بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    إفتتاح مشروع سينما تدور    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    بين النجم والمنستيري صراع مثير على المركز الثاني    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز «أكساد»    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    حالة الطقس هذه الليلة    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي .    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    عاجل/ الحوثيون: سنستهدف جميع السفن المتّجهة للاحتلال حتى في البحر المتوسّط    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    فوز التونسي محمد خليل الجندوبي بجائزة افضل لاعب عربي    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنظومة التربوية فوق طاولة التشريح النقابي
في الندوة الوطنية حول منظومة التربية والتعليم والتكوين: تشخيص الحالة، توصيف اعتلالاتها وتحليل خلاياها الثلاث، الأساسي، الثانوي والعالي
نشر في الشعب يوم 13 - 11 - 2010

لم يكن من الممكن أن يقف الإتحاد العام التونسي للشغل موقف المتفرجّ أو الشامت الذي يعدّد على سلطة الاشراف نتائج الحصاد المرّ لسياسة الإستفراد بتقرير مصير قطاع من أهمّ القطاعات الاستراتيجية في البلاد الذي يتوقف على نجاحه أو فشله مستقبل الوطن برمته، فالتعليم والتكوين مدعومان بالتربية بمثابة الخارطة الجينية التي يتحدد على أساسها مجمل الكيان الإجتماعي بكل مجالاته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسيّة بل هو مناط إهتمام الدول وخندق القتال المتقدّم من أجل محافظة الأوطان على هويتها وتجذير انتمائها وافتكاك مكان لها تحت شمس كونيّة تعدّ المعرفة والتعليم والتكوين وقودها الذي تستمد منه نورها الذي يضيء الدرب أمام الأجيال لاستئناف مسيرة التنوير والتحديث والتطور بغاية تحقيق دولة الرفاه للجميع، دول العدل والمساواة.
لذلك سارع الإتحاد العام التونسي للشغل الواعي تمام الوعي برهان التربية والتعليم والتكوين الى دق ناقوس الخطر وهو العارف بأدق التفاصيل داخل المنظومة التربوية بحكم المعايشة اليومية والميدانية والنضالية للشأن التربوي من خلال جنوده في القطاعات التربوية الابتدائي والثانوي والأساسي والتفقد والتأطير والارشاد وعملة التربية.
الإتحاد وكعهده لبّى نداء الواجب ولم ينتظر أن تنهار المنظومة برمتها لأنه على يقين بأنّ النجاحات التربوية ولئن كانت ستحسب عادة لطرف دون غيره، فإن طعم الخسائر سيوزّع على كل فمّ وفي كل بيت وسيلقي بثقله على الجميع من دون استثناء، بل إنّ ضحاياه لا شك سيكونون ممن لم تكن لهم مسؤولية في هذا الفشل، اللّهم الاّ إذا كانت عن الصمت وحسن النوايا.
الإتحاد وبوعيه الوطني وبرؤيته الاجتماعية والإستراتيجية الشاملة وبما راكم من خبرات طيلة سنوات الكفاح الوطني والإجتماعي، استحضر أرواح المؤسسين حشاد والحامي والتليلي وعقول المجذرين الذي نجحوا غداة الاستقلال في صياغة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للدولة الناشئة ورسم ملامح نظام تعليمي شعبي وديمقراطي ووطني نجح في تحقيق المأثرة التربوية في تونس المعاصرة. الإتحاد وهو متسلح بكل الإعتبارات الوطنيّة والتاريخ النضالي والمسؤوليّة المجتمعيّة، أعلنها صراحة في ندوته، »يكفي تجريبا وإرتجالا، في المنظومة التربويّة، لقد آن الأوان، لإعادة النظر في جملة التراكمات السلبيّة التي أجدبت التعليم واستهانت بالرسالة التربوية وهمشت التكوين«.
❊ الأخ عبد السلام جراد يفتتح:
صبيحة يوم الإثنين 1 نوفمبر 2010 كانت مدينة الحمامات السياحيّة على موعد مع حدث وطني مهمّ، تمثل في فعاليات الندوة الوطنية حول: منظومة التربية والتعليم والتكوين، نزل »السفير بالاص« زين بلافتة تضمنت عنوان الندوة وشعارها، وقد زاد هذا الفضاء المتميز ألقا الحضور المكثف لجملة الاطارات النقابية الذين توافدوا من كل الجهات ممثلين للقطاعات التربويّة، الإبتدائي (الاساسي) والثانوي والعالي والتفقد والتأطير والارشاد وعملة التربية، أعضاء المكتب التنفيذي الوطني كانوا في الموعد يتقدمهم الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل مرفوقا بإخوته أعضاء المكتب التنفيذي الوطني الأخ محمد شندول والاخ المنصف الزاهي والأخ عبيد البريكي والأخ محمد سعد والأخ المولدي الجندوبي والأخ حسين العبّاسي.
في كلمته الإفتتاحية تحدّث الأخ الأمين العام عن الظروف الصعبة التي تنعقد فيها هذه الندوة الوطنية نظرا للواقع الذي تردت فيه المنظومة التربوية في تونس، مؤكدا على أن الإتحاد العام التونسي للشغل واع تمام الوعي بمسؤولياته الوطنية في التصدي لحالة الإنخرام التي تعيشها المنظومة التربوية مؤمنا أن لا سبيل لتجاوز المشكلات المتراكمة إلا بتظافر جهود المجموعة الوطنيّة في حوار مفتوح وشفّاف وجدّي لتشخيص الحالة التربوية واستنباط الحلول الكفيلة بتجاوز التعثرات، ولم يفت الأخ عبد السلام جراد في كلمته التأطيرية أن يذكّر الحضور الكريم أن هذه الندوة تعد إسهاما فعليا وعمليا من المنظمة في الارتقاء بمنظومتنا التربوية لما فيه خير وطننا والأجيال اللاحقة.
للإشارة كان الحضور قد استمع قبلا إلى كلمتين الأولى كانت للإتحاد الجهوي للشغل بنابل التي رحبّ فيها بالحضور وعبّر عن إعتزاز الإتحاد الجهوي باحتضان هذه الندوة الوطنية القيّمة والمهمة، فيما الكلمة الثانيّة للقسمين المنظمين وهما قسم التكوين والتثقيف وقسم الوظيفة العمومية تعرضا فيها الى الدواعي التي استدعت تنظيم هذه الندوة والانتظارات المعلقة عليه، ليتم بعد ذلك إفساح المجال إلى المداخلات التحليلية المدرجة ضمن فعاليات هذه الندوة.
❊ المداخلات: الحقيقة مؤلمة والأرقام لا تكذب:
في اليوم الأوّل للندوة كان للمداخلات النظرية والتحليلية نصيب الأسد، وقد تناولت في مجلمها المنظومة التربوية بالتشخيص والتحليل والتشريح، في محاولة لتبيّن حقيقة الواقع التربوي في تونس في مستوياته الثلاثة الاساسي والثانوي والعالي، قاطعة مع الخطاب الرسمي السائد الذي درج لسنوات على رسم صورة مثاليّة للواقع التربوي تتناقض مع التجربة الميدانية التي يعانيها رجال التربية، صورة تعتمد على التوصيف السطحي المسكون برغبة تبريرية متفائلة دون الولوج الى عمق الواقع التربوي الذي أجمع المتدخلون ومن قبلهم جلّ القطاعات التربوية على أنّه يتجه نحو التأزم والتراجع المفجع الذي أكدته اخيرا النتائج المفجعة التي صدمت الرأي العام لجامعاتنا في الترتيب العالمي حيث كان ترتيب أفضل جامعاتنا في ذيل القائمة.
❊ كانت فاتحة هذه المداخلات للدكتور محجوب عزّام بعنوان:
1) منظومة التعليم والتكوين: أهمّ التحديات
وقد سلط الضوء خلالها على أهمّ التحديات التي تواجهها منظومة التعليم والتكوين مبرزا أهمّ القضايا التي تستوجب طرحها للحوار في هذه الندوة، وقد اعتبر ان مداخلته تعد تشخيصيّة وتقييميّة للاوضاع الراهنة، تعتمد على منهجية مضبوطة تأخذ بعين الاعتبار أربعة مبادئ معياريّة متفق عليها دوليا وخاصة لدى المنظمات الدوليّة كاليونسكو واليونيسيف، حيث تمثل هذه (المبادئ المعياريّة) مدخلا موضوعيا لتقييم المنظومة التربوية ككل وقد فصلها الدكتور عزّام كالآتي:
❊ الحق في التمكن + التمتع (الإلتحاق) »Accès« وحددها في التربية عبر مراحلها المتتالية، واعتبر أن نسب التمدرس مؤشر على تفعيل هذا الحق.
❊ العدل والمساواة والانصاف: وهي الحق في التنزيل والتقليص في الفوارق سواء بين الجنسين أو بين الفئات الإجتماعية أو بين الأوساط الريفية والحضرية وبين الجهات داخل المنظومة التربوية.
❊ النجاعة: »Efficacité«: ويأخذ هذا المبدأ بعين الإعتبار أولا قضايا الرسوب والإنقطاع في كل مراحل المنظومة التربويّة، ذلك أن نسب الرسوب والإنقطاع المدرسي المرتفعة تعد مؤشرات على اختلالات صلب المنظومة تدل على مردودية ضعيفة وينتج عنها تكلفة اضافية تتحملها المجموعة الوطنية كما أن للمردودية جانب ثان يسمى بالمردودية الخارجيّة والتي تأخذ بعين الاعتبار قضايا ملاءمة ومطابقة وتماثل المنظومة التربوية مع سوق الشغل.
❊ الجودة: وهي المبدأ الرابع، إذ تعتبر النوعية الجيدة للتعليم والتكوين في كل مراحل المنظومة التربوية في غاية الاهمية وتوجد مؤشرات (من خلال إختيارات على المستوى الدولي) تمكن من تقييم الجودة.
من خلال هذه المعيّنات المعياريّة أو المبادئ الأربعة أبرز الاستاذ محجوب عزّام أهمّ الإشكاليات في المنظومة التربوية التونسية ككل وفي كل مراحلها ومستوياتها إنطلاقا بما قبل المرحلة الأساسية أي المرحلة التحضيرية التي تعد بحسب الدكتور عزّام مؤشرا على نجاح أي منظومة تربوية والتي لا تزال على المستوى الوطني تحظى باهتمام متأخر تعكسه النسب المتدنية إذ أنّ (30٪ فقط من الاطفال في تونس يلتحقون برياض الأطفال...).
2 ) التربية والتعليم والتشغيل
المداخلة الثانية كانت للأستاذ كارم الداسي وقد تناول فيها موضوع العلاقة بين »التربية والتعليم والتشغيل« وقد كان عنوان المداخلة »منظومة »إمد« في صيغتها التونسية ورهان تحسين تشغيليّة شهادات التعليم العالي« من خلال قراءة في الجذاذات التعريفية لبعض الإجازات التطبيقية في اختصاصات التعليم العالي »صعبة الإدماج«. واهمّ ما جاء في هذه المداخلة ان مسألة التشغيلية قد طرحت ببلادنا منذ أواسط التسعينيات واحتدت خلال العشرية الاولى من هذا القرن في ظلّ ظرفية وطنيّة أهمّ سماتها:
ارتفاع عدد العاطلين من حاملي شهادات التعليم العالي
تفاقم فجوة المهارات التي تفصل الخريجين عن متطلبات سوق الشغل وانتظارات المشغلين.
انخراط الاقتصاد التونسي المتزايد في العولمة والتقسيم العالمي للشغل.
محدودية النسيج الاقتصادي الوطني.
محدودية نتائج التعديلات المتواترة لمنظومة التكوين والاجراءات المصاحبة الحكومية.
تنوع التعبيرات الاجتماعية والسياسية (الحركات الإحتجاجيّة، الهجرة السريّة أو »الحرقان« ظهور أطر تنظم العاطلين من حاملي شهادات التعليم العالي وتبنّي مطالب العاطلين من قبل الاحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني...)
ثم تناول الاستاذ الداسي الاهداف المعلنة من انخراط البلاد التونسية في منظومة »إمد« منذ 2005 بهدف تحسين تشغيلية الشهادات المسلمة من قبل مؤسسات التعليم العالي ومواءمة الشهادات الوطنية مع مثيلاتها في جلّ بلدان العالم الأخرى والمرور بها الى مرحلة الاعتراف المتبادل والمعايير الدولية. متسائلا، هل تنجح منظومة »إمد« في تحسين تشغيلية شهادات التعليم العالي، على الاقل في بعض الاختصاصات »صعبة الإدماج«؟
ليمرّ بعد ذلك الى عرض بعض المعطيات الاولية حول بطالة اصحاب الشهادات العليا من خلال جملة من الجداول الاحصائية (سنة 2008، 113800 عاطل سنة 2009، 131.500 عاطل، اي بزيادة 17700 عاطل) وذكر بأن نسبة البطالة قد تطوّرت في صفوف أصحاب الشهادات العليا بسرعة أكبر من نسبة تطورها لدى بقية الاصناف (23.3٪ مقابل 15.7٪ للعاطلين من مستوى التعليم الثانوي و11.7٪ من مستوى التعليم الإبتدائي)، وبأن اكثر من 50٪ من التقنيين السامين والمجازين عاطلون، في حين أن أضعف نسبة سجلت في صفوف المهندسين ب 10٪ . وأشرّ الى أن نسبة الإناث من العاطلين مثلت 57٪، وقام الاستاذ الداسي بمقارنة نسبة العاطلين من أصحاب الشهادات العليا بالبلاد التونسية بغيرها من البلاد العربية حيث تبيّن له أنّها من أرفع النسب معتمدا على النسب المقدمة من طرف البنك الدولي في تقرير فيفري 2008. (المغرب 29.6٪، الجزائر 37.8٪، عمان 39.7٪، تونس 42.5٪، الاردن 43.6٪ البحرين 59٪ ومصر 80٪...)
ثم قدّم جملة من الجداول والرسوم البيانيّة حول نسبة بطالة أصحاب الشهادات العليا في بعض الاختصاصات لسنة 2004، ورسم بياني لتطوّر احداثات مواطن الشغل الصافية ومطالب الشغل الإضافيّة في مستوى التعليم العالي، وتوزع العاطلين من أصحاب الشهادات حسب نوع الشهادة، وتطوّر نسبة البطالة حسب المستوى التعليمي.
وفي الجزء الثاني من مداخلته تعرض الاستاذ الداسي الى مفهوم التشغيلية والمقومات التي تقوم عليها بحسب المنظمة الدولية للشغل وهي المهارات الاكاديمية ومهارات التفكير العليا والمهارات الشخصية.
أمّا في الجزء الاخير من مداخلته فقد تناول بالدرس والتحليل جملة من الجذاذات الموحدة التي صاغتها وزارة التعليم العالي عبر اللجان القطاعية الوطنية والتي تتضمن عروض تكوين وهي بمثابة التصاميم المرجعيّة التي تسعى من خلالها الوزارة الى المحافظة على الصبغة الوطنية للشهادات، وقد خلص من خلال دراسته لهذه الجذاذات الى الاستنتاجات التاليّة المفيدة صاغها في جملة من الأسئلة وهي على التوالي: من يُكوّن؟، من نُكوّن؟ ولمن نُكوّن؟ ليخلص في الأخير الى نتيجة مفادها أن مسألة التشغيلية ببلادنا تطرح بصفة ملحة وأحيانا مغلوطة وتتحاشى طرح أسئلة جوهرية وإن تمّ طرحها فيسعى لمعالجتها بصفة جزئية تتم من خلال برامج التشغيل النشيطة، ورأى أن منظومة »إمد« ولئن كانت ستمكن من تحسين تشغيلية بعض الاختصاصات، فإنّها لن تكون ترياقا يوفر حلولا لكل مكونات التشغيلية وتحتاج الى توفر مستلزمات أخرى.
3 ) البحث العلمي والتنمية الإقتصادية:
المداخلة المسائية الثالثة خلال اليوم الأوّل للندوة كانت للأخ سامي العوّادي بعنوان »البحث العلمي والتنمية الاقتصادية«، تناول فيها العلاقة بين البحث العلمي والتنمية وأهم تحديات التنمية في تونس وقد اشتملت على خمسة عناصر كبرى، تعرض خلال العنصر الأول لتعريف البحث العلمي ومجالاته، أمّا الثاني فقد تناول مدخلات البحث العلمي في تونس من خلال مقارنة عالميّة فصلها الاستاذ سامي الى عنصرين فرعيين المصاريف الداخلية للبحث والتطوير والمواد البشريّة للبحث العلمي أمّا العنصر الثالث فقد تناول مخرجات البحث العلمي من خلال مقارنة عالميّة وفصلها أيضا الى عنصرين فرعيين، عنصر المنشورات والإستشهادات وعنصر البراءات وقد تناول في العنصر الرابع أهمّ الاستنتاجات ومدلولاتها، في تفريعين الأوّل الاستنتاجات والثاني المدلولات ليصل الأخ سامي في العنصر الخامس والأخير الى جملة من التوصيات.
ونظرا لاهمية المادة المقدمة في هذه المداخلة على غرار المداخلات السابقة فإننا سنكتفي بعرض العنصرين الرابع والخامس على أن نعود الى بقية العناصر الاخرى في ملف نخصصه لعرض مجمل المداخلات التي عرضت في الندوة بتفصيل أكثر.
❊ الاستنتاجات
وقد ورد في الاستنتاجات حول »البحث العلمي وعلاقته« بالتنمية أن:
1 مجهود البحث العلمي والتطوير في تونس 1.25)٪) رغم تضخيم المعطيات يقلّ نسبة عن متوسط المجهود العالمي (2.3٪) وحتى عنه في بعض الدول النامية التي ليست أكثر ثراء منّا ولا أكثر باحثين.
2 عائد البحث والتطوير في بلادنا مازال ضعيفا وغير محفز ويثير تساؤلات عن نجاعة السياسات المتبعة وآليات تنفيذها فالبراءات التونسيّة تكاد لا توجد في بنوك المعلومات العالميّة، وحركة النشر العلمي مازالت ضعيفة.
3 بمثل هذا المجهود وهذا العائد لا يمكن للبحث العلمي ان يرتقي الى استحقاقات التنمية الاقتصادية والمنوال التنافسي الجديد القائم على التجديد التكنولوجي والامتيازات المكتسبة.
4 ضعف إهتمام القطاع الخاص بالبحث و التطوير عكس الوضع في أمريكا وأوروبا.
5 جلّ المنشآت الصناعيّة في بلادنا ذات تموقع سفلي في سلاسل الإنتاج تعتمد على آخر عمليات التركيب شديدة الإستهلاك للعمل غير المختص وضعيفة إنتاج القيمة المضافة، وإنّ مثل هذه الوضعية لا تنتج إلا تبعيّة تكنولوجيّة.
6 النهوض بالبحث العلمي والسهر على تحسين عائده يصبح إهتماما إستراتيجيا من أجل مواجهة تحديات عولمة الاقتصاديات الوطنية والدخول بقدم ثابتة في الاقتصاد الجديد، اقتصاد المعرفة.
❊ المدلولات:
أمّا المدلولات فلخصها الأخ سامي في:
1 عدم وجود حوافز كافية للباحثين والمجددين المهنيين وعدم وجود »سوق« للبحث والتطوير والتجديد التكنولوجي في بلادنا، أي عدم وجود طلب داخلي يبرّر الاستثمار في هذا المجال.
2 ضعف نسبة التأطير في الجامعة التونسية (1600 أستاذ صنف (أ) ضمن 20 ألف متدخل).
3 تركيز البحث الجامعي على البحث الآكاديمي المرتبط بإعداد الشهادات والمناظرات.
4 لا يمكن أن توجد سياسة بحث وتطوير مهيكلة وناجعة في تونس الا بالتوازي مع وجود سياسات اقتصادية وخاصة فلاحيّة وصناعية من شأنها الارتقاء بنظم الانتاج الى مراتب أعلى في سلاسل الانتاج العالمية، مراتب تتطلب إدماج تكنولوجيات متطوّرة.
5 إحراز عائد مقنع للاستثمار في البحث والتطوير يتطلب توسيع السوق الوطنيّة لخلق الفضاء الإقتصادي الذي يبرّر الإستثمارات المرتفعة ويعطي المردود المطلوب وهذا يحيلنا إلى مسألة ضرورة مواصلة بناء الاتحاد المغاربي الذي يمثل الإمتداد الطبيعي لتونس ويمكن من إيجاد تكتل جهوي يسمح بمواجهة التكتلات العالميّة بأكثر قدرة على المفاوضة حول شروط الإندماج في الاقتصاد العالمي.
6 المنابع التقليدية للقدرة التنافسيّة العالميّة القائمة على الكلفة المنخفضة لليد العاملة نضبت، والمنابع الجديدة والدائمة تقوم على القدرة التنافسية الهيكلية المعتمدة على الجودة وعلى التجديد أي على التكنولوجيا وعلى كثافة البحث والتطوير المدمج في المنتوجات.
❊ التوصيات: أمّا أهم التوصيات التي إقترحها الأخ سامي العوادي لضمان التلازم الفعال بين البحث العلمي والتنمية الإقتصادية فهي:
تنظيم إستشارة وطنيّة حول محتوى ومستلزمات استراتيجية وطنيّة للبحث العلمي تأخذ في الاعتبار حاجيات الاقتصاد وتطلعات المجتمع.
توسيع صلاحيات وتركيبة المجلس الاعلى للبحث العلمي ليصبح الاطار الامثل لصياغة السياسات العلمية والبحثية.
الترفيع في الاعتمادات والموارد البشريّة المخصصة للبحث العلمي.
تيسير شروط بعث مخابر ووحدات البحث خاصة في الجامعات الداخليّة وإدخال الليونة على تسييرها لا سيّما بإعتماد المراقبة المالية اللاحقة.
تحفيز المنشآت على البحث والابتكار وعلى طلب براءات الاختراع.
التشجيع الفعلي على الشراكة البحثية مع الجامعات ومراكز البحث الاجنبية ولا سيما مع البلدان المغاربية بإعتبار تماثل التحديات.
النهوض بالبحث الفلاحي لا سيما عبر تجنب تفكيك المعهد الوطني للبحث الفلاحي والمحافظة على مخابره القطاعيّة وعلى شبكة مراكزه الجهوية وإكسابه مرونة في التصرّف.
4 ) التعليم والتمويل:
في اليوم الثاني للندوة الوطنية حول منظومة التربية والتعليم والتكوين كان الحاضرون على موعد مع مداخلة رابعة للدكتور حسين الديماسي، بعنوان »التعليم والتمويل« وهي عبارة عن دراسة تقوم على تحليل جملة من الجداول الإحصائيّة، تعددت مصادرها وتنوعت، ونذكر من ضمنها:
مسح حول الأجور في الصناعات والخدمات بتاريخ 1994 نشرته وزارة الشؤون الإجتماعية.
الحوليات الإحصائيّة للبلاد التونسية، نشره المعهد الوطني للإحصاء.
نشريات التعليم العالي في أرقام، نشرته وزارة التعليم العالي.
التقارير حول الماليّة العمومية،
الحوليات الإحصائيّة للبلاد التونسيّة،
الرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة،
مسح حول استهلاك الاسر، نشره المعهد الوطني للإحصاء
تقرير التنمية البشرية للعام 2004.
هذا بالإضافة إلى بعض التقديرات الذاتية للباحث اعتمادا على معطيات البنك المركزي، وقد تمكن الدكتور الديماسي من خلال قراءاته وتعليقاته على جملة الجداول الاحصائية متعددة المصادر الى الخلوص من الاستنتاجات والخلاصات الهامة، وأهمها:
أنّه أمام الضغط المالي الشديد الذي اصبحت تتعرض له المجموعة الوطنية خصوصا منذ أواسط التسعينات جراء جمهرة التعليم في الثانوي والعالي، جنحت الدولة الى اتخاذ عدّة اجراءات ترمي في مجملها الى تخفيف عبء التعليم على ميزانية الدولة وقد اتخذت هذه الاجراءات اتجاهين أساسيين اثنين: تشريك أكبر للقطاع الخاص في المهمة التعليمية من ناحية وتحميل الأسر قسطا متزايدا من النفقات التربوية، من ناحية أخرى.
ان الدولة لم تفلح في تحميل القطاع الخاص قسطا هاما وملحوظا من أعباء المهمة التعليمية، وذلك رغم الامتيازات المالية والجبائية المهمة التي أسندتها لهذا القطاع. ويبرز تعثر الدولة هذا بالخصوص على مستوى التعليم العالي، إذ لم تبلغ نسبة الطلبة في عهدة القطاع الخاص إلا 1.1)٪ ) سنة 2006، بينما كانت الدولة ترنو الى بلوغ هذه النسبة 15)٪) في أواخر المخطط العاشر سنة 2006.
كما أنّ الدولة وخلال العقد الماضي لم تفلح في تحميل الأسر قسطا أوفر من مجمل النفقات، ويعود ذلك بالخصوص إلى التضخّم السريع في عدد المزاولين للتعليم العالي من ناحية، وجمود المعاليم المدرسيّة الجامعية الفردية المحمولة على كاهل الاسر، من ناحية أخرى.
فخلال العشريتين الماضيتين جنحت الدولة التونسية الى جمهرة التعليم في الثانوي والعالي بنسق سريع يفوق نسق تزايد ثروات البلاد، وبالتوازي فشلت الدولة في كسب سند الخواص والاسر، وتحت ضغط كلفة جمهرة التعليم هذه أجبرت الدولة على إنتهاج منهجين اثنين:
»هدرشة« التعليم، من ناحية، والانغماس في التداين المفرط، من ناحية أخرى.
وقد خلص الدكتور حسين الديماسي إلى أنه: خلال الربع قرن الماضي عاشت بلادنا تناقضا رهيبا بين ما تفرزه المنظومة التربوية وما يحتاجه النسيج الإقتصادي، ذلك أنه منذ أواسط الثمانينيات جنحت الدولة الى جمهرة التعليم مع التركيز على التعليم العالي، وفي نفس الوقت فوّضت الدولة المهمة التنموية للمؤسسات الخاصة ضئيلة الحاجيات التأطيرية.
وتحت ضغط النفقات التعليمية المتصاعدة سعت الدولة إلى تحميل الخواص والاسر قسطا من هذا العبء، غير أن الدولة اخفقت في هذه المهمّة.
لذا وحيال هذا التباين المتزايد بين نفقات التعليم وموارد الدولة انتهجت هذه الاخيرة منهجين: »هدرشة« المنظومة التعليمية بمختلف مراحلها، من ناحية، والانغماس في مديونية خانقة، من ناحية أخرى، لينتهي الدكتور الديماسي مداخلته بالقول »يبدو هكذا أنّ الاجيال الصاعدة سترث بالاساس شبه الأميّة والبطالة والديون الخانقة«.
5 ) تسيير المؤسسات التربويّة والإدارة الرشيدة:
في اليوم الثالث للندوة كان النقابيون على موعد مع مداخلة خامسة للدكتور أحمد السوسي تحت عنوان »تسيير المؤسسات التربوية والادارة الرشيدة« وقد انطلق الدكتور في مداخلته بالوقوف على أهمّ العيارات المكونة لمفهوم الادارة الرشيدة وبيّن أن التسيير الاداري يلي جملة من الانشطة والقواعد القانونية تنظم عمل المنظومة والإدارة كما بين انه ولكي تكون الإدارة رشيدة ينبغي ان تؤمن مردودية عليا بأقل تكلفة ممكنة خدمة للصالح العام ولقيم الجمهورية، كما أكدّ أن الادارة الرشيدة تقوم على الشفافية والتقييم والمساءلة، موضحا في نبذة تاريخية أن مفهوم الإدارة الرشيدة ارتبط بسياق تاريخ ما قبل الحداثة وأثناءها وما بعدها (ما بعد الحداثة) في علاقة وطيدة مع أساليب نظام الحكم وهي من أصل »أنڤلوسكسوني« ظهر وتبلور مفهومها خاصة مع مرحلة اقتصاد السوق المحتاج الى المردودية والنجاعة لتحقيق الربح.
كما بين الدكتور السوسي ان الحكم الرشيد أو الإدارة الرشيدة يمثلان تطبيقا لمبدإ »الحوكميّة« الذي ظهرت أهميته في ظلّ فشل الدول النامية (دول العالم الثالث) في تطبيق النهج الليبيرالي وفي التسيير الاداري.
ونبّه الدكتور السوسي إلى أنّ الشفافية تعد أساس الادارة الرشيدة، بل هي العنصر الاول والرئيسي القائم على اعتماد قاعدة »اللامركزية« بتفويض الادارات الميدانية حق التصرف وادارة شؤونها واعتماد مبدأ »التشاركية« أي التفاوض بشأن أي قرار بشكل حرّ وهو ما يقتضي مدى فاعليّة المشاركة عندما تتوفّر لجميع الأفراد المعطيات والحقوق التالية:
تكافؤ الفرص
سيادة القانون في حماية الاشخاص ومناهضة أي تصرف تعسّفي للدولة.
المساواة التامة بين الافراد
التقييم لعلاقتها بالنجاعة والمردودية والنتائج المتوقع تحقيقها على قاعدة معايير موضوعية.
المساءلة والخضوع للمراقبة المستمرة بصورة شفافة، كل هذه المفاهيم والعبارات ورغم تداولها في التسيير الاداري للمنظومة التربوية التونسية، فإننا نلاحظ أنّ الحساب النهائي لهذه المسيرة التربوية يفيدنا أن هذه المنظومة اخذت بمفهوم الادارة الرشيدة دون ان تطبق مبادئ الادارة الرشيدة كقاعدة عامة مما جعل الغالب عليها هو التسيير التقليدي. وقد وأكد المتدخل أيضا وبالتوازي على أنّ طغيان النهج التقليدي في التسيير يبرز في »المركزية المشطّة« واعتماد طرق وقوانين خاصة (مناشير وزارية واداريّة)، واحتكار القرار السياسي دون الاحتكام للحوار والتشارك ومواصلة احتكار المنظومة التربوية من طرف السلطة السياسية دون الحوار مع الاطراف المعنية (مثل القانون المنظم للتعليم العالي)، ونفيها مبدأ الشراكة والشفافية وتهميش كل من له علاقة بالمؤسسة الجامعية وبالتالي فهي المسؤولة عن الفشل الذي كانت نتيجته التكلفة الباهضة والمستوى المتدني وأعداد الخريجيين المحالين على البطالة.
وقد أنهى المحاضر مداخلته بالتأكيد على ضرورة ملاءمة السياسة التربوية مع الادارة الرشيدة والانتقال من المفهوم الى التطبيق لانقاض المنظومة التربوية من حالة الترهّل وتحويل أساليب التسيير الاداري للمؤسسة التربوية الى أساليب رشيدة.
❊ مداخلات النقابيين لم تكن تقلّ عمقا
المعرفة النظرية والتجربة الميدانية والحنكة النضالية في ميدان التربية والتعليم والتكوين، جعلت من الحاضرين الذين مثّلوا كل الاطارات التي تقوم عليها المنظومة التربوية، الاساسي والثانوي والعالي والتأطير والارشاد والتفقد والعملة يلجون صلب الموضوع وتتوجه تدخلاتهم وأسئلتهم حول أهم القضايا المفصليّة التي تقف عليها المنظومة التربوية، والى تبادل الخبرة الميدانية والنضالية التي إكتسبوها من مباشرتهم لمهامهم في هذا القطاع، ولعل تدخلاتهم كانت بمثابة الشهادات الواقعية التي شخصت الداء الذي ينخر التربية والتعليم والتكوين ويكاد ينسفها برمتها من الأساس، والتي أجمعت جميعها على أنّه يتمثل في استفراد سلطة الاشراف بالقرار واصرارها على عدم تشريك بقيّة المجموعة الوطنية وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل في تحديد ورسم أفق برنامج علمي للسياسة التعليمية العامة للبلاد ولا مشاورتهم في جملة الاصلاحات المتكررة لمنظومة لم تعد تتحمل التسرع والارتجال والتجريب.
بعض التدخلات كانت من الصدق ما جعلها تصل حدّ استصراخ الإتحاد للتدخل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولعلّ ذلك يعد مبررا اذا ما نظرنا الى حساسية الموضوع وعمق الأزمة التي تردّت فيها المنظومة التعليمية بكل مستوياتها. ورغم كل الاختلافات الجزئية بين النقابيين في استنباط البدائل الكفيلة بإنقاذ المنظومة التربوية وفي تبيّن الأساليب المناسبة لوقف حالة الاستنزاف اليوميّة لإحدِ أهمّ القطاعات الإستراتيجية التي لها تأثير مباشر بانت علائمها ودلالاتها على حاضر البلاد ومستقبلها، لكن يبقى المعوّل عليه الوعي النقابي المسؤول والروح الوطنية الصادقة بوصفهما قيمتين ثابتين تعدان بمثابة البوصلة التي يهتدي بها الاتحاد لتدارك العثرات ودفع الدولة الى طاولة نقاش جديّة تشرك فيها كل المجموعة الوطنيّة، خاصة وأنّ المنظومة التربوية ليست حكرا على طرف دون بقيّة الاطراف. بقي في الأخير ان نشير الى أن الحوارات والنقاشات كانت في مجملها لبنة أولى أصيلة على درب تجاوز الواقع التربوي الذي لا شك أنّّه لم يعد يتحمل التوصيفات الجاهزة ولا التحليلات المرتجلة ولا التبريرات المتعامية عن الوقائع.
❊ الورشات: تعميق للتشاور واقتراح للحلول الممكنة
خمس ورشات إلتأمت مساء اليوم الثاني للندوة تطرقت الى مجمل المشكلات الملحة واليومية التي تواجه الإطار التربوي والمنظومة التربوية كانت فرصة لتعميق التشاور واقتراح الحلول الممكنة التي ستجد طريقها الى المجلس الوطني ليتم اعتمادها ضمن آليات التفاوض، وقد ركزت هذه الورشات على المحاور التالية:
1 العنف المدرسي
2 التعليم الخاص والدروس الخصوصية،
3 ظروف العمل
4 علاقة المؤسسة التربوية بالمجتمع المدني.
5 التكوين المهني والمنظومة التربوية.
خلصت جميعها الى صياغة ورقات عمل حاول من خلالها النقابيون المشاركون رسم أفق لاصلاح للمنظومة التربوية صعب ولكنه ليس بالمستحيل إذا ما توفرت الارادات الصادقة والرغبة في حوار جاد ومثمر.
❊ الاختتام
بحضور كل من الاخوة اعضاء المكتب التنفيذي الوطني الذين كان لهم شرف رئاسة الأشغال، اختتمت الندوة الوطنية حول: منظومة التربية والتعليم والتكوين، حيث عبّر الاخ عبيد البريكي عن شكره لكل الاخوة الحضور سواء النقابيين أو المحاضرين، مؤكدا على ان الندوة كانت ناجحة بكل المقاييس لانها وفّقت في تقييم الوضع التربوي تقييما، علميا وموضوعيا ووضع الإصبع على الداء التي ينخر المنظومة التربويّة، وبقطع النظر عن بعض التباينات والاختلافات في تحديد البدائل، فإن ما تم التوصل إليه من نتائج واستنتاجات اذا ما احسن استثمار تنوعه وعمقه سيمثل المهاد الذي سيتوج أشغال هذه الندوة بصياغة مشاريع مقترحات ستمثل خير زاد لمناضلي الاتحاد في الجولة القادمة للمفاوضات الإجتماعية، كما وعد الأخ عبيد بنقل آراء وتصورات وتخوفات المشاركين في الندوة الى المجلس الوطني المزمع عقده في موفى شهر فيفري القادم، ونظرا لأهميّة المداخلات المقدمة وعد كذلك بتوفيرها للنقابيين مرقونة في أقرب فرصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.