ديوان الاسرة يقدم خدمات مجانية لفائدة الشباب والمراهقين في اطار مكافحة المخدرات    مؤشر التحول الطاقي 2025: تونس في المرتبة الثانية إفريقيا و62 عالميا    هبوط اضطراري في القاهرة.. وفاة قائد طائرة سعودية أثناء رحلة من جدة إلى لندن    'النصر إلى الأبد'.. رونالدو يعلن الاستمرار في السعودية    بسبب دب: إلغاء 10 رحلات جوية في مطار ياباني!    احتياطي تونس من العملة الصعبة يعادل 101 يوم توريد    خطر النوبات القلبية يتراجع.. وظهور أمراض جديدة    وزير الإقتصاد يشارك في الإجتماع السنوي للبنك الآسيوي للإستثمار في البنية التحتية ويجري سلسلة لقاءات    صحيفة عبرية تنشر تفاصيل خطيرة عن خطة وضعها ترامب ونتنياهو تخص غزة وسوريا ودولا عربية أخرى    رئيس وزراء إسبانيا: على أوروبا أن تتحرك لمواجهة انتهاكات إسرائيل المستمرة    اطلاق مشروع التقنيات المبتكرة لتحسين تعبئة الموارد المائية في تونس - منظمة "فاو"    بطولة العالم لكرة اليد تحت 21 سنة ( مباراة ترتيبية) : فوز المنتخب التونسي على نظيره الكوري 29-31    طقس الليلة    الكاف: مركز التدريب والتكوين المهني بالكاف يشرع بداية من دورة الخريف القادم في العمل بطاقته القصوى (وكالة التكوين والتشغيل)    عرض مسرحي بتونس يُسلّط الضوء على العنف الرقمي في حق النساء    في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، هيئة الوقاية من التّعذيب تدعو إلى صون الكرامة الإنسانيّة والحرمة الجسديّة في كلّ الظروف    وصفهم بالسيئين وذوي النوايا الشريرة.. ترامب يطالب بطرد صحفيين من "سي إن إن " و"نيويورك تايمز"    احذروا ضربة الشمس: خطر حقيقي في صيف تونس!    حسابك البنكي ما تحرّكش 15 سنة؟ أموالك ماشية للخزينة العامة بداية من 1 جويلية    28 نقطة بحرية غير صالحة للسباحة: وزارة الصحة تكشف وتحذر    الفنانة التشكيلية سهيلة عروس .. الجمعيات الثقافية تعاني من نقص الدعم ونعول على دعم المواطنين في قرقنة !    ما هي الأشهر الهجريَّة؟...وهذا ترتيبها    الدولي التونسي حمزة المثلوثي يعلن نهاية تجربته الاحترافية مع الزمالك المصري    الإتحاد المنستيري: "دحمان" يعتذر عن الإلتحاق بالفريق    مشروع "فرحة الهيشة" بوذرف: توسعة ب10 هكتارات واستثمارات ب35 مليون دينار    وزير التعليم العالي يدشن مقرّ المعهد العالي للهندسة الرقمية بتونس    مقتل 29 تلميذا في إفريقيا الوسطى خلال امتحان البكالوريا    فرنسا.. إعصار وأمطار غزيرة تتسبب في سقوط قتيلين    عاجل/ هيئة الدفاع عن عبير موسي تصدر بيان هام للرأي العام وتكشف..    سليانة: تقدم موسم الحصاد بنسبة 47 بالمائة (المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية)    كرة اليد: تونس تفوز على كوريا الجنوبية .. وتراهن على المركز 21    رسميا: نجم مستقبل المرسى يغادر الفريق    السبت والاحد القادمان... شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة دون سيارات    خامنئي للإيرانيين: "أهنئكم بالنصر على إسرائيل"    أحكام سجنية في حق عصابة قصر تخصصوا في السرقات بعربات المترو    التحقيق في بلاغ مها الصغير ضد الفنان أحمد السقا بتهمة التعدي بالضرب والسب    عاجل/ ولاية تونس تصدر بلاغ هام للمواطنين..وهذه التفاصيل..    الضريبة على كل عقّار قيمته اكثر من 3 مليارات: من المعني؟ وكيف تُحتسب؟    عاجل/ رئيس الدولة يتوعد هؤلاء بالمحاسبة..    باجة: حريق ياتي على مخزنين بمصنع للبلاستيك في مجاز الباب (الحماية المدنية)    أخصائية نفسية: ''مانجحتش في الباك؟...أنا زاده عاودت العام وكانت من أجمل التجارب''    مطرزا بالذهب والفضة والحرير.. السعودية تكسي الكعبة ثوبها السنوي    خطر خفي يهدد كبار السن.. اكتشاف علاقة مقلقة بين الاحتباس الحراري وعدوى قاتلة    كأس العالم للأندية 2025: مليار دولار جوائز.. والترجي يجني 34.6 مليون دينار    يوم دراسي حول حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في القطاع السينمائي والسمعي البصري    خلال موسم حج 2025: وفاة 5 حجيج تونسيين وترحيل 6 آخرين بصفة مبكرة بسبب حالتهم الصحية    فتح أجزاء إضافية من مشروع المدخل الجنوبي للعاصمة للجولان    أولا وأخيرا .. باسم الله يا عبد الله    عاجل: الخميس أوّل أيّام العام الهجري 1447 في السعودية    الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون: تتويج التلفزة الوطنية بثلاث جوائز في مسابقتين    موعد رصد هلال رأس السنة الهجرية..#خبر_عاجل    وزير التربية يزور مركز الاصلاح بمنوبة الخاص بمناظرة "السيزيام" ويشدد على ضرورة ضمان الشفافية والدقة    لأول مرة في سيدي بوزيد.. إنقاذ مريض بتقنية دقيقة دون جراحة    في ''عز السخانة''.. لماذا يُنصح بشرب الماء الساخن لا البارد؟    الكاف: تقدم موسم الحصاد بنسبة 45 بالمائة وتجميع أكثر من 650 ألف قنطار من الحبوب    فتح التوجيه الجامعي لدورة المتفوقين بداية من 3 جويلية    تطورات جديدة في قضية منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    طقس الأربعاء: شهيلي والحرارة تتراوح بين 36 و42 درجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمهل حميّد كي أودّعك
نشر في الشعب يوم 18 - 06 - 2011

انتقل إلى جوار ربّه هذا الأسبوع الرفيق عبد الحميد عاشور الذي جمعتني به زمالة القلم بجريدة »الشعب« سنوات طويلة، توفي عبد الحميد اثر مرض خبيث ألم به وهو في عزّ العطاء والبذل، توفي عن سن بعيدة عن سن التقاعد والتفرّغ لمباهج الحياة التي كان يحبّها ويودّ لو يبتلعها في رشفة واحدة، مات عبد الحميد ودفن ولم يتسنّ لي حضور الموكب حتى أشارك الزملاء ألم وداع الزميل، كنت مشغولا بهموم الدنيا أتابع بعض أشغال المنجل والبيدر ولم أتبلغ الخبر الاّ يوم الاثنين عن طريق جار الجنب الزميل الناجي الرمادي...
لقد كان آخر لقائي به بمطار برشلونة الاسبانية منذ ما يزيد عن السنة، كنت أنا في مهمّة ادارية تتصّل بالهجرة والمهاجرين وكان هو »ترانزيت« إلى مدينة أخرى من مدن أوروبا في نشاط نقابي يتصّل بالتثقيف والتكوين، لمحني من بعيد وسط الزحام فناداني وهو يبتسم منبلجة شفتاه عن تلك الثلجة بين أسنانه ويده تمتد بالسلام والتحيّة، كنت مثقلاً بالحقائب وكان هو متخفّفا من متاع كعادته لا يعبر للدنيا حساب لا يحمل غير »كرتوشة دخان« قد تكون هدية لأحد من يلحّ على الهدايا ويحرج كلّ مسافر...
كان حميّد وفيا لطبعه المرح ونفسه السمحة ومزاجه الرائق للنكتة والطرفة والدعابة، انتحينا ركنًا في هذا المطار الضخم وطفقنا نستعيد الذكريات فلم أر عبد الحميد أصفى سريرة وطَلْقَ المُحَيَّا من تلك اللحظة التي ذكرتني به يوم تمّ اعلان رفع الحظر عن نشاط الحزب الشيوعي التونسي وهو في غاية الانبساط يقلّد المذيع عبد المجيد بوديدح في البلاغات المحلية وهو يعلن افتراضا عن أنشطة الحزب الشيوعي واجتماعاته صِنْو الحزب الدستوري الذي ظلّ دهرًا بكامله يحتكر الدور والوزن والتأثير...
ولأنّ اختيار المرء جزء من عقله كان عبد الحميد اشتراكيا مناضلا من أجل نظام لا قمع فيه ولا منع فالعصا والقبضة الحديدية لا ترسم اطارًا خلقيا للحياة وهي لا تتحرّك إلاّ بنوازع الهيمنة والقهر والظلم وهي أضيق من أن تستوعب المشروع الديمقراطي الحداثي الذي هو بكل تأكيد أكبر من حزب الدستور ومن النظام البورڤيبي الكلياني الذي عاش حميّد مقاومًا ومُعارضًا له طولاً وعرضًا ولا يقبل اية مقايضة في مهادنته...
رحل حميّد صاحب المواقف المشبعة بالرجولة المجسّمة لحالة من الحالات النضالية الحقيقيّة التي لمستها فيه خلال سنوات الجمر وقسوة الهجمة على المنظمة الشغيلة من قبل سلطة متوحشة لم تجد من يروضها فكان إلى جانب الطبقة الشغيلة في انتماء صريح لا تغشّيه ظلال حتى وان عاش عمرًا بأكمله وهو لا يتحدّث عن عقيدته السياسية على الاطلاق مع مناهضته المطلقة لأصحاب العقول الحانوتية المتمسكين بالحق الالهي في التحكم في رقاب العباد ممّن تتأرجح مواقفهم بين الانتهازية واللقاطة الحزبية ممّن هم يوم هنا ويوم هناك...
رحلت حميّد ولن أبكيك بدموع محدودة فأنت تكرهُ البكاء وتحبّ الحياة التي كنت تقبل عليها بكل نهم وشوق، تكرهُ المراثي وكل حالات »الكبي« والتعاسة والحزن فالدنيا عندك لا تساوي شيئا ولكن لاشيء يساوي الحياة وقد رحلت إلى دنيا الخلود وإلى راحلة الجسد والروح... بالأمس رحل كمال وتبعه المولدي واليوم يسقط وتد من أوتاد »الشعب« الصلبة وتلك هي الحياة وسنة الحياة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.