عشرات النقابيات والنقابيين من تونس وجهات عدّة، أعضاء الهيئة الإدارية القطاعية وعدد من الطلبة وحتى التلاميذ... كلّهم زاروا دار الإتحاد العام التونسي للشغل على امتداد يومي 16 و17 أفريل الجاري للمشاركة في تظاهرة »يوم المقاومة« التي نظّمتها النقابة العامة للتعليم الأساسي وتضمّنت معرضا وثائقيا ومحاضرات وحفلا موسيقيا لمجموعة البحث الموسيقي بڤابس إلى جانب إلقاء قصائد الشعر الملتزمة. اليوم الأوّل تضمّن مداخلتين، الأولى للمناضل العراقي الأخ فوزي فاضل الأمين العام السابق لإتحاد المعلّمين العرب تعلّقت بالمقاومة العراقية والثانية للمناضل الفلسطيني الأخ هشام نمر المكحّل حول حاضر وآفاق المقاومة الفلسطينية. كما شرّف هذه التظاهر حضور الإخوة الصادق الرغويي ممثّل النقابة الوطنية بالمغرب وعبد اللّه لقمان نقيب المعلّمين بموريتانيا ويونس أبو بعيدة نقيب معلّمي الجماهيرية الليبية، وكانت لهم مداخلات أعربوا فيها عن اعتزازهم بالمشاركة في تظاهرة لنصرة الشعوب العربية المحتلّة وتجديد المساندة لخيار المقاومة من أجل الإستقلال. كما حضر هذه الفعاليات الإخوة أعضاء المكتب التنفيذي الوطني المولدي الجندوبي والمنصف اليعقوبي ومحمد سعد وترأسها الأخ محمد المنصف الزاهي. لدى افتتاحه التظاهرة، حيّا الكاتب العام للنقابة الأساسية الأخ حفيّظ حفيّظ المقاومتين الفلسطينية والعراقية مؤكدا انتصار الإتحاد العام التونسي للشغل للقضايا العادلة ووقوفه ضدّ التطبيع والإستعمار، وهو نفس النهج النضالي الذي إلتزمت به النقابة العامة للتعليم الأساسي منذ تأسيسها إلى الآن وكذلك الدفاع عن منظوريها وعن قضايا الحريّات وحقوق الإنسان مذكّرا بجملة التحركات التي تمّ تنظيمها والمواقف التي تمّ اتخاذها في هذا الصدد. من جهته، أعرب الأخ المنصف الزاهي عن إعتزازه بتنظيم هذا اللقاء الذي يمثّل مناسبة لتذكر المقاومة في العراق وفلسطين واعتبر أنّ تنظيم مثل هذه التظاهرات ليس بالغريب عن المعلّمين الذين عوّدوا الجميع بنضالهم، وهذا يظهر جليّا أيضا في حضور الإخوة المعلّمين العرب، ضيوف التظاهرة، وتحمّلهم لعديد المشاق والمصاعب والتهديدات من أجل مشاركة زملائهم في تونس انتصارهم للقضايا العادلة. الأخ المولدي الجندوبي، حيّى إطارات قطاع التعليم مثمنا ما يقومون به من خدمات جليلة للناشئة في التربية والتوعية وإكسابهم الروح النضالية والتاريخ الصحيح معبّرا عن إمتنانه بمشاركته في هذه التظاهرة المدافعة عن الوطن العربي واستقلال شعوبه المحتلّة. ترابط عضوي ومصير مشترك المحاضرة الأولى، قدّمها الأخ هشام نمر المكحّل، أحد المناضلين الفلسطينيين وأمين عام سابق في اتحاد المعلّمين العرب، أوضح تلازم المقاومتين العراقية والفلسطينية باعتبارهما تُواجهان تقريبا العدو نفسه الذي يواصل نهب خيرات شعوب الوطن العربي في الوقت الذي تُمنع فيه هذه الشعوب قسرا من النهوض بنفسها وحاضرها ومستقبلها من قبل أنظمة عربية ترزح على صدورنا كالكلكل وتُعيق أداء مهامها التاريخيّة. وأثار الأخ مكحّل دور المعلّم في الحراك النضالي الفلسطيني واعتبر أنّ له دور وطني وريادي يقوم على دعم المقاومة في نضالها ضدّ الكيان الصهيوني على كافة المستويات. فالمعلّم الفلسطيني يُربّي الناشئة على قيم الدفاع عن الوطن وتعلّم التاريخ الحقيقي للوطن وكشف الحقائق والنهل من تاريخ الشعوب الأخرى التي انتصرت على الإستعمار والإستبداد والإيمان بأنّ المقاوم هي مسلّحة أو لا تكون. وحذّر المكحّل من تبديل المناهج التعليمية الساعية إلى إفساد عقل الشباب وإلهائهم عن النضال وواجب دحر المستعمر، وهذا الأمر يتطلّب وقفة أكثر حزم من المعلّم الفلسطيني وكلّ المعلّمين العرب الذين اختاروا نهج الحرية والعدالة، ضدّ أنظمة فاسدة همّها الوحيد الدفاع عن مصالحها الضيّقة وضرب مصالح شعوبها التائقة لتحرّرها وتحرّر كلّ الوطن العربي. وقد كان هذا جلّيا في المواقف المتخذة في القمم العربية المختلفة وكذلك في تسيير دواليب الحكم في بلدانها. المحاضرة الثانية، قدّمها العراقي الأخ فوزي فاضل الأمين العام السابق لإتحاد المعلّمين العرب، الذي حيّى باسم كافة المعلّمين العراقيين وباسم المقاومة العراقية الإتحاد العام التونسي للشغل والشعب التونسي المعروفين بمواقفها المبدئية المتضامنة مع الشعب العراقي. الأخ فوزي فاضل استعرض حيثيات سقوط بغداد والظروف التي أدّت إلى احتلال العراق وتنصيب سلطة موالية للإستعمار ومارافق ذلك من محاولات تقطيع الأوصال عبر زرع بذور الصراعات الطائفيّة التي تسبّبت في مجازر وكوارث انسانيّة لا مصلحة للشعب العراقي فيها، وكذلك ضرب أسس الدولة العراقية بملاحقة كوادرها وموظّفيها وعلمائها وأساتذتها وتنفيذ عمليات الإغتيال والسجن والنفي. وقدّم المحاضر بعض الأرقام التي تؤكد ذلك، فقد تمّ تصفية حوالي 500 أستاذ وعالم متخصّص و875 معلّم و48 مدير مدرسة مرّة واحدة منهم 14 امرأة. هذه العمليّات المنظمة، لازمتها برامج تعليمية تقوم على زرع الكراهية والطائفيّة لدى الناشئة والتزوير في الشهادات العلميّة والتدريس بشهادات مزوّرة عبر الرشوة وتنصيب »هياكل« نقابية صورية للمعلّمين والأساتذة من أولئك المتعاملين مع المحتل والحكومات المتعاقبة. وأبرز المحاضر، الإشكاليات الحالية التي تعاني منها المقاومة، فهي تشكو مناخا طبيعيا غير ملائم (الصحراء) يجعلها مكشوفة لدى أسلحة المستعمر وهي كذلك تُعاني المشاكل الماديّة واللوجستيّة، لكن في المقابل، طوّرت المقاومة نفسها وامكانياتها على عديد الواجهات وأفشلت عديد الدسائس حتّى أنّها تمكّنت من تنظيم نفسها أكثر بإصدارها مشروعا نهضويا يتضمّن برنامجا مفصّلا عن كيفية إخراج المحتل وبناء الدولة الجديدة، وما سيطرة المقاومة على عدّة مناطق كالموصل وديالة والأنبار وصلاح الدين إلاّ خير دليل على ذلك. الأخ فوزي فاضل دعا كلّ المعلّمين والمنتصرين للشعب العراقي في الوطن العربي وفي العالم إلى إنشاء رأي عام دولي يرفض الإحتلال وينوّع وسائله من أجل إنهائه ودحره.