تمزيق استدعاء امتحان الباكالوريا: بطاقة إيداع بالسجن في حق المعتدي ونداءات لإنصاف التلميذة    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    إسرائيل – إيران: أسبوع من الحرب ومئات القتلى… والحصيلة البشرية في تصاعد    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    من هو فريق لوس أنجلوس الذي سيواجه الترجي اليوم؟    إنتقالات: بارما الإيطالي يكشف عن هوية مدربه الجديد    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    عبد المجيد العبدلي : الصواريخ الإيرانية أربكت إسرائيل وحيّرت أمريكا.. وما يحدث ليس حربًا بل عدوان مسلح    100 يوم توريد... احتياطي تونس من العملة الصعبة ( 19 جوان)    اتحاد الشغل يدعو إلى فتح جولة مفاوضات جديدة في القطاع العام والوظيفة العمومية    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    منظمة الأطباء الشبان تؤكد نجاح إضرابها الوطني ب5 أيام وتلوّح بالتصعيد    استقبال شعبي كبير في شارع بورقيبة لقافلة الصمود    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    إيران: هاجمنا عاصمة إسرائيل السيبرانية    أول فريق يحجز بطاقة التأهل في كأس العالم للأندية    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    إيران تحبط مؤامرة اسرائيلية لاستهداف وزير الخارجية عباس عراقجي    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    رابع سبب للموت في العالم الخمول البدني يصيب 83 ٪ من التونسيين!    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية لأقل من 17 سنة: فوز للذكور وهزيمة للفتيات في مواجهة الأوروغواي    الاستثمارات الاجنبية المباشرة تزيد ب21 بالمائة في 2024 في تونس (تقرير أممي)    راج أن السبب لدغة حشرة: فتح بحث تحقيقي في وفاة فتاة في جندوبة    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    الدولار يتخطّى حاجز 3 دنانير والدينار التونسي يواصل الصمود    إسناد المتحف العسكري الوطني بمنوبة علامة الجودة "مرحبا " لأول مرة في مجال المتاحف وقطاع الثقافة والتراث    صابر الرباعي في افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون وكريم الثليبي في الاختتام وتنظيم معرض الاسبو للتكنولوجيا وندوات حوارية بالحمامات    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    باجة: تسجيل اضطراب وانقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    اتحاد الفلاحين ينظم، اليوم الخميس، النسخة الرابعة لسوق الفلاح التونسي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    وزارة التجارة للتونسيين: فاتورة الشراء حقّك... والعقوبات تصل إلى 20 ألف دينار    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    عاجل/ الإطاحة بشبكة تستقطب القصّر عبر "تيك توك" وتقدّمهم للأجانب    لجنة الصحة تعقد جلسة استماع حول موضوع تسويق المنتجات الصحية عبر الانترنت    بداية من العاشرة صباحا: إنطلاق التسجيل للحصول على نتائج البكالوريا عبر الSMS    النوفيام 2025: أكثر من 33 ألف تلميذ في سباق نحو المعاهد النموذجية اليوم    عاجل: أمل جديد لمرضى البروستات في تونس: علاج دون جراحة في مستشفى عمومي    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    قافلة الصمود تُشعل الجدل: لماذا طُلب ترحيل هند صبري من مصر؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسلوبُ ورقةُ التُّوت
نشر في الشعب يوم 06 - 01 - 2007

هذه ليست قراءة في لوحات المعرض الاول للفنانة التشكيلية التونسية الشابة إكرام مهني في فضاء الحبيب بوعبانة الذي يديره الهاشمي غشام، وذلك خلال النصف الثاني من نهاية عام 2006، وهي نهاية صارت مشرقة بفعل توقيع فنانة شابة (29 سنة). وكم هو رائع حين يلتقي الفن مع الشباب في لحظات نادرة وفي توديع زمن مغلق مشرف على نهايته، نصطلح على تسميته سنة مثلا.
هذه تأملات او تفاعلات لغوية مع لوحات ورسومات غير مهادنة ولا ساذجة، رسومات لها سطوة ولها صدى عميق بحيث جعلت الثعابين والافاعي والسماسرة والغاوين يخرجون من جحورهم ومن بيتهم الشتوي ومن مؤامراتهم الصغيرة ومن عطالتهم ومن ريْبتهم، دون ان يخرجوا من عدوانيتهم وحقدهم الازلي على الحياة ومقترحاتها.
هل ثمة حياة بلا عري؟ بلا غواية؟
بلا ورقة توت؟
أين ورقة التوت؟
لعلها غابت في النتوءات والتشققات والفجوات والتعرجات والتلوينات رسومات لا تعترف بشيء لدى إكرام مهني، حتى بورقة التوت. ماتت ورقة التوت. اكلها اللون. أكلها الحجم أكلها الاصرار اكلتها الحركة الثابة الباسلة، حركة فيها التهوّر وفيها الاندفاع والحكمة، كما لو انها ابدية في ثباتها اكلها الفضاء، ولم يأكلها الوقت الذي يشتاق كل فن ان يكون في مطلق زمانه.
الموت أكل ورقة التوت.
حين حضرت الفنانة الشابة جعلت الموت شيئا مشيئا، جعلت الموت يموت حتى لا يتمكن من أكل التوت، اكل الورقة ورقة فقط لكن لم تسمح له ان يأكل ثمرة واحدة من ثمار التوت وكان سرّها في ذلك التعرية، ابتكرت رسومات عارية فزع منها الموت، مرة عرت الرسومات الانثوية ومرة عرت اللوحة من الرسومات وابقت بعض اللطخات والتكوينات العارية من المعنى والمليئة بالحيرة. تعرّت الرسومات لتكون هي التوت واوراق التوت رسومات في حياة؟
بل هي الحياة. هذا عراء حقيقي. عراء اول ليس فيه ادنى عورة
لادنس، لا بذاءة، لا ابتذال، لا سفاهة ولا قبح
كما ليس فيه طهر ولا تقوى ولا قداسة ولا تبتّل
عراء مثل العراء
تشبيه الماء بالماء
فيه الشهوة، نعم وفيه الاغواء ووعود بالروعة والرعب.
حين يتعرّى الجسد البشري، في الواقع، يتذكر الماء او يتذكر الفراش يحنّ الى النظافة والطهر او يكون حنينه للجنس اما حين يُعرّى من قبل الاخرين فغالبا ما تكون التعرية اما معالجة أو تعطيبا للجسد وانتهاكا له، سواء بتعذيبه المادي او الرمزي، بالاعتداء عليه او بالمتاجرة به.
لا جمال للعري إنما له وظيفة.
العري اخرس لا يتكلم، يتحرك نعم، ويصدر اصواتا وكلمات دون نسق لغوي. العري يلغي وظيفة اللغة، لانه يستحوذ على الوظائف كلها، ولا يرضى الا بان تتم معاملته مباشرة ودون وسيط.
لم يكن العري يوما طفولة بل هو تنهيدة وصراخ.
العري يستحي من الحياة مثلما يستحي من الموت ثمة القماطة منذ البداية وثمة في النهاية الكفن قماطات الثقافة في البداية وفي النهاية.
هل ثمةرسومات ترتدي ملابس؟
طبعا. طبعا. بل ثمة الكثير من القماطات، الكثير من الرسومات ترتدي الحجاب ومنها من يرتدي النقاب واغلبها يهدد بالموت والعقاب، او من يعدنا منها بحسن العاقبة وبالثواب كلها من عمل من كان لهم عمل في الحياة دون ان يوفوه حقه.
لكن الفن كان دائما عمل من لا عمل له.
كان دائما هو العمل مطلق العمل مسألة مجانية شأنه شأن الحياة وشأن الموت ايضا، لكن بلا ورقة توت، انما بقماط او كفن بمشيئة الثقافة التي يرغمها الفن الحقيقي ان تتقبل عراءه. وتذكرنا اكرام مهني على يفاعتها و»صغر سنها» بالفن جامحا ومجانيا وعاريا.
ذكاؤها الفني يعود الى شباب عمرها الذي وضعها في مواجهة نفسها وليس في مواجهة احد لتتعرف على بديهتها الصائبة والصعبة التي بقدر ما تثير الدهشة تثير الشفقة من هذه الموهبة التي المت بالرسامة إلتفتت الى ما يخصها بصفتها صاحبة جسد وتحررت من كل الاوهام، متسلحة بالدهشة وبالبراءة والاحتفاء والشباب.
رسوماتها تحلم بامرأة عارية وقدماها الصغيرتان في حذاء جلدي كبير، برغم الفائض الكبير في مخيلتها لتكويرات الانثى وفجواتها.
في رسوماتها ثمة الكثير من تفاصيل المرأة لكن ليس ثمة امرأة ولا رجل كمصطلحين جنسيين او اجتماعيين، ولا كالتقاء. ثمة خصوبة الانثى بصفتها الانثوية المنزهة من الشهوات والنزوات والمراودات والمرضعات، واكاد اقول من الحياة.
يا لحظّها الابداعي يا لملاكها الملهم يا للعذاب الذي لا يعرف عقابا ولا ثوابا.
ثقافة العين تخاف العري لماذا؟
هل لان العري يسفّه الثقافة ويلغيها.
العري ليس بحاجة الى الثقافة، الى اي نوع من انواع الثقافة، هل ان العري هو الطبيعة في عنفوانها حيث لا ترغب في ان يسترها شيء في ان لا يشوّهها شيء في أن لا يلتصق بها وفيها شيء الا ماهو من جنسها ومن نوعها. العري لا يطلب ولا يمكن ان يتفاهم الا مع العري؟
العري ليس فنا وليس طبيعة، بل لعله اسلوب مسلوب من الحياة.
اسلوب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.