يا سيد التاج المرصع بالوفاء والقوافي، سلام عليك حيثما كنت وحيثما تكون هل نجرؤ على تأبينك عامين بعد رحيلك؟وهل نجرؤ على ملامسة جزء من مشروعك الشعري الإنساني والوطني ؟ هل نجرؤ على كتابة نثر يرتقي الى مستوى نثرك »الكرملي«؟ وهل يمكن اختزال تجربتك في بعض الأسطر الافتتاحية شئناها احتفاء بك؟ عذرا سيدي، لن نسقط في فخاخ الحزن مجددا ولن نبحث عن بكائيات مجّها العرب إنا هنا كي نفرح معك وبك، فهل تقبل دعوتنا للفرح ؟ ياسيد الكمنجات، ستبقى في الذاكرة طفلا بذكرياته الغامضة عن بيت وحصان، يسأل والده ببراءة طفولية لماذا تركت الحصان وحيدا؟ طفلا يخشى الثلج في »جزين« سنذكرك شابا يافعا بدأ بنظم القوافي وبالتردد على سجون الاحتلال ،وسنذكر صيحاتك المباشرة في وجهه سجل أنا عربي أو »يعلمني حديد سلاسلي عنف النسور ورقة المتفائل« وصيحات مجازية استعمارية لو يذكر الزيتون غارسه، لصار الزيت دمعا سنذكر دخولك للمنفى وتطوافك في بلدان شتى من موسكو الى عمان مرورا بمصر ولبنان وباريس سنذكر اعترافك الحامض القمح مرّ في حقول الآخرين والماء مالح سنذكر عشقك لنرجسة الرخام بيروت، غزلك المطول بها رفضك الخروج منها حين غادرت المقاومة نومك في المطاعم والمقاهي أيام »صبرا وشاتيلا« وسنذكر بفخر أنك حين غادرتها فعلت ذلك بجواز سفر تونسي سنذكر حزنك أمام نزل سلوى ، سنذكر شعرك في قرطاج وسنذكر دموعك في المسرح البلدي لتونس العاصمة ذات أمسية خالدة
سنذكر نضالك السياسي رديف إبداعك الشعري سنذكر جمع شمل كتاب فلسطين، تأسيسك مجلة الكرمل صياغتك وثيقة استقلال فلسطين، سنذكر اختيارك الشعر ورفضك الوزارة
سنذكر أشياء كثيرة ليس أقلها هوسك بالقهوة، إجادتك الطبخ وطقوس عزلة الكتابة عندك سنذكر كل شيء، سنذكر حورية أشعارك، حنينك الى قهوتها قهوتنا تغنيك بترانيمها ترانيمنا
وسنذكر وفاءك لأصدقائك ،رفاق دربك من غسان كنعاني الى مفلح عدوان، الى توفيق زياد، معين بسيسو، ادوارد سعيد ونصف البرتقالة الآخر سميح القاسم وآخرين كثر أثثوا العرس الفلسطيني في شعرك لا يصل الحبيب الى الحبيب إلا شريدا أو شهيدا
سنذكر عشقك للتراب وسنذكر وفاءك لمن يمشون على ذلك التراب
يا سيد التاج المرصّع بالقوافي، لم نستغرب لم نستغرب تصابة قلبك انتفاخ شريانه الأبهر
ولم نستغرب رائعتك »جدارية« لم نستغرب معركتك الأخيرة مع الموت تسع سنوات قضيتها في سباق محموم مع الزمن، كرستها للشعر كتابة وقراءة وحفلات إمضاء
لم نستغرب موتك في ولاية » الكاوبوي«، ولم نستغرب أن يكون طبيبك الأخير عراقيا وأفضل جرّاح في العالم، وأنه سيعجز مع ترسانة الأجهزة الطبية الأمريكية عن إعادتك الى طاولة المقهى لتلعب »أطراح نرد« إضافيّة
سيدي محمود، سنذكر كل شيء
رغبتنا فقط في برقية أخيرة يا محمود ،
كتاب تونس اجتمعوا أخيرا وأسسوا نقابة لهم الآولى من نوعها عربيا و»عالم ثالثيا«، نقابة لردّ الاعتبار للكاتب ومفهوم الكتابة
نقابة سيعلو بنيانها بقيم الوفاء والحرية
فهل تقبل من هناك أن تكون أول الموسمين من كتاب تونس؟
وسنواصل الحلم، كأن نحتفل بك مرة أخرى في ساحة كبرى باسمك في تونس على أن تتلوها ساحات وشوارع أخرى بأسماء أدباء كبار رحلوا جسدا ومكثوا شعرا مثل محمد البقلوطي ، محمد رضا الجلالي، بلقاسم اليعقوبي ، هشام المحمدي، محمد فوزي الغزي، كاظم الثليجاني، عامر بوترعة، محجوب العياري
شاعرنا الخالد، السلام عليك حيثما كنت وحيثما ستكون
نحن لا نرثيك، نحن نحتفل
نقابة كتاب تونس الآسعد بن حسين، سامي السنوسي ، عادل معيزي، فاطمة الشريف، جمال الجلاصي، عبد الوهاب الملوح، عبد الفتاح بن حمودة