إيران: الساعات القادمة ستشهد هجمات شرسة ضدّ إسرائيل    وزارة التجارة تدعو تجار التسويق والترويج عبر قنوات التوزيع الالكترونية إلى اعلام المستهلك بتفاصيل العروض المقترحة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    صفاقس: تنظيم يوم الأبواب المفتوحة بمركز التكوين والتدريب المهني بسيدي منصور للتعريف بالمركز والإختصاصات التي يوفرها    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    باجة: اعادة اكثار واحياء قرابة 5 الاف صنف من الحبوب بنجاح    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    ماهر الكنزاري: ''لا ألوم اللاعبين على الخسارة، بل أنا فخور بالروح التي أظهروها داخل الملعب''    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    شنيا الماكلة اللي تنفع أو تضرّ أهم أعضاء بدنك؟    الاتفاق على احداث لجنة قيادة وبرنامج وطني لتفعيل "إعلان قرطاج" للصحّة الواحدة    الملعب التونسي يعزز صفوفه بالحارس نور الدين الفرحاتي    إيران تعتقل عميلا للموساد الإسرائيلي    تحذير طبي: خطر الاستحمام بالماء الساخن قد يصل إلى الإغماء والموت!    بطولة برلين المفتوحة (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور ربع النهائي    منوبة: فتح الجزء الثاني من الطريق الحزامية " اكس 20 " بولاية منوبة    المنتخب التونسي يشارك في بطولة افريقيا للرقبي السباعي بالموريس يومي 21 و 22 جوان الجاري    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    ملتقى تونس الدولي للبارا ألعاب القوى: العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    عاجل/ بعد انذار بوجود قنبلة..طائرة تابعة لهذه الخطوط تغير مسارها..    المائدة التونسية في رأس السنة الهجرية: أطباق البركة والخير    تونس ترشّح صبري باش طبجي لقيادة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية    الكاف: تطوير القطاع الصحي بتدعيم طب الاختصاص وتوفير تجهيزات متطورة (المدير الجهوي للصحة)    بُشرى للفلاحين: انطلاق تزويد المناطق السقوية بمنوبة بمياه الري الصيفية    عاجل : ''طيران الإمارات'' تمدد تعليق رحلاتها إلى 4 دول    الحرس الثوري: استهدفنا مقر الموساد في تل أبيب وهو يحترق الآن (فيديو)    بشرى للمسافرين: أجهزة ذكية لمكافحة تزوير''البطاقة البرتقالية'' في المعابر مع الجزائر وليبيا    كأس العالم للأندية 2025: تعرف على جدول ترتيب مجموعة الترجي بعد الخسارة من فلامنغو    تعرفش علاش الدلاع مهم بعد ''Sport''؟    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    الصين تتهم ترامب ب"صب الزيت على النار"    الجيش الإيراني يتوعد بتصعيد الهجوم على إسرائيل في الساعات المقبلة    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    ترامب يهاجم ماكرون بعنف: ''لا يعرف سبب عودتي... ويُطلق تكهنات لا أساس لها''    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود لفك الحصار على غزة..    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    تحويلات التونسيين والسياحة تغطي أكثر من 80٪ من الديون الخارجية    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    الحماية المدنية : إطفاء 192 حريقا خلال ال 24 ساعة الماضية    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها: "لا أحد فوق المساءلة والقانون..ولا مجال للتردّد في إبعاد هؤلاء.."    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    كأس العالم للأندية : برنامج مباريات اليوم الثلاثاء    هيونداي 9 STARIA مقاعد .. تجربة فريدة من نوعها    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم أمام نادي فلامينغو البرازيلي    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجرة عيد الميلاد
دستويفسكي
نشر في الشعب يوم 17 - 12 - 2011

أحلم دائما ان هذا حدث في مكان ما. في زمن غير محدد عشية العيد تماما في مدينة كبيرة من المدن اثناء جوّ جليدي فظيع، احلم ان طفلا لا يزال صغيرا جدا، طفلا عمره ست سنوات، وربما اقل من ذلك، استيقظ ذات صباح في قبو ينضح رطوبة. انه يرتدي نوعا من قميص او مئزز. يرتجف من شدة البرد وأنفاسه تنتشر بخارا أبيض، قبع في ركن جالسا على صندوق وأخذ يرسل هذا البخار عامدا يخادع به ضجره ويتسلى عن سأمه بالنظر اليه كطيف يطير ولكنه جائع ويتمنى أن يصيب شيئا من الطعام لقد دار هذا اليوم عدة مرات من السرير الحقير الذي ترقد عليه أمه المريضة فوق فراش من قش موسدة صرة، ما الذي جاء بها الى المكان؟ اغلب الظن انها قد وافاها اعرض بغتة وقد اقتادت الشرطة أمس صاحبة القبو التي تؤجر غرفة.
وجلا السكان عن جميع أركان القبو متفرقين هنا وهناك فاليوم عيد ولم يبق في القبو الا لحّام خرق أخذ منه السكر كل مأخذ لانه ظل يشرب منذ اربع وعشرين ساعة غير منتظرا ان يحل يوم العيد، وفي الطرف الآخر من الغرفة تئن عجوز صغيرة اقعدها مرض الروماتيزم ولابد ان عمرها ثمانون عاما، لقد كانت في أزمنة غير هذه الازمنة وأمكنة غير هذه الامكنة مربية اطفال ولكنها الان تموت وحيدة، تئن وتتهجد وتنهر الصبي لذلك يخاف الصبي الان من ان يدنو اكثر من ذلك المكان، وقد استطاع ان يجد في الدهليز ما يشربه ولكنه لم يتمكن من العثور على اية كسرة خبز يأكلها، فهذه هي المرة العاشرة على الاقل التي يقترب فيها من امه ليوقظها وقد اعتراه اخيرا شيء من الخوف في هذا الظلام، لقد هبط الليل منذ مدة طويلة، لكن لم يشعل احد الضوء حتى الان وحين جسّ الصبي وجه امه ادهشه ان هذا الوجه ظل ساكنا لا يتحرك وانه بارد برودة الجدار، ظل يحدث نفسه، البرد شديد حقا هنا، وارتاحت يده على كتف المريضة من تلقاء نفسها ثم أخذ ينفخ على اصابعه ليدفئها ثم اذ هو ينبش السرير فجأة ليعثر على كسكتيه ويخرج من القبو متلمسا طريقه في الظلمة الحالكة دون ضجة، وقد كان يمكن ان يتصرف قبل ذلك بمدة طويلة لولا خوفه من ان يلتقي في اعلى السلم بكلب ضخم ظل ينبح امام باب المنزل المجاور طوال اليوم ولكن الكلب كان قد بارح مكانه، ورأى الصبي نفسه في الشارع فجأة.
رباه! يا لها من مدينة! انه لم يشهد في حياته كالذي يشهده الان... هناك في البلد الذي جاء منه يكون الظلام شديدا في الليل فالشارع لا ينيره الا مصباح واحد والمنازل الخشبية الصغيرة مختفية وراء مصاريعها ومتى هبط الليل لا يُرى احد في الشارع فالناس يؤوون الى بيوتهم ولا يبقى في الشارع الا الكلاب، مئات من الكلاب ألوف من الكلاب، اسراب كبيرة من الكلاب تظل تعوي وتنبح طوال الليل ولكن الجو دافئ جدا هناك. وهناك كان يُعطى طعاما يأكله، اما هنا يارب ما اكثر الناس وما أوفر الخيل والعربات.. وهذا الجليد.. هذا الجليد.
وخرج بخار متجمد من خياشيم الافراس المسرجة ورنّت حدوات حوافرها على بلاط الشارع تحت الثلج الهش وهؤلاء الناس كلهم ما اكثر ما يتصادمون.. ما اشد رغبته في ان يأكل ولو لقمة من اي شيء، ما اشد الألم الذي يشعر به في اصابعه فجأة ومتى اقترب رجل من شرطة المدينة اشاح وجهه عنه متظاهرا بأنه لم يلمحه.
هذا شارع اخر، آوه.. ما أعرضه!.. هنا سَيُداسُ حتما، ما أكثر ما يصبح هؤلاء الناس كلهم وما أشد ما يسرعون في مشيهم وما أكثر الضياء! وما أشدّ النور سطوعا ! ثم ما هذا ؟ زجاج نافذة واسعة وراء الزجاج غرفة وفي الغرفة شجرة عالية تبلغ السقف، انها شجرة صنوبر.. .. ما أكثر ما تحمل من انوار واشرطة مذهبة وتفاحات وقد احيطت بلعب صغيرة واقراص صغيرة... وهي غرفة أولاد يركضون انهم يرتدون ثباب العيد، ما اتفههم وهم يضحكون! هذه بنت اخذت تراقص صبيا صغيرا.. ما ألطفها ما أحلاها.. حتى ان الموسيقى تسمع من خلال الزجاج ينظر الصبي ويعجب ويدهش، ثم ها هو يضحك بينما هو يشعر بألم في اصابع رجليه الصغيرتين وبينما تحمر اصابع يديه احمرارا شديدا وتأبى ان تنحني وتوجعه إن هو حركها، عندئذ تذكر الصبي فجأة ان اصابعه تؤلمه فأخذ يبكي وركض مبتعدا ولكن ها هو يرى زجاج نافذة اخرى ويرى غرفة اخرى فيها شجرة ايضا غير انه يلمح في هذه المرة موائد ويرى على الموائد أصنافا من الحلوى، اصنافا كثيرة من الحلوى اقراصا من الموز اقراصا حمراء واقراصا صفراء ويرى اربع سيدات غنيات قد جلسن يوزعن الحلوى ويدخل أُناس كثير في اجمل الحلل آتين من الشارع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.