مثّل الملتقى الأول لنقابات مراكز النداء الذي التأم على امتداد يومي5و6 سبتمبر 2011 بأحد النزل بالعاصمة مناسبة جدّية لتعميق النقاش حول القضايا المشتركة لأعوان مراكز النداء في العالم والنظر في توسعة الشبكة النقابية المزمع تأسيسها والتي من مهامها طرح مشاغل أعوان القطاع والتنسيق لخوض النضالات من أجل حقوق العاملين على عديد المستويات. الملتقى نظّمته الجامعة العامة للبريد والاتصالات وافتتحه الأخ بلقاسم العياري الأمين العام المساعد المسؤول عن قسم القطاع الخاص وشاركت فيه النقابات الأساسية لمراكز النداء المنتصبة في تونس ومنها »تيليبارفورمونس« و»ستريم« و»سالبايتال« و»أورونج«إلى جانب النقابات الأجنبية وهي »السي جي تي فرنسا« و»السي جي تي اسبانيا« و »sud ptt« و»اللجان العمالية الاسبانية«. ❊ هموم ومشاغل مشتركة وضمن اليوم الأول للقاء استعرض المشاركون تجاربهم وأوضاعهم المهنية والاجتماعية بخصوص الأجور وساعات العمل والترقيات والمفاوضات الجماعية والانتدابات والراحة والعقوبات والصحة والسلامة المهنية والمنح وأنظمة الضمان الاجتماعي والعمل النقابي والاتفاقيات المشتركة، وتبين ان لكل مؤسسة في كل بلد تجربة خاصة بشأن هذه المسائل، ففي فرنسا مثلا والتي تشغّل حوالي 250 الف عون في القطاع تنتشر مواقع العمل باعتماد الجهات التي تكثر فيها البطالة ويعمل الأعوان بين 20 ساعة و48 ساعة في الأسبوع خلافا لأعوان تونس الذي يعملون أحيانا ل60 ساعة أسبوعيا كما يتميز القطاع في فرنسا بزخم نضالي رغم نسبة الانتساب النقابي المتدنية والتعددية النقابية الثرية هذا فضلا عن اختلاف أنظمة الاجتماعي ومستوى الأجور التي قد تتميّز أحيانا بالتحيّل مثل الذي يعانيه أعوان »ستريم« بتونس الذين يمضون على عقود تتضمن أجرا يبلغ 3500د ولكنهم لا يحْصلون إلا على 550د فقط أو مثلا عدم دفع أجر الزمن الزائد على الوقت القانوني (هكذا). من ناحية أخرى، ابرز النقاش عديد المشاكل المشتركة ولعل أهمها مسألة الصحة والسلامة المهنية التي يتذمّر منها جميع أعوان المؤسسات في العالم تقريبا، وفي هذا المستوى يبرز مرض نقص السمع واضطراب الطبلة والغضب والقلق والنقص في النشاط بسبب ضغوطات العمل وغياب التحفيز وعلى سبيل المثال يؤدي الاستعمال المتكرّر للفأرة (souris) في عدة مراكز نداء في سويسرا من اضطرابات نفسية كبيرة للأعوان .وعموما استخلص المشاركون أن ظروف العمل بالمؤسسات تفتقر لعديد العناصر المهمة التي من شأنها أن تحفّز الأعوان وتدفعهم لمزيد الإنتاج وهو الأمر الذي تتحمل مسؤوليته الإدارات التي عادة ما تفرض علاقات عمودية مع الأعوان ولا تبحث بجدية في توفير ظروف ملائمة للعمل الشيء الذي يجب أن يكون دافعا للنقابات أن تعزّز عملها المشترك . ❊ برنامج عمل خلال اليوم الثاني للملتقى، اتفق الإخوة والرفاق النقابيون، على تحديد برنامج عمل للأشهر المقبلة من خلال تكوين فرق عمل تعمل عدة قضايا ومنها الحقوق الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية وتوسعة الشبكة النقابية المزمع تأسيسها لتضم نقابات من القطاع في بلدان أوربا وشمال وجنوب أمريكا والبلدان العربية والإفريقية وسيكون العمل على أساس التنسيق بين المنظمات النقابية ونقاباتها الأساسية على أن يتم متابعة هذا النشاط في أفق التأم اجتماع قادم خلال شهر نوفمبر في اسبانيا. ❊ حول الوضع العام في تونس وقد تم استغلال هذه المناسبة لمناقشة الوضع السياسي العام بتونس وجملة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه الشعب التونسي، وفي هذا السياق قدّم الأخ الأمجد الجملي منسق قسم القطاع الخاص عرضا استعرض فيه المسار فيه مراحل انطلاق الثورة التونسية ابتداء من يوم 17 ديسمبر الفارط إلى حدود هروب بن علي ثم انطلاق المرحلة الانتقالية وتكوّن الحكومات الثلاث وجملة القرارات والإجراءات المأخوذة وخاصة منها القرارات الثورية التي جاءت اثر نضالات القوى الديمقراطية والوطنية والهياكل التي تم تكوينها كالمجلس الوطني لحماية الثورة الذي صارع مثلا من اجل اقرار انتخابات المجلس التأسيسي الذي سيؤمّن مرحلة بناء الدولة الجديدة . كما عرّج على المواقف الأخيرة للحكومة الانتقالية والانفلات الأمني الذي تشهده البلاد وبين للحضور ايضا ان بداية الثورة التونسية رفعت شعارات ضد النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للدولة الأمر الذي اثار بطبيعة الحال القوى المضادة للثورة وما يسمى رموز النظام القديم والمجرمين الذي أطلقوا الرصاص الحيّ والذين رمّموا صفوفهم ونظموا عودتهم إلى المشهد السياسي والإعلامي بلبوس مختلف عن السابق على أساس »الانقضاض« على دواليب السلطة وحمّل الأخ الأمجد الجملي مسؤولية هذه الأوضاع للحكومة المؤقتة وكذلك لمكونات المجتمعين السياسي والمدني الذين تجاوزتهم الأحداث وعجزوا عن التأطير والتوجيه وهذا من شأنه ان يضيّع المطالب الشعبية التي رفعت الى تحويلها إلى لحظة ثورية، واستخلص الأخ الجملي الى انه مهما كانت تركيبة المجلس التأسيسي ومكونات السلطة الجديدة فان الشعب التونسي أصبح قادرا من خلال هذه الثورة وبمكوناته النقابية والمجتمع المدني على تحريك الشارع ومواجهة اي استبداد بإمكانه ان يظهر مستقبلا سواء كان ارضيا او سماويا. الرفاق والإخوة النقابيون الأوروبيون، أكّدوا ان نقابيات ونقابيي منظماتهم بقدر ما ثمنوا الثورة التونسية وشعاراتها بقر ما نبهوا الى ان مهام هذه الثورة لم تستكمل بعد وتحقيق الديمقراطية المنشودة الى جانب التنبه الى ضرورة ربطها بثورات الشعوب العربية التي نجحت او التي في طريقها نحو النجاح.