مقدّمة: اقترنت القفزة الاقتصادية البرازيلية بتباينات اجتماعية وإقليميّة عميقة تحوّلت إلى سمة مميّزة للبرازيل. I تباينات اجتماعيّة حادّة: مكّنت القفزة الإقتصادية من تحسين مستوى عيش البرازيليين (تضاعف الناتج الداخلي الخام للفرد من 3800 دولار 1980 إلى 8500 دولار 2005) غير أنّ هذا التحسّن لم يشمل كافة فئات المجتمع. 1 سوء توزيع الدّخل تفشّي ظاهرة الفقر: أ سوء توزيع الفقر: يحتكر 1/10 السكان الأكثر ثراء ما يقارب 46٪ من مجموع ثروة البلاد بينما لا يتجاوز نصيب 1/10 السكان الأفقر 8،0٪ من إجمالي الدخل البرازيلي سنة 2003. يعتبر هذا التفاوت في توزيع الدخل نتاجا لسياسات التّنمية المنتهجة منذ 1964 (منح الإمتياز لرجال الأعمال والضغط على أجور العمّال...). ب تفشّي ظاهرة الفقر في المجتمع البرازيلي: يواجه أكثر من ربع البرازيليين الفقر ويعاني أكثر من عشر السكان الفقر المدقع. لا يسمح تواضع الأجور بتغطية الحاجات الأساسية لقسم كبير من السكان وهو ما يفسّر تردّي الأوضاع المعيشيّة في بعض أحياء المدن وفي أغلب الأرياف. تتّسع دائرة الفقر بسبب تنامي ظاهرة البطالة وهو ما أدّى إلى اندلاع عدّة اضطرابات. 2 سوء توزيع الأرض بالأرياف ❊ يتميّز الوضع العقاري في الأرياف البرازيليّة بتفاوت شديد في الملكيّة إذ: تستحوذ المستغلاّت الكبرى (+ من 100 هكتار) على قرابة 80٪ من الأراضي الزراعيّة رغم أنّها لا تمثّل أكثر من 11٪ من العدد الجملي للمستغلاّت. بينما لا يتوفّر للمستغلات الصغرى (أقل من 10 هكتار) أكثر من 2،2٪ من مجموع الأراضي الزراعيّة رغم أنّها تمثّل حوالي 50٪ من مجموع المستغلات. ❊ يولّد هذا التفاوت الحاد في توزيع الأرض توتّرا اجتماعيّا خطيرا يتحوّل أحيانا إلى نزاعات عنيفة بين كبار الملاّكين وصغار الفلاّحين. 3 تركّز الفقر والثراء داخل المدن: تعكس المدينة البرازيلية التناقضات الإجتماعيّة الحادّة إذ تجمع بين الفقر المدقع والثراء الصارخ. أ تركّز الفقر والبؤس في أحياء السكن العفوي نمت الأحياء الفقيرة بطريقة عشوائيّة وغير شرعيّة على أراضي غير ملائمة للسكن (على سفوح التلال قرب المستنقعات). تأوي هذه الأحياء ملايين البائسين والنّازحين الجدد في مساكن كوخيّة تنعدم فيها أبسط المرافق الضروريّة. تعاني هذه الأحياء من تفاقم البطالة وانتشار البؤس ويعتمد اقتصادها أساسا على أنشطة القطاع الثالث غير المهيكل (التجارة الموازية...). ب تركّز الثروة والبذخ في أحياء راقية تجاور الأحياء الفقيرة بالمدن الكبرى أحياء غنية تتميّز بكثرة العمارات وناطحات السّحاب. تأوي هذه الأحياء المقرّات الإجتماعيّة للمؤسّسات الكبرى والخدمات الرّفيعة وتحيط بها أحياء فاخرة تحتضن الفئات الميسورة. تتسبّب حدّة الفوارق الإجتماعية داخل المدن البرازيلية في تنامي مختلف الآفات الإجتماعية (الإجرام، تجارة المخدرات وأطفال الشوارع...) وكلّ أشكال العنف الحضري. II تباينات إقليميّة عميقة جدّا: أفرزت التباينات الإقليميّة الحادّة في البرازيل ثلاثة مجالات متباينة 1 »البرازيل المركزي« (الجنوب الشرقي والجنوب) أ أكثر المجالات الإقليميّة تقدّما: يأوي 57٪ من سكّان البلاد ويوفّر 3/4 إجمالي الناتج القومي الخام و90٪ من قيمة الإنتاج الصناعي الجملي سنة 2003 ويتميّز بارتفاع مستوى عيش سكّانه. تعتبر مدينة »ساو باولو« العاصمة الحقيقية للبلاد فهي تحتضن 80٪ من المؤسسات الكبرى الصناعية والخدمية بالبلاد وأكبر بنوك أمريكا اللاّتينية وبورصاتها. يحتكر مثلث »ساو باولو«، »ريودي جانيرو« »أوريزنتي« غالبية الإنتاج الصناعي البرازيلي.. ب ظروف ملائمة للتنميّة: ارتبط اقتصاد الجنوب الشرقي بدورة القهوة (1850 1930) التي جلبت رؤوس أموال كبيرة ودفعت إلى تجهيز المنطقة السّاحلية بالسكك الحديدية. توجيه كبار منتجي القهوة بعد أزمة الثلاثينات الاقتصادية استثماراتهم نحو أنشطة جديدة صناعيّة. استفادة الجنوب الشرقي من مختلف السياسات التصنيعيّة التي اعتمدتها البرازيل. 2 »البرازيل الطرفي« في الشمال الشرقي أ مجال إقليمي متخلّف يُعدّ هذا الإقليم أكثر أقاليم البرازيل فقرا إذ يضمّ أكثر من 1/2 مجموع فقراء البرازيل. ينحصر التصنيع في أكبر مدنه مثل »رسيف« و»سلفادور« و»باهيا« ويبقى المردود الفلاحي ضعيف. ب أسباب هذا التأخّر ضعف استفادته من السياسات التنمويّة المتعاقبة منذ 1930. الوضع العقاري المتأزّم: تركّز عقاري شديد منع ظهور طبقة اجتماعيّة وسطى (فوارق حادّة). الصعوبات الناجمة عن حدّة الجفاف. 3 »البرازيل الريادي« (الشمال والوسط الغربي) يتميّز الوسط الغربي بتعميره المتشتّت واعتماده على زراعة الصّوجا وتربية الماشية الممتدّة. ❊ أمّا اقليم الشمال الذي يغطّي منطقة أمازونيا فيُعدّ أكبر مجالات الريادة في العالم نتيجة مخزونه الهائل من الأراضي الزراعيّة والموارد الطّبيعية المتنوّعة (خشب حديد..) حيث: نشطت عمليّات الإعمار والإحياء اثر انجاز الدولة الطريق العابرة لأمازونيا وتركيز عدّة أقطاب تنمية (ميناوس). أصبحت أمازونيا تعتمد على أنشطة متنوّعة (الزراعة وتربية الأبقار استغلال الخشب والمطاط والمعادن..). تحوّل الإقليم إلى ملجأ لملايين المهاجرين والمغامرين وكبار مربّي الماشيّة وللشركات العالميّة لإستغلال ثروات أمازونيا استغلالا مكثّفا يلحق أضرارا كبيرة بالبيئة. خاتمة: تبقى أحد العراقيل الأساسيّة لجهود التنمية رغم مساعي الدولة للتخفيف من حدّتها وهو ما يجعل منه بلد التناقضات الحادّة.