• كيف تقيم الخدمات الصحية المقدمة في المؤسسات العمومية؟ ان الخدمات الصحية المقدمة لا ترتقي الى المستوى المطلوب لذلك طالبنا منذ بداية التسعينات بإعادة تأهيل قطاع الصحة ولذلك لقناعتنا في الاتحاد وفي النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان بأن قطاع الصحة العمومية هو الوحيد القادر على تقديم الخدمات لكافة فئات الشعب التونسي علما ان أكثر من 80٪ من الشعب التونسي مرتبط بمؤسسات الصحة العمومية وأن أقل من عشرين بالمائة قادرون على التوجه الى المؤسسات الصحية الخاصة. ومن خلال هذا التأهيل نريد تحسين جودة الخدمات وتطبيق المقاييس التي تصون كرامة المواطن وتصون كرامة العاملين بالقطاع. وهذا الوضع الذي ننشده غير موجود حاليا بل على العكس عرفت العشريات الاخيرة توجه سلطة النظام البائد نحو دعم القطاع الخاص وهو قطاع لا يمكن ان يعالج فيه سوى 20٪ وقد تكون هذه النسبة قد انخفضت مع عملية التفقير التي عرفها الشعب خلال السنوات الماضية. ويشمل التأهيل الذي نطرحه تطبيق المقاييس ومراجعة الخارطة الصحية نظرا لعدم المساواة بين الجهات الداخلية والمناطق الساحلية رغم ان قطاع الصحة العمومية في الجهات الساحلية يشكو هو نفسه من صعوبات ويستوجب التأهيل. • ما هو سبب عدم توازن الخارطة الصحية؟ عدم المساواة هو أولا نتيجة لموروث كامل ولخيارات سياسية دعمت قطاع الصحة العمومية في المدن الكبرى وأهملت المناطق الداخلية. وعموما فان النمو الاقتصادي لكل جهة يحدد تطور المنظومة الصحية وعلى اعتبار تراجع نسبة النمو وعدم المساواة في التنمية فانه من البديهي ان ينتج عنه عدم مساواة في الخدمات الصحية. • ولكن هناك من يحمل الطبيب مسؤولية تخلف الخدمات الصحية في المناطق الداخلية لأنه يرفض العمل بها؟ هذا الكلام غير صحيح فالأطباء لا يرفضون العمل في اي مكان واي جهة بالبلاد، لكن غياب البنية التحتية والتجهيزات هو العائق، فلا فائدة من وجود طبيب اختصاص اذا لم يكن محاطا بفريق كامل وبالتجهيزات اللازمة، فهذه الوضعية اي طبيب دون تجهيزات تخلق بحد ذاتها مشاكل يصبح معها الطبيب غير قادر على ممارسة مهنته ولا يقدم النتائج المنتظرة فتكون العملية عكسية يصبح خلالها الطبيب مسؤولا عن سوء الوضع فالثابت والاكيد ان الاطباء لا يرفضون العمل في المناطق الداخلية ولكن هذه المناطق تفتقر للتجهيزات ونحن كنقابة عامة للأطباء والصيادلة وأطباء الاسنان بالصحة العمومية تقدمنا منذ سنوات ببرنامج كامل لتأهيل القطاع يحتوي على كل الحلول الممكنة، غير ان سلطة الاشراف قبل 14 جانفي رفضت تطبيق هذا البرنامج لأن ذلك سيفرض عليها خيارات جديدة ومصاريف هي لا تريدها. ونحن نطالب الوزارة الحالية بمناقشته وعرضه على خبرائها وتطبيقه خاصة وانه يتضمن اصلاحات من حيث عدد الاطباء ونوعية المؤسسات وتحسين وضع العاملين في القطاع الذين وقع تهميشهم واضعاف قدراتهم الشرائية. ثم اننا اقترحنا انشاء أقطاب طبية متعددة الاختصاصات ولا تكون بالضرورة مستشفيات جامعية لأنها في الحقيقة لا تختلف كثيرا وليس هناك فوارق بين اطباء الاختصاص سواء كان يدرس في الجامعة أم لا، وهذه الاقطاب من شأنها تقريب الخدمات الصحية ومعالجة الحالات الاستعجالية واعادة توزيع الخارطة الصحية. والحقيقة ان ما نراه يحصل الآن يشكل خطرا على الصحة العمومية لأن هناك نية لانشاء مستشفيات خاصة وربما كلية طب خاصة وسترتبط هذه المستشفيات الخاصة بالصندوق الوطني للتأمين على المرض وهو ما سيرهق المواطنين. ومن بعض الحجج المقدمة لتبرير هذا التوجه هو تحسين تصدير الخدمات الصحية وهي حجة ضعيفة لأن تأهيل القطاع العمومي وتحسين خدماته سيدفع الى الرفع من تصدير الخدمات الصحية علما ان البلدان الاوروبية تصدر خدماتها الصحية بالاعتماد على المؤسسات العمومية وفي الاخير لابد من القول انه من الضروري المساواة امام المرض وهو ما لا يتحقق الا عبر تأهيل قطاع الصحة العمومية، وهو أمر يتعارض مع الاختيارات الليبيرالية المفرطة. • هناك ظاهرة الاعتداء على الإطار الطبي وكأنها رسالة يحمل من خلالها المواطن مسؤولية سوء الخدمات للطبيب فما هو تعليقك؟ هذه الظاهرة تعكس عضب المواطن على المؤسسة الصحية التي لا تقدم له الخدمات المرجوة وما لا يعرفه المواطن هو ان الاطباء لا يتحملون مسؤولية تدهور الخدمات الصحية رغم انه وقع إيهامه بذلك بل ان الاطباء يريدون تحسين هذه الخدمات لأنها تخدم مصلحة الجميع، وفي نفس الوقت هناك لوم للسلطة التي لا تؤمن المؤسسات المالية ولا تؤمن المؤسسات الصحية وهو ما يمكن اعتباره اختيارا يهدف الى تهميش القطاع العمومي للصحة بهدف دعم القطاع الخاص لأن مسألة توفير الامن داخل المؤسسات أمر بسيط ويمكن انجازه غير ان الارادة غير متوفرة. وأود ان ألفت انتباه المواطن الى ان تحسين الخدمات هو هدف مشترك بين المواطن والاطباء الذين طالما ناضلوا ،من اجل ذلك وتكفي الاشارة الى ان أطباء القطاع العمومي باقون في القطاع لانهم متمسكون بخيار عمومية الصحة ولولا انها مسألة قناعة ومبادئ لغادر هؤلاء المستشفيات نحو القطاع الخاص الذي يقدم إغراءات مالية مهولة. فالاطباء هم أبناء هذا الشعب ومن مصلحتهم ان تكون المؤسسات الصحية العمومية ملجأ لكافة المرضى وتؤمن لهم الخدمات الصحية الجيدة. • هناك من يُحمل المسؤولية للنشاط التكميلي الخاص؟ أولا لابد من الاشارة الى أن النشاط التكميلي الخاص هو خيار الدولة فعوض ان تقوم بتحسين واقع الاطباء اقترحت هذا النظام الذي يهدف الى تحسين وضعية الاطباء، ثانيا ان النشاط التكميلي الخاص ليس ظاهرة عامة بل ان هناك عدد محدودا من الاطباء يمارسونه. والحل يكمن في تحسين القدرة الشرائية للأطباء بما يسمح لهم بنوع من الاستقرار المادي ليتمكنوا من أداء مهامهم وهنا لابد من رفع اللبس حول ثراء الاطباء فهو امر غير صحيح وطبيب الصحة العمومية موظف لا يكاد أجره يغطي حاجاته. • هل تشكو المستشفيات العمومية حقا من نقص في الإطار الطبي؟ أجل وبكل تأكيد فهناك ثلاثة خطوط للصحة العمومية منها المستوصف ثم المستشفيات الجهوية فالمستشفيات الجامعية واذا ما أردنا تغطية الحاجيات بما يتناسب مع المقاييس العلمية والدولية فلابد من مضاعفة عدد الاطباء ففي الخط الاول مثلا اي المستوصف تكون العيادة في حالات كثيرة متاحة ليوم واحد في الاسبوع وهو عدد ضعيف جدا فماذا يفعل المريض خلال باقي ايام الاسبوع؟ وبسبب ضعف عدد الاطار الطبي وتأخر المواعيد وزيادة عدد العيادات للطبيب الواحد 50 في اليوم وهو ما يؤثر على المردود وحسن التشخيص وجودة الخدمات. فلابد اذا من تأهيل كامل يأخذ بعين الاعتبار كل هذه النقائص حتى يتمتع شعبنا بخدمات صحية جيدة تُمكنه من حقه في الصحة على اعتبار انه حق أساسي من حقوق الانسان. الأخ زهير النصري الكاتب العام للجامعة العامة للصحة: نطالب الوزارة بتطبيق برنامج التأهيل كيف تقيم الخدمات التي تقدمها المؤسسة الصحيّة العمومية؟ ان المؤسسة الصحية هي مؤسسة عمومية في اخر الامر والجميع يعرف واقع المؤسسات العمومية في البلاد وواقع مؤسسة الصحة العمومية لا يخرج طبعا عن واقع المرفق العام عموما من رداءة وضعف ورغم المجهودات التي يبذلها الاطارالطبي وشبه الطبي فإن الخدمات الصحية المقدمة لم تتطور الى المستوى المطلوب وذلك لعدة اسباب منها غياب التجهيزات وسوء النية الاساسية وضعف التمويل. يبدو ان المجهودات المبذولة لم تقنع المواطن وهو ما يجعله يمارس العنف ضد الاطار الطبي وشبه الطبي? هذه الاعتداءات ليست جديدة وهي دائمة ولهذه التجاوزات في حق الاطار الطبي وشبه الطبي لا يمكن تبريرها ولكن يمكن شرح اسبابها وهي الاكتظاظ الحاصل خاصة في مستوى اقسام الاستعجالي وصعوبة الوصول الى الخدمة الصحية الجيدة ومن الاسباب ايضا الدعاية الاعلامية التي روجت لحسن التجهيزات ولتوفر كل الظروف وعندما يتوجه المواطن للمؤسسة الصحية العمومية يجده خدمة سيئة فيحمل المسؤولية للاطار الطبي وشبه الطبي ويرد الفعل ضدهم على اعتبار انهم موجودون في الواجهة وعموما فان هذه الظاهرة تعكس الخلل الحاصل في الخدمة الصحية فهناك عدم توازن جهوي يتجسد في انتشار المؤسسات العمومية المجهزة والمتطوّرة نسبيا في الشريط الساحلي مقابل نقص كبير في المناطق الداخلية. هل يعني هذا أن الجهات المحرومة اقتصاديا تشكو حرمانًا من الخدمات الصحية ايضا؟ الحقيقة ان العاصمة والجهات التي عرفت تنمية وخاصة الجهات الساحلية تمتلك مؤسسات صحية مجهزة ولكن هذه التجهيزات المتطورة هي في خدمة جميع الجهات لان نقص الاختصاص أو ضعفه في الجهات المحرومة يدفع المواطنين إلى التنقل لهذه المؤسسات وهو ما يخلق الاكتظاظ وارهاق التجهيزات وصعوبة صيانتها. ما مدى مسؤولية الإطار شبه الطبي على سوء الخدمات المقدمة؟ لابد من الاشارة الى انه لا يمكن لاعوان الصحة العمومية والاطباء ان يقدموا اكثر مما هم بصدد تقديمه خاصة مع نقص الموارد البشرية وصعوبة ظروف العمل فأعوان الصحة يقدمون مجهودا خرافيا ففي كثير من الاحيان يرعى عون الصحة الواحد اكثر من ثلاثين مريضا وهو امر غير ممكن ويتعارض مع المقاييس والمعايير الدولية التي تقول بان يعمل عون الصحة على رعاية من 4 إلى 6 مرضى. وأود هنا العودة الى ظاهرة العنف التي اصبحت عامة وقوية وهو عائد الى انفلات في سلوك وذهنية المواطن امام سوء الخدمات فاذا كانت الوزارة جادة في مسألة تأهيل الصحة العمومية فان الحلول ممكنة اذا ما تعاملت بجدية مع النقابات في القطاع لذلك فان المسؤولية تقع على الوزارة وعدم جديتها في تأهيل القطاع خاصة واننا قدمنا برنامجًا متكاملا. ماهي أهم النقاط في البرنامج الذي أعددتموه لتأهيل قطاع الصحة العمومية؟ هي ثلاث نقاط مهمّة جدا وهي الموارد البشرية التجهيزات والبنية التحتية ولابد من وجود مستشفيات جامعية ولابد من وجود اقطاب طبية في عدة جهات وتأهيل قطاع الصحة لا يكون الا عبر برنامج متوازن يأخذ بعين الاعتبار المناطق المحرومة. ولا بد ايضا من التأكيد على القطاع العمومي الذي يؤمن اكثر من 80٪ من أبناء الشعب وفي المقابل نجد ان اكثر من 50٪ من مصاريف صندوق التأمين على المرض تدفع إلى تغطية قطاع الصحة الخاص. وهي مؤشرات تهدد عمومية الصحة خاصة مع ما يروج من نية فتح كلية الطب خاصة ومستشفيات خاصة وهو امر خطير وسنتصدى بالتعاون مع نقابة الاطباء الجامعيين والاطباء لضرب عمومية الصحة سواء في التكوين او في تقديم الخدمات. ماهي مطالبكم لتحسين الوضع وإن بصفة عاجلة وجزئية؟ من أوكد الاولويات تحسين الاقسام الاستعجالية وتوفير عدد من الاختصاصات في المناطق الداخلية واود هنا العودة إلى البرنامج الذي قدمناه وهو برنامج متكامل على وزارة الصحة ان تمد يدها وتتعاون على انجازه. ماهو سبب غياب الانتدابات وماهو موقف الجامعة؟ طبعا نحن نطالب بمزيد من الانتدابات لأنّها تخفّف الضّغط على اعوان الصحة العمومية ولانها ايضا تحل مشكل البطالة بشكل كبير علما ان عدد العاطلين من حاملي شهائد في الصحة بلغ 23 ألف. يشكو بعضهم من سوء تطبيق المعايير وغياب الشفافية فماهو تعليقك؟ ان انتداب اعوان الصحة يتم على مستوى جهوي والجامعة ممثلة في جل اللجان الجهوية وقد عطلنا كل ما تفطّنّا إليه من تلاعب حتى اننا في احدى الجهات قمنا باعادة مراجعة القائمة لوجود مشكل في اسم واحد، ونحن نشتغل ليلا نهارا حتى تكون الانتدابات شفافة. ماهي مطابكم باعتباركم أعوانَ صحّةٍ عمومية؟ مطالبنا تتلخص في ثلاث نقاط عامة وهي قانون اساسي ومنحة خصوصية والترقيات وقد قمنا بعديد الاتفاقات مع وزارة الاشراف غير ان الاتفاق الوحيد الذي طبق هو الاتفاق الخاص بمسألة الترقيات ونحن ننتظرتطبيق باقي الاتفاقيات ومنها منحة الانتاج للاداريين والمنحة الخصوصية ونرجو ان يقع تطبيق هذه النقطة من الاتفاق في اقرب الآجال علما ان الوزارة اصدرت بلاغا تتمسك خلاله بتطبيق هذه النقطة وتلتزم بعدم التراجع عنها.