تعبّر هيئة المديرين بالشركة التونسية للملاحة عن عميق استيائها للتجاهل الذي تتعامل به سلطة الاشراف تجاه واقع واهتمامات الشركة، وكذلك لإهمالها المقترحات التي تقدّمت بها الهيئة والتي تهدف إلى الحفاظ على مصالح ومكاسب المؤسسة، ومعالجة الاشكاليات والصعوبات التي يمكن أن تعيق مشاريعها الاستثماريّة ومسيرتها. وقد سادت الحيرة والاستغراب أعضاء الهيئة المديرة منذ اقتراح وزارة النقل والتجهيز على مجلس ادارة الشركة مديرًا عاما مساعدًا على خلاف الصيغ الجاري بها العمل حيث أنّه من المتعارف عليه أن تكون التسمية في هذه الخطّة من بين اطارات الشركة وبمقترح من الرئيس المدير العام، كما تردّدت أصداء في الأوساط المهنية التونسية والفرنسيّة مفادها نيّة السيد وزير النقل والتجهيز في الحكومة المؤقتة تعيين رئيس مدير عام جديد للشركة التونسية للملاحة، يشاع أنّه اطار من اطارات شركة عالميّة منافسة سعت في سنة 2007 إلى فرض سيطرتها على الشركة التونسية للملاحة، محاولة الاستحواذ عليها واشترائها بالكامل بنيّة إضعاف قدراتها وهزّ مكانتها، مثلما فعلت في السابق مع الشركة المغربية للنقل البحري اCOMANAVب. وكان أن تصدّت الشركة التونسية للملاحة بكلّ قوّة وثبات لمحاولة ابتلاعها من قبل هذا المجمّع العملاق. وتعتبر الهيئة المديرة هذا التوجّه المريب والخطير تهميشًا صريحًا وتقزيمًا للشّركة التونسية للملاحة ولاطاراتها وأعوانها، وعدم اكتراث بالتحديّات التي نواجهها. ولعلّ هذا التوجّه هو تيسير الطريق أمام هذا المجهز العالمي وغيره من الشركات المنافسة لاقتحام مجال نقل المسافرين ومنافسة الشركة التونسية للملاحة بأسلحة غير متساوية. سبق للسيد وزير النقل والتجهيز الذي توسّمت فيه الهيئة المديرة كلّ الخير في بادئ تعيينه ضمن الحكومة المؤقتة التغاضي عن المراسلات التي وجهتها إليه الهيئة المديرة، وطرحت من خلالها عديد التصورات البنّاءة والكفيلة بتأمين ديمومة الشركة التونسية للملاحة بوصفها سندًا أساسيًّا للاقتصاد الوطني، ومؤسّسة تحتلّ موقعا حيويّا واستراتيجيّا في حوض المتوسط وتنتظرها عديد الرّهانات والمحطّات المهمّة. ومن هذا التوجّه المحيّر، من حقّ الهيئة المديرة أن تتساءل كيف للمشرفين الأوائل على قطاع النقل أن يتجاهلوا اطارات وطنيّة صادقة، ويرفضوا التعامل معها والاعتماد عليها، ولا يعيرون اهتماما لمقترحاتها، ويبادر السيد الوزير في المقابل حسب ما بلغ الهيئة من أصداء باستشارة مكاتب دراسات وخبراء فرنسيين في مجال النقل البحري، حول مسائل متعلّقة بالقطاع بتونس وبمستقبل الشركة التونسية للملاحة. وكأنّ تونس الزاخرة بالطاقات والكفاءات في مجال النقل البحري وغيره من المجالات أصبحت مفلسة تفتقد للاطارات العليا القادرة على التّسيير وللخبرات الوطنيّة المتمرّسة في قطاع النقل البحري. وتتساءل الهيئة كذلك عن طبيعة علاقة الوزارة بمجهّز بحري فرنسي وجد حسب الأصداء التي وصلتها تسهيلات لاقتحام خطّ نقل المسافرين تونس مرسيليا انطلاقا من الموسم الصّيفي 2011، بواسطة سفينة مستأجرة وذلك دون أن تتأكد السلطات التونسية من المواصفات الضّرورية المطلوبة. وكأنّ الساعة تعود بنا إلى الوراء لتذكّرنا بممارسات العهد البائد. إنّ الهيئة المديرة تؤكد أنّ من أكبر مكاسب الثورة المجيدة هو وضع حدّ للتّهميش والوصايات، وفتح المجال للكفاءات الوطنية كي تساهم في دفع الاقتصاد. كما تشدّد الهيئة المديرة على رغبتها في اطلاع سلطة الاشراف على خصوصيات الشركة في هذه المرحلة الانتقاليّة الدّقيقة، وهي من الشركات القلائل التي صمدت في كلّ الفترات الحرجة والمحطّات العسيرة، بفضل أبناء الشركة الغيورين عليها. فللشركة برامج استثمارية ضخمة (520 مليون دينار تقريبًا) تهدف من خلالها الى مضاعفة مساهمة الأسطول الوطني في تأمين المبادلات التجاريّة الخارجيّة، وإلى مزيد تحسين خدمات نقل الجالية التونسية المقيمة بالخارج، وهي تستوجب تنسيقا وتفهّما ومساندة متواصلة للشركة من قبل سلط الاشراف وذلك بالوقوف الى جانبها وتجنيبها كلّ منافسة أجنبيّة غير شرعيّة. إنّ هيئة المديرين ترفض كلّ إجراء يهدّد مكاسب الشركة كما لا تقبل التهميش والتجاهل وممارسة المحسوبيّة وتضييق المجال على الشّركة، سيما وأنّ مستقبل المؤسسة والقطاع يستدعي من جميع الأطراف السّهر على احترام خصوصيّات الشّركة في هذه المرحلة، والسّعي بكلّ مسؤولية إلى ضمان إنجاز برامجها والمحافظة على مواقعها وإشعاعها لتأمين ديمومتها وريادتها في الحوض المتوسطي. وقد وجهت الهيئة رسائل في هذا المعنى إلى وزير النقل والتجهيز.