كأس العالم لأقل من 17 سنة: الفيفا يحدد عدد مقاعد الاتحادات القارية    علي معلول: لاعبو الأهلي يمتلكون الخبرة الكافية من أجل العودة بنتيجة إيجابية    عاجل/ متابعة: هذه التهم الموجهة لبرهان بسيس والزغيدي والعقوبة التي تنتظرهما..!!    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    الشركة التونسية للبنك تتماسك وترفع الودائع الى 10.3 مليار دينار    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    بطاقة ايداع بالسجن في حق الزغيدي وبسيس    احتجاجا على عدم انتدابهم... عدد من عمال الحضائر يدخلون في اعتصام مفتوح    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    منوبة: تفكيك وفاق إجرامي للتحيّل والابتزاز وانتحال صفة    قتيل وجرحى في حادث مرور مروع بسليانة..    بنزرت: توفير الظروف الملائمة لتامين نجاح موسم الحج    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    في هذه المنطقة: كلغ لحم ''العلّوش'' ب30 دينار    وزير الفلاحة: قطع المياه ضرورة قصوى    وزارة الصناعة: إحداث لجنة لجرد وتقييم العقارات تحت تصرّف شركة ال'' ستاغ ''    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    الأكثر سخونة منذ 2000 عام.. صيف 2023 سجل رقماً قياسياً    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    بورصة تونس .. مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على انخفاض طفيف    البنوك تستوعب 2.7 مليار دينار من الكاش المتداول    بنزرت: إيداع 7 اشخاص بالسجن في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    27 ألف متفرج لنهائي الأبطال بين الترجي و الأهلي    تصفيات مونديال 2026: حكم جنوب افريقي لمبارة تونس وغينيا الاستوائية    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    غوارديولا يحذر من أن المهمة لم تنته بعد مع اقتراب فريقه من حصد لقب البطولة    اخر مستجدات قضية سنية الدهماني    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    في يومها العالمي.. الشروع في اعداد استراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالأسرة    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعاونيات العشرينات، لائحة 1947 والتقرير الاقتصادي
بحث أكاديمي جديد يؤكّد ريادة الحركة العمّالية التونسية في تصوّر نماذج لتنمية البلادR عبد الجبار الذهبي
نشر في الشعب يوم 23 - 01 - 2010

... ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة والستين لتأسيس منظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان له دور حاسم في صياغة التقرير الاقتصادي الصادر عن مؤتمر الحزب الحر الدستوري التونسي المنعقد بصفاقس سنة 1955 وهي تجربة يرى بعض المحلّلين والمؤرخين أنّها امتداد لتجربة النخب النقابية في العشرينات لمساعدة التونسيين على تجاوز صعوباتهم الاقتصادية والاجتماعية زمن الاستعمار الفرنسي إذ أفضت التجربة بالنهاية إلى تأسيس جمعية التعاون الاقتصادي.
هذا الواقع كان من ضمن المحاور المعتمدة في أطروحة دكتوراه بعنوان »الوعي الاقتصادي لدى النخب التونسية من ستينات القرن التاسع عشر إلى الاستقلال« (1860 1956) للأستاذ الشاب عبد المجيد بالهادي المولود سنة 1968 بأولاد شامخ بالمهدية والمتحصّل على الأستاذية في التاريخ والجغرافيا بدار المعلمين العليا بسوسة سنة 1992 ثمّ تحصّل على شهادة الدراسات المعمقة بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس سنة 2002 وبعدها شهادة الدكتوراه سنة 2009 ويشغل حاليا أستاذ تاريخ وجغرافيا بالمعهد النموذجي ببنزرت.
ماهي خصائص التجربة النقابية لدى هذا الباحث؟ وماهي المصادر المعتمدة في هذا البحث؟ وما مدى إدراك الباحث لتجارب ما بعد سنة 1956؟
❊ يقول الباحث الدكتور عبد المجيد بالهادي أنّ أطروحته تناولت الوعي الاقتصادي لدى النخب التونسية من ستينات القرن التاسع عشر إلى الاستقلال واصفا الفترة بمرور البلاد خلالها من مرحلة توازن إلى مرحلة فقد فيها هذا التوازن مخلّفا تفاعلات وردود فعل لدى النخبة من خلال التعبير عن أفكار وبرامج وتصورات في المسألة الاقتصادية والتسلّح ببرنامج لمرحلة ما بعد 1956 ويمكن في هذا المجال أن نفرد النخبة النقابية بتجربتين الأولى في العشرينات والثانية بعد تأسيس الإتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946.
❊ الوعي الاقتصادي لدى النخبة النقابية (تجربة العشرينات)
يرى الباحث في أطروحته أنّ هذه التجربة حركها محمد علي الحامي اثر عودته إلى تونس سنة 1927 وتأكيد ذلك ما جاء في كتاب الطاهر الحداد »من يوم ما جاء محمد علي ونحن نتفاوض ونبحث في عمل اقتصادي عام الفائدة سيكون مطابقا لاستعدادات هامة« وهو ما ندرك معه أنّ طموح محمد علي كان يتمثّل في اقامة شركات تعاونية يغطّي نشاطها كل فروع الاقتصاد وكامل أنحاء البلاد لكنّه اصطدم بواقع اقتصادي واجتماعي لم يمكنه من تنفيذ هذا المشروع الطموح فوقع الاقتصار على تأسيس جمعية التعاون التي اقتصر نشاطها على التجارة في المواد المعاشية وقد انعقد مؤتمرها التأسيسي في 29 جوان 1924 بقاعة الخلدونية بتونس.
❊ تصورات وأهداف
❊ هل عثرتم في بحثكم على برنامج عمل أو تصورات أو أهداف؟
نعم... يذكر الباحث أن من بين الأهداف التي كانت واضحة هي التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية للعشرينات (ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة) وذلك عبر توفير مواد استهلاكية دون اسعار السوق ونؤكد ذلك من خلال ما قاله الطاهر الحداد في وصف دور هذه الجمعية »تخفيف وطأة المعيشة وكسر حدة الاحتكار الشخصي بتوفير كل المواد اللازمة لحياة مشتركيها وبيعها لهم بأثمان نازلة عن السوق«.
وهنا يضيف الباحث »هدفا ثان وهو تربوي معنوي يكمن في تعويد التونسيين على المعاملات الاقتصادية العصرية عن طريق نظام التعاونيات غير أنّ أحداث صائفة 1924 المتمثلة باضرابات عمّال الرصيف بتونس وبنزرت أدّت إلى إعادة توزيع الأولويات لدى النقابيين إذ اتجهوا إلى مساندة العمّال وتأسيس جامعة عموم العملة التونسية التي تعرّضت إلى القمع الاستعماري وأجهضت التجربة.
❊ التجربة الثانية للنخبة النقابية (1946 1956)
يوضّح الدكتور عبد المجيد بالهادي أنّ قضاء المستعمر الفرنسي على تجربة نخبة العشرينات لم تنقص من جذوة الوعي لدى الأجيال المتعاقبة فجاءت تجربة أولى مباشرة مع تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 وامتدّت هذه التجربة من سنة 1946 إلى سنة 1951 وهي الفترة التي كان فيها المرحوم فرحات حشاد أمينا عاما للإتحاد العام التونسي للشغل والذي أوجد للإتحاد موقع المنظمة الوطنية المدافعة على حقوق كل التونسيين ومصالحهم اعتبارا لاقتناعه بأنّ دور الاتحاد في بلد مستعمر غير دوره في بلد حرّ ومستقل. »إنّ النضال النقابي تزايد ارتباطه بالنضال الوطني الذي تخوضه الشعوب ضدّ محاولات الاستعباد الاقتصادي والسياسي« ذلك ما قاله حشاد في هذا الاطار والذي قال أيضا سنة 1950 »إذا أردنا البحث في أسباب الفقر الذي نحن عليه ليس من الصعب التفطّن إلى حقيقته الأليمة من أنّ سياسة الاستعمار هي المسؤولة الوحيدة عن ذلك«.
❊ لائحة في صيغة برنامج عمل
وبفعل هذا الوعي المتقدّم لدى حشاد ورفاقه من النخبة النقابية صدرت عن المؤتمر الثاني للإتحاد سنة 1947 لائحة، أهم ما جاء فيها الدعوة إلى حلّ مسألة التشغيل باعتماد مايسمّى بالتشغيل الكامل عن طريق انجاز مشاريع أشغال كبرى والدعوة إلى إصدار قانون أساسي للعملة الفلاحيين وإسترجاع الثروة الوطنية وخاصة المنجمية وتحقيق إصلاحات هيكلية والتأكيد على وضع مخطّط للنهوض الاقتصادي والاجتماعي يأخذ بعين الاعتبار مصالح كل الطبقات الشعبية، والدعوة إلى إعداد برامج حول كيفية إقامة تعاضديات عمّالية.
❊ الإتحاد يعدّ أول تقرير اقتصادي واجتماعي
ويقول الباحث أنّ هذه التجربة تفرّعت عنها مرحلة هامة وهي ما بين 1955 و1956 وهي المرحلة التي لعب فيها الاتحاد ونخبه النقابية دورا حاسما في صياغة التقرير الاقتصادي الذي صدر عن مؤتمر الحزب بصفاقس سنة 1955 وكان الأخ مصطفى الفيلالي هو رئيس اللجنة الاقتصادية التي تولّت صياغة التقرير وبرز التأثير النقابي من خلال النقاط الأساسية مثل التأميم والتعاضد.
وأوضح الباحث أنّ خصائص هذا التقرير كانت متميّزة بتقييم المرحلة الاستعمارية وتأثيرها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في ظلّ تحديد نقاط تقوم على طرح مطلبي يؤكد على: ضبط الحاجيات المتأكدة لإصلاح الحالة الاقتصادية والاجتماعية والتفكير في اختيار اتجاه قومي يكون أساسا للإزدهار الاقتصادي والرقي الاجتماعي وحلّل التقرير ذلك من خلال الدعوة إلى:
توفير الغذاء الكافي للسكان.
توفير الشغل لتسديد حاجيات الشعب.
الزيادة في الإنتاج القومي لتحقيق الزيادة في المدخول.
توجيه السياسة المالية لتمويل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية.
وانطلاقا من هذه التجربة أعد الإتحاد العام التونسي للشغل سنة 1956 أوّل تقرير اقتصادي واجتماعي متكامل.
ويقول الأستاذ عبد المجيد بالهادي أنّ بحثه انتهى إلى حدود هذه المرحلة على أنّه يتطلّع إلى مواصلة البحث في الخصوص من خلال تجارب ما بعد سنة 1956 إلى الآن... فيما بيّن أنه اعتمد في بحثه هذا على مصادر عديدة ومراجع متنوعة مثل المصادر الأرشيفية والمقالات الصحفية والمقررات واللوائح والبيانات للمنظمات والأحزاب الوطنية اضافة إلى مؤلفات المفكرين والمؤرخين التونسيين والأجانب من أمثال الطاهر الحداد وحفيظ الطبابي وعبد السلام بن حميدة ومصطفى كريم وأحمد توفيق المدني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.