عاشت مدينة يوم الخميس 24 ماي 2012 حالة احتقان حيث هبت الجماهير الشعبية من المجتمع المدني باعداد غفيرة امام مقرّ الولاية مطالبين بحقهم في التنمية والشغل والعيش الكريم معبّرين عن استيائهم من أداء الحكومة السلبي تجاه استحقاقات الجهة التي لم تجد العناية الكاملة من السلطة ولم تلبّ حتّى القليل منها مثلما وعدت، لكن كان الصدّ واللاّمبالاة و(الحڤرة) كما جاء في الشعارات التي رفعت وندّدوا بالاساليب البائدة التي تنتهجها حكومة الترويكا في تعاملها مع الجهات بنفس الأساليب البائدة التي انتهجها النظام الفاسد لبن علي كما نددوا بالانفلات الامني والتسيب الاداري وتشعّبت عليهم الامور لانهم ليسوا قادرين على تسيير شؤون البلاد، فقد تغاضوا في كثير من المرات عن تحرّكات السلفيين المبنية على العنف والبطش بمن يخالفهم الرأي حيث برزت هذه الانماط على الساحة السياسية مدعومة من حركة النهضة فهي مجموعات ظلامية ارهابية تجذب الى الوراء يحركها المال الخليجي ومجموعات من ميليشيا التجمّع وتغضّ الطرف عليهم حكومة النهضة. وذكر بعض المتدخلين الاساليب الفجّة التي دأبت عليها الحكومة في تعاملها مع الشعب بازدواجية الخطاب والمماطلة والتسويف والتنصل من وعودها والانقلاب على الاتفاقات مذكرين كذلك بالوعود الكاذبة للفئات المسحوقة التي انتخبتهم في المجلس التأسيسي لكن الحكومة انقلبت على مطالبهم في التنمية والشغل باعتمادها نهج النظام البائد لبن علي حيث عمّ الفساد والمحسبوبية والرّشوة وتفاقمت الاعتداءات على ممتلكات الشعب العامة والخاصة وروع ابناء الشعب المبدعين منهم ومن غيرهم ووجد خفافيش الظلام والفئات الضالة ارضية ليخلّوا بالقانون والنّظام العام للبلاد حيث كثرت اللّصوصية وترويج المخدّرات وتهريب السلع المدعومة مما نجم عنه التهاب في الاسعار وتدهور في المقدرة الشرائية للمواطن واستفحل الانتصاب الفوضوي والتّجارة الموازية التي خلقت جوّا من التعفّن والاوساخ حيث تكدّست القمامة في كل مكان (في الارصفة والانهج والشوارع) وعمّت الروائح النتنة كل المحيط حتى ان عمال البلدية عجزوا عن ازالتها بمعداتهم البسيطة. وفي المقابل نلاحظ غياب السلطة وغياب القانون لأنّ السلطة كانت غايتها التربّع على الحكم واقامة نظام استبدادي كلياني فقامت اولا بتوزيع الحقائب الوزارية دون حساب لارضاء مناضليها وثانيا انتداب كوادرها للمسؤوليات الجهوية والمحلية ولم تكترث بمعاناة الشعب الذي ثار على الفساد والتسلط. هذه الجماهير المحتجّة امام مقرّ الولاية طلبت استفسارًا من والي الجهة (النهضوي) لكن لم تحظ بالقبول والعناية حيث رفض الوالي جملة وتفصيلا استقبالهم والحديث اليهم وامام هذا الموقف غير المسؤول فاضت الكأس فعمد بعض الشبان الى الهجوم عنوة على الباب الحديدي للولاية لكي يفتحوه بالقوّة، هنا تدخل الجيش الوطني واطلق الرّصاص في الهواء ثم امطر الجماهير الغاضبة بالقنابل المسيلة للدّموع وكانت ردّة الفعل من قبل بعض الشباب عنيفة حيث تهاطلت على المقرّ الحجارة وتفرّق الجموع بفعل تلك القنابل وتدخل بعد الامن ليعزّز الجيش وتشتت الجماهير في كل الشوارع المحاذية للمكان وفي الاثناء جاءت مجموعات من أصحاب اللحي الكثيفة تساند الشرطة في تشتيت الشباب وتعنيفهم وكانوا يطاردونهم الى مسافات بعيدة في الاحياء الشعبية مثل شريط الڤايد، وحيّ حشاد، وحيّ الرياض وغيرها من الاحياء فرموا بالقنابل على المتساكنين بكثافة حتى ان احد المواطنين وهو موظّف بوزارة العدل خرج من شرفة داره وطلب من الشرطة الكفّ عن رمي هذه القنابل لان زوجته في حالة اغماء وهي حامل في شهرها الاخير فردّوا عليه بكلام بذيء ودخلوا المنزل عنوة بعد كسر الباب وعنّفوه وشجّوا رأسه امام اهله ومتساكين حي كنْبطون (أي حي المقاتلين) قرب المحكمة الابتدائية.