هذه أرض منسيّة خارج أطر التاريخ تتابع نشرات الاخبار بحشرجة مكتومة والآلام تعتصر أطرافها المفصولة... وكلّ الجهات أنكرتها. ... تعمّق الشرخ يا وطني، ومزّقتك سياط الوعّاظ، وانكفأ اللصوص يعلّمونك أبجديات السياسة والنظام. أيتها الثورة الاسمى يوجعك الغدر والطّعنات... فهلاّ حلّقت أعلى؟ من أحرق ثوب الطّهر، وهشّم أشياء عروس بدويّة.. من مزّق ستار العشق البرّي؟ من نهب ثروات الأرض، وامتصّ عرق الفلاحين وسرق دموع العجّز وحليب الأطفال واستلذّ آلامهم؟ من قطف طفولتنا وبراءتنا باسم الدين وحب الوطن عليه لعنة الأرض وسخط السّماء أينما حلّ. أشدّ ما أخشى يا وطني هؤلاء الراقصين كالقردة ممتطين صهوات الرّيح يلوّحون بأسياف خشبيّة، ويغنّونك بأصوات ممجوجة. هؤلاء أعداء يا وطني فاحذرهم. وحدهم الشهداء تعلو شفاههم ابتسامات الرّضى، وأنفسهم مطمئنة في الملكوت، فرصاصات الغدر أينعت ورودا على جباهم وصدورهم. وحدهم الشهداء من حقّهم الرضى لا الذين أحرقوا وتسلّلوا في الليل يعيثون في الأرض شرّا، ومن أفسدوا في الأرض كثر وأمثال الجنرال الايطالي ابّان احتلال ليبيا الذي تابع بالمنظار تحرّكات الثوار قائلا: إنّهم يخرجون من جحورهم كالفئران. أمّا العقيد فأضاف: فئران جرذان... ما أقبح الحكام إذا انقلبوا على شعوبهم فاصبحوا ألدّ من أعداء التاريخ. والأخطر منهم من يحيون فينا وبيننا يتسلّلون، وينصّبون أنفسهم يعلّموننا كيف نحيا... أما آن أن ندخل نارك المقدّسة يا وطني لنحترق علّنا نتطهر من قذارتنا وآثامنا؟