ككل الجهات عبر الوطن أحيى الشغالون والعمال بالفكر والساعد في جهة المنستير الذكرى الحادية والستين لتأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل بمقر الإتحاد الجهوي بالمنستير باشراف الاخ المنصف اليعقوبي الامين العام المساعد المكلف بالشباب العامل والمرأة والجمعيات.. ولعلّ أبرز ما سجلناه في هذه الاحتفالية هو هذا الاقبال المنقطع النظير للطبقة الكادحة على مقر الاتحاد حيث غصت القاعة والاروقة المحاذية لها وكذلك الطابق العلوي بالعمال وبالاطارات النقابية القاعدية كتعبير منهم عن تمسكهم بالمنظمة التي ساهم اباؤهم وحتى اجداد البعض منهم في نحت هيكلها بالعرق والمال والتضحية بالغالي والنفيس حدّ الافتداء بالارواح والدماء. الأمانة في غمار هذه الاجواء المفعة بالاحاسيس والتضامن والوفاء تناول الاخ سعيد يوسف الكاتب العام الجهوي للاتحاد الكلمة ليفي رجالات الاتحاد حقهم حيث ذكر الحضور بالمحطات المضيئة على إمتداد ستة عقود او يزيد وكذلك بالوقائع الداكنة والتي تنبئ عن مدى معاناة الرجال ونضالاتهم وصبرهم في سبيل ان يكون الاتحاد منظمة راقية وصمّام أمان وبوابة نضال ضد المحتل الغاصب ابان الاستعمار ومتاريس تصد لكل من يترصد الاستقلال من جهة واستقلالية المنظمة من جهة اخرى وهو ما يعتبر تكريسا للمشروع الذي بدأه الزعيم محمد علي الحامي لبناء منظمة مستقلة تساند الشغالين وتقود نضالاتهم من اجل الاستقلال في مرحلة بناء مجتمع عادل تسوده قيم الحريّة والتضامن والتقدم وذلك بالاعتماد على مؤسسات الديمقراطية وتتوخى التوزيع العادل لثمرات التنمية والتصدي لكل مظاهر الحيف والفساد في مرحلة اخرى. الاخ سعيد ختم مداخلته بالتعبير عن اعتزازه ونقابيي جهته «بأولئك الذين وهبوا حياتهم دون حساب من اجل تجسيم هذه المبادئ والاهداف وفي مقدمتهم زعماء وطنيون ونقابيون من جيل التأسيس امثال التليلي وعاشور وقاقي والكوكي وغيرهم.. التحدي إثر ذلك احيل المصدح الى الأخ المنصف اليعقوبي الذي انطلق في كلمته من بيانات الاتحاد في اربعينيات القرن الماضي وما شابها من صعوبات في ظل غطرسة الاحتلال الى واقع الحال وما يحيط به من تحديات ومخاطر.. الاخ اليعقوبي ذكّر بأن ولادة الاتحاد سنة 46 لم تكن برخصة ادارية ولا بأوراق مكتبية ولا برشاو ولا وصولية وإنّما كانت الولادة برخصة وحيدة هي الدم!! ايامها كان الهدف واحدا وأوحد الا وهو الانصهار في أحلام الوطن واللهث وراء استقلاله بوسيلتين لا ثالث لهما العزة للوطن والكرامة للعمال.. ولم يلبث الاخ المنصف وكلمته ان مرّ الى واقع الحال حيث وامام قوة المنظمة وتأصلها في البناء المجتمعي اقتصاديا واجتماعيا وايضا ثقافيا وسياسيا واقع جعل امام الاتحاد اليوم تحديات خطيرة ينبغي تجاوزها واحلام كبيرة ينبغي تحقيقها وطموحات مشروعة يتطلب تنفيذها جهدا كثيرا من الصبر والامانة والتضحية والنضال فالقضايا المطروحة كثيرة على غرار معضلة المناولة وحماية نقابيي القطاع الخاص وحماية ما تبقى من مؤسسات القطاع العام وبطالة حاملي اصحاب الشهائد ومسألة الصناديق الاجتماعية وصوت حق المواطن في اعلام وطني نزيه.. كما دعا الاخ اليعقوبي النقابيين الى رصّ الصفوف وتجنب التطاحن الايديولوجي والسياسي والتباغض الجهوي مؤكدا ان الاتحاد منظمة فوق كل هذه الارهاصات والتوجهات الضيقة وضرب على ذلك مثلا لبعض القضايا التي يتعين ان تكون فوق كل المشاغل على غرار مراجعة السياسة التعليمية ومشاكل الصناديق الاجتماعية المترهلة وكذلك مراجعة احوال بعض المنظمات والجمعيات على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وجمعية القضاة، الاخ الامين العام المساعد لم ينس في خضم كل هذا البعد القومي في نضالات الاتحاد والذي مازال نقطة الضوء الوحيدة في سماء العرب التي تجتاحها الغيوم من المنامة الى فاس ولعلّ الموقف من شارون السفاح وبوش القاتل لفّ لفها من طغاة العالم هو الواجهة التي تحمل شارات الشرف والايباء المسلطة على ابواب وشرفات الاتحاد ومؤسساته وعلى كل بيت نقابي مخلص للوطن والامة.