انتخاب رئيس المجلس الوطني للجهات والاقاليم …مرور النائبين عماد الدربالي، واسامة سحنون الى الدور الثاني    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    إرتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 82.7 بالمائة    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    عاجل/ تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي بهذه الولاية..    عاجل/ قتيل وجرحى في حادث مرور عنيف بهذه الجهة    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    يورغن كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيدنا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. بحثا عن تعبيد الطريق إلى النهائي    وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    عاجل: زلزال يضرب تركيا    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    تنبيه/ رياح قوية على هذه المناطق في تونس..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الاخيرة    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل/ وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    مستجدات الوضع الصحي للأستاذ الذي تعرض للطعن على يد تلميذه..    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    الخارجية: نتابع عن كثب الوضع الصحي للفنان الهادي ولد باب الله    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    عاجل/ مسؤول إسرائيلي يؤكد استهداف قاعدة بأصفهان..ومهاجمة 9 أهداف تابعة للحرس الثوري الايراني..    استثمارات متوقعة بملياري دينار.. المنطقة الحرة ببن قردان مشروع واعد للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    الافراج عن كاتب عام نقابة تونس للطرقات السيارة    رفعَ ارباحه ب 43%: بنك الوفاق الدولي يحقق أعلى مردود في القطاع المصرفي    ثبَتَ سعر الفائدة الرئيسي.. البنك المركزي الصيني يحافظ على توازن السوق النقدية    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    غلق 11 قاعة بمعهد دوز و السبب ؟    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    بعد فيضانات الإمارات وعُمان.. خبيرة أرصاد تكشف سراً خطيراً لم يحدث منذ 75 عاما    وزير السياحة يلتقي رئيس الغرفة الوطنية للنقل السياحي    عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعلام من الزيتونة تأليف الشيخ محمود شمام
قراءة في كتاب :
نشر في الشعب يوم 27 - 01 - 2007

على الرغم من الرحلة المضنية والثرية التي قطعها من عمره الطويل، شيخنا الوقور محمود بن البشير شمام المولود بالعاصمة التونسية في شهر محرم الحرام سنة 1331 ه الملاقي (حسب قوله) شهر ديسمبر 1912 م وقضاها في عرصات المحاكم وعلى منصات القضاء التونسي بمختلف درجاته من الابتدائي الى التعقيب، في عدة مدن وجهات تونسية اخرها الحاضرة مركز الادارة والحكم منذ القرون العديدة،
ولأنه جذبه الحنين وهزه الشوق الى الوسط العلمي والثقافي الاصيل الذي نشأ فيه وتربى وتخرج منه ودرس به وعرف شيوخه وشبابه واخبارهم جميعا وأجواءهم الظاهرة والخفية متمثلا بما قاله قبله الباجي المسعودي في الحنين الى البيئة الزيتونية العريقة منشأ شبابي وأترابي ومرضعتي ثدي العلوم الذي لا زال يأويني لما كان كل لك كذلك واكثر عقد العزم على ان يتوج نشاطه المتواصل ويرصّع آثاره الفكرية بجوهرة فريدة لامعة فكان هذا الكتاب الضخم (اكثر من 600 صفحة) والأنيق بورقه الصقيل وصوره التاريخية الموضحة وطبعته الفاخرة (اعلام من الزيتونة ج 1) لم يلبث ان أردفه بجزء 2 وأكملهما ب : اعلام من المدرسة الصادقية واختار لظهور العنوان الاول مناسبة فريدة من نوعها من بداية الاستقلال المجيد وهي الاحتفال الرسمي والقومي بمرور ثلاثة عشر قرنا مضت على تأسيس جامع الزيتونة الذي كان عبر تاريخه الطويل معمورا بأهله من مشائخ أجلاء وطلاب نجباء وخاصة طيلة عهد الاستعمار الفرنسي للمغرب العربي بأقطاره الثلاثة التي اتقدت جذوة الوطنية والنضال التحريري فيها انطلاقا من حلقات دروسه ومحاضرات أعلامه ولقاءاتهم بين عرصاته، وهذا الاحتفال المجيد على مستوى الشعب والحكومة نظمته سلطة العهد الجديد في نهاية عشريتها الاولى اي سنة 1417 ه الملاقي 1996 في اطار التصالح مع الهوية الاصيلة ورد الاعتبار لهذا المعلم الذي تعطل تعليمه وتوقف نشاطه بضربة ولسان حاله يصيح: سيذكرني قومي اذا جد جدهم. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
قلت في هذه المناسبة الثمينة والفريدة من نوعها في تاريخ تونس المستقلة أبى ابن الزيتونة البار وبقية سلفها الصالح الاستاذ المربي والقاضي الضليع الشيخ الوقور المحترم السيد محمود شمام الا ان يساهم بعمل مشهود فكان هذا الكتاب الذي يشكل سفرا ضخما ومرجعا رائعا يسد ثلمة واسعة في المكتبة التونسية والعربية قاطبة وذلك في مجال التعريب والترجمة الذاتية لعلماء اعلام ومصلحين رواد وشيوخ بررة كاد يلفهم النسيان ويضيع ذكرهم في غمرة الانانية المفرطة والحقد الدفين الموروث عن الاستعمار البغيض ورموزه العاملين بكل الوسائل لمحو هوية البلاد وشعبها العربي المسلم وطمس معالم الثقافة الاصيلة ولغتها النبيلة ومن يحملها ويذود عنها ويضحي في سبيلها طيلة قرن مضى وزيادة (1881 1981) والناظر في هذا الكتاب وما حوى وما قام به صاحبه ومن وعى سيكتشف انه كتاب وفاء وذكرى، وان عمله تأكيد انتماء لشريحة بارزة في المجتمع التونسي ابان الاحتلال الغاشم الواقف بالمرصاد لكل تحرك وطني اصيل او عمل ايجابي يحمي هوية البلاد ويحفظ مكانتها، وانه كتاب تأريخ لحقبة زاخرة من تاريخ بلادنا برز فيها رجال اعلام مؤسسون في السياسة والصحافة وتوعية الشعب واصلاح حياته ومؤسساته التعليمية والجمعياتية وطبعوا الحياة العلمية والفكرية والثقافية والقضائية في مراكز مثلت الريادة امام سطوة الاجنبي الغاصب لخيرات البلاد والمسيطر على مقدراتها بهدف بناء امبراطورية فرنسية واسعة من وراء البحر المتوسط تمحى فيها الشخصية العربية المسلمة وتندثر الذاتية الوطنية الصادقة، وكثيرا ما نجد المؤلف الكريم يتجاوز الترجمة الشخصية لأعلام الزيتونة الى ابراز جوانب من الاحداث الواقعة في حياتهم ودورهم في معالجتها فهذا الشيخ (عدل الاشهاد) محمد مناشو الذي يندرج من اصل أندلسي استقر أجداده بالعاصمة التونسية وتخرج هو من التعليم الزيتوني ليباشر العدالة والتعليم الحر لتربية الشبان وكان مولعا بالكتابة والنقد والاصلاح في الصحافة والمسرح والنوادي والجعيات حتى عدّه الاستاذان: عز الدين المدني ومحمد السقانجي في كتابهما (رواد التأليف المسرحي) من رواد التأليف المسرحي ومن دعاة النهضة الفكرية والسياسية والاجتماعية الف عدة كتب مدرسية ونظم مجموعة هامة من الاناشيد الوطنية لتلاميذ المدارس وغيرهم وحضر في أول لجنة لاصلاح التعليم الزيتوني ومن اعضائها الشيخ سالم بوحاجب تحت رئاسة الوزير بوعتور فتقدم مدير المعارف الفرنسي باقتراح (يسعى الى ادخال التعليم الزيتوني تحت انظاره لان دولته تعتبر جامع الزيتونة معقلا يقف في وجه انتشار وتغلغل اللسان الفرنسي وبالتالي الاستعمار الفكري فيجب ترويضه وتطويعه تحت ادارة المعارف الفرنسية بتونس) فأثار الشيخ مناشو ضجة تحولت الى معركة قومية خاضها الوطنيون وانتهى الامر بأن تقرر فصل جامع الزيتونة عن ادارة المعارف وجعله مرتبطا بالوزارة الكبرى وتوالت الاحداث وتعددت المعارك الاصلاحية التي كانت تشكل امتدادا واضحا لما كان يطمح اليه وينادي به عميد الاصلاح الوطني العريق المناضل خير الدين باشا، وتتأكد اهمية هذا الكتاب النفيس واهمية الحرص على اقتنائه كي لا تبقى مكتبة خاصة او عامة خالية منه والا فانها قفرا مهما امتلأت، عندما يغوص الاستاذ شمام في حديثه عن اعلام (ملأوا الدنيا وشغلوا الناس) في وقتهم وفي مجالات العلم والقضاء والعمل الاجتماعي والجمعياتي والتربوي، فهذا الشيخ مناشو سالف الذكر يساهم ويدير اول مدرسة حرة لتعليم اللغة العربية بأسلوب بيداغوجي عصري يعتمد الكتب الحديثة التي ألفها هو مبسطة وميسرة حتى انتصر في معركته ضد خصوم اللغة العربية وذلك حين ظهرت نتائج هذه المدرسة في مقدرة ابنائها وبروزهم في الامتحانات وتنظيم المباريات الادبية والعلمية التي نالت ابتهاج واعجاب الاهالي لا سيما عند سماع الاناشيد المدرسية والوطنية التي برز في نظمها الشيخ مناشو. وهذا الشيخ المختار بن محمود مؤسس (جمعية الشبان المسلمين) لرعاية الجيل الصاعد وتوجيههم وجهة الخير والصلاح، والعلاّمة البحر محمد الفاضل بن عاشور الرئيس الاول لمنظمتنا العتيدة (الاتحاد العام التونسي للشغل) الذي أسس وركّز الاتحادات الجهوية بسوسة وصفاقس وقابس وقفصة وقادها بحكمة وبصيرة، كما أسس أول نقابة طلابية تتزعم الطلبة الزيتونية وتطالب بحقوقهم وتنظم وتقود أعمالهم ونشاطهم وهي (منظمة صوت الطالب الزيتوني) ثم محمود الباجي القاضي الضليع والكاتب الصحفي النشيط الذي اسس بعد تقاعده عن القضاء (جمعية المحافظة على القرآن الكريم)، في اخر ستينيات القرن الماضي، وغير هؤلاء ممن كانت تعج بهم الساحة الثقافية ومنابر الجمعيات والنوادي التي تمتد في البلاد طولا وعرضا... ولقد عرفت هذا القاضي الكريم والمؤلف القدير عن طريق اعجابي وتقديري بصنوه وشقيقه شيخي واستاذي المحترم المرحوم (محمد شمام 1909 1991) الذي كان غاية في الزهد والورع والاخلاص المهني والاتساع العلمي والميل الى النصح وتوجيه التلاميذ التي هي أقوم، ومنه وبه انتقل اتصالي الى شقيقه هذا مؤلف الاعلام الذي عرفت فيه السماحة والكرم ودماثة الاخلاق، فقد أهداني مشكورا نسخة مما تبقى من كتبه العديدة والمفيدة واخرها الاعلام هذا بأقسامه الثلاثة سابقة الذكر، وكتاب عن رائدة الحركة النسائية المناضلة المغمورة بشيرة بن مراد، وكتاب عن مدينة رادس وأمجادها في الماضي والحاضر، وكتاب عن ذكرياته في القضاء وعلاقة بورقيبة به وهي كلها جليلة القدر وعظيمة النفع قدمها هدية لشخصي المتواضع مبدؤه بخط يده ممهورة بإمضاء المحترم فتقبلتها قبولا حسنا وتشرفت بحوزها واستفدت من اطلاعي عليها وبادلت صاحبها التحية العطرة والشكر الجزيل وقمت بزيارته اكثر من مرة في مسكنه الأنيق بقلب مدينة رادس الفيحاء وتشرفت بمجلسه والتزود من فوائده الجمّة. فتذكرت بحضرته نده وصديقه الذي عاشره وأحبه حبا جما وحزن على فقدانه حزنا عميقا من خلال حديثه عنه وتمجيده في اكثر من موضع من كتبه ومجالسه وأحاديثه كلها وهو العالم طيب الذكر واسع العلوم والمعارف والمناضل الصادق استاذي المبجل المغفور له محمد الفاضل بن عاشور (1909 1970) الذي أحب العلم والمعرفة وأحب الصلاح والاصلاح وأحب الافادة لكل الناس في حبه الناس جميعا وخلدوا ذكره وصنفوه من الأفذاذ العمالقة ح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.