قال أديبنا العربي أبو حيان التوحيدي قديما: »الكلام على الكلام صعب« ويكون هذا أعسر إذا كان الرد على موقف أستاذة كنت قد جلست إليها في مقاعد الدرس تنصت إليها باهتمام حتى تستفيد من علمها وثقافتها في اختصاص اسمه علم الاجتماع وهنا أقصد بالتحديد الدكتورة رياض الزغل التي أحدث تدخلها أخيرا في مجلس المستشارين ضجة إعلامية وردود فعل جلها استنكرت وشجبت ما قالته حول الآذان بأنه مزعج يقلق المتساكنين ويفقد خاصة طلاب العلم سواء في الثانوية أم الجامعة التركيز وهذا أمر حسب رأيها لا بد من الإسراع لمعالجته وإيجاد الوسائل الكفيلة بالحد مما يحدث الأذان من صداع ونشاز مقلق عواقبه وخيمة على تكوين ناشئتنا ولو أن دوام زمن الآذان لا يتعدى أكثر من 10 دقائق في مجمل الصلوات الخمس. أستاذتي أنا لا أناقش موقفك ولست مخولا ولا أريد أن أكون كذلك خاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه السجالات والمطارحات حول المواضيع الدينية التي وصلت إلى حد تعصب كل طرف برأيه إن لم نقل أن الحوار والاختلاف تحول إلى السباب والشتم ولكن أريد أن أستسمحك لكي تجيبي عن بعض تساؤلاتي حتى يتبين لي الخيط الأبيض من الخيط الأسود. الدكتورة رياض الزغل مسؤولة في التجمع الدستوري الديمقراطي منذ سنوات عديدة وهي عضو في اللجنة المركزية للحزب ومجلس المستشارين ولكننا في المقابل على حد علمنا لم نسمع لها في يوم من الأيام موقفا يدافع عن البنية التحتية التي لم تعد موجودة في جل شوارع وضواحي مدينة صفاقس والحال أنها ابنة هذه المدينة ولا رأيا حول الزبالة التي أصبحت متراكمة ولا حول التلوث البيئي الذي أتى و يأتي وسيأتي على الأخضر واليابس من جراء NPK والمجمع الكيميائي السياب هذين العدويين اللدودين للبيئة والطبيعة بصفاقس مما جعل الأمراض الخطيرة تستفحل يوما بعد يوم في أجساد أبنائها، وهل تعلمين دكتورة رياض كل العلم أن أهالي هذه الولاية يعيشون منذ عقود ثلاثة فصول في السنة فقط جراء حرمانهم من البحر الذي قضى عليه التلوث القضاء المبرم وهل جاءك خبر القنطرة الذي مرت على أشغالها سنوات وسنوات دون أن تنتهي وكاد أهالي صفاقس أن يخرجوا في يوم من الأيام صائحين: »نموت نموت وتحيى القنطرة...« أما فيما يخص الإزعاج الذي يؤثر على المتساكنين وأبنائنا الطلبة والتلاميذ فأنا أسألك أستاذتي الكريمة هل أتى عليك حين من الدهر لم تشاهدي فيه وتر المقاهي الصاخبة والمشارب المتلاصقة أمام مدارسنا ومعاهدنا وكلياتنا مكتظة بالتلاميذ والطلبة والنازحين والمتسكعين المنحرفين في أعمار مختلفة... وأنا أدعوك إن شئت أن تقفي على مصادر الصخب والتي تشنج الأعصاب فعلا، أن تزوري المدارس والكليات والمؤسسات التربوية عموما وأن تشاهدي ما يقع داخلها من أشغال تحدث أصواتا مزعجة بسبب الجرارات والتراكسات والتجمعات العمالية وعلى سبيل المثال لا الحصر الأشغال بالمعهد التحضيري للهندسة ومعهد 15 نوفمبر 1955 والحال أن التلاميذ والطلبة في فترة امتحانات فالوزارة تفرط في أيام العطل لتنجز الصيانة والبناء أيام الدراسة - كالنجار الأسطى حسن الذي كان يحلو له أن يفتح دكانه حين يقيل الناس أو في الهزيع الثاني من الليل - ...هذا فضلا عن وجود هذه المعاهد والمدارس في وسط المدينة التي ضاقت بحملها تلوثا وضجيجا وأوساخا. أستاذتي الكريمة، إن معظم تساؤلاتي تروم المنهجية وضرورة الغوص في الأولويات والضروريات قبل أي شيء آخر وهي لعمري أشياء حفظناها منك وتلقيناها عندك على مقاعد الدرس.