بين طلب وقف أدفاق الهجرة، ورفض توطين المهاجرين...ماذا في زيارة ميلوني إلى تونس اليوم؟    ماذا في اجتماع اللجنة القارة للشؤون الخارجية المنبثقة عن مجلس الأمن القومي؟    بعد المطار: شركة الطيران 'فلاي دبي' تعلق جميع الرحلات المغادرة بسبب سوء الأحوال الجوية    خدمات رقمية جديدة    وفاة رضعين في بنزرت    الكشف عن مستودع عشوائي لتخزين المواد الغذائية بحي النصر 2    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الملتقى العلمي الدولي الخامس تحت عنوان "الايكولوجيا اليوم ...فن الممكن "    سليانة: تضرر اجمالي 20 مترا مربعا من التين الشوكي بالحشرة القرمزية (رئيسة دائرة الإنتاج النباتي بمندوبية الفلاحة)    عاجل/ البنك الدولي يخفّض توقعاته للنمو الاقتصادي لتونس الى هذه النسبة    بطولة الرابطة 1 (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة الثامنة    رئيس الحكومة يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للرياضات الإلكترونية    رابطة أبطال آسيا: تأجيل مباراة العين الإماراتي والهلال السعودي في نصف النهائي بسبب الأحوال الجوية    كهرباء: عرض مشروع القانون المتعلق بإحداث هيئة تعديلية على الحكومة (وائل شوشان)    الإعدام لشخصين عنّفا عجوزا ثمانينية حتى الموت في هذه الجهة    زغوان : تفكيك شبكة مختصة في سرقة المواشي    قابس: نجاح تجربة زراعة الحبوب (رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري)    "المكتبات في عصر الذكاء الاصطناعي : أدوار متجددة وخدمات مبتكرة" عنوان الدورة الخامسة لملتقى بن عروس المغاربي للكتاب والمطالعة    إجماع على ضرورة تسريع تنفيذ مبادرة تناغم التشريعات في قطاع الأدوية بدول شمال إفريقيا    بعد صمت طويل: هذا أول تصريح لأمين قارة بعد توقّف برنامجه على الحوار التونسي    الزهراء.. الاطاحة بعنصر تكفيري محكوم ب 5 سنوات سجنا    علامة ''هيرمس'' تعتذر لهيفاء وهبي    أنس جابر تدعم خزينة النجم الساحلي    مرتبطة بجائحة كورونا.. فضائح مدوية تهز الولايات المتحدة وبريطانيا    للمرة الأولى.. مغني الراب التونسي "جنجون" ينضم لقائمة بيلبورد عربية    منوبة: رفع 741 مخالفة خلال تنفيذ ­­6617 زيارة مراقبة اقتصادية طيلة شهر    شيخ جزائري يثير الجدل: "هذه الولاية بأكملها مصابة بالمس والسحر"!!    قتيل وجرحى في حادث مرور مروع بهذه الجهة..    تغير المناخ: تونس الخامسة في العالم الأكثر عرضة لخطر الجفاف المتزايد    عاجل/ هذه التهم التي وجهت للموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة..    تفكيك شبكة مختصة في بيع سماعات وتوابعها تستعمل في عمليات الغش في الامتحانات ..    الكاف: الاتفاق على بناء خزانين جديدين للماء الصالح للشرب    منتدى الحقوق الاجتماعية يدعو إلى إيقاف الانتهاكات التي تطال المهاجرين التونسيين في إيطاليا    عاجل: ايران تهدد مجددا ب"رد قاسي"..    وزارة الفلاحة: نحو جلب حشرة للقضاء على الآفة القرمزية    أبطال إفريقيا: إصابة نجم ماميلودي صن دانوز أيام قبل مواجهة الترجي الرياضي    كأس السوبر الإفريقي لكرة اليد : الأهلي المصري يلحق بمواطنه الزمالك الى النهائي    المندوبية الجهوية للتربية بتطاوين ..تنظيم المسابقة الجهوية للمواد المميزة    المندوبية الجهوية للتربية صفاقس 1...تنجح في رهاناتها وتحصد المرتبة الأولى في الملتقى الإقليمي للموسيقى    ميناء حلق الوادي: حجز 7 كلغ من ''الزطلة'' مخفية بأكياس القهوة    بن حليمة يكشف تفاصيل عن ''منذر الزنايدي''    فظيع: وفاة كهل جرفته مياه وادي الصابون بفريانة بعد ارتفاع منسوبه..    معز الشرقي يودع بطولة غوانغجو الكورية للتنس منذ الدور الاول    بالمر يسجل رباعية في فوز تشيلسي العريض 6-صفر على إيفرتون    قوات الاحتلال تقتحم جنين ومخيم بلاطة وتعتقل عددا من الفلسطينيين بالضفة الغربية    طقس الثلاثاء: سحب كثيفة وأمطار متفرقة بأغلب المناطق    سيول تودي بحياة 16 شخصًا على الأقل..التفاصيل    عاجل/ آخر مستجدات قضية استدراج أطفال واستغلالهم جنسيا من طرف كهل..    أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني عمل إرهابي    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    آخر زلات بايدن.. أشاد بدولة غير موجودة لدعمها أوكرانيا    معرض تونس الدولي للكتاب 2024: القائمة القصيرة للأعمال الأدبية المرشحة للفوز بجوائز الدورة    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    نصائح للمساعدة في تقليل وقت الشاشة عند الأطفال    المؤتمر الدولي "حديث الروح" : تونس منارة للحب والسلام والتشافي    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    أولا وأخيرا... الضحك الباكي    فتوى جديدة تثير الجدل..    الزرع والثمار والفواكه من فضل الله .. الفلاحة والزراعة في القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا بابا الطاهر
الروّاد لا يموتون... هم يرحلون فقط
نشر في الشعب يوم 20 - 11 - 2010

إنّه الموت. هو مناسبة، عند الإنسانية، للتأمّل.إنّ الذين يدخلون التاريخ قِلَّة لأنّ الأمرَ يستوْجِب شروطا جَمَّة. ذلك أنّ التاريخ ليس عروسا تُشتَرى أو تُخْتَطَفُ ولا مدينة تُفْتَحُ ولا كرسيّا يُسْتَوْلَى عليه.التاريخ عِطرُ الزمنِ بل روحُه التي تطرِّزُ مسيرةَ الإنسان عبر الأيّام فتَشْبِكُ، من الماضين ما به بذرةُ حياةٍ وتنسِجُه مع ما يَشِعُّ بألوان ضوْءِ ساعةِ »الآن وهنا« وتصِلُه بالآفاق ليطرحَ نوّارَه وثماره في الربيع الآتي. والذين وعَوْا المرحلة التي يمُرُّ بها مجتمعُهم واختاروا الوقوفَ الحرَّ إلى جانب العام الموضوعي، الجديد الجنيني، ونبذوا الخاص الذاتي، القديم السّائد، قد خَبِرُوا الدنيا وفهِموا سُنَنَها وراهنوا على الفجر الجديد وأنكروا ذواتهم بل صَرَّفوا حياتهم بتذويب »الأنا« الأنانية في »نحن« الجمعية.
كذلك كان شأن العديدين مُذْ فَتَّحَ الشعب التونسي عينيْه على العصر وطمح إلى دخول الحَداثة من باب الإسهام فيها وإعادة إنتاجها، بنكهتنا المحليّة الخاصّة، والمشاركة، إلى جانب كلّ الشعوب، في تطويرها. لقد انبرى الروّاد كلّ في ميدانه، وبتجربته، وحسب صروف أيّامه، يؤسسون ويبعثون ما به ينبعث الإنسان الجديد من رماد القرون. في أواسط القرن التاسع عشر، فتح خير الدين التونسي ملف الإصلاح تنظيرا وممارسة. فكان أب حركة الإصلاح في ديارنا. وفي بداية القرن العشرين، عاد محمّد علي الحامي من ألمانيا وقد درس، بجامعتها، شيئا من الاقتصاد السياسي وتعلّم، مع جماعة »السبارتكيس(1)«، الكثير عن الصراع الاجتماعي. فكان رائد الحركة العمّالية المجيدة. أمّا الشابي فهو رائد حركة التجديد في الشعر واللغة وعلي الدوعاجي أب القصّة التونسية... وعدّة أسماء أُخَرْ، كلٌّ في مجاله: في الموسيقى والمسرح والسينما... هؤلاء لا يموتون بل يرحلون عنّا ويظلّ فعلهم حاضرا معنا، فينا، يعاصرنا بل به نعاصر أيّامنا، منه ننطلق وإليه نضيف فنجدّد ونتقدّم. إنّ رحيل بابا الطاهر، الطاهر شريعة، أب السينما التونسية والإفريقية يُعتبر لحظة فارقة في أيّامنا المنقلبة هذه وقد التفّ التجّار على إرث الثوّار لذلك لا بدّ من الوقوف وقفة تأمّلٍ وتدبّرٍ وما استذكار الماضي إلاّ لاستشراف المستقبل.
نَعيب زمانَنَا والعيْبُ فينا
في بداية القرن الجديد، وقف نائب في البرلمان يسائل وزير الثقافة عن السياسة الثقافية، عن المهرجانات، عن قطاع السينما، وعن حريّة النشاط لنوادي السينما في فضاءات دور الثقافة، وعن المنحة الهزيلة المخصّصة لجامعة نوادي السينما المهدّدة بالإجلاء عن مقرّها... في الحقيقة، كان النائب قد اتصل برئيس جامعة نوادي السينما لإعداد مداخلته أمام وزير الثقافة سأل فوجد جوابا وجاءت مداخلته غريبة عن قصر باردو التاريخي كان النائب يظنّ نفسه منتخبا ومن واجبه/ من حقّه (لا ندري ومن يدري؟) أن يسائل الوزير.
وكان الوزير ذكيا - وكلّ وزير ذكيّ - فهم مربط الفرس وجاء ردّه واضحا: يتنحّى رئيس جامعة نوادي السينما ويعوّض برئيس آخر أو تُقْطعُ المنحة. واجتمعت هياكل نوادي السينما وحضر القدماء والأنصار وكان بابا الطّاهر في الموعد جاء ليساند، ليقف في صفّ الاستقلالية، في خندق الحريّة، وكان ردّ جامعة نوادي السينما واضحا:- التمسّك بالاستقلالية. وحُرِمت الجامعة من منحتها في تلك السنة.»من يحبّ الحياة يذهب إلى السينما«(2) هذا شعارنا وهذا ما يجمع بيننا نحن محبّي السينما، أجيال نوادي السينما، أبناء الطاهر شريعة، ولأنّنا نحبّ الحياة ومنحازون للحياة نعلن عن عدم استعدادنا لأن نبيعها بمال الدنيا فما بالك بلَِفْتَة (بكسر اللام أو فتحها)؟ في صفوف المثقفين والمبدعين كلام كثير عن الرِّدّة والتراجع، شكوى وحديث عن الماضي السعيد، الزمن الثوري، والحاضر التعيس، واتهامٌ للزمان ولانقلاب الأيّام، وفي صفوف المثقفين والمبدعين من سكت، سكت، سكت طويلا... حتّى انتهى ظهر الحمار. وفي صفوف المثقفين والمبدعين جيل جديد واعد وله مع الثقافة والفنون مواعيد.رحل بابا الطّاهر بُعَيْد تكريمه لآخر مرّة في الدورة الأخيرة لأيّام قرطاج السينمائية. لعلّه وكأنّه وأظنّه... رحل والحسرة تملأ قلبه لمرأى ساحة الإبداع »التانيتي«(3) سوقا يرتع فيه تجّار الفرجة من ربوعنا ومن بلاد الإفرنجة. لقد ترك لنا بابا الطاهر إرثا، عهدا قسما لن نفرّط فيه. نمْ بابا الطاهر هانئا أولادك على العهد وعائدون
❊❊❊❊❊❊❊❊❊❊❊❊❊❊
للإطلاع على ترجمة حياته يمكن، خاصة، الرجوع إلى كتابات الناقد السينمائي عبد الكريم قابوس في الأسابيع الأخيرة على صفحات »الشعب«، ولا أخاله إلاّ عائدا في الأعداد القادمة لأب السينما التونسية... (1) سبارتاكيس Spartakus هو زعيم وقائد ثورة العبيد في روما القديمة، وإليه انتسبتْ مجموعة يسارية في ألمانيا كان محمد علي الحامي قد تعلّم أبجديات النضال الاجتماعي في صفوفها.(2) »من يحبّ الحياة يذهب إلى السينما« العبارة ل»رولان بارط» Roland Barthes (3) «التانيتي نسبة لتانيت إلهة الحبّ والخصب والعطاء في الحضارة البونيقية والجوائز تسند باسمها في مهرجان قرطاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.