استرجاع مركب شبابي بعد اقتحامه والتحوّز عليه    استعدادات لانجاح الموسم الصيفي    نبيل عمّار يُلقي كلمة رئيس الجمهورية في مؤتمر القمة لمنظمة التعاون الإسلامي    دعوة إلى إصدار القانون المنظّم للعلاقة بين الغرفتين    مشاركة تونسية في معرض الجزائر    برنامج تعاون مع "الفاو"    مع الشروق .. خدعة صفقة تحرير الرهائن    العدوان على غزّة في عيون الصحف العربية والدولية.. حماس في موقف قوة و كل اسرائيل رهينة لديها    الاعتداء على عضو مجلس محلي    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    بنزرت الجنوبية.. وفاة إمرأة وإصابة 3 آخرين في حادث مرور    تدشين أول مخبر تحاليل للأغذية و المنتجات الفلاحية بالشمال الغربي    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    وفاة 14 شخصا جرّاء فيضانات في أندونيسيا    أخصائيون نفسيّون يُحذّرون من أفكار مدرّبي التنمية البشرية    بداية من الثلاثاء المقبل: تقلبات جوية وانخفاض في درجات الحرارة    غدا الأحد.. الدخول إلى كل المتاحف والمعالم الأثرية مجانا    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: لجنة الاستئناف تسقط قائمتي التلمساني وبن تقية    نابل: انتشار سوس النخيل.. عضو المجلس المحلي للتنمية يحذر    قاضي يُحيل كل أعضاء مجلس التربية على التحقيق وجامعة الثانوي تحتج    عاجل/ تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة    كأس الكاف: تونسي ضمن طاقم تحكيم مواجهة نهضة بركان المغربي والزمالك المصري    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    القصرين: حجز بضاعة محلّ سرقة من داخل مؤسسة صناعية    هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعتذر ولا أكابر
شعر: رضا البناني
نشر في الشعب يوم 30 - 04 - 2011


ولن أكون إلاّ مع شهقات الشّهيد
أنحني لصرخات الموتى
ولهاث الفارّين من لهيب اللظى
لمن يخرجون كلّ يوم من أحيائنا الشّعبية
يقاتلون من أجل الخبز والماء
أعتذر لأنين سكننا منذ الأزمان
ومع ذلك لم نكن في الموعد
ويبخل بالموعد الكاذب
ولكنّي لم أكن يوما من أصحاب الجلاّد
ولم أكن من كتلة عبيد سيّء الآداب
مازلت أنحني لمن مزّقوا جدار الصّمت
فاهتزّت الأفئدة لشمس غطّت السّماء
أعتذر مرّة أخرى
لقطرات الدّم وصرخات الشّهيد
ولأنين السّنين والصّمت الحزين
لجيل مزّق أنسجة السّنين
ومقولة لن يستقيم لن يستقيم
فقد تجمّع الغضب وانتهى
إلى حرق القضبان وأصحاب الهوى
وانكتب في كلّ الأنحاء ليسقط الظّلام
فقد أخزاهم اللّه في الأرض وفي السّماء
ونال الشّهيد المكارم والعلى
وانتهت القصور قصبا
تلتهمها النّيران وتتطاول
فتُسقطُ القَشَ فوق كثبان
أشلاء بعد أن ربضت طويلا دون هوادة
أعتذر لأنّي رأيتهم يتهافتون على الحلم ذلاّ ومرتهنا
فأثقلني الصّمت
ولكنّك انتفضت
وبلغت السّماء مجدا وسناء
فأحرقت صدأ المدينة حتّى التهب
وناديت مروّعا
كلّ سجّان غالبه الهوى
وألبست نفسك ثوبا نفيسا مبتسما
فرسموك في كلّ علياء
وقد سكبوا من زمن الذلّ على المدينة كلّها
حتّى مزّقت أشرعتهم مستنفرا
وأعلنت نفسك إماما ومؤذّنا
فأحرقت كلّ المراكب حتّى لا تغرق وسط الهوى
فصرخ النّاس وراءك مردّدين
سقط الظّلام واهترى
وناديت بأصوات محشرجة
بدأتها فلا تركنوا حتّى يسقط الفساد متهاويا
ولكنّك لم ترتقب لترى الجلاّد منهزما
والتحفت فراديس الجنّة
وأنت الحرّ ما خانتك نفسك
صرخت لكرامة وانتهيت ثائرا
ولبست مجد الشّهداء منتصبا
فسلام لك واعتذار لصمت سكننا
حتّى ظهرت وهدّمت فينا أطياف الجبن دون رهبة
فتشكّري ظاهر ورجائي جزل
أعود لأعتذر متوعّدا
كلّ الذين أذلّوا المدينة
واحتقروا سكّانها
أعتذر من جديد
فأنا لست منهم
ولست معهم
ولكنّي مازلت مع الرّافضين للضّيم
والكادحين في كلّ الأزمان
ولهي بك أيها الثّائر
الذي خطّ اسمه نارا في الحناجر الباردة
فخرجت من صمتها صهاريجَ تنتصب
وقد اعتاد النّاس أنّ الأحلام لا تسكر إلاّ في حالة الرّضى
فأثبتّ أنّ الأحلام لا تغزو إلاّ في حالة الغضب
وطهّرت بسحابك المدينة من أوثانها
أعتذر من جديد
لأنّي رأيت النّاس يتهافتون على الحلم ذلاّ
فأبيت وسكنت الموت مفتخرا
وسمعنا بكلّ تأنّ صوت الفخر
يبلّغ السّماء مجدك وسناؤك
عندما أحرقت صدأ المدينة حتّى التهب
فناديت مروّعا
تذكّرت بصوت أخيل
بحشرجة صوت المقهورين
بحسرة »جوبيتير«
كلّ سجّان غالبه الهوى
فتخمّر بأباطيل الخيال
واستند إلى أكداس التّضاليل
فأفاق على وقع نيران الغضب
وصهاريج أنين الجرحى
وصراخ يملأ الأرجاء
هل مات هل مات
فلفّ الصّراخ السّماء والأرض
واعتلى صوتك إماما
فاهتدت بنبراته الملايين
في كلّ الأرجاء وعلى امتداد الأوطان
وتواصل جريان النّهر المذبوح مهدّدا
وطالت الصّرخةُ الصّرخةَ
لا خوف بعد اليوم
فقد طلعت شمس المدائن
وانقشع السّحاب مهرولا متذلّلا
أعتذر فأنا لست معهم
ولست منهم
أنا أعتصر لصرخات المساجين
وأنين الجياع في كلّ الأصقاع
أتابع التّرنيم المتوحّش الأملس
أنا مع صلوات الموتى
أنا مع الشّهيد حيث قبّل
زهرات الأقحوان في كلّ الأزمان
مع هدير الحمام الحزين
مع الصّرخات التي اندفعت من شقوق الزّمان
مع الشّمس التي تقاتل الأهداب الورمة
أعتذر لكلّ قوافل الشّهداء
وأنين الجرحى
وصوت العبور نحو الأمان
أعتذر لصرخات شقّت السّماء
فكانت النّداء وأبرقت في كلّ الأرجاء
أعتذر وأقف واجما
فلن يكون لوجهك وصف
لأنّك الصّدى
لأنّك كنت أوّل الكلام
لأنّك قهرت الزّمان
وأسكتّ أصوات الظّلام
فكنت أكبر من الكلام
أعتذر من جديد
فأنا لم أصاحبهم يوما
وكنت أعشق قلع الأصنام
هذا الغبار المتدلّى على أطراف السّحاب
فهطلت مطرا تطهّر المكان
فكيف أعطيك شكلا
كيف أسمّيك
أيّها الصّديق في العري
أيّها الثّائر عن الرّدى
ماذا أسمّيك
فقد أسكنت العروق غليانا
وألهبت الكلمات
فرسمت للصّامتين خطّ العبور
رسمت للسّاكنين أشكال الأصوات
رسمت للغاضبين أزمان الصّلاة
وناديت مؤذّنا
أنّك صديق »الغفّاري«
وكتبت بطبشورة الزّمان
أنّ التّاريخ الذّي درسناه ركام
وأنّ الأيّام التي سلكناها قبور
وأنّ مدننا أزهار وعطور
أعتذر لكلّ الصّمت الذي يسكن الأموات
للصّمت الذي هدّ أركان الاعتذار
أعتذر للشّهداء في كلّ فضاء
في كلّ صباح وفي كلّ مساء
أعتذر للأنبياء، للعذراء
فأنا لست منهم
ولكن مع سكّان الأحياء
الذين هرعوا لصرخات الشّهداء
الذين طردوا اللّيل
وأجهروا بأصواتهم وسط لهيب النّار
فكسّروا أسوار الخوف في وضح النّهار
والتقوا على أهازيج التّهاليل
وصاروا أسرابا يخيفون الظّلام
هتافا : هذا قليل، هذا قليل،
لن نتفرّق من جديد أمام حرص الأمير
فقد رسمنا مواعيد للكلام
تهدّ صور الأزمان
فكتبنا الحياة على أفواه الصّامتين
اعتذر لكل الذين نادوا بأصوات مجرحة
أعتذر لكلّ الدّموع التي غسّلت الشّهداء
فقد قرّرت أن أكتب
كيف توشَّى الماء بالماء
وكيف تربّينا على خفض الأصوات
فولدت عندنا الكلمات صامتة
وصوت المرأة عورة
ونسينا أنّ التّاريخ ليس سريرا
وأنّ العورة في القناع
أعتذر من جديد
فأنا لست معهم
ولم أكن منهم
إذ لم يكن لهم فضاء يعرف الشّمس
وكان نهارهم مساء
ولم يبصروا إلاّ الأهواء
أنا مع الشّهداء
مع الدّماء التي رسمت خطّا
أنقذ الإنسان في كلّ مكان
وسكب الأوحال على كلّ قتّال وسجّان
أنا مع الذين رسموا بأقدامهم أشجان التّاريخ
وقد أسكن الطّغاة الفقر مدنهم
وطبعوا على الصّقيع بأجسامهم عناوين الأزمان
للعراء الذي سكنهم
مع الذين سكبت عليهم أطنان الأكاذيب
فأغنوهم بالأباطيل والتّضليل
مع الذين عاركوا الأزمان وشظف العيش
مع الذين صرخوا طويلا في وجه السّجان
وهدّوا بصرخاتهم كلّ الأسوار
وهتفوا أنّنا ولدنا أحرار
ولن نعود إلى قبور الصّمت
وكهوف السجّان
وأنّ تونس لن تكون إلاّ للأحرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.