إضراب ناجح عن العمل فاق كل التوقعات وتجاوز نسب الإضراب الأول الذي نفّذه المعلمون، فيومي 30 و 31 ماي 2012 كان المعلمون في موعد مع ملحمة نضالية جديدة ضد استهتار الحكومة المؤقتة التي تجاوزت هذه المرة كل مبادئ الحوار وثقافة الشراكة والمفاوضة الجماعية، وانقلبت، ليس على اتفاقات فقط بل على اقتراحات السيد عبد اللطيف عبيد وزير التربية نفسه بخصوص منحة مستلزمات العودة المدرسية، حتى ان الوزير صرح خلال المفاوضات في يومها الأخير ان حكومته اذا رفضت المقترح سيستقيل مباشرة... الانقلاب جاء خلال مكالمة هاتفية إلى الأخ حفيظ حفيظ خلال ترأسه للهيئة الإدارية القطاعية المنعقدة يوم 28 ماي 2012 والتي كانت تدرس حينها في مشروع الاتفاق الحاصل مع الوزارة وكان الموقف العام للهيئة متجها نحو التفاعل الايجابي مع المشروع متحلية بذلك بروح عالية من المسؤولية والعقلانية إلى حدود وصول المكالمة سيئة الذكر... إضراب ناجح سفّه المشككين الإضراب بلغت نسبة نجاحه التسعين في المائة مقاوما بذلك محاولات إفشاله وعمليات الترهيب التي طالت المعلمات والمعلمين ومن بينهم الأخ عبد الكريم الخالقي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت الذي تعرض للعنف من قبل شخصين امام مقر الاتحاد. ويوم الإضراب، غصّت ساحة محمد علي بالمعلمين إلى جانب زملائهم في العدلية والأطباء الجامعيين ورفعوا شعارات مندّدة بالحكومة المؤقتة وبسياسة المناورة والانقلاب التي تتّبعها، وقد اكد الاخ حفيظ حفيظ خلال مداخلته امام الجموع الغفيرة الحاضرة مساندة المركزية النقابية والهيئة الادارية الوطنية لمطالب المعلمين ولنضالهم المشروع ليس من اجل مطالبهم المهنية بل ايضا لنضالهم من اجل فرض مصداقية الحوار والتفاوض مبرزا ان الاتحاد العام التونسي للشغل لا يساوم في الدفاع عن طموحات منظوريه وتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية وان الاتحاد ليس مسؤولا عما آلت اليه المفاوضات الاخيرة في كل القطاعات ومنها التعليم الأساسي الذي فوجئت هياكله بموقف غريب ومتصلّب يعتبر سابقة في تاريخ المفاوضات بين المنظمة وكل الحكومات السابقة حتى قبل 14 جانفي. واشار الى ما يتعرض إليه الصحافيون والمبدعون من اعتداءات فاشستية من قبل التيارات المتطرفة منددا بصمت الحكومة المريب إزاءها التي تتحمل المسؤولية في اي تداعيات لهذه الظواهر الغريبة عن بلادنا . كما أكد في الأخير ان المنظمة متمسكة بلعب دورها الاجتماعي والوطني والمساهمة في كل ما يهم الشغالين والشعب التونسي عموما. الأخ الطاهر ذاكر الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي حيا المعلمات والمعلمين في حركتهم النضالية الذين انجحوا إضرابهم وبين أن القطاع لن يخضع إلى أي تهديد وإلى أي عنف مشيرا ان الإضراب ليس سياسيا وعندما يريد القطاع أن يخوض إضرابا سياسيا فسيعلن ذلك مثلما اعلنه في إضراب اكتوبر 2009 المطالب بإطلاق سراح سجناء الحوض المنجمي ودعا المعلمين إلى مزيد رصّ صفوفهم والإعداد المكثّف لمواصلة النضال من اجل مطالبهم. وبيّن الاخ الكاتب العام إلى تراجع الحكومة والالتفاف على مقترح لم يعمّر سوى سويعات هو دليل صارخ على اعتمادها استراتيجية واضحة تعكس غياب الجدية في التعاطي مع المشاكل الاجتماعية وتقوم على ضرب مصداقية التفاوض بوصفها مدخلا إلى التراجع عن كل الاتفاقيات السابقة. من جهته، توجه الأخ سمير الشفي الأمين العام المساعد المسؤول إلى المضربين بتحية إكبار ووصفهم بأنهم يسطّرون ملامح نصر للحركة النقابية ويرسمون ملامح النضال ضد الاستبداد وأشار إلى ان الاتحاد العام التونسي للشغل، تلك القلعة الكبيرة، لن يتأثر بحملات التشويه وأساليب المغالطة باعتبار خبرته الطويلة في النضال ضد الاستبداد والفساد وهو الآن يواصل نضاله المستميت ضد من يحترف العنف والفاشية الجديدة ومعلنة انحيازها مع المهمشين والمفقّرين والمضطهدين لأنهم لا يتحملون مسؤولية خيارات اقتصادية واجتماعية لم يشاركوا في صياغتها بل فرضت عليهم فرضا. تمسّك بالمطالب النقابة العامة للتعليم الأساسي واثر بلوغها الموقف المفاجئ للحكومة المؤقتة عبرت في بيان لها عن استغرابها لمدى استخفاف الحكومة بالمطالب المشروعة وغير التعجيزية لشريحة اجتماعية واسعة تأمل في التعويض عن استنزاف مقدرتها الشرائية حتى تتمكن من القيام بدورها في نحت مستقبل الأجيال المقبلة والمساهمة في بناء الوطن وتحقيق أهداف الثورة كما عبر البيان عن تمسك المعلمين بكل المطالب الواردة في مشروع الاتفاق دون تجزئة او نقصان منددا بشدّة بموقف الحكومة الذي يدفع نحو التصعيد وتعكير المناخ الاجتماعي العام والزج بالبلاد في متاهات الصدام والفرقة بين أبناء الوطن الواحد. من ناحية أخرى، وخلال الندوة الصحافية التي نظمتها النقابة العامة يوم 29 ماي 2012 صرح الأخ الطاهر ذاكر أن المعلمين سيعملون على إنجاح السنة الدراسية وعلى مواصلة تأمين الدروس والدفاع عن العلاقة المتينة التي تربط المعلم بالتلاميذ وهي العلاقة التي لا يمكن لأي كان المساس بها وسيكون بذلك بقدر دفاع المعلمين عن حقوقهم المعنوية والمادية. أرقام حول الإضراب اضراب 30 و31 ماي 2012 عكس لحمة كبيرة بين المعلمين والتفافا متميزا حول هياكلهم النقابية واعتزازا كبيرا بالانتماء إلى منظمتهم العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل، وقد بينت الأرقام صدقية ذلك والتي تجاوزت أرقام الإضراب الأول يوم 16 ماي 2012: