بعد استقالة الطبوبي: المعارضة النقابية تدعو إلى حلّ استثنائي وإعادة هيكلة شاملة للاتحاد    عاجل/ نقابة الفلاحين: 15 دينار لزيت الزيتون..!!    المعهد العالي للتصرف الصناعي بصفاقس أوّل مؤسسة جامعية عمومية في تونس تقوم بتركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية    الديوان الوطني للأعلاف يحدّد سعر بيع الذرة العلفية وإجراءات التزوّد    عاجل: دخول جماهيري مجاني في مباريات كأس أمم إفريقيا 2025    اسكندر القصري ينسحب من تدريب مستقبل قابس    عاجل/ وفاة الممرضة التي تعرضت لحروق بليغة بمستشفى الرديف..    بداية من اليوم..دخول فترة الليالي البيض..    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    هذا موعد ميلاد هلال شهر شعبان.. وأول أيامه فلكياً..#خبر_عاجل    السلالة K تنتشر في تونس: الحلّ هو التلقيح والوقاية    سايتو جون السفير الياباني الجديد يوجه هذه الرسالة بمناسبة وصوله إلى تونس    قفصة: حجز كميات من لحوم الدواجن في مخازن عشوائية قبل رأس السنة    وداعًا لأسطورة الكوميديا الأمريكية بات فين    الرئيس جوزيف عون: شبح الحرب تم إبعاده عن لبنان    موزّعو قوارير الغاز المنزلي بالجملة يعلّقون نشاطهم يومي 12 و13 جانفي 2026    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة العاشرة    مدرب منتخب الكاميرون: "حققنا الفوز بفضل القوة الذهنية والانضباط التكتيكي"    مصدر مأذون: لا علاقة لرئاسة الجمهورية بأيّ مشاركة في أيّ قناة أجنبية    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    عاجل: هذا ما تقرر في قضية المجمع الكيميائي التونسي..    رياضة : فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    السجن لطالب بتهمة ترويج المخدرات بالوسط الجامعي..#خبر_عاجل    صامويل تشوكويزي: كأس افريقيا يجب أن تحظى بنفس درجة إحترام كأس العالم    عاجل/ انتشال جثامين 14 شهيدا فلسطينيا من تحت الأنقاض في خان يونس..    كأس أمم إفريقيا: برنامج مقابلات يوم غد    عاجل: عاصفة مطرية وثلوج تتجه نحو برشا دُول عربية    كيفاش نقول للآخر ''هذا الّي قلّقني منّك'' من غير ما نتعاركوا    هذه أقوى عملة سنة 2025    تحذير خطير للتوانسة : ''القفالة'' بلا ورقة المراقبة يتسببلك في شلل و نسيان    الاتحاد الإنقليزي يتهم روميرو بسوء التصرف بعد طرده أمام ليفربول    سهرة رأس العام 2026.. تفاصيل حفل إليسا وتامر حسني في هذه الدولة    بداية من من غدوة في اللّيل.. تقلبات جوية وبرد شديد في تونس    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    عاجل : اليوم نشر القائمة الاسمية لرخص'' التاكسي '' بأريانة بعد شهور انتظار    مصر.. دار الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد    بداية من اليوم: تحويل حركة المرور في اتّجاه المروج والحمامات    عاجل/ تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة..    النوبة القلبية في الصباح: علامات تحذيرية لازم ما تتجاهلهاش    ويتكوف يكشف موعد المرحلة الثانية من اتفاق غزة    رئيس الجمهوريّة يؤكد على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في كافّة المجالات    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    فوز المرشح المدعوم من ترامب بالانتخابات الرئاسية في هندوراس    اليوم العالمي للغة العربية ... الاحتفاء بلغة الضاد ضرورة وطنية وقومية لحماية الهوية الثقافية    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    تزامنا مع العطلة: سلسلة الأنشطة الثقافية والترفيهية الموجهة لمختلف الفئات العمرية    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزراعة العربية بين التبعية وحلم الأمن الغذائي
نشر في الشروق يوم 01 - 07 - 2011

يلعب القطاع الزراعي دورا هاما في التنمية الاقتصادية، سواء من حيث مساهمته في تحقيق الأمن الغذائي، أو من حيث توفير الدخل لكتلة كبيرة من السكان، زيادة على كونه يشكل مصدر مواد أولية للعديد من الصناعات التحويلية.
ويدور معدل القوى العاملة الزراعية التي تضم شريحة السكان الزراعيين « 15 64 سنة»، في الاقتصاديات النامية، حول 52 في المائة من إجمالي السكان الزراعيين البالغ 2560 مليون نسمة في العام 2010، في حين لا يتعدى هذا المعدل في الاقتصادية الصناعية نسبة 49 في المائة من إجمالي السكان الزراعيين البالغ عددهم 62 مليون نسمة. أما نسبة القوى العاملة الزراعية في البلدان النامية فهي تقدر حاليا بحوالي 53 في المائة من إجمالي القوى العاملة في كافة القطاعات الاقتصادية البالغ عددها 2825 مليون نسمة، مقابل 6 في المائة في البلدان الصناعية من إجمالي اليد العاملة في كافة القطاعات والبالغ عددها 340 مليون نسمة.
وفي عالمنا العربي، يقدر عدد السكان الزراعيين حاليا ب 92 مليون نسمة أي ما يقارب 28 في المائة من إجمالي سكان الدول العربية ، مقابل 32 في المائة في العام 2000. وما سبب هذا التراجع سوى أن شريحة السكان الزراعيين تتميز بعدم الاستقرار نظرا لاستمرار الهجرة من الريف إلى المدن نتيجة ازدياد الفقر وغياب الخدمات الأساسية وتقلب مردود الإنتاج الزراعي وتراجع الحاجة لليد العاملة في القطاع الزراعي عقب انتشار الميكانيكية الزراعية، إضافة إلى تلبية جزء من حاجات سوق الشغل المتنامية في قطاعي الصناعة والخدمات من الشباب القروي المتعلم. ومن أصل قوى زراعية عربية إجمالية تقدر حاليا ب 48 مليون نسمة 52 في المائة من إجمالي السكان الزراعيين ، فإن حوالي 25 مليون نسمة منهم فقط يعتبرون ناشطين اقتصاديا في القطاع الزراعي، وهي النسبة الأضعف مقارنة ببقية البلدان النامية.
لأن حوالي 80 في المائة من مساحة الدول العربية تقع ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة، فهي تصنف ضمن الجهات ذات الموارد المائية الشحيحة مقارنة بأقاليم أخرى من العالم، سواء من حيث نصيب وحدة المساحة أو من حيث نصيب الفرد من المياه. وتضم المنطقة العربية أربعة أقاليم بيئية ذات المناخ المتباين وهي: أولا إقليم البحر الأبيض المتوسط، ويشمل أجزاء البلدان العربية المطلة مباشرة على البحر الأبيض المتوسط، وتتراوح معدلات الأمطار في هذا الإقليم بين 400 و 1100 ملم في السنة. ثانيا الإقليم شبه الجاف، ويشمل الأجزاء الشمالية الشرقية من الأردن، ومعظم سورية، وشمال العراق، وبعض الأجزاء من المغرب العربي؛ ويتميز هذا الإقليم بقلة أمطاره نسبيا، إذ لا تتعدى 350 ملم في السنة. ثالثا الإقليم الصحراوي، ويضم أجزاء كبيرة من دول المغرب العربي المطلة على الصحراء الكبرى، وأجزاء كبيرة من مصر، وبادية الشام، ونجد والربيع الخالي، وبعض أجزاء من شمال السودان، وتعتبر من المناطق القليلة الأمطار بوجه عام. أما الإقليم الرابع فهو الإقليم المداري، ويغطي هذا الإقليم مساحات من السودان، والصومال، وجيبوتي، والأجزاء الغربية والجنوبية من شبه الجزيرة العربية، وأجزاء من شبه جزيرة سيناء، ويتميز بارتفاع معدلات درجات الحرارة على مدار السنة.
ويستثمر المزارعون العرب في الحبوب والكروم والتمور والزيوت والقوارص وقصب السكر والحمص والغلال والخضروات والقطن.. إضافة الى الثروة الحيوانية والسمكية. ونجد جزءا من هذه المنتجات الزراعية موجها للغذاء المحلي، في حين نجد القسم الباقي إما موجها إلى التسويق الخارجي أو يشكل مواد أولية لبعض الصناعات التحويلية. وارتفع الناتج الزراعي العربي بالأسعار الجارية إلى حوالي 116 مليار دولار في عام 2010، مسجلا نموا بلغت نسبته 8 في المائة خلال الفترة 2000 2010. كما ارتفعت نسبة الناتج الزراعي العربي إلى الناتج المحلي الإجمالي العربي بالأسعار الجارية من 5 في المائة في عام 2008 إلى حوالي 7 في المائة في عام 2010. ومع أن القوى العاملة في القطاع الزراعي العربي تشكل حوالي ربع إجمالي اليد العاملة في كافة القطاعات الاقتصادية، إلا أن دخل الفرد في هذا القطاع لا يزال يتراوح بين ثلث إلى خمس متوسط الدخل في بقية القطاعات الاقتصادية، وهذا ناتج عن ضعف مردود القطاع الزراعي العربي.
صحيح أن وفرة الإنتاج الزراعي مرتبطة بمدى جودة الأراضي الزراعية والعوامل المناخية والتقنيات الزراعية ونوعية المشاتل والبنى التحتية ومقدرات المزارع، إنما هي أيضا مرتبطة باختلاف أنماط الزراعة الناتجة عن اختلاف العادات والتقاليد والثقافات وتفاوت الموارد المالية، وكلها تركة من مخلفات الإرث الاستعماري. فجملة من المزارعين العرب لا تزال تستغل الفلاحة البدوية إما بسبب تمسكها بالتقاليد أو بسبب ندرة الموارد المالية وتشعب التقنيات الزراعية أمام بيئة ريفية خصبة بالأمية والجهالة العلمية. ورغم التأثر الإيجابي لكتلة أخرى من المزارعين العرب بتطبيق التقنيات الزراعية الحديثة كاستخدام البذور المحسنة وتقنيات الري المتطورة، لم يرتق مردود المحاصيل الزراعية في البلدان العربية إلى النسق المطلوب، ولم يسيطر مزارعوها على تكاليف الإنتاج. وفي المقابل يتميز القطاع الزراعي في الاقتصاديات الصناعية بوفرة الإنتاج، نظرا لاستخدام أحدث التقنيات الزراعية مثل التجفيف والسقي والأسمدة، والاستغلال الميكانيكي المكثف، واختيار أنواع المشاتل المتماشية مع نوعية التربة والمناخ، زيادة على وفرة الموارد المائية عند أهل الشمال.
تفاقم العجز في الميزان التجاري الزراعي العربي
تعود أسباب النقص الهام في الأمن الغذائي العربي إلى ضعف أداء القطاع الزراعي نتيجة تعثر البحوث الزراعية ومحدودية استخدام التقنيات الحديثة وتدني كفاءة استخدام الموارد المائية وتزايد حجم السكان بنسق أسرع من نسق النمو الاقتصادي وارتفاع وتيرة الاستهلاك، لتسجل أكثرية الدول العربية في نهاية المطاف تراجعا واضحا في نسبة الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع الرئيسية وفي مقدمتها الحبوب التي تشكل لوحدها حوالي 60 في المائة من قيمة الفجوة الغذائية، ويحتل القمح المركز الأول في قائمة السلع ذات الفجوة المرتفعة.
ومع استمرار التفاوت بين نمو الإنتاج الزراعي وتزايد الطلب عليه، ولتلافي نواقص الإنتاج المحلي تلتجئ الدول العربية إلى استيراد السلع الغذائية من الغرب الصناعي، فالبلدان الغربية المسيطرة على كل الأسواق العالمية تصدر التجهيزات المعملية والتكنولوجيات الحديثة مثلما تصدر الحبوب واللحوم الحمراء، لتبقى الاقتصاديات النامية في تبعية للاقتصاديات الصناعية. وكانت النتيجة، ارتفاع العجز في الميزان التجاري الزراعي بشكل مطرد منذ مطلع الألفية الجديدة ليصل إلى حوالي 44 مليار دولار في عام 2008 مقابل 23 مليار دولار في عام 2000.
على الحكومات العربية دعم الثورة الزراعية، وذلك عبر تطهير القطاع من الفاسدين والمضاربين، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والتعليمية لسكان الأرياف، وتوفير البنى التحتية في قرانا العربية، ودعم البحوث الزراعية، ورعاية الاستخدام الأمثل لمصادر المياه، وتشجيع التقنيات الزراعية الحديثة قصد زيادة إنتاج الحبوب وبشكل خاص القمح، لتحقيق الأمن الغذائي ومجابهة عجز الميزان التجاري الزراعي المتنامي.
علي الجوادي (إطار بنكي نقابي وناشط حقوقي باحث في قضايا التنمية والأزمات والفساد)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.