نبه معهد السياسات البيئية الأوروبية الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة إعادة النظر، على وجه السرعة، في خططه الهادفة لزيادة إنتاج ما يسمى بالوقود العضوي، وحذر من أنها ستسبب ارتفاعا كبيرا في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتزيد من حدة آثار التغيير المناخي وتهدد الأمن الغذائي في البلدان النامية والفقيرة. ووصف المعهد في دراسة نشرت هذا الأسبوع في بروكسل خطط الإتحاد الأوروبي لزيادة استهلاك الوقود المسمّى العضوي إلى نسبة 20٪ من إجمالي المحروقات المستهلكة بحلول عام ,2020 وصفها بأنها «خطأ كبير». وحذرت الدراسة من أن هذه الخطط سوف تسفر عن تأثيرات اجتماعية واقتصادية وبيئية سلبية، وستؤدي إلى زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتغيير المناخي، وتهدد الأمن الغذائي وفرص العمل في القطاع الزراعي، وخاصة في الدول النامية والفقيرة. فبموجب هذه الخطط، ستستبدل زراعة إنتاج الذرة والمحاصيل الأساسية الأخرى في الدول النامية وخاصة أفريقيا، بزراعة نخيل الزيت وغيره لإنتاج الوقود المسمى العضوي. وحذر معهد السياسات البيئية الأوروبية منْ أنّ هذا التغيير في استخدامات الأراضي لانتاج الوقود العضوي سوف يزيد من كمية الانبعاثات التي تطلق في الجو، وقدر أن خطط الاتحاد الأوروبي ستسفر عن زيادة في كمية الانبعاثات تترواح ما بين 5,80٪ 167٪. وبدورها، صرحت معّدة الدراسة كاترين بوير لوكالة انتر بريس سيرفس أن خطط الاتحادة الأوروبي لتخفيض الانبعاثات لن تساهم في تخفيف تداعيات المشكلة بحلول عام ,2020 وأكدت أن زيادة استخدام المحروقات الزراعية التقليدية لا يمكن اعتبارها كمساهمة في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة التغيير المناخي. ونبهت إلى أنه على الرغم من أن خطط الاتحاد الأوروبي تهدف إلى خفض الانبعاثات، فسيتسبب تغيير استخدامات الأراضي الزراعية بتحويلها لإنتاج الوقود العضوي، في توليد ما بين 273 و 564مليون طنّ من ثاني أكسيد الكربون في الفترة 2011 حتى ,2020 ما يعادل ما بين 27 و 56مليون طنّ سنويا. وشرحت خبيرة معهد السياسات البيئية الأوروبية أن هذه الانبعاثات الجديدة تعادل إضافة ما بين 12 و 26 مليون سيارة أخرى إلى عدد السيارات الموجودة بالفعل في أوروبا بحلول عام .2020 ويذكر أن الاتحاد الأوروبي قد أصدر في أفريل 2009 توجيهات «لتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة» بهدف الحد من انبعاثات غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، التي يجمع معظم العلماء على أنها المسؤولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري التي تعجل بدورها بوتيرة التغيير المناخي. وتقضي هذه التوجيهات بأن تمثل مصادر الطاقة المسماة العضوية نسبة 10٪ من إجمالي استهلاك البنزين والديزل بحلول عام.2020 وتشير إلى أن زيادة الطلب على الوقود الحيوي وحوافز استخدامه يجب أن لا يشجع على تدمير مناطق التنوع البيولوجي. بيد أن معهد السياسات البيئية الأوروبية حذر من أن العواقب الاجتماعية والبيئية لإنتاج الوقود المسمى العضوي قد تكون أسوأ من المتوقع وخلصت دراسته إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يعيد النظر على وجه السرعة في سياساته في مجال الطاقة المتجددة. وشدد على أضرار التغييرات غير المباشرة المتوقعة في استخدام الأراضي جراء زيادة استخدام الوقود الحيوي المحروقات الزاعية في الاتحاد الأوروبي. فعلى سبيل المثال، سيتطلب إنتاج كمية المحروقات الزراعية التي حددها الاتحاد الأوروبي «تنظيف» مساحة من الأراضي الزراعية تعادل ضعف مساحة بلجيكا، أي نحو 69 ألف كيلومترا مربعا، كما سيضر بالغابات والنظم الإيكولوجية الطبيعية والمجتمعات المحلية الفقيرة. واستندت دراسة المعهد الأوروبي إلى خطط العمل الوطنية في مجال الطاقة المتجددة التي وافت 26 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية بها، والتي ستحدد كيفية امتثال كل دولة لتوجيهات الاتحاد الأوروبي. فتخطط بريطانيا على سبيل المثال لاستيراد 90٪ من استهلاكها من الوقود المسمى الحيوي من الدول النامية وخاصة الأفريقية. فصرح كريس كوكسون، المتحدث بإسم منظمة «أكشن إيد إنترناشيونال» ومقرها في بروكسل، أنه من المتوقع أن تكون هناك «زيادة في أسعار المواد الغذائية في أفريقيا بسبب الإنتاج الجديد من الوقود الحيوي». وأضاف في حديثه مع وكالة انتر بريس سيرفس أن «صغار المزارعين الذين عادة ما يشكلون أغلبية المزارعين في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى والمسؤولين عن إطعام مجتمعاتهم، غالبا ما سينزحون بسبب المحاصيل المخصصة لإنتاج الوقود». وأكد الخبير أن «الاتحاد الاوروبي يعطي الشركات شيكا على بياض لمواصلة اغتصاب أراضي الفقراء وإنتاج الوقود لملء مستودعات السيارات في أوروبا بدلا من إنتاج الطعام لملء البطون».