بداية من الغد: اضطراب وانقطاع توزيع المياه بهذه المناطق..#خبر_عاجل    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    دوّار هيشر: السجن 5 سنوات لطفل شارك في جريمة قتل    المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في زيارة إلى تونس    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    جمعية الأطباء التونسيين في ألمانيا تدعو إلى ضرورة إحداث تغيير جذري يعيد الاعتبار للطبيب الشاب    الإدارة العامة للأداءات تُحدد آجال إيداع التصاريح الشهرية والسنوية لشهر ماي 2025    في المحمدية :حجز عملة أجنبية مدلسة..وهذه التفاصيل..    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    وفد من هيئة الانتخابات في رومانيا لملاحظة الانتخابات الرئاسية    ربط أكثر من 3500 مؤسسة تربوية بشبكة الألياف البصرية ذات التدفق العالي بالأنترنات    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل/ في نشرة متابعة: تقلبات جوية وامطار رعدية بعد الظهر بهذه الولايات..    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    حكم قضائي في حق اجنبي متهم في قضية ذات شبهة ارهابية    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    بوشبكة.. حجز أجهزة إتصال متطورة لدى اجنبي اجتاز الحدود بطريقة غير قانونية    طقس الليلة.. أمطار رعدية بعدد من الجهات    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«شكرًا بن علي»
بقلم الطّايع الهراغي
نشر في الشعب يوم 12 - 03 - 2011

لنتّفِقْ أوّلاً علي أنّ الغباء حقّ طبيعيّ ولنتّفقْ ثانيا على أنّه فنّ إذا ما تمكّن من صاحبه وتمثّله على أنّه رديف الذّكاء تفنّن في تزويقه حتّى يشي بنقيضه ولنتّفقْ ثالثا على أنّ الغباء اذا افترضنا انه عائق فإنّه في المقابل نعْمة.
فشكرا لبن علي وألف شكر للطبيعة التي منّتْ علينا وكم في الدنيا من مفارقات بحاكم هو مثال الغباء.
استغلّ الشعبُ التونسي زهو بن علي بالحكم وتماثله مع الكرسيّ وانتشاءه بالاستبداد فأوغل في دفع الوهم الى منتهاه لم يبخلْ الشعب على بن علي بألقاب زيّنتْ له كلّ قبيح: صانع التغيير رافع التحديات زين الشباب راعي حقوق الانسان حنّبعل تونس حامي حمى الدين والوطن حاشيته وما أكثرها. صلف الرجل وانحباس عقله وصدأ تفكيره باتت حاشيته العوبة تقرأ ما يريده منها فتتفنّن في تسويقه مسرحيّةً متقنة الاخراج وغاب عن بن علي وحاشيته انّ تصعيد الولاء الواعي والمقصود في لعبة هادفة سيقود حتما الى تمرّد حالما تحنّ الذّات الى التّصالح مع نفسها فتنتفض على ما صنعته عمدا ونحتت بريقه قصدًا.
أوغل الشّعب في تضميد جراحه والتلذّذ بها فكفى الحاكم عناء علاجها وصدّق ان ذلك عينُ الوفاء.
أدرك الشعبُ أنْ ليس له ما يساوم عليه فلم لا يوهم الحاكم بالرّضا والتصالح في انتظار لحظة التجلّي.
تملّق الشعبُ لبن علي فسدّ عليه كلّ امكانية مبادلته تملّق بتملّق. فشكرا لهذا على براعته في توظيف غباء حاكمه وشكرا لذاك على انغماسه في وهم تمكّن منه حتّى بات صنْوًا للحقيقة.
شكرا للشعب على ذوبانه في مسرحية علاقته بالحاكم وعلى عقلنته في تسويق الاخراج في مدرسة هي نسيج وحدها.
وشكرا لبن علي أسكرته النّشوة فلم يفرّق بين الجفاء والولاء شكرا لبن علي جثم على رقابنا 23 سنة رئيسا أوحد دون ان يفهمنا فحوّلنا والبعض منّآ رغما عنه الى أعداء له.
شكرا لان عبادته للحكم منذ ما قبل 1987 جرّنا جرّا الى التبرّم بالحاكم سرًّا أحيانا وإعلانا أحيانا أخرى.
شكرا لبن علي لأنّ غباءك حال دون مجرّد التفكير في تملّقنا أليس ذلك نعمة من الطبيعة لنا عليك.
شكرا لانّك دفعتنا دفعا إلى الشك والشك كما لا تعلم وكما يعلم الجميع بوّابة اليقين.
شكرا لأنّك حجبت عنا كل يقين فأقنعتنا ان التلخّص منك هو اليقين جاملناك فانتعشت وعمدناك فانتشيت فسهّلْت علينا الفرز بين من كان منك ومن كان عليك ومن كان منّا ومن كان علينا.
شكرا استاذ بن علي ادام اللّه عزّك وخلد مآثرك وأطال أنفاسك حتّى تستفيد البشرية من ارثك المعرفي وكشفك المبين فقد اهتدينا بفضلك الى انّ للغباء كما النّباهة أفضالا ليس أقلّها ادراك الفروق بين الذّكاء والتذاكي والحكمة والحمق والعدل والاستداد، علّمتنا عمّم الله علمك كيف تتملّق الحاكم حتى يفيض التملّق فيتحوّل الى سلاح وخديعة.
علّمتنا كيف نصفّق لك كرها لا استرضاء أليس بضدّها تُعرف الاشياء كما يقول أسلافنا؟ وهذه يا استاذ لم نتعلّمها في مدارس بل هي من نعمك علينا، فألف لعنة على من عميت بصائرهم فلم يدركوا كم كنت لنا وعلينا رحمة.
أليس من الحكمة يا أستاذ أن نناشد جامعاتنا ومدارسنا إدراج محور تربويّ حول أفضال الغباء غباء الحكام على المحكومين؟ ولم لا نستسمح ابن رشد في تحويل كتابه »فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتّصال« الى كتاب في »حسم المقال في ما بين الغباء والفطنة من وصال«؟.
وما جدوى كتابه »تهافت التهافت« أمام كتابك »تهافت التغافل وثبات العاقل«؟ وما ضرّ ابن المقفّع لو استعضنا عن كتابه »كليلة ودمنة« بكتاب العصر »بن علي وليلى« وأضفنا فقط »ذلك من نعم اللّه علينا«؟
❊ وشكرا أيضا
كلّ الامتنان لبن علي وكل الشّكر لمريديه بالأمس وما بالعهد من قدم له يهلّلون وبكل بركاته يلهجون.
وفاء له واستلهاما لسياسته الرشيدة في الاستغباء واستلهاما من فلسفته باتوا اليوم جهابذة في فنّ الهجاء لك وليّ نعمتهم مريدوك بالأمس، مريدو الحكومة المؤقّتة اليوم لم يبخلوا علينا وأيم اللّه بالنّصح والارشاد والذّود عن مصالح العباد، بالامس فرضوا الفراغ واليوم يحذّرون من خلق الفراغ فلا فضّ فوهم ولا تعّطلت قريحتهم وهدانا اللّه إلى الاهتداء ببصيرتهم.
مريدوك لم ينتظروا انتدابا من حكومة الفرقة لتلميع صورتها والاشادة بمشروعيتها والتبشير ببركاتها ولولا ان دم الشهيد لم يجفّ بعدُ لنصّبوا أنفسهم أوصياء على الحكومة واستصدروا مراسيم تخوين لكل من تسوّل له نفسه مجرّد التفكير في نقد تلكّؤها فما بالك بالتشكيك في هويتها وشرعيتها.
مريدوك يا استاذ وقد تمرّسوا في مدرستك على فنون التزّلف لم ينتظروا طويلا فما ان تأكدوا أنّ رحيلك بات حقيقة حتّى اصطفوا فرادى وجماعات في طوابير يعلنون الولاء ويسبّحون بحمد الحكومة ولم يفتهم تحذير الشعب من مغبّة عدنا الى الغباء التنكّر لوليّ النعيم.
بالأمس يندّدون بدعاة اسقاط النظام المتساقط بطبعه واليوم يشجبون الرغبة في اسقاط حكومة الالتفاف منطق جدُّ سليم فهم بالعربي الفصيح بطيؤوا الفهم مع كلّ نظام.
❊ في باب التخيّل
ماذا يا السيد بن علي لو شاءت الاقدار ومفاجآت التاريخ ومهازله كثيرة ماذا لو عدت إلى الحكم؟
ماذا لو كان الشّعبُ يمزح كما يقول اخواننا المصريون تنكيتا لا حقيقة؟ أغلب الظنّ وان كان بعض الظّن اثما أنهم سيرتمون في أحضانك لاعنين الارض والسماء والناس والانبياء ولكن ماذا لو أذعنت للامر الواقع وفضّلت الفرجة وزكيّت الحكومة حكومتك لا تبتئس يا مولانا فأتباعك أتباع كلّ نظام سيهللون لحكمتك ويثنون على عبقريتك دون خجل وأيم اللّه.
فاحذر أيّها الشعب كل تائب. واحذروا أيها الحكام كل متملّق عنيد فهو معكم وعليكم، فمن يحلّ المعضلة؟ ومن يفكّ طلاسم المسألة؟ من؟
أما نحن سنظلّ نقاوم ونقاوم إذ ليس لنا ما عليه نساوم.
نقاوم الاعوجاج
نقاوم الارتداد
نقاوم التلكّؤ
نقاوم الالتفاف
نقاوم استمرار القديم
نقاوم تردّد الجديد
نقاوم لعنة التأييد
نقاوم الاصرار على التأييد.
نقاوم من اعتنقوا الفرجة لحظة الحسم وخدموا النّظام حتى حين كان يلفظ أنفاسه الاخيرة ليجدوا من الوقاحة السياسية ما يسمح لهم بالانخراط في هجاء بن علي قولا وخدمة سياسته وتأييدها فعلا نقاوم من اعتلوا شتّى المنابر ليصبحوا أساتذة في تدريس الشعب خطر الانسياق وراء العاطفة والدّفع إلى المجهول وارباك الحكومة المؤقّتة.
نقاوم دعاة »ليس في الامكان أحسن مما هو كائن« حتّى لو كان هذا الكائن نموذجا لمهزلة سيّئة الاخراج نقاوم من دبّج عكّاظيات مدح يكفيها تبديل الاسم لتخرق الزّمان والمكان والملابسات.
نقاوم من لم يخجل من نفسه حتى لما كانت قوافل الشهداء تعلن نهاية »الهدنة« مع نظام لم يهادن حتى أتباعه ليتحوّلوا بقدرة قادر الى مؤرخين للثورة، ارتزقوا من نظام بن علي ويجهدون اليوم للارتزاق من الوضع الثوريّ بكل صفاقة ووقاحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.