تدور أنباء مفادها أنّ المائدة الفسفاطية بأرض الجريد ستوكل إلى شركتين أجنبيتين وتمّ اقصاء شركة فسفاط قفصة من هذا الاستغلال ولا ندري لمَ سيتمّ ذلك في حين أنّ شركة الفسفاط هي التي قامت بعمليات البحث والتنقيب والحصول على عيّنات ثمّ كميات أكبر تمّت معالجتها بمركز البحوث بالمتلوي وتمّ التوصل إلى أنّ هذه المادة قابلة للاستغلال نوعيا وقد تمّ كذلك تحديد عمر هذا المقطع السطحي وكيفية اقتلاعه بعد ازالة الرمال الفوقية وضبط طريقة إيصال إلى مكان المعالجة بالغسل أو التجفيف ودراسة مصادر المياه ومدى ربط المغسلة بمكان الشحن ومدى تصديره. كلّ هذه العمليات قامت بها شركة الفسفاط وبذلت في ذلك جهدا وصرفت امكانيات كبيرة وبعد تحضير هذه الأرضية يسند الاستغلال إلى غيرها وهو تَعَدٍّ على الملكية العلمية والفكرية والاقتصادية لهذه الشركة التي لها باع في ميدان الفسفاط منذ تأسيسها سنة 1897 وعراقتها في جميع فنون الاستغلال عبر حقب زمنية ومراحل كثيرة وربّما تكمن خشية أصحاب المكان من اعتماد يد عاملة خارجة عن هذا الفضاء الجغرافي وليطمئن هؤلاء على أنّ اليد العاملة غير المختصة طبعا ستكون من أهالي هذا الوسط ولكنّهم لم يكونوا كوادر وأصحاب خبرات اللهم إذا ترسخت أقدامهم في هذا الضرب من الخبرة الفنية التي تعزّزها المهارات والتحصيل العلمي وهذا غير متوفّر طبعا إلاّ لدى اطارات شركة الفسفاط لذا نرى أن يتمّ العدول عن هذا الاختيار الذي ينمّ عن عدم معرفة بخفايا هذا الضرب من الاختصاص أو هو ناتج عن استفراد بهذه الثروة اعتمادا على نزعة شوفينية مقيتة والرأي عندي كذلك أن يتمّ اسناد هذا العمل إلى من هو أهل له ليقوم به بأقل التكاليف وهي عملية تكاملية تتنزّل في اختيار وطني ذلك أنّ شركة الفسفاط شركة وطنية لها يد طولى في دعم الاقتصاد الوطني ذلك أنّ الوعي برز جليا عند تعطّل أنشطة شركة الفسفاط ممّا أثر على معامل قابس وصفاقس في مجال المواد الكيميائية وتأثرت قدرات الاقتصاد ونزلت الى حدود مخيفة دقت من خلالها نواقيس الخطر وتأثّرت الصادرات وانكمشت الموارد المالية من تقلّص عائداته. اذن لابدّ أن نعطي القوس باريها وان ندعم هذه الشركة التي لها مجال تجاري خصب ومعرفة بمسارات التصدير وقبول لدى ماسكي السوق الخارجية والواعدة اضافة إلى حسن التفاوض وجلب الزبائن من هذه الأسواق وعند بعث الشركتين المزعومتين في هذا الخضم المعولم والمتقلب فلابد لهما من درجة وتكيّف مع هذه الأوضاع الداخلية والخارجية يتطلّب زحفا لسنا في وضعية حالية لتمطيطه بل نحن في صراع مع هذا الزمن الذي لا يرحم ومادام لنا أهل مكّة الذين هم أدرى بشعابها فلماذا نبحث عن منتصف النهار في الثانية ظهرا كما يقول الفرنسيون فنلعدّل ساعاتنا ولا نتقيّد بآراء من لا يحسن النظر بعيدا وتقليب الأمور على كل وجوهها ومن السهولة بمكان أن نعطي ما لقيصر لقيصر وما لعمرو لعمرو وهذا المشروع يتطلّب اعتماد عديد الاعتبارات البيئية والشفوية والبشرية والتاريخية وكلّها محدّدة وشركة الفسفاط لها تجربة في هذه العناصر وقد قامت بها باقتدار بقي ان تتهيكل هذه الشركة وتسعى إلى ترشيد نفقاتها وتعصير طرق استغلالها حتى تتحسّن مواردها وتفرد لهذا المشروع ادارات مستقلّة فنية وادارية وتسهم في التنمية الجهوية حسب العائدات التي تجنيها وتخصّص أجزاء منها للعمل الاداري والمهني والاجتماعي والمدني لتبقى قطبا مُشعّا في هذا الوسط الجنوبي الغربي وتستعيد ريادتها التاريخية مثلما كانت سابقا مصدر خير لهذه الأرض على أن تغيّر تعاملها مع المتساكنين وفق منظور مدني متطوّر ومتجدّد.