليه في السجن دون أن يتصور أنّه بذلك أحكم ربطة المشنقة في عنقه. تفاعل كبير على الصفحات الاجتماعية ومطالبة بتطبيق العقوبة القصوى ضدّ المذنبين في بلاد انتظرت طويلا تطبيق حكم الإعدام في ذلك المغني الشعبي الذي اغتصب هو أيضا طفلا بريئا وقتله بطريقة وحشية، وقامت الدنيا ولم تقعد حين تسربت إشاعة الإفراج عنه. عديد الصفحات تحدثت عن وجوب عدم إلغاء عقوبة الإعدام بل وتطبيقها في حالات معينة حتى تشكل رادعا للمجرمين المستسهلين الدم البشري البريئ. آلاف المواطنين تساءلوا عن الأسباب الحقيقية لهذا القتل المجاني المرعب، بعضهم نادى بوجوب انكباب المختصين في علم النفس والاجتماع على تحليل هذه الظواهر المجتمعية التي بدأت بالتواتر، أحد الزملاء الصحفيين وهو زميلنا صالح سويسي، طالب بإعدام الجاني الرئيسي في ساحة عامّة ولقي اقتراحه مساندة عديد الصفحات المشهورة، كما طالب الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بعدم التدخل للتخفيف عن الجناة. إنّها ليلة مولدية لا تنسى من أذهان النّاس، ليلة مشبعة بالدم والألم والحزن، لا ندري لم قصدت القناة تمريرها في تلك الليلة المفرحة ولكن لا بدّ من شكرها على كل حال لمساعدتها على إماطة اللثام على الجناة. عادل النقاطي