في اطار سعيه الدؤوب الى انجاح موعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي والتزاما منه بالدفاع عن منجزات الثورة، قام الاتحاد العام التونسي للشغل بالتزامن مع بداية الحملة الانتخابية بالشروع في دورة تكوينية للملاحظين، ستكون مهمتهم مراقبة الانتخابات المزمع انجازها في 23 اكتوبر والخلوص الى ملاحظات يتضمنها تقرير المنظمة النقابية. احتضنت مدينة الحمامات الجنوبية أشغال هذه الدورة خلال يومي 30 سبتمبر وغرة اكتوبر 2011، وضمت برنامجا ثريا، استهل بمداخلة تأطيرية للاستاذ مصطفى بن لطيّف تحت عنوان »الانتخابات: الأسس التاريخية ومرجعيتها القانونية«، ثم تم تقسيم المشاركين الى ثلاث ورشات متوازنة نشطها كل من الاساتذة بوجمعة العبيدي، صالح السعداوي وعبيد الخميري وتعرضت الى »الملاحظة« في الانتخابات : تعريفها ومبادئها ومنهجيتها، أما في اليوم الثاني فقد كان موضوع الورشات حول: التدرب على الملاحظة وتحرير التقرير«، وكللت الندوة بحصة تطبيقية تمثلت في إجراء »انتخابات بيضاء« حررت على اثرها تقارير الملاحظين. وقد أختتمت هذه الدورة بحضور الاخ الامين العام عبد السلام جراد وكل من الاخوين عضوي المكتب التنفيذي الوطني محمد شندول وعبيد البريكي، كما سجلت هذه الندوة حضور الاخ محمد الطرابلسي عضو منظمة العمل الدولية الذي اثنى الحاضرون على مشاركته القيّمة في اشغال هذه الندوة. الانتخابات الأسس التاريخية والمرجعية القانونية تناول الاستاذ مصطفى لطيف في مستهل هذه الندوة الأسس التاريخية والمرجعية القانونية للانتخابات وأنواع الاقتراع والنظم الانتخابية المعتمدة في الديمقراطيات وأبرز الفرق بين النظام الانتخابي الفردي والنظام الانتخابي بالقائمة، مركزا على نظام التمثيل النسبي ومزاياه، وتعرض الى كيفية احتساب الاصوات بين مختلف القوائم. وانطلق في تحليله من المرسوم المرجع المعتمد في الانتخابات (مرسوم عدد 35 المؤرخ في 5 ماي 2011) وتوقف بإسهاب عند فقرات القرار المتعلق بضبط قواعد اجراءات الحملة الانتخابية، من أجل تأهيل الملاحظ للحكم على مدى تجانس قواعد العملية الانتخابية مع القانون الانتخابي والتوفق الى ملاحظة الانتهاكات والتجاوزات إن وجدت. كما أكد السيد مصطفى بن لطيف على الفقرة المتعلقة بطريقة صياغة الملاحظ لتقريره، انطلاقا من مباشرته للعملية الانتخابية واعتمادا على ما يلاحظه في محيط مكتب الاقتراع قبل دخول المكتب، ثم داخل المكتب واثناء سير العملية الانتخابية وصولا الى عملية الفرز والى ما بعد انتهاء عملية الفرز في صورة وصول اخبار عن وقوع انتهاكات اثناء العملية، الامر الذي يدعو الملاحظ الى التثبت من مدى صحة هذه المعلومات، حتى يكتمل التقرير بالتنصيص على مدى ملاءمة العملية الانتخابية للقانون والتنصيص على الاخلالات. الورشات: خلية نقاش وحركية كانت الورشات الثلاث بمثابة الاختبار لمدى تمكن الملاحظين من المداخلة القانونية والنظرية التي افتتحت بها الندوة. وقد اعتمد الاساتذة المنشطين للورشات على النقاش والحوار المباشر مع المتدربين من خلال العمل على تمكينهم من المبادئ التي تقوم عليها الملاحظة خلال الانتخابات وذلك بتعريفها تعريفا مفصلا وتحديد منهجيتها وأسلوب تحققها في أحسن الظروف ، مؤكدين للمتدربين على ان الملاحظة هي غير المراقبة وهي لا تعني التدخل المباشر في العملية الانتخابية وانما يقوم دور الملاحظ على متابعة العملية الانتخابية في جميع أطوارها ومراحلها وتسجيل ملاحظاته، لصياغة تقرير نهائي يرفع الى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي سيعتمده بدوره لرفع تقريره حول نزاهة الانتخابات وذلك تبعا لما سيقرره الملاحظون. إن الخلاصة التي أكد عليها المدربون هي التأكيد على ضرورة تحري الصدق والأمانة والموضوعية عند الملاحظ في جمع معلوماته التي ستمكنه من اصدار حكم على الانتخابات تعزيزا للثقة بالمسار الانتخابي الديمقراطي لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي. تكوين الملاحظين حرص على إنجاح الانتخابات أكد لنا الأخ عبيد البريكي أن هذه الدورة التكوينية تتنزل في اطار التمشي الذي اتخذه الاتحاد العام التونسي للشغل في علاقة بالثورة وأهدافها، مؤكدا أن الاتحاد قد ساهم من خلال كل هياكله ومناضلين في انجاح هذه الثورة، من خلال النضال الميداني أولا ومن خلال الاعتناء بالجانب السياسي مباشرة بعد 14 جانفي، وطرح شروطه في اختيار الحكومة الاولى والثانية ثم برز ذلك في تعامله مع الحكومة الثالثة طبقا لشروط معينة تستجيب لمطالب الشعب التونسي. وأضاف الاخ عبيد :»عندما استوى الجانب السياسي التفت الاتحاد للجانب الاقتصادي والاجتماعي وخاصة المسائل المطلبية التي نجح في حل العديد منها، لكن عندما وقعت عديد التجاوزات في ملفات القضاء والمحاكمات وجدنا أنفسنا مجبرين على التدخل لتصحيح المسار وكان موقفنا قد تجسم في المسيرة الكبرى االتي تم تنظيمها تحت عنوان استكمال مسار الثورة ومنع الالتفاف، واليوم وأمام اقتراب الانتخابات التي نوليها أهمية كبرى باعتبارها أول تجربة انتخابية حقيقية في تاريخ البلاد والاتحاد كان رد فعلنا الاول ايجابيا بالدعوة الى تجنب الاضرابات من أجل الاسهام في خلق مناخ يشجع على خوض انتخابات ديمقراطية وشفافة بعيدا عن كل مظاهر التوتر التي من شأنها التأثير في سيرها، وباعتبارنا ايضا معنيين بنتائج هذه الانتخابات قررنا ان نكوّن ملاحظين بالاتفاق مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مهمتهم الملاحظة يوم الانتخابات، وخاصة في المناطق التي تثير بعض الشكوك، ثم تصوغ كل جهة تقريرها الجهوي، لتجمع كل هذه التقارير على المستوى الوطني لصياغة تقرير نهائي يشارك فيه ملاحظ عن كل جهة. شكر خاص لمحمد الطرابلسي كما عبّر الاخ عبيد البريكي عن شكره للأخ محمد الطرابلسي ممثل منظمة العمل الدولية على المساعدة التي قدمها للاتحاد لانجاح هذه الدورة التكوينية والتي سبقتها. وعن امكانية تنظيم دورات تدريبية اخرى قادرة على تغطية كافة مناطق البلاد، أكد الاخ عبيد البريكي انه يتوجب على الملاحظين الذين تم تكوينهم ان يتكفلوا بتكوين وتدريب ملاحظين في جهاتهم وبذلك نضمن التغطية الكاملة لكافة الدوائر الانتخابية، على ان يتم ذلك قبيل 8 اكتوبر لأنني مطالبون بإيداع ملفات الاخوة الملاحظين لدى الهيئة العليا المستقلة للاشراف على الانتخابات للحصول على شارات الملاحظين ودخول مكاتب الاقتراع والاضطلاع بدورهم. جمعية المواطنة والتنمية بالشمال الغربي للتعرف على جميعة المواطنة والتنمية بالشمال الغربي التي أشرفت على تكوين الملاحظين، اتصلنا برئيسها الاستاذ بوجمعة العبيدي الذي أكد لنا انه ناشط حقوقي وشغل مهمة عضو بالهيئة المديرة للرابطة التونسية لحقوق الانسان، وان فكرة تأسيس هذه الجمعية جاءت في سياق المساهمة في نشر الوعي بدور المواطن وبالمواطنة والمساهمة في التنمية في الجهات المحرومة وخاصة بالشمال الغربي، خاصة مع تغلغل عقلية الاستقالة وغياب الوعي بالمواطنة، وذلك من خلال تعميق الوعي بأهمية ثورة 14 جانفي التي أحدثت تحولات كبرى تستوجب من المواطن لعب دوره وتحمل مسؤوليته بالتعبير عن رأيه والمساهمة في الارتقاء بجهته وبلاده. وهذا الدور التوعوي حسب رأي الاستاذ بوجمعة العبيدي يهم منظمات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات، لان الاحزاب تقوم بدور استقطابي والجمعيات المدنية تعمل على التوعية. ويضيف الاستاذ بوجمعة: »في هذا الاطار قامت جمعيتنا بأربعة ندوات، بكل من الكاف وجندوبة وباجة وسليانة تمحورت كلها حول المجلس التأسيسي والقانون الانتخابي، ثم انتقلنا الى محور ثانٍ وهو الدستور حيث نظمنا ندوة كبرى بعين دراهم 14 15 و 16 أوت اشتغلت حول مفاهيم المواطنة والديمقراطية والتنمية في الدستور الجديد وكيفية تضمين هذه المبادئ لخدمة المواطنة، وقد تركز عملنا حول الديمقراطية التشاورية وهي مفهوم جديد يختلف عن الديمقراطية التمثيلية ويخدم منوال التنمية المحلية، ومساهمة منا في انجاح المسار الانتخابي والعملية السياسية انتقلنا الى الانتخابات وارتأينا تكوين ملاحظين نزهاء ومحايدين يضمنون حقوق المواطنين، حتى يتأكد المواطن ان صوته لا يزيف والمترشح ان نتائج الانتخابات قد أعطته حقه«. وخلص في الاخير الى القول ان هدف الملاحظين هو تطمين المجتمع سواء الناخب أو المترشح وجعل كل القائمات المترشحة تتقبل النتائج عندما يتأكد الجميع ان العملية الانتخابية وقعت في كنف الديمقراطية والشفافية والنزاهة وبحضور ملاحظين محايدين من المجتمع المدني والجمعيات وهو ما يجنبنا ردود الفعل السلبية ورفض النتائج وهو ما يدعم المسار الديمقراطي بالبلاد ويجعل الناس تؤمن بالانتخابات وتصبح جزءا من وعيها السياسي ويقطع مع التشكيك في العملية الانتخابية ويعيد ثقة المواطن بها، حتى تصبح الانتخابات ذات مصداقية. كان بالامكان أفضل مما كان وعن النتائج التي توصلت اليها الجمعية في عملها ورأيه في المبادرة التي قام بها الاتحاد العام التونسي للشغل لتكوين الملاحظين أجاب الاستاذ بوجمعة العبيدي : »كونا ثلاثة أفواج من الملاحظين في عين دراهم وبني مطير ونحن بصدد تكوين فوج ثالث من ملاحظي الاتحاد العام التونسي للشغل ونتلقى عديد الطلبات لتكوين أفواج جديدة. وأعتقد ان الاتحاد خيرا فعل بهذه الندوة التكوينية فلديه امكانيات بشرية كبيرة وهو قادر على تغطية كامل البلاد، كما انه يزخر بالطاقات والكفاءات، وكنت أتمنى لو أن الاتحاد قد قام بتكثيف هذه الدورات التكوينية لتغطي كافة مناطق البلاد ولتصل آلاف الملاحظين حتى يكون تقريره النهائي اكثر إلماما بالعملية الانتخابية ولكن رغم ذلك تبقى بادرة الاتحاد محترمة وتقريره سيكون مهما في الانتخابات«. شهادات في نهاية الندوة التكوينية التي استمرت ليومين وبحضور الاخ الامين العام تم توزيع شهادات التكوين على جميع الاخوة النقابيين المشاركين في الدورة والذين بلغ عددهم المائة ملاحظ وملاحظة لا شك في ان تقاريرهم ستعكس رغبة الاتحاد العام التونسي للشغل وحرصه على نزاهة الانتخابات ومصداقيتها مما يؤسس لتجربة ديمقراطية حقيقية تحقق أهداف ثورة الحرية والكرامة وتمثل خير تكريم للشهداء.