نفوق دلفين في شاطئ حمّام الأنف يثير القلق حول تلوّث المياه وغياب الحوكمة البيئية    بسبب تصريح "يرقى إلى جريمة إهانة الرئيس".. النيابة تحقق مجددا مع زعيم المعارضة التركية    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات "تكساس هيل كنتري" إلى 82 قتيلاً    ترامب يعلن فرض 10% رسوم إضافية على الدول الداعمة لسياسات "بريكس"    ترامب: هناك 'فرصة جيدة' للتوصل إلى اتفاق بشأن هدنة في غزة هذا الأسبوع    تدفق سياحي جزائري قوي نحو جندوبة : أكثر من 95 ألف زائر خلال جوان 2025    ميناء المياه العميقة بالنفيضة قريبًا ضمن المشاريع الاستراتيجية لتسريع إنجازه    الكرة الطائرة – بطولة الصداقة: بعد الجزائر، تونس تفوز على ليبيا (فيديو)    كأس العالم للأندية: حسب إحصائيات Opta، المرشح الأبرز هو…    ارتفاع ترتفع درجات الحرارة يوم غد الاثنين: المعهد الوطني للرصد الجوي يوضح    ترامب يعلن حالة الطوارئ في مقاطعة بولاية تكساس بسبب الفيضانات    تجميع 9.2 مليون قنطار من الحبوب    الباحث حسين الرحيلي: لم نخرج بعد من خطر الشح المائي    «ميركاتو» كرة اليد في النادي الإفريقي: 5 انتدابات ترفع سقف الطموحات    أخبار مستقبل سليمان .. اتفاق مع معز بن شريفية والفريق مُنفتح على التعامل مع كل الجمعيات    مقترح قانون لتسوية وضعية المباني المخالفة لرخص البناء    الليلة: الحرارة تتراوح بين 25 و34 درجة    إعطاء إشارة انطلاق البرنامج الوطني للأنشطة الصيفية والسياحة الشبابية 2025    الفنانة نبيلة عبيد تستغيث بوزير الثقافة المصري: 'أودي تاريخي فين؟'    وائل كفوري يثير الجدل بصورة من حفل زفافه ويعلن نشر فيديو الزواج قريبًا.. فما القصة؟!    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    صحتك في الصيف: المشروبات الباردة والحلويّات: عادات غذائية صيفية «تُدمّر» الفمّ والأسنان !    صفاقس : إفتتاح الدورة الثانية للأيام التنشيطية الثقافية والرياضية بفضاء شاطئ القراقنة لتتواصل إلى يوم 25 جويلية    بنزرت: تحرير 40 مخالفة إثر حملة رقابية مشتركة بشاطئ كوكو بمعتمدية أوتيك    هام/ وزارة السياحة: خطّ أخضر للتشكّيات..    "ائتلاف صمود" يواصل مشاوراته حول مبادرة "العقد السياسي الجديد": نحو توافق مدني واسع يعيد التوازن السياسي    كرة السلة – البطولة العربية سيدات : تونس تتغلب على الأردن وتلتقي مصر في النهائي (فيديو)    بطريقة هوليودية: يسرق محل مجوهرات ويستولي على ذهب بقيمة تتجاوز 400 ألف دينار..وهذه التفاصيل..    فاجعة تهز هذه الجهة/ بفارق ساعتين: وفاة زوجين في نفس اليوم..!    تونس – الطقس: استمرار العواصف الرعدية على الجهة الغربية من البلاد    انطلاق موسم جني الطماطم الفصلية بولاية سيدي بوزيد    ممثلو وزارة المالية يدعون في جلسة استماع صلب لجنة الفلاحة الى الحفاظ على ديوان الاراضي الدولية الفلاحية بدل تصفيته    وزارة الثقافة تنعى فقيد الأسرة الثقافية فتحي بن مسعود العجمي    بن عروس: "تمتع بالصيف وخلي البحر نظيف" عنوان تظاهرة بيئية متعددة الفقرات على شاطئ حمام الشط    كاس العالم للاندية: مدرب بايرن ميونيخ غاضب بسبب إصابة لاعبه موسيالا    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني"    تطبيقة جديدة: التصريح بالعملة عن بعد يدخل حيّز الاستعمال قريبًا    181 ألف شاب ينتفعون ببرنامج صيفي جديد لمكافحة الإدمان    كيفاش تتصرف كي تشوف دخان أو نار في الغابة؟ خطوات بسيطة تنقذ بلادنا    الصباح ولا العشية؟ أفضل وقت للعومان    هاو الخطر وقت تعوم في عزّ القايلة..التفاصيل    في موجة الحرّ: الماء أحسن من المشروبات المثلّجة    وقتاش تعطي الماء للرضيع من غير ما تضره؟    عاجل/ للمطالبة بفتح المفاوضات الإجتماعية : إقرار مبدأ الإضراب الجهوي في القطاع الخاص بهذه الولاية..    إحداث لجنة وطنية لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي    قائمة الفرق الأكثر أرباحًا في مونديال الأندية 2025 ... بعد انتهاء الدور ربع النهائي – أرقام قياسية ومكافآت ضخمة    البكالوريا دورة المراقبة: هذا موعد انطلاق التسجيل عبر الإرساليات القصيرة..    وزارة الفلاحة تضع أرقاما للتبليغ الفوري عن الحرائق    عادل إمام يتوسط عائلته في صورة نادرة بعد غياب طويل بمناسبة عقد قران حفيده    نوردو ... رحلة فنان لم يفقد البوصلة    اليوم..انطلاق قمة "بريكس" في ريو دي جانيرو بمشاركة بوتين    اليوم الأحد: الدخول مجاني إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    بالمرصاد : لنعوّض رجم الشيطان برجم خونة الوطن    نادي ليفربول يقرر دفع المبلغ المتبقي من عقد جوتا لعائلته    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    الفرجاني يلتقي فريقا من منظمة الصحة العالمية في ختام مهمته في تقييم نظم تنظيم الأدوية واللقاحات بتونس    









«شكرًا بن علي»
بقلم الطّايع الهراغي
نشر في الشعب يوم 12 - 03 - 2011

لنتّفِقْ أوّلاً علي أنّ الغباء حقّ طبيعيّ ولنتّفقْ ثانيا على أنّه فنّ إذا ما تمكّن من صاحبه وتمثّله على أنّه رديف الذّكاء تفنّن في تزويقه حتّى يشي بنقيضه ولنتّفقْ ثالثا على أنّ الغباء اذا افترضنا انه عائق فإنّه في المقابل نعْمة.
فشكرا لبن علي وألف شكر للطبيعة التي منّتْ علينا وكم في الدنيا من مفارقات بحاكم هو مثال الغباء.
استغلّ الشعبُ التونسي زهو بن علي بالحكم وتماثله مع الكرسيّ وانتشاءه بالاستبداد فأوغل في دفع الوهم الى منتهاه لم يبخلْ الشعب على بن علي بألقاب زيّنتْ له كلّ قبيح: صانع التغيير رافع التحديات زين الشباب راعي حقوق الانسان حنّبعل تونس حامي حمى الدين والوطن حاشيته وما أكثرها. صلف الرجل وانحباس عقله وصدأ تفكيره باتت حاشيته العوبة تقرأ ما يريده منها فتتفنّن في تسويقه مسرحيّةً متقنة الاخراج وغاب عن بن علي وحاشيته انّ تصعيد الولاء الواعي والمقصود في لعبة هادفة سيقود حتما الى تمرّد حالما تحنّ الذّات الى التّصالح مع نفسها فتنتفض على ما صنعته عمدا ونحتت بريقه قصدًا.
أوغل الشّعب في تضميد جراحه والتلذّذ بها فكفى الحاكم عناء علاجها وصدّق ان ذلك عينُ الوفاء.
أدرك الشعبُ أنْ ليس له ما يساوم عليه فلم لا يوهم الحاكم بالرّضا والتصالح في انتظار لحظة التجلّي.
تملّق الشعبُ لبن علي فسدّ عليه كلّ امكانية مبادلته تملّق بتملّق. فشكرا لهذا على براعته في توظيف غباء حاكمه وشكرا لذاك على انغماسه في وهم تمكّن منه حتّى بات صنْوًا للحقيقة.
شكرا للشعب على ذوبانه في مسرحية علاقته بالحاكم وعلى عقلنته في تسويق الاخراج في مدرسة هي نسيج وحدها.
وشكرا لبن علي أسكرته النّشوة فلم يفرّق بين الجفاء والولاء شكرا لبن علي جثم على رقابنا 23 سنة رئيسا أوحد دون ان يفهمنا فحوّلنا والبعض منّآ رغما عنه الى أعداء له.
شكرا لان عبادته للحكم منذ ما قبل 1987 جرّنا جرّا الى التبرّم بالحاكم سرًّا أحيانا وإعلانا أحيانا أخرى.
شكرا لبن علي لأنّ غباءك حال دون مجرّد التفكير في تملّقنا أليس ذلك نعمة من الطبيعة لنا عليك.
شكرا لانّك دفعتنا دفعا إلى الشك والشك كما لا تعلم وكما يعلم الجميع بوّابة اليقين.
شكرا لأنّك حجبت عنا كل يقين فأقنعتنا ان التلخّص منك هو اليقين جاملناك فانتعشت وعمدناك فانتشيت فسهّلْت علينا الفرز بين من كان منك ومن كان عليك ومن كان منّا ومن كان علينا.
شكرا استاذ بن علي ادام اللّه عزّك وخلد مآثرك وأطال أنفاسك حتّى تستفيد البشرية من ارثك المعرفي وكشفك المبين فقد اهتدينا بفضلك الى انّ للغباء كما النّباهة أفضالا ليس أقلّها ادراك الفروق بين الذّكاء والتذاكي والحكمة والحمق والعدل والاستداد، علّمتنا عمّم الله علمك كيف تتملّق الحاكم حتى يفيض التملّق فيتحوّل الى سلاح وخديعة.
علّمتنا كيف نصفّق لك كرها لا استرضاء أليس بضدّها تُعرف الاشياء كما يقول أسلافنا؟ وهذه يا استاذ لم نتعلّمها في مدارس بل هي من نعمك علينا، فألف لعنة على من عميت بصائرهم فلم يدركوا كم كنت لنا وعلينا رحمة.
أليس من الحكمة يا أستاذ أن نناشد جامعاتنا ومدارسنا إدراج محور تربويّ حول أفضال الغباء غباء الحكام على المحكومين؟ ولم لا نستسمح ابن رشد في تحويل كتابه »فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتّصال« الى كتاب في »حسم المقال في ما بين الغباء والفطنة من وصال«؟.
وما جدوى كتابه »تهافت التهافت« أمام كتابك »تهافت التغافل وثبات العاقل«؟ وما ضرّ ابن المقفّع لو استعضنا عن كتابه »كليلة ودمنة« بكتاب العصر »بن علي وليلى« وأضفنا فقط »ذلك من نعم اللّه علينا«؟
❊ وشكرا أيضا
كلّ الامتنان لبن علي وكل الشّكر لمريديه بالأمس وما بالعهد من قدم له يهلّلون وبكل بركاته يلهجون.
وفاء له واستلهاما لسياسته الرشيدة في الاستغباء واستلهاما من فلسفته باتوا اليوم جهابذة في فنّ الهجاء لك وليّ نعمتهم مريدوك بالأمس، مريدو الحكومة المؤقّتة اليوم لم يبخلوا علينا وأيم اللّه بالنّصح والارشاد والذّود عن مصالح العباد، بالامس فرضوا الفراغ واليوم يحذّرون من خلق الفراغ فلا فضّ فوهم ولا تعّطلت قريحتهم وهدانا اللّه إلى الاهتداء ببصيرتهم.
مريدوك لم ينتظروا انتدابا من حكومة الفرقة لتلميع صورتها والاشادة بمشروعيتها والتبشير ببركاتها ولولا ان دم الشهيد لم يجفّ بعدُ لنصّبوا أنفسهم أوصياء على الحكومة واستصدروا مراسيم تخوين لكل من تسوّل له نفسه مجرّد التفكير في نقد تلكّؤها فما بالك بالتشكيك في هويتها وشرعيتها.
مريدوك يا استاذ وقد تمرّسوا في مدرستك على فنون التزّلف لم ينتظروا طويلا فما ان تأكدوا أنّ رحيلك بات حقيقة حتّى اصطفوا فرادى وجماعات في طوابير يعلنون الولاء ويسبّحون بحمد الحكومة ولم يفتهم تحذير الشعب من مغبّة عدنا الى الغباء التنكّر لوليّ النعيم.
بالأمس يندّدون بدعاة اسقاط النظام المتساقط بطبعه واليوم يشجبون الرغبة في اسقاط حكومة الالتفاف منطق جدُّ سليم فهم بالعربي الفصيح بطيؤوا الفهم مع كلّ نظام.
❊ في باب التخيّل
ماذا يا السيد بن علي لو شاءت الاقدار ومفاجآت التاريخ ومهازله كثيرة ماذا لو عدت إلى الحكم؟
ماذا لو كان الشّعبُ يمزح كما يقول اخواننا المصريون تنكيتا لا حقيقة؟ أغلب الظنّ وان كان بعض الظّن اثما أنهم سيرتمون في أحضانك لاعنين الارض والسماء والناس والانبياء ولكن ماذا لو أذعنت للامر الواقع وفضّلت الفرجة وزكيّت الحكومة حكومتك لا تبتئس يا مولانا فأتباعك أتباع كلّ نظام سيهللون لحكمتك ويثنون على عبقريتك دون خجل وأيم اللّه.
فاحذر أيّها الشعب كل تائب. واحذروا أيها الحكام كل متملّق عنيد فهو معكم وعليكم، فمن يحلّ المعضلة؟ ومن يفكّ طلاسم المسألة؟ من؟
أما نحن سنظلّ نقاوم ونقاوم إذ ليس لنا ما عليه نساوم.
نقاوم الاعوجاج
نقاوم الارتداد
نقاوم التلكّؤ
نقاوم الالتفاف
نقاوم استمرار القديم
نقاوم تردّد الجديد
نقاوم لعنة التأييد
نقاوم الاصرار على التأييد.
نقاوم من اعتنقوا الفرجة لحظة الحسم وخدموا النّظام حتى حين كان يلفظ أنفاسه الاخيرة ليجدوا من الوقاحة السياسية ما يسمح لهم بالانخراط في هجاء بن علي قولا وخدمة سياسته وتأييدها فعلا نقاوم من اعتلوا شتّى المنابر ليصبحوا أساتذة في تدريس الشعب خطر الانسياق وراء العاطفة والدّفع إلى المجهول وارباك الحكومة المؤقّتة.
نقاوم دعاة »ليس في الامكان أحسن مما هو كائن« حتّى لو كان هذا الكائن نموذجا لمهزلة سيّئة الاخراج نقاوم من دبّج عكّاظيات مدح يكفيها تبديل الاسم لتخرق الزّمان والمكان والملابسات.
نقاوم من لم يخجل من نفسه حتى لما كانت قوافل الشهداء تعلن نهاية »الهدنة« مع نظام لم يهادن حتى أتباعه ليتحوّلوا بقدرة قادر الى مؤرخين للثورة، ارتزقوا من نظام بن علي ويجهدون اليوم للارتزاق من الوضع الثوريّ بكل صفاقة ووقاحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.