رئيس إتحاد الفلاحة: أسعار الأضاحي 'معقولة'    تظاهرة التراث الثقافي بحاجب العيون في دورته ال 14 «تراثنا رؤية تتغير ... تشريعات تواكب»    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    شبهة فساد بال'ستاغ': الاحتفاظ بمعتمد واطار بنكي بهذه الولاية    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    الدورة 6 لمهرجان «تريتونيس» بدقاش ..خيمة للإبداع وورشات ومعارض وندوة علمية وكرنفال    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    قانون الفنان والمهن الفنية ...مشروع على ورق... هل يغيّر وضعية الفنان؟    خبير في التربية : ''تدريس الأولياء لأبنائهم خطأ ''    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة الترجي والأهلي    بسبب الربط العشوائي واستنزاف المائدة المائية .. قفصة تتصدّر خارطة العطش    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    صفاقس: المناظرة التجريبية لفائدة تلاميذ السنوات السادسة    بنزرت .. مع اقتراب موسم الحصاد ...الفلاّحون يطالبون بفك عزلة المسالك الفلاحية!    سليانة .. انطلاق موسم جني حب الملوك    بنزرت .. إجراءات لمزيد تعزيز الحركة التجارية للميناء    الليلة الترجي الأهلي في رادس...الانتصار أو الانتصار    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    كأس تونس: النجم الساحلي يفقد خدمات 4 لاعبين في مواجهة الأهلي الصفاقسي    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    عاجل/ القسّام: أجهزنا على 15 جنديا تحصّنوا في منزل برفح    ''غرفة المخابز: '' المخابز مهددة بالإفلاس و صارت عاجزة عن الإيفاء بإلتزاماتها    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يطول الجدب في وطني؟
نشر في الشعب يوم 29 - 05 - 2010


إلى الرّاقصين لاقتران أمّهم بقاتل أبيهم:
»إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها،
وقال الإنسان مالها؟«
ومن النّاس من تُزلزل الأرض تحت أقدامهم كلّ يوم، ولا يقولون »مالها؟« فأولئك ليسوا من »الإنسان« في شيء.
وسميّ غيثك في العادات هطّالُ
يهمي، فتدنو محجّات، وآمالُ
تحيا به الأرض، والأحياء قاطبة
زرع، وضرع، تفاصيلٌّ وإجمالٌ
تلقى الطبيعةُ فيه عِزَّ منتصر
للنّصر عنده تقديسٌ وإجلالٌ
فتحتفي بكريم، جاء يمنحها
ثوب الرّبيع، به تزهو وتختالُ
كلّ الفصول تحيّي الشّمس باسمة
وترسل اليُمْن بين النّاس ينثالُ
ذي سنّة الكون، ما انفكّت تُجدّدها
عبْر المدارات آبادٌ وآزالُ...
لكن تبدّلت العاداتُ وانقطعت
والأرض بدّلها قحْط وإمحالُ
حالت ملامحها، فاستوحشتْ وغدتْ
مثل السّقيم، تمادى فيه إعلالُ
أرضٌ مواتٌ، وقد شحّتْ مواردُها
وجْهُ الأديم بها صخْرٌ وصلصالُ
للريح فيها على الآفاق أغشيةٌ
فالتّرْبُ يعلو، وربْع الأهل أطلالُ
هامُ الأعالي رمادُ الوهْد طوّقها
حتّى اختفت قممٌ كبرى وأجبالُ
وفي الحقول على طول المدى جثمت
رموزُ موت، لها كالموت أشكالُ
ما كان بالأمس في غاباته شجرا
فاليوم للقطْع عيدان وأجذالُ
كلّ الجذور إذا جفّ الثرى يبستْ
والقحْط داء بكلّ النّبْت نكّالُ
تذوي الغصونُ، وتهْوي في بلاقعها
مثل الشّهيد، وللأغصان آجالُ
كم دوحة برياح الغرب قد قُصفتْ
واهتاج طائرها وجدٌ وبلْبالُ
كم نخلة عبثُ الأقدار جنْدلها
كما يخرِ بساح الحرب أبطالُ
يمضي جمالُ... ويُبْقي حرقة وجوى
كما يزول من الميدان تمثالُ
ضنّت سماءٌ ليجتاح الدّنى يبسٌ
للنّبْت فيه، وللإنسان أهوالُ
أين السّيولُ؟ أفي الأسباخ دفقتُها؟
أم في فجاج رمال نبْتُها الضّالُ؟ (1)
أم خُلّبٌ سحبُ الإمطار في وطني؟
رعدٌ كذوبٌ كنكْثِ العهد جوّالُ
جهامُ نزْو سريعا ما تفرّقُه
ريحٌ، كما فرّق القطعان إجفالُ
لا بْرق أرّق عيْن الشّيْم خافقُه
إلاّ شحيحٌ، نزورُ القطْر مقْلالُ
يهفو، ويمضي، كأنّ الريح تشربُه
وفي الأنام يشبُّ اليأس إشعالُ
كطالع اليُمْنِ في حُسْبان منتظر
يستطلع الغيْب إذ يبدو له الفالُ
أو نجمة برقت فاغترّ ناظرها
وكلّ نجم على الآفاق أفّالُ
ويمعن البؤس في إحراق يابسة
حربا ضروسا على الإنسان تنهالُ
مثل انتشار غزاة في حمى وطن
بالحمق أسلمه للغزو جمّال
عُشّاقُ مغتصب، والخزيُ شرعتهم
كلّ المخازي لهم فعل وأقوال
يستعذبون صراخا في مقاصرهم
من عرض قاصرة يفريه أرذالُ
ويطربون على أصداء نكبتهم
ويركعون لمن ينفي ويغتالُ
ما شذّ قطر بهذا الجدْب منفردا
بل أوجُهُ الجدْب في الأوطان أمثال
كسطو شرذمة باعت هويتها
فابتزّ حرمتها لصّ ومحتال
لا زاد إلاّ نفاقا في ثقافتهم
مكروهُ فعْل، وكذّابٌ إذا قالوا
أصواتُ بوم إذا ما طاف طائفهم
غربان شومٍ(2) إذا في محفل جالُوا
حُماة أسْوار شوك، للردى نصبتْ
في كلّ مصْر، وللسادات أذيالُ
قد وظّفوهم لحجب الحقّ منبلجا
كما يحجّب نور الشّمس غربالُ
وروّضوهم، ككلب الصّيد ليس له
الا النّباح على المرتاب دلالُ..
أشْهاد زور على المأساة في وطني
إيمانهم أبدا يُمليه دجّالُ
حُرّاسُ مملكة، جُلاّبُ مهلكة
شُذّاذ مسْلكة، حمْقى وأنذالُ
رُكبانُ أحصنة الاخشاب من لُعبِ
فيها براكبها ركْضٌ وتصْهالُ...
همْ في الطّريق نُعوش ترْتجي دفنًا
أكفانُهم لقديم الموت أسْمالُ
قد استقرّوا على سمْت الرّؤى شبحا
كيْ تستكين لذلّ القهْر أجْيالُ
وكيْ يظلّ صحيحٌ الفكر مغتربا
يكابدُ المقْتَ ممّا تزدري الحالُ
يمشي وئيدا، زهيدا في مواطنه
مشْيَ الكسيح، عليه الحزنُ أثقالُ
وأنْ تغوص نفوسٌ في كآبتها
حسْبُ الحيارى كآباتٌ وتسآلُ
ترنو الى مشهد التّدمير ساهمة
والعجزُ فيها عراقيلٌ وأكبالُ...
وفي المدائن يعلو الشّوك منتصبا
كالتّاج تخرسه في القصْر أغْوالُ
شوْكٌ يمدّ على الأسوار أذرُعه
تلتفٌ منه على الاعناق أغلالُ
ذا مشهدُ الجدْب في أيام محنتنا
كأنّما الكوْنُ قدْ أرداهُ (3) إخلالُ
وذي الشعوبُ إذا خانتْ ريادتها
أفنت قوافلها في الطّرْق أوحالُ
وذي الجبالُ على الصّحراء واقفةٌ
فرسانُها رُسُلا كانوا ومازالُوا
وذي السّماءُ إذا صنّتْ بصيّبها
فقدْ يعيدُ حياة الأرض زلزالُ.
ألقيت بدار الاتحاد الجهويّ للشغل بقفصة
يوم عيد العمّال 1 ماي 2010
❊ أبو القاسم الثّليجاني
(1) الضّال: شجر صحراويّ شوكيّ تألفه الحيّات والثّعابين
(2) شوم: هي شؤم بتخفيف الهمزة
(3) أرداه: يرديه إرداء أي قتله، وأرداه أيضا جعله يردي في السّير لكسر إحدى السّوق أو القوائم أو لعقال للبعير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.