أصبح عيد الإضحى هذه المناسبة الدينية التي يحييها مئات الملايين من البشر في مشارق الأرض ومغاربها أحد الشواهد الصارخة على المظاهر السلبية للطفرة الإستهلاكية الهمجية التي أصابت مجتمعنا المنخرط حتى النخاع في نظام السوق المعولم المتوحش فانتفت أو كادت ما تدعى الاعتبارات »الروحية« للمناسبة وحلت محلها نزعات سادية غير خافية حيث تتحول الاغلبية الساحقة من المواطنين الى »جزارين« يشحذون السكاكين و »السواطير« وكل آلات القتل ثم يشحذون بعد ذلك أضراسهم وأسنانهم وبقية أجهزتهم الهضمية في انتظار اليوم »الموعود« الذي يمتزج فيه منظر الدماء بروائح الشواء! وهكذا لا يربحون من الميتافيزيقا الا أكل اللحوم!! كما عبر احد الاصدقاء الصرحاء. في نفس »فترة السماح« هذه تنشط فئة أخرى وهي للأسف الشديد فئة أساسية في الموضوع هم »القشارة« أو »الجلابة« كما يسميهم أهالي الشمال الغربي يبيعون المواشي وخاصة الخرفان على طريق الوساطة وأغلبيتهم الساحقة لا يألون جهدا للوصول الى مآربهم »المبهجة« وهي بالاساس تكديس الأموال عبر الترفيع في الاسعار بجميع الوسائل فيعمدون الى الخديعة عبر طائفة من الحيل يمكن ذكرها تعميما لفائدة التفطن إليها: ❊ استخدام أو استئجار »زبائن« وهميين غالبا ما يكونون من أقرباء أو أصدقاء الوسيط تكون مهمتهم المزايدة بغرض الترفيع في الاسعار لفائدة البائع. ❊ المبالغة في القسم بالأيمان المغلظة، كأن يقسم البائع مئات المرات يوميا »بالشباك« الذي زاره ليوهم الناس بأنه زار مكة، لكن الحقيقة هي انه قد تسلق شباك منزله في الصباح الباك قبل القدوم الى السوق!! ❊ يعمد بعض الباعة الى تقديم المياه الممزوجة بالملح أو مادة»النخالة« وفي كثير من الاحيان الخبز للخرفان قبل بيعها وذلك بهدف زيادة وزنها بما يؤدي الى رفع الثمن... الى غير هذا وذاك من الحيل البذيئة التي يمنع الحياء من ذكرها. ولقد حكى لنا أحد الأصدقاء طرفة تجسد ما وصلت اليه اسعار الخرفان من الارتفاع وتتمثل في ان أحد مواطنينا الكرام قد خرج الى سوق الغنم لشراء خروف العيد الذي سيدخل السرور والزهو على نفوس صغاره، أعجبه كبش بنّي اللون مائل الى السمرة ممتلئ شحما ولحما فتوجه بالسؤال عن ثمنه فبادره البائع بإجابة صاعقة: 750 دينارا بالتمام والكمال، فردّ المواطن على الفور: يا أخي إنني لم أطلب منك أن تبيعني »صامويل إيتو«!!