في وقت كان المدرّسون والرأي العام عموما ينتظر محاسبة رموز الفساد ومظاهره المستشرية في بعض مصالح وزارة التربية وفي وقت بلغت التجاوزات ضدّ أطراف الأسرة التربوية منزلقا خطيرًا كان يفترض أن تتجنّد مصالح الوزارة للمساهمة في الحدّ منه (اعتداءات، إهانات، تعطيل سير العمل...)، تفاجئنا وزارة التربية عبر المكلّف العام بنزاعات الدولة ومدير الشؤون القانونية بالوزارة برفع قضية عدلية بموجبها سيمثّل الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي والأخ غسّان القصيبي الصحافي بجريدة «الشعب» أمام المحكمة الابتدائية بتونس يوم الاثنين 22 ديسمبر 2011 بتهمة «الاساءة للغير عبر الشبكة العمومية للاتصالات والقذف العلني». إنّ الجميع يدرك الخلفية الحقيقية التي دفعت بالقائمين بالدعوى إلى الالتجاء إلى المحاكم، فلقد أصرّت النقابة العامة في جلساتها الرسمية مع الوزارة على رفض التفماوض مع رموز الفساد ومحاسبتهم وتقديم قائمة أولية في المعنيين بذلك، تضمّنت مدير الشؤون القانونية بوزارة التربية صاحب الدعوى ضدّ الكاتب العام والصحافي بجريدة «الشعب» مطالبة بوجوب محاسبة رموز الفساد المالي والاداري والقانوني وأصدرت في ذلك بيانات وضمّنتها في محضر جلسة مع الوزارة وهي لازالت متمسكة بهذه المطالب، وما هذه المحاكمة الاّ محاولة يائسة لثني الهياكل النقابية بقطاع التعليم الثانوي عن هذا المطلب الرئيسي وسعيا للثأر لرموز الفساد الذين تمّت إزاحتهم بعد ثورة 14 جانفي. إنّ مثل هذه المحاكمات لا يمكن أن تزعزع ثقة القطاع في قدرته على فرض تطهير الوزارة ممّن كان لهم الدور الأكبر في التجاوزات وفي تسليط المظالم وتبريرها.