❊ السيد الامين العام للاتحاد العام لطلبة تونس، يبدو ان الامور لا تسير على ما يرام، فكيف تقيمون الواقع داخل المنظمة؟ الوضع الحالي للاتحاد العام لطلبة تونس، كما يعلم الجميع، وضع غير طبيعي، فهناك شبه أزمة داخل قيادة الاتحاد بعد ان اختار بعض الاعضاء من المكتب التنفيذي الخروج عن الوفاق الطلابي المتعلق بإنجاز المؤتمر الموحد، اضافة الى جملة المحاكمات التي استهدفت عديد الطلبة وعديد المسؤولين في الاتحاد العام لطلبة تونس فضلا عن طرد العشرات من المناضلين بسبب نشاطهم النقابي، هذا بالاضافة الى غلق باب التفاوض والحوار من قبل وزارة الاشراف امام قيادة الاتحاد ومسؤوليه ومنع الاتحاد من النشاط النقابي داخل عديد المؤسسات الجامعية بالضغط على المنخرطين صلبه او عدم الاعتراف به أصلا وبالتالي فإن الوضع متشنج ومأزوم مما جعل المنظمة تفقد جانبا من إشعاعها وجماهيريتها في الوسط الطلابي والجامعي. ❊ ولكن وزارة الاشراف ترى أن واقع الاتحاد يعود الى الانقاسمات الداخلية وتزعم أنها لا تتدخل في الشأن الداخلي للمنظمة، فما هو تعليقكم؟ كان بودّنا أن لا تتدخل الوزارة في الشأن الداخلي للاتحاد العام لطلبة تونس لكن الواقع مختلف تماما، فبعد انتخاب قيادة الاتحاد في المؤتمر 24 تعاملت هذه القيادة بنضج ومسؤولية مع المشاكل الجامعية المطروحة ولم تسع لتوتير الأوضاع بل سعت الى إرساء علاقة شراكة فعلية. ولكن الوزارة استغلت تصدع المكتب التنفيذي ووظّفته لصالحها فتعاملت مع الشق الأقلي وأغلقت الباب امام الأغلبية ولم تتمكن الوزارة من تغطيته هذا التدخل المفضوح. فقد قطعت علاقة الحوار مع الامين العام وباقي اعضاء المكتب التنفيذي في حين دعمت الشق الاقلي وسهلت مهامه واخر التسهيلات التي قدمت هو النشاط الذي منحته الوزارة لهذه المجموعة باسم الاتحاد العام لطلبة تونس من وراء الامين العام والمكتب التنفيذي وباقي الهياكل الشرعية للاتحاد، ورفضت الوزارة النداءات التي وجهها الامين العام لتصحيح الاوضاع وظلت متمسكة بسلوكها الملغي للاتحاد والداعم لشق أقلي. فإذا لم يكن هذا السلوك تدخلا فما هو التدخل إذن؟ وفضلا عن تدخلها في شؤون المنظمة فإن الوزارة لم تلتزم بتعهداتها التي قدمتها لقيادة المنظمة ولم تتابعها وتتعلق هذه الالتزامات بحق الاتحاد في التمويل العمومي وبعودة المطرودين ورفع المظلمة في حق مناضلي الاتحاد الذين طردوا بسبب نشاطهم النقابي، بل على العكس واصلت ملاحقة المناضلين بعد ان واصلت طرد المناضلين ومحاكمتهم ورغم ذلك فإننا الى حدود هذه اللحظة متمسكون بالحوار والتفاوض وتوجهنا الى وزارة التعليم بعديد المراسلات، ونرجو أن تفتح الوزارة مع الوزير الجديد صفحة جديدة من التعامل مع المنظمة الطلابية تضمن خلالها حقوقها المتمثلة في النشاط واجتماع هيئتها العليا اي عقد المؤتمر الموحد، ولازلنا ننتظر تفاعلا ايجابيا ومتمسكون بالحوار المسؤول والناضج. ❊ كيف تقيمون الرأي القائل بأن حضور الاطراف السياسية داخل المنظمة مقابل تراجع الطلاب والمنخرطين يجعلها فضاء سياسيا قد يؤثر في تعاطي الوزارة مع الاتحاد؟ الإشكال ليس في حضور الاطراف السياسية، فبعض التحليلات تذهب الى ان تراجع مستوى الطلبة يعود الى تراجع العمل السياسي على اعتبار الدور التاريخي الوضاء والهام للعمل السياسي داخل الجامعة في تكوين عديد الاطارات الطلابية التي تتحمل الآن مسؤوليات متقدمة في السلطة وفي بعض الاحزاب السياسية فمنهم الوزراء والأمناء العامون والمسؤولون النقابيون في الاتحاد العام التونسي للشغل. ومن حيث المبدأ، للأطراف السياسية الحق في التواجد داخل الاتحاد العام لطلبة تونس باعتبار ان المنتمين الى هذه الاطراف هم أولا وأخيرا طلبة تونسيون متمسكون بالاتحاد ولهم الحق في الانخراط صلبه والتواجد داخل هياكله. واذا كانت علاقة الاطراف السياسية بالمنظمة الطلابية تطرح اشكالا فذلك ليس من زاوية التواجد داخل الاتحاد انما من زاوية محاولة التوظيف الحزبي الضيق، ومن هنا أشاطر رأي كل المنادين باستقلالية المنظمة عن الاطراف السياسية لأنها لا تقل أهمية عن استقلاليتها عن السلطة، والاشكال الواضح اليوم أن الاطراف لم تستطع الفصل بين انتماءاتها الحزبية وانتمائها للمنظمة ولا يفوتني أن أذكر الرأي العام أني تعاملت مع كل الاطراف الناشطة داخل الاتحاد العام لطلبة تونس وكانت علاقتي معهم تارة في صراع واختلاف وتارة في انسجام، ولكن الاشكال الكبير ان كل الاطراف الطلابية ودون استثناء تعاملت مع الاتحاد على قاعدة تمثيليتها داخل الهياكل وتعاطت مع الاختلاف بالسب والشتيمة وفي بعض الاحيان بالعنف وعدم الاعتراف بمقررات الهياكل وهو ما تقدم عليه الاقلية التي انشقت عن الاجماع الطلابي، كما ان هذا السلوك طبع ممارسة أغلبية مكونات الحركة الطلابية وهو ما يعكس تراجع الوعي السياسي والنقابي. ❊ السيد عز الدين زعتور، ما هي الحلول التي تقترحونها للخروج بالمنظمة من واقعها الحالي؟ لابد من الاشارة أولا الى ان الوضع الحالي لا يفتح الآفاق لحلول واضحة، حيث يقبع الطلبة في السجن ويحرم العشرات منهم من حقهم في الدراسة، كما لا يتمتع الاتحاد منذ ثلاث سنوات بحقه في التمويل العمومي والنشاط وهو محروم من كافة حقوقه الاخرى اذ منع من عقد نشاط صيفي طيلة ثلاث سنوات، وبذلك لابد أولا وقبل كل شيء تنقية المناخ عبر اطلاق المساجين واعادة المطرودين وتمكين الاتحاد من كافة حقوقه التي حرم منها حتى يتسنى لمناضلي الاتحاد ومنخرطيه وقيادته التفكير الجدي في حلول بعيدا عن التشنج الحاصل الآن، وبعد ذلك تأتي الحلول، فالمخارج كثيرة وواضحة المعالم وتكمن اساسا في تحديد حقوق الاتحاد وواجباته، اذ تتمثل واجبات الاتحاد في تمكين كل طالب من الانخراط صلبه على قاعدة ترسيمه في المؤسسات الجامعية والالتزام بقوانينه وتوجهاته، وليس من زاوية انتمائه الفكري والسياسي اضافة الى تأطير الطلاب واقتراح الحلول الممكنة للمشاكل الجامعية وتتمثل حقوقه في التمويل العمومي وحرية النشاط واشراكه في تسيير الجامعة. فإذا ما تمكن الاتحاد العام لطلبة تونس من كافة حقوقه فثق أن مناضليه على استعداد تام للقيام بكافة واجباتهم المذكورة الا أن هذه المعادلة لا يمكن ان تتحقق في ظل الواقع الحالي اذ لابد ان يفتح باب الحوار لتدارس هذه المواضيع فالحل اذن في الحوار المفتوح على كل المواضيع ولا شيء غير الحوار. ❊ هناك من يرى ان الحل للأزمة داخل المنظمة يمر عبر عودة طلبة الحزب الحاكم كإجراء كفيل بتحقيق انفتاح المنظمة على كافة الطلبة وبإرجاع علاقة الحوار مع السلطة، فكيف تقيمون هذا الادعاء؟ يرّوج لهذا الرأي على الدوام قبل المؤتمرات وبطرق غير مباشرة عبر تناقل أقاويل من هذا وذاك غير انه وفي الواقع لا تجد اي اتصالات ولم تطرح هذه المسألة اطلاقا. ومن زاوية نظر مبدئية فإن طرح موضوع انخراط طلبة الحزب كمجموعة سياسية لا يستقيم مطلقا ويتناقض مع الرؤية القائلة بأن تسييس الاتحاد هو سبب الازمة، ومن جهة أخرى فقد أجبتك عن هذا السؤال عندما تحدثت عن واجبات الاتحاد المتعلقة بمنح الانخراطات لكافة الطلبة المتمسكين بالاتحاد والملتزمين بخطه العام وقانونه الاساسي ونظامه الداخلي دون إقصاء ودون ان تطرح مسألة انتمائهم السياسي فإذا طرحنا مسألة طلبة التجمع كمجموعة حزبية يفترض بنا ايضا طرح مسألة طلبة الطرف الفلاني على حدة وطلبة الطرف السياسي العلاّني على حدة، وسنعمّق بذلك الاشكال ونعمّق الازمة في القريب العاجل، ومن هنا تأتي ضرورة ان يخرج الاتحاد من منطق المحاصصة السياسية او الجبهة السياسية وان يعود الى عموم الطلبة بعيدا عن الانتماءات الحزبية، رغم ان من حق الطلبة الانتماء سياسيا ولكن بعيدا عن محاولة التوظيف فقد عانت المنظمة الطلابية من اعباء الانتماءات الحزبية وعليها الآن ان تقطع نهائيا مع هذه العقلية والتي أعاقته في عديد المحطات. ❊ تضاعف الآن عدد الطلاب بما يرفع من رهانات المنظمة، فهل تعتقدون ان الاتحاد قادر حتى وان عاد الى وضعه الطبيعي على تأطير مئات الآلاف من الطلبة وتسليحهم بالفكر النيّر؟ الحقيقة ان العدد الحالي للطلاب والمقدر في السنة الجامعية الحالية بحوالي 370 ألف طالب يطرح إشكالا، فبقدر ما يمثل هذا العدد مفخرة لتونس من حيث الكمّ فإننا نخشى ان يتحول الى نقمة. فغياب العمل الثقافي والفكري والفني وتضاؤل أداء النوادي والجمعيات فضلا عن ضعف الاتحاد يمثل نقطة ضعف في تكوين الطالب. واذا أراد الاتحاد اليوم تأطير الطلاب فعليه ان يطوّر من وسائل عمله وان يبتعد على الشعارات وينغمس في العمل النقابي الصحيح المرتبط بمشاغل الطلاب وهواجسهم مع التركيز على الجانب الثقافي وبذلك يمكن له ان يؤطر اكثر من 400 ألف طالب ولنا تجارب في الدول المتقدمة تثبت ذلك فمثلا نجد ان الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا بصدد تأطير مليوني طالب رغم الانشقاقات التي تشقهم فقد تمكن بفضل الاقتراب من الطلبة وطرح الملف النقابي من تأطير الطلاب. والاتحاد العام لطلبة تونس اذا ما تخلص من السياسوية المفرطة ومن الشعارات وإلتزم بخطط واضحة المعالم في المستوى النقابي بإمكانه ان يصل الى عموم الطلبة، حيث سيؤطر الطلبة أنفسهم، ويبقى دور النوادي والجمعيات الطلابية اساسيا في دعم دور الاتحاد، كما تجدر الملاحظة ان تأطير الطلاب ليس مسؤولية الاتحاد فقط بل هي مسألة وطنية يتقاسم فيها الجميع المسؤولية. ❊ السيد عز الدين زعتور تتوقف عديد المسائل على انجاز الموحّد فما الذي تنتظرونه لإنجازه؟ المسألة لا تكمن في ارادة الاتحاد انجاز المؤتمر الموحّد. فقد مضينا قدما في الاعداد له عبر انتخابات قاعدية ديمقراطية وعبر تحديد شعاره ومكانه وكنا ننوي انجازه الا اننا منعنا من ذلك ووقع منع هيئة من هيئات الاتحاد من الانعقاد، واليوم نحن نعيش وقع ثلاث سنوات من عدم القدرة على حل الملفات العالقة بسبب غلق الوزارة لباب الحوار وعلى وقع انتخاب هياكل منذ ثلاث سنوات، اضافة الى محاكمة الامين العام وعشرات من المناضلين وسجنهم وهو ما ساهم في ارباك مناضلي الاتحاد والمسؤولين النقابيين. ونحن اليوم متمسكون بالوفاق الوطني حول انجاز المؤتمر ولا نريد خوض مغامرة جديدة مجهولة المعالم. وأنا شخصيا ضد مؤتمر في شقّة أو »تحت الحائط« وعلى الورق وأدعم مؤتمرا قانونيا نتحمل خلاله تجسيد تصوراتنا النقابية. والسلطة الآن تتحمل مسؤولية الأوضاع لأن الحلول والآليات الأمنية غير مجدية وأنها قد تؤدي الى تعميق الأزمة الا انها تساهم في مضاعفة التوتر داخل الفضاء الجامعي. ومهما تكن الأوضاع فسنظل متمسكين بإنجاز مؤتمرنا وسنجدد هياكلنا وسنعمل على اقناع السلطة بحق المنظمة في عقد مؤتمرها بكل استقلالية وقد شرعنا بالفعل في تجاوز نقائصنا عبر تنظيم جلسات نقابية مع مناضلي الاتحاد في مختلف الأجزاء الجامعية لرصد المشاكل الحقيقية لعموم الطلبة والصعوبات التي تعرقل مشوارهم الدراسي، كما شرعنا في اعداد أول عدد من »الطالب التونسي«حتى يتسنى لنا مركزة الاعلام واعادة الروح في صفوف مناضلي المنظمة ورغم الازمة التي يعانيها الاتحاد فإن اطاراته ومناضليه بصدد تحمل مسؤولياتهم وتنظيم هياكلهم والابتعاد عن عقلية التشكيات ولعب دور الضحيّة، وهنا أجدد دعوتي لبقية اعضاء المكتب التنفيذي للعودة لاجتماعات هيكلهم القيادي وممارسة دورهم النقابي وتغليب مصلحة الاتحاد. ❊ الاتحاد العام لطلبة تونس قبل كل شيء هو منظمة شبابية، فهل ستشاركون في فعاليات السنة الدولية للشباب 2010، ما هي انتظاراتكم؟ يجب التذكير ان الاتحاد العام لطلبة تونس متمسك على الدوام بنهج الحوار والمشاركة في كل ما يتعلق بالحياة الجامعية والحياة السياسية في البلاد على اعتبار انه منظمة وطنية اضطلعت بدور هام في النضال الوطني، كما ساهمت بقسط وفير في بناء الدولة: غير أن السلطة تنكرت لهذا التاريخ الوضاء وركزت على تهميش دور المنظمة الطلابية، فمثلا بمناسبة الحوار الوطني للشباب عبرنا عن استعدادنا للمشاركة الجدية وعيّنا ممثلا للاتحاد الا اننا فوجئنا بإستدعائه في اجتماع واحد ثم وقع استثناؤنا وتهميش دورنا وأغلقت الأبواب في وجوهنا وهو ما لا نرجوه في هذه المناسبة »السنة الدولية للشباب«. ونحن نرى انه من غير المعقول ان يتم اختيار سنة 2010 سنة وطنية للشباب واكثر من 20 مناضلا ومسؤولا طلابيا يقبعون الان في السجن أو ملاحقون بملفات قضائية، والامين العام محاكم وصدر ضده حكم بات غير مبرر فضلا على أن عشرات من مناضلي الاتحاد محرومون من مواصلة حقهم في النشاط، ولذلك وجب تسوية كل هذه الملفات وتشريك الاتحاد في كل المسائل الجامعية والوطنية فطلبة الاتحاد هم تونسيون ومعنيون بأوضاع الجامعة والبلاد واذا ما تم مواصلة تهميشهم وابعاد منظمتهم فستظل هذه المناسبة غير جدية وستعرف نفس مسار المناسبات الفارطة.