في إطار إحياء الذكرى الثالثة و الستين لمعركة 5 أوت المجيدة التي استشهد فيها عدد من المناضلين النقابيين و جرح البعض الآخر أحيى الإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس أربعينية الفقيد محمد علي الطقوقي عضو المكتب التنفيذي الجهوي للشغل بصفاقس تحت شعار الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس وفاء دائم لأرواح الشهداء و المناضلين النقابيين. وقد حضر موكب الأربعينية عدد كبير من النقابيات و النقابيين في مقدمتهم أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس و بعض الضيوف الذين قدموا من مختلف جهات البلاد. و قد افتتح الأخ محمد شعبان أربعينية الفقيد بكلمة جاء فيها: »لقد عرف المناضل الفقيد محمد علي الطقوقي بدماثة أخلاقه وتواضعه و حسن معاملته و تعامله مع النقابيين حيث كان مثالا للتضحية و النضال، رسم طريقه في العمل النقابي على منهج الزعماء النقابيين و في مقدمتهم زعيمي الحركة النقابية فرحات حشاد و الحبيب عاشور مستلهما منهما الدروس والعبر منذ انخراطه في العمل النقابي. تحمل الفقيد المسؤولية النقابية في قطاع الفلاحة و تحديدا في ديوان الزيت و تمكن بخبرته من الارتقاء بهذا القطاع إلى مستوى أفضل محققا لمنخرطيه مكاسب عديدة غير مبال بالمناصب والمسؤوليات، رغم كفاءته في هذا الميدان كما شارك في العديد من الهيئات الإدارية الجهوية و تولى عضوية المكتب التنفيذي لدورات متتالية كان خلالها خير مجسد للوحدة النقابية المناضلة. يعرف الفقيد و المناضل محمد علي الطقوقي بقدرته الفائقة على إدارة المفاوضات و رئاسة المؤتمرات النقابية فغدا نموذجا للنقابي النزيه و الغيور على منظمته العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل بعيدا عن التكتلات و الأحلاف كما ساهم و شارك في العديد من التظاهرات و المسيرات التي نظمها الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس دفاعا عن قضايا أمتنا العربية في فلسطين و العراق. ونحن إذ نقف اليوم وقفة إجلال و خشوع لروح الفقيد أخينا و حبيبنا المناضل محمد علي الطقوقي فإننا نعبر عن وفائنا الدائم لروحه الطاهرة و حضوره المستمر في الذاكرة النقابية مع تمنياتنا له بجنة الخلد و نعيم الآخرة كما ندعو النقابيين إلى استثمار تاريخ المناضلين الأوفياء لمبادئ منظمتنا العتيدة لتبقى قلعة للصمود و النضال و التضحية ولنتقدم بخطى ثابتة نحو الأفضل المنشود. كما تداول على أخذ الكلمة عديد المناضلين النقابيين الذين أتوا على خصال المرحوم وشددوا على صدق الرجل و تكريس حياته لخدمة المنظمة حتى أواخر أيام حياته. بالمناسبة اتصلت الشعب بزوجة المرحوم الأخت سامية التركي أستاذة العربية التي كانت صحبة أبنائها و علامات الأسى و الحسرة على فقدان العزيز عليهم بادية على وجوههم ثم أجهشت بالبكاء و قالت: »فقدنا إنسانا عزيزا علينا كان سندا كبيرا في حياتنا. إذ لم يكن المرحوم زوجا فقط إنما كان صديقا و كان يؤمن إيمانا راسخا بأن إثبات الذات لا يتأتى إلا بالنضال و العمل الدؤوب. لم يكن يتمتع في حياته بالعطل و لم نكن نعرف طعم الراحة في الصيف إلا بعد إحياء ذكرى 5 أوت 1947 من كل سنة. بالبيت هو الرجل الشهم صاحب القيم الثابتة التي تدافع عن هويتنا العربية الإسلامية رغم التقلبات التي يعيشها المجتمع الشيء الذي جعل كلمته و آراءه مسموعة داخل الأسرة الضيقة والموسعة فهو محل احترام وتقدير من قبل الكبار و الصغار. لقد شعرنا منذ وفاته بأن البيت أضحى شبه خال بعد أن كان يعج بالأصدقاء و الأحباب الذين كانوا يترددون عليه سواء لقضاء حوائجهم أو تبادل الآراء و المشورة أو أيام مرضه. كان رحمه الله مضيافا يكرم الضيف أكثر من اللزوم و يعتبر ذلك واجبا مقدسا. إني أحاول أن أتغلب على أحزاني بفضل وجود أبنائي و حضور صهري و حفيدي و سؤال الأهالي و الأصدقاء عن أحوالنا و لا يفوتني أن أنوه بوقوف الهياكل النقابية إلى جانب زوجي أثناء مرضه و متابعة أحواله الصحية لحظة بلحظة سواء المركزية أو الجهوية و على رأسهم أعضاء المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي بصفاقس وهم كما ترون يتنسمون أخبارنا يسألون عن أحوالنا و هم بذلك يشعروننا بأن زميلهم محمد علي مات جسدا ولكن روحه مازالت حية ترفرف في دار الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس و في قلوب كل من عرفه ابنته أميرة طالبة بالسنة الرابعة طب لازمته ليلا نهارا منذ أن أصابه المرض وسافرت معه إلى فرنسا للمداواة سنتي 2007 و2009، قالت لنا: »لم يعتن أبي بنفسه بصفة جدية إلا بعد انتهاء مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس في جوان من السنة الفارطة. كان شديد التعلق بالحياة صارع الموت إلى آخر لحظة في حياته من أجل أن ينعم بنجاحنا وكان يقدمني من حين إلى آخر إلى الطاقم الطبي بأنني سأصبح طبيبة في السنوات القادمة و سأتولى مداواته. لقد عشت كابوسا مرا مريرا حينما كنت أراه يهوي يوما بعد يوم و هو الرجل الطود في مخيلتي. بعد موته و إلى اليوم ينتابني شعور بأنني سأذهب إلى المصحة لأعالجه أو أسمع صوته ينادي من حين إلى آخر خياله لا يفارقنا في البيت و سيارته مازالت مركونة في مكانها إذ لم يستطع أحد الاقتراب منها. كما اتصلنا بزميله سمير بو عزيز الذي أعلمنا بأنه تعرف على المرحوم منذ تأسيس نقابة ديوان الزيت 1972 وتعلم منه جدية المفاوضات و الصدق و عدم التراجع في المواقف. له مكانة كبيرة لدى المديرين العامين يكنون له الاحترام لصدقه في المفاوضات و تركيزه على الأرقام فيكون جاهزا كما ينبغي عند الدخول إليها بعد أن درس الملفات و اطلع على المناشير لذلك لم يكن مفاوضا ثرثارا ولا تنطلي عليه المراوغة. كما أضاف بأن المرحوم كان محبوبا من النقابات الجهات و يتشاورون معه في جل القضايا وعلى سبيل المثال للحصر اتفق ذات مرة أن دافع على 4 عمال أطردوا من ديوان الزيت بسوسة و تمكن من إرجاعهم«. في الأخير كان للشعب وقفة مع الأخ نجيب السبتي الجبالي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسليانة فقال لنا: »إن حضوري اليوم أربعينية الأخ محمد علي الطقوقي والاحتفال بالذكرى 63 لمعركة 5 أوت 1947 باسمي و باسم نقابيي ولاية سليانة جاء لتقديم التعازي لعائلة الفقيد ولأعضاء المكتب التنفيذي وكافة النقابيين بالجهة و قد كنا أبرقنا بتعازينا في الإبان إثر وفاته. لقد حفني الأخ محمد شعبان بحسن الاستقبال و أطلعني على خصال المرحوم محمد علي الطقوقي و نضاله النقابي كما مدني بلمحة عن أحداث معركة 5 أوت 1947 التي قادها المرحوم الحبيب عاشور. لقد جمعني مؤتمر المنستير بالمرحوم محمد علي الطقوقي و عرفت يومها بأن الرجل يتمتع برصيد نقابي و نضالي متميز كما أعلم بأن الرجل يتمتع بسمعة وأثر طيب في جهة سليانة. أعجبني في هذه الذكرى أن نقابيي جهة صفاقس يعترفون بالجميل لنضالات النقابيين و في الختام أشكر الأخ محمد الهادي بن جمعة الذي خصني بالضيافة و أصر على حضوري ذكرى معركة 5 أوت ليوم الغد مع تعازي الحارة ثانية لعائلة الفقيد متمنيا لهم جميل الصبر والسلوان.