أصدرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هذه الايام كتابا جديدا بعنوان « المدينة والثقافة والمصير» يتضمّن مجموعة من الدراسات بالعربية والفرنسية والانقليزية وهي حصيلة أعمال الندوة الدولية التي عقدتها المنظمة بمعهد العالم العربي بباريس يومي 4 و5 مارس 2010 في نطاق مساهماتها في احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية. لقد اهتمّت هذه الندوة الدولية بمدينة القدس حاضرا ومستقبلا في مواجهة محاولات التهويد وطمس الهويّة العربية للمدينة والدّعوة إلى إيقاف الحملات المنتظمة التي يواصل الاحتلال شنّها على سكان القدس العرب وفرض المزيد من الضغوطات عليهم لترحيلهم تنفيذا لسياستها التعسّفية لتغيير ملامح المدينة وخصوصياتها ديمغرافيا واجتماعيا ودينيّا. وقد اختارت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مدينة باريس لاحتضان هذه الندوة الدولية بهدف انارة الرأي العام الفرنسي والاوروبي بتسليط الاضواء على الوضع الراهن لمدينة القدس مع التركيز على تاريخها ومعمارها واهميتها الحضارية والدينية على مدى قرون طويلة بالاضافة إلى ابراز أثر الحضارة العربيّة الإسلامية في مجال قيم التسامح وتعايش الاديان والوسطية فضلا عن روائع العمارة والزخرفة التي انشئت على مدى 12 قرنًا. الكتاب إذن يتضمّن المداخلات التي قدّمها مجموعة من أبرز الاختصاصين في تاريخ القدس وتراثها مجتمعها، معروفين على المستوى العالمي بالموضوعية والتعامل مع قضيّة القدس خاصة وقضية فلسطين عامة بكل ما يتطلّبه البحث الاكاديمي من دقّة علمية دون ان تكون بعيدة عن المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني وفي مقدّمته مواطنو القدسالشرقيةالمحتلة. وقد كان واضحا ان مداخلات المشاركين استندت إلى دراسات وأبحاث ميدانية وإلى وثائق تاريخية فضلا عن اعتمادها على القانون الدولي الذي يعتبر القدسالشرقية محتلّة ولا حقّ للسلطات الاسرائيلية المس من وضعها التاريخي والجغرافي والبشري وهي ملزمة بالحفاظ عليها وعلى سكّانها طبقا للمعاهدات الدولية والقرارات الاممية في حين ترتكب اسرائيل كل التجاوزات التي تمكّنها من تهويد المدينة وتغيير ملامحها مع محاولاتها المتكرّرة ضمّ المواقع التراثية العربية إلى قائمة التراث الاسرائيلي وهو ما يرفضه المجتمع الدوي الذي يطالب دوما بان تكون هذه المدينة المقدّسة مفتوحة امام اتباع الديانات الثلاث مع المحافظة على خصوصياتها الحضارية والمعمارية والبشريّة. وقد ذكر المدير العام للألكسو الأستاذ الدكتور محمد العزيز ابن عاشور في الكلمة التي صدّر بها الكتاب أن الاعتداءات التي تقوم بها السلطات الاسرائيلية ضدّ مدينة القدس تشكّل خطرا جسيما على تراثها التاريخي والمعماري وعل حضارتها الانسانية وأيضا على كامل الشعب الفلسطيني كما انها تهدّد السلام العالمي مؤكدا أن سياسة السلطات الاسرائيلية المحتلة في القدسالشرقية تضع مدينة تاريخية من الدرجة الحضارية المرموقة في خطر وتعتبر مسًّا بالقيم الانسانية التي ترشح بها الثقافة العربية المرتكزة على قيم التسامح واحترام الاديان. والجدير بالذكر ان هذه الكتاب العلمي والثقافي يأتي ضمن مجهودات الالكسو في مساندة القضية الفلسطينية ودعم مدينة القدس في مجالات تخصصها الثقافي والتربوي والعلمي.