الكوفة الصغرى تصحو هذا الصباح على غير عادتها، تفتح أهدابها الطّويلة، تزيح سعف النخيل عن جبينها وتفتح حضنها الأسمر لزوارها من كتّاب وشعراء ونقاد وإعلاميين قادمين من كل جهات البلاد محتفلين بمئوية سيدي مصطفى خريف وأنا ألمح أرض الجريد من نافذة الطائرة وأرى كثبان الرمال الممتدّة حسبتها للوهلة الأولى زبدا لأمواج تناساها البحر قبل رحيله في بهو المطار ومنذ الخطوات الأولى فوجئت بأربع من أعضاء الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين وقد قيل الكثير عن عدم مشاركتهم في المئوية امّا بسبب عدم تلبيتهم للدعوة كما قيل أو بسبب عدم دعوتهم أصلا كما قالوا
المهم كان لرؤية الأصدقاء مراد العمدوني، مسعودة بوبكر، محمد الهادي الجزيري وشمس الدين العوني وقع الرذاذ على أرض جافة ظنّا منّي أنّ كلّ ما قيل كان مجرّد زوبعة في فنجان وأنّ النفوس قد هدأت وسبل التواصل قد مدّت من جديد بين اتحاد الكتّاب ولجنة الإعداد لمئوية خريف برئاسة الأستاذ محمد مواعدة، ولا أخفيكم أيضا أنّ شعوري بالارتياح لم يكن بهذه البراءة التي تتصوّرون فهذه الوجوه مرتبطة في ذاكرتي باتحاد الكتاب كمنظمة عريقة بقدر ارتباطها بأصدقاء وزملاء في ألم الحرف وهمّ الكتابة، أصدقاء عرفتهم في ساحات نضال عديدة، أصدقاء خاضوا معارك على أعمدة الصحف وعلى المنابر الثقافية، أصدقاء حوصروا في فترة ما في قٌوتهم وأقلامهم، أصدقاء دخلنا المؤتمر لأجل قناعاتهم التي هي قناعاتنا وانتخبناهم ولم ننم ليلتها لأنّنا حققنا ولو جزء قليلا من الديمقراطية التي حلمنا بها