اليوم العالمي للمرأة هو يوم يؤرخ لبداية وعي النساء بأهمية النضال وضرورته لتجاوز واقعهن المتردي على مستوى التأجير وظروف العمل وساعاته وتشغيل الأطفال ومن ثم المشاركة السياسية بداية من الاقتراع وصولا إلى تبؤ مراكز القرار للقضاء على التمييز بين المرأة والرجل والتقدم بمجتمعاتهن إلى الأفضل ولم يكن هذا الحراك الذي شهدته النساء والعاملات منهن بالخصوص في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين معزولا بل كان جزء من حراك مفكرين وسياسيين ونقابيين وعمال من أجل مجتمع تسوده الحرية والعدالة والرخاء الاقتصادي ويتساوى أفراده نساء ورجالا في الحقوق والواجبات. إن اليوم العلمي للمرأة هو مناسبة للوقوف وفاء وإكبارا واعتزازا بما قدمته المرأة من تضحيات ومن إنجازات في كل الميادين كما أنه مناسبة للوقوف على واقع التمييز الذي مازالت تحت وطأته، رغم اختلاف حدته من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر والتعرف لأسبابه واستشراف الحلول للقضاء عليه. تفيد الإحصائيات أن النساء لا يملكن إلا 1% من الأراضي في العالم و لا يشغلن إلا 11.5% من المقاعد في البرلمانات الوطنية فيه بينما ترتفع نسبهن في الفقر حيث يمثلن من 60% إلى 70% من فقراء العالم ويشكلن ثلاثة أرباع الأميين فيه. كما توجد قرابة 5 ملايين فتاة في العلم تتراوح أعمارهن من 5 سنوات إلى 14 سنة يتم تشغيلهن دون اعتبار اللواتي يعملن بالمنازل. والنساء هن الأكثر عرضة للتهجير في مناطق النزاعات والحروب. أما في المناطق الأكثر فقرا في العالم فهن ينتجن من 80% إلى 95% من الأغذية المستهلكة هناك. وتتعرض النساء في كثير من الدول إلى أشكال مختلفة من العنف مثل الاغتصاب والحرمان من الميراث والإكراه على الزواج والاتجار بهن. وفي عالم الشغل تتصدر النساء ضحايا العولمة الاقتصادية فهن يمثلن النسبة الكبرى من العمال المسرحين من مواطن شغلهم. كما تعمل النساء في آسيا وأفريقيا ما يفوق عمل الرجال بمقدار 13 ساعة أسبوعيا تكون غير خالصة الأجر بالنسبة لمعظمهن. وتتقاضين على العمل المتساوي أجورا تقل عن أجور الرجال بنسب تتراوح بين 30% إلى 40%. وتتعرض النساء أكثر بكثير من الرجال لانتهاك الحريات النقابية والتنصل من الاتفاقيات الدولية بشأن العمل النقابي والحرية النقابية والمفاوضة الجماعية. وعلى الرغم من الاهتمام بشأن المرأة من جانب المنظمات المدنية ومواثيق حقوق الإنسان وتطور التشريعات الدولية في اتجاه القضاء على التمييز إلا إن هذه الاتفاقيات والتشريعات لا تجد صدى واسعا للتصديق عليها من طرف الكثير من الدول والعوائق عادة ما تكون من قبيل التقاليد الثقافية والعادات والعقائد الدينية الخاصة بالبلدان الرافضة لها أو المتحفظة على البعض من بنودها. إن التشريعات على أهميتها في تقليص الفوارق لا تستطيع وحدها القضاء على التمييز بين المرأة والرجل بل لا بد من تغيير العقليات عبر تكريس ثقافة المساواة والتي بدورها لا تتحقق إلا بتغييرات اجتماعية لازمة ونظرة جديدة للمرأة مفعمة بالثقة.
* فطيمة غانمي منسقة اللجنة القطاعية للتعليم الثانوي