8 مارس هو عيد عالمي تعودنا الاحتفال به في الزمن الغابر دون أن يثير فينا ذلك الاحساس بجمالية الاحتفالية بما تقدمه المرأة من تضحيات. في الطريق إلى نابل أين تواجدت نساء على يمينه ويساره أصبحن جزءا من ديكوره ونحن نقترب من مدينة سليمان وفي يوم بارد تجمّعت فتيات في عمر الزهور ومعهنّ أمهاتهنّ وهنّ يرفعن خبز الطابونة في اشارة لاستمالة المارين من هناك لاقتناء خبزة أو أكثر وبما أنّ هدفنا كان الحديث إلى هؤلاء والتوقف أمام واقعهنّ ومستقبلهنّ كان لابدّ أن نتحدّث إلى بعضهنّ ولكنّ أغلبهنّ رفضْن الحديث والمثول أمام عدسة زميلنا إلاّ واحدة واسمها حفصية الحجري تبلغ من العمر 52 سنة استفزها حضورنتا الى هناك فقالت: «ما يلزّك على المرّ كان الأمر منه» فأنا امتهن مهنة بيع الخبز على قارعة الطريق منذ سنوات طويلة بحكم المرض المزمن الذي أصاب زوجي وأقعده عن العمل وعجز ابني على التواجد في هذا المكان لذلك لم أجد من حلّ سوى أن أعمل حتى أوفّر للعائلة قوتها، خاصّة وأنّنا نقطن بيتا ركنه من الداخل بعض الأواني التقليدية وركنه «ندى وقطرة» خاصّة في أيّام الأمطار وكأنّ هذه المرأة كانت تنتظر مثل هذه الفرص لتحكي ما بداخلها لذلك ظلّت تروي لنا عديد المآسي التي عاشتها على امتداد سنوات عمرها في ظلّ تناسي كليّ للسلط رغم أنّها كانت توجّهت بأكثر من طلب إلى هؤلاء لكنّهم لم يستمعوا إليها ولجْنا إلى داخل هذا الكوخ فإذا هو أشبه بمغارة بما أنّ «الظلمة» تكاد تسيطر على كلّ أرجائه أمّا عن أجهزته فإنّنا نكتفي بالقول أنّها غير موجودة فلا تلفزة ولا هم يحزنون الحقيقة التي عليّ الاعتراف بها أنّني «وحين هممت بمغادرة كوخ الخالة حفصية سألتها هل يكفي ان تبيعي خبز الطابونة لتغطية مصاريف العائلة: «فكانت اجابتها سريعة جدّا طبعا لا لأنّنا نعيش على ما يقدمه لنا أهل الخير من مساعدات لكن لي طلب واحد يتمثّل في كوني في حاجة الى تحسين هذا الكوخ حتى يتمكّن من حمايتي من برد الشتاء وأمطاره ومن شمس الصيف الحارقة ونحن هناك ودون تعليق نقول بأعلى صوتنا هل تعرف هذه المرأة عيدًا وآلام الحياة أنستها حتى تاريخ ميلادها.