اليوم العالمي لحرية الصحافة /اليونسكو: تعرض 70 بالمائة من الصحفيين البيئيين للاعتداءات خلال عملهم    اخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من المهاجرين الافارقة    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها (بودربالة)    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    توننداكس يرتفع بنسبة 0،21 بالمائة في إقفال الجمعة    كفّر الدولة : محاكمة شاب تواصل مع عدة حسابات لعناصر ارهابية    معهد الصحافة يقرر ايقاف التعاون نهائيا مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بجندوبة ..وحجز 41 صفيحة من مخدر "الزطلة"    سليم عبيدة ملحن وعازف جاز تونسي يتحدث بلغة الموسيقى عن مشاعره وعن تفاعله مع قضايا عصره    مركز النجمة الزهراء يطلق تظاهرة موسيقية جديدة بعنوان "رحلة المقام"    قابس : انطلاق نشاط قاعة السينما المتجولة "سينما تدور"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    إفتتاح مشروع سينما تدور    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بداية من الغد.. وزير الخارجية يشارك في أشغال الدورة 15 للقمة الإسلامية    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    حالة الطقس هذه الليلة    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى متى يحرم نصف مليون طالب من منظمتهم النقابية؟
علي فلاح
نشر في الشعب يوم 26 - 06 - 2010

التحق علي فلاح بالجامعة التونسية في أواسط التسعينات حيث انتمى للفكر اليساري وانخرط صلب الاتحاد العام لطلبة تونس طيلة عشر سنوات، ليكون شاهدا على أغلب مراحل أزمة المنظمة الطلابية.
اتصل بنا ليتفاعل ايجابيا مع الملف الذي نشرته «الشعب» في جزئه الأول في 51 ماي 0102 وكانت المساهمة التالية:
`الاتحادالعام لطلبة تونس: الجوهر النقابي للمنظمة الطلابية:
عندما فكرت في المساهمة في الملف الذي خصصته جريدة «الشعب» لتدارس واقع الاتحاد العام لطلبة تونس، سيطر على ذهني سؤال واحد: الى متى يحرم طلبة تونس من منظمتهم النقابية؟ الى متى يحرم نصف مليون طالب تونسي تقريبا من اتحاد يدافع عن حقوقهم المادية والمعنوية؟ الى متى يحرم نصف مليون طالب من اطEر نقابي ƒ÷E©jن فيه واقعهم الاجتماعي؟ اطار نقابي يمنحهم فرصة خوض تجربة نقابية على أساس الحوار والديمقراطية والتقدمية، الى متى؟!!! سؤال هو حسب اعتقادي اكبر من كل الأسئلة. سؤال تتساقط كل الاعتبارات والتفاصيل والجزئيات المتعلقة بواقع الاتحاد وبمصيره. سؤال تتهاوى أمامه كل Gلمؤô“ات GhٴرقامهاHÓeh ساتها وكل الاسماء التي ناضلت والتي تناضل والتي سوف تناضل تحت راية الاتحاد العام لطلبة تونس. سؤال اعتقد ان تجربتي النقابية المتواضعة تخول لي ان أطرحه وان أتوجه به لكل المهتمين بالشأن الطلابي عموما وبشأن الاتحاد على وجه الخصوص. تجربتي النقابية التي يمكن ان أقول عنها باختصار شديد انها تجربة ولدت وتشكلت في قلب الازمة الراهنة للاتحاد العام لطلبة تونس: فقد التحقت بهذه المنظمة الطلابية منذ سنتي الاولى بالجامعة لأكون في السنة الثانية ممثلا للطلبة في المجلس العلمي بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس (9 افريل) في السنة الجامعية 89 99، لقد انخرطت في النضالات النقابية القاعدية التي تعارضت انذاك مع قيادة الاتحاد، لأساهم في وقت متقدم في بلورة مسار التصحيح الذي كان نتاجا للازمة الخانقة التي شقت الاتحاد وتعمقت باستحالة التسيير الديمقراطي للمنظمة الطلابية نظرا ليهمنة منطق الاقصاء وتعفن الصراع الداخلي. مسار التصحيح هذا توّج بعقد مؤتمر التصحيح في 21 جوان 4002 بكلية الحقوق تونس. تحملت اثر ذلك مسؤولية نائب الامين العام مؤتمر التصحيح. هذا المؤتمر جسد وبشكل واضح ازدواجية هيكلية قسمت الاتحاد الى اتحادين من القمة الى القاعدة. كانت لحظة خطيرة في تاريخ الاتحاد هددت مبدأ الوحدة النقابية، فما كان من مخرج الا مشروع التوحيد النقابي الذي انطلق فعليا بتشكيل اللجنة الوطنية من اجل المؤتمر الموحد بتاريخ 8 ديسمبر 7002. وبصفتي عضو في هذه اللجنة التوحيدية التي ترأسها الامين العام عز الدين زعتور الذي لعب دورا رياديا متقدما في انجاح المشروع والحفاظ على تماسكه وحمايته من الانحرافات ساهمت مع باقي الرفاق في التقدم في اتجاه انجاز المؤتمر الموحد الذي قررت الهيئة الادارية للاتحاد عقده بتاريخ 9 01 11 افريل 9002، مؤتمر رفضت السلطة انعقاده ومنع بتدخل امني غير مبرر.
الى متى يحرم طلبة تونس من منظمتهم النقابية؟!!! هذا هو السؤال المركزي الذي يجب ان يطرح اليوم. سؤال يطرح من باب المسؤولية الوطنية ليكشف ان سياسة تجاهل الاتحاد العام لطلبة تونس وتهميشه وعدم اعتباره مكونا رئيسيا داخل الفضاء الجامعي وعدم تشريك قيادته وهياكله ومناضليه في الشأن الطلابي هي وللأسف الشديد سياسة خاطئة وفاشلة يجب مراجعتها سياسة حولت هذا الصرح التاريخي الى خراب مرشح ان يتهاوى نهائيا. سياسة ستكون لها انعكاسات خطيرة جدا على الجامعة والمجتمع. الى متى يحرم طلبة تونس من منظمتهم النقابية!!! سؤال أتوجه به ايضا الى مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس وذلك من باب المسؤولية الوطنية ايضا. سؤال يكشف اننا فشلنا في ادارة الصراع الداخلي وعطلنا امكانية التعايش المشترك صلب الاتحاد. فرغم ما حققه مشروع التوحيد النقابي من اجماع طلابي ومن دعم غير مسبوق في صفوف المجتمع المدني الا انه مازال يعاني بعض النقائص. ويعود هذا التعطل في اعادة بناء الاتحاد الى تغييب مصلحة الطالب التونسي ومصلحة الاتحاد لحساب اعتبارات ثانوية وجزئية. وعلى هذا الاساس، صار لزاما على الجميع مراجعة تصوره في تسيير هذه المنظمة الطلابية. كما انه يجب الوعي ايضا بأن اي مشروع حقيقي وجدي لإعادة بناء الاتحاد يمر حتما وبالضرورة عبر المصالحة مع الطلاب فأي مشروع لا يعمل على تقليص الهوة بين الاتحاد والطلبة هو مشروع فوقي ومعزول محكوم عليه بالفشل منذ البداية. فماذا نريد نحن من الاتحاد اكثر من ان يكون منظمة نقابية؟
ان الاتحاد العام لطلبة تونس بلغ مرحلة خطيرة ومعقدة جدا وهو في نظري مهدد بأن يتلاشى نهائيا، وعلى هذا الاساس يفترض ان تكون كل محاولة لفتح حوار بشأن الاتحاد او كل مبادرة نقابية تصب في اتجاه التمسك بهذا المكتسب التاريخي والوطني في أفق تطوير أدائه في الجامعة والمجتمع. ان القول بأن الاتحاد مهدد بالانقراض ليس أمرا مستبعدا او مستحيلا ولنا ان نستفيد من تجارب الشعوب كتجربة المنظمة الطلابية بالمغرب مثلا ، كما ان امكانية تلاشي هذه المنظمة العريقة هو ايضا ليس من باب المبالغة فالمعادلة واضحة جدا: اذ يكفي ان نضع في الكفة الاولى للميزان الجامعة التونسية وفي الكفة الثانية المنظمة حتى نرى بوضوح انخرام التوازن ونتأكد من خطورة الوضع الذي بات عليه الاتحاد. ان الجامعة اليوم تضم قرابة نصف مليون طالب تتوزع مؤسساتها الجامعية جغرافيا على كافة جهات البلاد ولنا ان نتخيل حجم المشاكل الطلابية المتعلقة بحياة قرابة نصف مليون طالب تونسي ابتداءا من مشكل التوجيه الجامعي وصولا الى معضلة بطالة خريجي الجامعة مرورا بمشاكل السكن والمنحة والبرامج التعليمية وغلاء المعيشة والظروف الدراسية والمشاكل الفكرية والثقافية والنفسية للشباب الطلابي، في المقابل نجد اتحادا هزيلا محاصرا تنخره الصراعات الداخلية المقيتة، ان اختلال التوازن بين الجامعة التونسية والاتحاد واضح جدا، بل مرعب جدا، لذلك وامام هذا العجز وهذا الضعف الذي بلغه الاتحاد وجب على مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس الخروج من حالة البهتة والبكاء على الاطلال والدخول في دائرة الفعل النقابي الحقيقي، ان اللحظة العصيبة التي يمر بها الاتحاد تستوجب كثيرا من الجرأة للقطع مع كل امراض الماضي من اجل التأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ المنظمة الطلابية دون التفريط في الثوابت، لكن ما هي هذه الثوابت؟
نعم عندما تتعطل الامور وتتعقد نعود الى الثوابت، نعود الى المنطلقات نعود للبحث عن نقطة ارتكاز تكون بمثابة الارض الصلبة التي نقف عليها بثبات لنقدر على البناء او اعادة البناء. والثابت الوحيد في نظري فيما يتعلق بالاتحاد العام لطلبة تونس: ان الاتحاد منظمة نقابية تقدمية تدافع على مصالح الطلاب لا أكثر ولا أقل. وانطلاقا من هذا الثابت الوحيد يمكن ان نعرف ازمة الاتحاد بأنها عجز هذه المنظمة النقابية عن أداء دورها النقابي في الجامعة المتمثل في الدفاع عن قضايا الطلبة المادية والمعنوية وبما ان الثابت الوحيد هو الجوهر النقابي للمنظمة وان الازمة في معناها الحقيقي هو عجز الاتحاد عن أداء دوره النقابي يمكن ان توصل الى الحكم بأن الاسباب العميقة لازمة الاتحاد تكمن في كل ما من شأنه ان يعطل نشاط الاتحاد وان يحول دونه ودون القيام بدوره تجاه منظوريه خاصة وان مهمة المنظمة الطلابية صارت اكثر جسامة واكثر تعقيدا مما كانت عليه في الماضي. هذا الماضي الذي تحاول بعض القراءات تحويله قسرا «عصر ذهبي» أو «زمن الانتصارات الحقيقية» للاتحاد. واذا ما سلمنا بأن أسباب الازمة متأتية من الجهات المسؤولة في تعطل أداء الاتحاد فان هذه الاسباب يمكن اختزالها الى سببين رئيسيين: سبب أول يتعلق بالسلطة وسياستها في التعامل مع الاتحاد العام لطلبة تونس وسبب ثان ناتج عن فهمنا لطبيعة المنظمة النقابية ولطبيعة المرحلة ولاستحقاقات الشباب الطلابي في هذه المرحلة من تاريخ الجامعة التونسية.
لكن قبل تفكيك هذه الاسباب العميقة لأزمة الاتحاد تجدر الاشارة في اطار التفاعل الايجابي مع كل ما كتب مؤخرا حول المنظمة الطلابية وخاصة ما ورد في جريدة الشعب ان للاتحاد ماض مليء بالتضحيات والنضالات وكذلك بالانكسارات والانتكاسات والنقائص. وقراءة تاريخ الاتحاد أمر على درجة قصوى من الأهمية لكن شرط ان تكون هذه القراءة قراءة نقدية. والقراءة النقدية ستبعد تكرار الماضي حتى لا يكون الحاضر والمستقبل مجرد اجترار لصراعات قديمة بصورة مشوّهة كأن نقوم مثلا بعملية اسقاط للأحداث التي عرفها الاتحاد في بداية السبعينات على واقع الجامعة اليوم دون القيام بدارسة مقارنة للواقع الطلابي بين الماضي والحاضر. كما ان الدراسة النقدية لا تعني ايضا التنكر للنضالات والتضحيات وتجاهل اللحظات المضيئة في تاريخ الاتحاد العام لطلبة تونس.
ان القراءة النقدية الجادة لتاريخ الاتحاد منذ تأسيسه الى اليوم تكشف ان مشكل استقلالية القرار الطلابي واستقلالية الاتحاد كان السبب الرئيسي وراء عديد اللحظات العصيبة التي مرت بها المنظمة الطلابية. وهذا امر طبيعي جدا، فمن الطبيعي جدا ان تتوتر العلاقة بين السلطة والاتحاد ليبلغ الى حد التصادم عندما يتم المساس بمبدأ استقلالية الاتحاد العام لطلبة تونس. ان الاستقلالية ميزة الشباب عموما والشباب الطلابي على وجه الخصوص، وهذا أمر لا يقتصر على الشباب التونسي بل هو ميزة الشباب الطلابي في كل انحاء العالم، هذه الميزة تمكنت شعوب لا تفوقنا في سلم التنمية والتقدم من تحويلها الى ركن من أركان القوة للمجتمع. ان سياسة الحوار وحدها الكفيلة بأن تحول استقلالية الشباب الطلابي الى عنصر قوة في الجامعة والمجتمع ومن شأنها ايضا ان تحول الاتحاد الى مدرسة لارساء قيم الحوار والديمقراطية والتقدم.
ةة الاتحاد العام لطلبة تونس: وتمظهرات الأزمة:
ان مصلحة طلبة تونس ومصلحة الجامعة التونسية والمصلحة الوطنية عموما تكمن في وجود منظمة طلابية قوية ومتماسكة هذا هو الاساس وهذا هو المنطلق الذي يجب الارتكاز عليه لرسم مستقبل الاتحاد. فالاتحاد منظمة نقابية قانونية لها تاريخها فمن المفروض ان يتم التعامل مع الاتحاد على هذا الاساس. فمن حق الاتحاد ان يتحرك بحرية ومن حق قيادته التنقل في المؤسسات الجامعية بكل حرية لتأطير الشباب الطلابي ومن حق الاتحاد استغلال الفضاءات العمومية لتنشيط هياكله واقامة الندوات النقابية والتظاهرات الثقافية التي تندرج في اطار اهتماماته وبرامجه كما ان الاتحاد من حقه ايضا ان يتمتع بمنحة قارة من المال العمومي تيسر له تطبيق برامجه وهو ايضا معني بأن يكون له نصيب في وسائل الاعلام ابتداءا من ضرورة ان يكون للاتحاد نشرية قارة تصدر بشكل رسمي توزع في المؤسسات الجامعية والفضاءات العمومية وصولا الى ضرورة تشريكه في البرامج الاذاعية والتلفزية المتعلقة بالشأن الطلابي الامر الذي من شأنه تطوير الوعي النقابي في صفوف الطلبة ان الاتحاد من حقه ومن حقه... ماذا نجد في مقابل كل هذه الاستحقاقات؟ خلافا لكل هذه الاستحقاقات يلاحظ المتتبع لشأن الاتحاد تصعيدا في سياسة الحصار المفروض على حق المنظمة الطلابية في النشاط النقابي خاصة في السنوات الاخيرة. ففي العقد الاخير من مسار الاتحاد لا تكاد اي سنة تخلو من مجالس تأديب ومحاكمات تستهدف مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس ولعل التصعيد بلغ ذروته في حرمان الاتحاد من عقد مؤتمره وفي محاكمة الامين العام، ان سياسة مجالس التأديب والمحاكمات اضرت كثيرا بأداء الاتحاد دون ان ننسى ربط تشغيل خريجي الجامعة بالنشاط النقابي في الجامعة والفرز على قاعدة الانتماء للاتحاد بات واضحا للعيان وهو ملف اجتماعي اثقل كاهل المنظمة الطلابية كما انه اصبح سببا رئيسيا في ابعاد الطلبة عن الانخراط في النضال النقابي صلب منظمتهم النقابية. ان الاتحاد العام لطلبة تونس من المفروض مع تزايد المشاكل الطلابية ان يكون قبلة الوافدين على الجامعة تحول نتيجة سياسة انعدام الحوار والتهميش والحصار المفروض على العمل النقابي الطلابي الى محرقة للشباب الطلابي. لقد صار الاتحاد وهو المنظمة الطلابية النقابية والقانونية كما لو كان تنظيما يهدد امن البلاد!!! بدلا من ان يكون اطارا لتكوين الشباب على قيم العقلانية والتقدم اطارا يحميهم من كل الانزلاقات. أليس من الضروري التفكير بجدية في مراجعة هذه السياسة العقيمة؟
اضافة لهذه العلاقة المتشنجة بين السلطة والاتحاد، نجد الصراعات الداخلية التي تكبل الاتحاد وهي صراعات ناجمة عن عدم استيعاب طبيعة هذه المنظمة النقابية وامكاناتها وحدودها، اذ تداخلت الامور في اذهان المناضلين فليس ثمة تمييز واضح بين الانتماء الى الاتحاد او الانتماء الى مكون من مكونات الحركة الطلابية او الانتماء الى حزب سياسي. Gن الاتحاد العام لطلبة تونس منظمة نقابية له اهدافه الواضحة وله خطابه النقابي الخاص به الذي يتمايز عن باقي المنظمات والجمعيات والاحزاب، كما ان الاتحاد لا يمكن اختزاله في الحركة الطلابية رغم العلاقة الجدلية التي لا يمكن انكارها، بما معناه انه لا يجب ان نخلط بين خطاب الاطراف المكونة للحركة الطلابية وخطاب الاتحاد.
ان الخروج من هذا المأزق يستوجب فهم العلاقة بن النقابي والسياسي لفترض العودة الى القضايا الطلابية التي هي في أمس الحاجة الى هذا البعد النقابي المغيب كما ان المرحلة الجديدة للاتحاد يجب ان تؤسس الى عقلية احترام الاتحاد بما معناه الالتزام بقانونه الاساسي ونظامه الداخلي واحترام هياكله.
في كلمة واحدة ان المرحلة القادمة تفترض اعلان الولاء للاتحاد.
الاتحاد العام لطلبة تونس: القضايا الرئيسية:
ثمة جملة من القضايا الرئيسية المتعلقة بالاتحاد العام لطلبة تونس مازال يحوم حولها كثير من الغموض، واذا ما كنا نروم ان نتقدم بخطى ثابتة في اتجاه اعادة بناء الاتحاد وجب استيعاب هذه القضايا وفهمها انطلاقا من تنزيلها في الواقع، فهما دقيقا وواضحا، فإذا كEنت السلطة مطالبة من جانبها بضرورة مراجعة سياستها تجاه الاتحاد وهذا قرار يبقى بيد اصحاب القرار فإن المسؤولية الكبرى ملقاة على عاتق مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس. فمسؤولية هذا الجيل اعادة بناء منظمة قوية متماسكة وهذا لن يتحقق الا عبر مزيد تجذير ودعم مشروع التوحيد النقابي وحتى نستوعب اكثر عقلية التوحيد النقابي لابد ان نحسم نهائيا قضية الانتماء للاتحاد وقضية التعايش صلب هياكل الاتحاد وقضية خطاب وتوجهات الاتحاد وقضية علاقة الاتحاد بالمجتمع المدني واخيرا قضية علاقة الاتحاد بالسلطة. وهي قضايا متمايزة بعضها عن بعض لا يجب الخلط بينها رغم العلاقة التي تربط بعضها ببعض.
(1) قضية الانتماء للاتحاد العام لطلبة تونس:
ان الانتماء للاتحاد العام لطلبة تونس هو حق كل طالب تونسي شرط ان يتبنى أهداف المنظمة الطلابية وشرط ان يحترم القانون الاساسي والنظام الداخلي وان لا يتورط في نشاط معاد للاتحاد والحديث عن قضية الانتماء التي من المفروض ان تكون من البديهيات انما لرفع اللبس العالق بهذه المسألة، فالانتماء للاتحاد العام لطلبة تونس لا يكون على قاعدة التوجه النقابي والانتماء اdسياسي وهذا الخلط كان وراء عديد الصراعات الداخلية كما كان ايضا وراء سياسة الاقصاء التي خربت الاتحاد «فالمعتدل» و «الراديكالي» كليهما من حقهما الانتماء للاتحاد وفي هذا المستوى يمكن الاشارة الى ان الذين فضلوا البقاء خارج مشروع التوحيد النقابي كانت علتهم دائما وجود فلان او علان أو هذا الطرف او ذاك داخل المشروع وداخل الاتحاد وهنا ثمة خلط واضح وتداخل بين قضية الانتماء للاتحاد وقضية التوجهات. ان الانتماء للاتحاد ملك لكل المتمسكين بالاتحاد من مكونات الحركة الطلابية اما قضية التوجهات فهذه مسألة مرتبطة بEلتحالفات وموازين القوى صلب هياكل الاتحاد.
(2) قضية التعايش صلب الاتحاد:
ان كل المنظمات والجمعيات تصوغ قانونا يخدم مبادئها واهدافها ويسهل امكانية نشاطها وهذا معمول به في كل انحاء العالم، والاتحاد بوصفه منظمة نقابية له قانون يتضمن حياته الداخلية. هذا القانون يقوم على مبدأ التسيير الديمقراطي لهياكل المنظمة الطلابية. وعلى هذا الاساس فالتعايش صلب الاتحاد لا يمكن ان يكون مسألة تلقائية وانما يجب ان يقوم على مبدأ الديمقراطية التي يحميها القانون، بقي انه يمكن الاشارة الى انه وجب اعادة النظر في امكانية تطوير المنظومة القانونيá للاتحاد بما يضمن تطوير هيكلية الاتحاد حتى يتمكن من أداء دوره دون وقوع تصادم بين مناضليه ودون التضحية بالديمقراطية، كما تجدر الاشارة ايضا ان الذين ساهموا في البداية في تشكيل مشروع التوحيد النقابي ثم تنصلوا في منتصف الطريق هم في حقيقة الامر تراجعوا عن مبدأ التسيير الديمقراطي للمنظمة كما ان لديهم خلط بين قضية التعايش صلب الاتحاد الذي يحكمه مبدأ الديمقراطية وقضية التوجهات التي يحكمها مبدأ التحالفات وموازين القوى، والديمقراطية مبدأ ثابت اما الباقي فمتغير بتغير الاحداث والمستجدات.
(3) قضية خطاب الاتحاد وتوجهاته:
ان الخطاب النقابي للاتحاد وتوجهاته ليست أمور ثابتة وانما هي تستمد من قراءة واقع الطلاب وواقع الجامعة واذا ما اتفقنا على تراكم القضايا الطلابية فان الخطاب النقابي والبرامج والتوجهات يجب ان تولي الاهتمام الاكبر في المرحلة القادمة الى الجانب النقابي في معناه المباشر، ان طلبة تونس بحاجة اكثر من اي وقت مضى الى منظمتهم النقابية فما على مناضلي الاتحاد الا القطع مع الخطابات الرنانة التي غالبا ما تتضمن افكار وجمل غير مفهومة والتأسيس لخطاب نقابي متماسك يحقق المصالحة مع الطلبة.
(4) قضية علاقة الاتحاد بالمجتمع المدني:
ان الاتحاد العام لطلبة تونس هو مكون من مكونات المجتمع المدني وقد تراجع دوره في السنوات الاخيرة نظرا للأزمة الخانقة التي عطلت نشاطه، لكن هذا التراجع لا يمنعنا من التذكير ان الاتحاد عليه ان يعمل دائما على تطوير شبكة العلاقات مع باقي مكونات المجتمع المدني وان لا يقتصر على حضور باهت وفرجوي في اطر المنظمات والجمعيات. ان تكوين علاقات متطورة مع المجتمع المدني ضرورة قصوى شرط المحافظة دائما على هوية المنظمة وعدم التعارض مع اهداف الاتحاد، فالاتحاد يجب ان يلعب دورا رئيسيا في ارساء قيم الديمقراطية والتقدم في المجتمع.
(5) قضية علاقة الاتحاد بالسلطة:
ان الحوار مع سلطة الاشراف هو مبدأ لا تراجع عنه وهو مطلب نرفعه دائما في وجه وزارة التعليم العالي وادارة المؤسسات الجامعية، فهدفنا الرئيسي هو تحقيق مصالح الطلاب عبر تشريك الاتحاد قيادة وهياكل في تدارس القضايا الطلابية. وعلى هذا الاساس وجب على مناضلي الاتحاد التمسك دائما بمبدأ الحوار مع ضرورة العمل على تطوير اساليب التدخل النقابي بما يضمن خلق علاقة متوازنة بين السلطة والاتحاد العام لطلبة تونس.
ختاما يمكن ان نستخلص ان الاتحاد العام لطلبة تونس يمر بلحظة تاريخية خطيرة يفترض توحيد الجهود من اجل اعادة بنائه واستنهاضه حتى يضطلع بأداء بدوره تجاه قضايا الطلبة، ولكن هذه المهمة التاريخية ليست أمرا سهلا، انها مهمة صعبة ومعقدة تفترض منا قراءة موضوعية لمتطلبات الواقع الطلابي والوطني وفهما دقيقا لتóëيات المرحلة القادمة من تاريخ الاتحاد. وهذا بدوره يفترض تطوير النقاشات وتعميقها بين مناضلي الاتحاد وذلك بإقامة ندوات نقابية يمكن ان يساهم في مزيد دعم المشروع التوحيدي للمنظمة الطلابية. ان الهدف الرئيسي والحد الادنى الذي يمكن ان يوحد كافة مكونات الاتحاد العام لطلبة تونس هو المصالحة مع الطلاب عبر اعادة الاعتبار للعمل النقابي الطلابي ghذا لن يكون ممكنا الا بترفيع نسبة منخرطي الاتحاد العام لطلبة تونس وبتوسيع جماهيريته، حتى نتمكن من التقدم بخطى ثابتة في اتجاه انجاز المؤتمر الوطني الموحد الذي سيفرز حتما قيادة قوية ومتماسáμ وهE«كل منتخبة وفاعلة قادرة ان تفتح آفاق جديدة للاتحاد العام لطلبة تونس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.