نجحت النقابة العامة للتعليم الأساسي في تأطير الآلاف من المعلمين والمعلمات يوم 16 ماي 2012 وانجحوا اضرابهم الوطني بنسبة عالية ردا على استخفاف الحكومة المؤقتة بمطالبهم التي طرحوها والتي تعاطفت معها فئات واسعة من المجتمع المدني والسياسي والأولياء. وقد قوبل تنفيذ الإضراب بمحاولات من اصدقاء الحكومة لإفشال هذه الحركة النضالية، لكن كل النسب سفهت هذه المحاولات اليائسة مثلما سفّهت محاولات الطرف الحكومي إرباك النقابيين سويعات قبل تنفيذ الإضراب. ومن المنتظر ان تنعقد هيئة إدارية يوم الجمعة او السبت لتقييم الإضراب ولأخذ الإجراءات اللازمة القادمة لمواجهة تصلّب الحكومة. ليونة لآخر لحظة البداية انطلقت يوم 14 ماي الجاري، عندما انعقدت جلسة عمل حضرها وَفْدُ النقابة العامة للتعليم الاساسي ترأسه الاخ حفيظ حفيظ الامين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العمومية ووفد اداري ترأسه وزير التربية السيد عبد اللطيف عبيد تم خلالها الاتفاق على جملة من النقاط تهم انتداب النواب المتعاقدين ومراجعة مقتضيات الفصل 35 من القانون التوجيهي ومنحة الادارة والنظام الاساسي الخاص وتنظير اساتذة المدارس الابتدائية والمنحة الخصوصية ومنحة مستلزمات العودة المدرسية والمساعدين البيداغوجيين وبقيت في الاخير مسألة منحة العودة المدرسية نقطة خلاف، وقد طلب الطرف الاداري مهلة بيوم لتقديم مقترحات بشأن هذه المسألة. وللإشارة فإنّ اغلب هذه النقاط كانت مضمنة في محاضر اتفاقات سابقة وتم ادراجها في مشروع الاتفاق الحالي. في الاثناء انعقدت هيئة ادارية في وقت متأخر من الليل ترأسها الاخ بوعلي المباركي الامين العام المساعد المسؤول عن المالية وحضرها الاخ حفيظ حفيظ، وتم خلالها تدارس وتحليل مشروع محضر الاتفاق والنظر في مسألة المهلة التي طلبها الجانب الحكومي. وقد كانت اغلب المداخلات لأعضاء الهيئة الادارية تعتبر ان سلوك الحكومة وطريقتها في التفاوض غير مقبولة وتأتي في اطار إرباك المعلمين والنقابيين وربح الوقت، لكن ذلك لا يمنع من التمسك بالحوار إلى آخر لحظة والتحلي بالمرونة واللين حتى يجد الجميع الحلول المناسبة وتجاوز الخلاف . لكن، ورغم الموعد المحدد، وهو الساعة العشرة صباحا، كي يتلقى النقابيون مقترحا جديا من قبل الحكومة، الا ان هذه الاخيرة وعن طريق ممثلها وزير الشؤون الاجتماعية، بقيت الى حدود الساعة منتصف النهار تماطل ولم تقدّم مقترحا وحيدا جديا الأمر الذي أجبر أعضاء الهيئة الإدارية إلى المضيّ قدما في تنفيذ الإضراب. الاضراب...العرس منذ ساعات الصباح توافدت أعداد غفيرة من المعلمين والمعلمات والنقابيين والنقابيات وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني وأعضاء من الجامعات والنقابات العامة ونقابات أساسية لقطاعات عديدة لبطحاء محمد علي رافعين اللافتات والشعارات المنددة بأسلوب الحكومة التفاوضي واستخفافها بمطالبهم المشروعة ومناوراتها لربح الوقت وعدم استعدادها لإنصاف قطاع كان ولا يزال من المناضلين الأوائل ضد الاستبداد. الاخ الطاهر ذاكر: مطالبنا مطالب الثورة من شرفة الاتحاد الجهوي للشغل بتونس، توجه الأخ الطاهر ذاكر الكاتب العام للنقابة للتعليم الأساسي بكلمة الى الجموع الغفيرة حيّى فيها نضالات المعلمين ووحدتهم التي أنجحت الإضراب بأكثر من 90 في المائة وذكر فيها بنضالات المعلمين الذين كانوا على الدوام في الصفوف الأمامية في النضال والذين كانوا من المساهمين في ثورة 14 جانفي وطرد بن علي. وبيّن ان النقابة العامة كانت متمسكة بالحوار إلى آخر لحظة مع الطرف الحكومي الذي واجههم بالمماطلة واللامبالاة والاستخفاف بالمجهودات الجبارة التي يقوم بها المعلمون في مدراسهم من اجل إنشاء جيل جديد مفعم بقيم الحرية والعدالة وبمبادئ الثورة وانتهى إلى أنّ القطاع مستعد للتفاوض بقدر استعداده اكثر للنضال واتخاذ خطوات تصعيدية في الايام القادمة اذا ما واصلت الحكومة المؤقتة سلوكها. الأخ حفيظ حفيظ: قطاعنا صبور والنضال قدرنا. ضمن كلمته اكد الأخ حفيظ حفيظ أن المعلمين كانوا كعادتهم في مستوى الرهانات المطروحة عليهم وانضبطوا لسلط القرار في القطاع والتزموا بالدفاع عن مطالبهم المشروعة وابرز ان نتائج الإضراب لم يسبق ان شهدها القطاع ولاقى نجاحا منقطع النظير وهذا طبيعي باعتبار انخراط القطاع التاريخي في النضال ضد الاستبداد. وقال إن على اعداء القطاع وأعداء الاتحاد أن يقرؤوا جيدا تاريخ نضال المعلمين الذين لم يفصلوا بين النضال النقابي والنضال السياسي منذ سنوات الجمر والذين رفضوا تزكية بن علي في 2009 وخاضوا اضرابا عن العمل للمطالبة بالحرية لسجناء الحوض المنجمي والآن يناضلون من اجل استكمال مهمات الثورة وهذه النضالات ستكون كالشوكة في حلق من يشكّك في وطنية المعلمين والمعلمات. وأشار الأخ حفيظ حفيظ الى المشكل ليس في وزارة التربية فقط، بل ان كل الوزارات تقريبا تتبع منهجية واضحة في التهرب من الاتفاقات والالتزامات وفي المماطلة والتسويف وان الحكومة ليست مستعدة لاتخاذ منهج الحوار الاجتماعي السليم والابتعاد عن التفرّد بالرأي في ظرف دقيق تعيشه بلادنا داعيا الى مواصلة النضال من اجل مطالب المعلمين وكل المبادء التي تدعو اليها المنظمة الشغيلة وخاصة في مستوى تضمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في الدستور الجديد. الاخ المولدي الجندوبي: لا نريد استنساخ تجارب فاشلة الاخ المولدي الجندوبي الامين العام المساعد المسؤول عن النزاعات والتشريع حيا المعلمين واسماهم بحماة الثورة و اكد تبني المركزية النقابية وهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل لكل مطالب القطاع دون اي شرط، وبين ان ذلك امر طبيعي باعتبار نضالية المعلمين منذ 1919 وانخراطهم في تاريخ طويل من النضال ضد الدكتاتورية والاستبداد وبيّن ان المنظمة الشغيلة تطالب بعدم استنساخ تجارب سابقة اثبتت فشلها، لذلك لا يجب التعامل مع الاتحاد العام بالاستخفاف لان الاتحاد لن يركع لأي حكومة تنهج نهج تجاهل مطالب مشروعة جاءت من رحم الثورة. ارقام ودلالات النتائج الاولية لنسب المشاركة في الإضراب بكامل تراب البلاد جاءت لتؤكد التفاف المعلمين والمعلمات بهياكلهم النقابية ولتؤكد وحدتهم وتسفّه ادعاءات أعدائهم وتراهاتهم. كما علمنا ان في تونس مثلا تحصلت 60 بالمائة من المدارس من جملة 181 مدرسة على نسبة 100 بالمائة من نجاح الإضراب علاوة على مشاركة كافة أسلاك القطاع من مديري المدارس والمساعدين البيداغوجيين ومساعدي المديرين. وفيما يلي عرض لإحصائيات المشاركة في الإضراب على المستوى الوطني: