صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية    "التكوين في ميكانيك السيارات الكهربائية والهجينة، التحديات والآفاق" موضوع ندوة إقليمية بمركز التكوين والتدريب المهني بالوردانين    حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر    توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    نبض الصحافة العربية والدولية ... مخطّط خبيث لاستهداف الجزائر    تونس تُحرز بطولة إفريقيا للبيسبول 5    ساحة العملة بالعاصمة .. بؤرة للإهمال والتلوث ... وملاذ للمهمشين    بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): التونسية اريج عقاب تحرز برونزية منافسات الجيدو    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    بنزرت: ماراطون "تحدي الرمال" بمنزل جميل يكسب الرهان بمشاركة حوالي من 3000 رياضي ورياضية    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    الجولة 14 من الرابطة الأولى: الترجي يحافظ على الصدارة والهزيمة الأولى للبقلاوة    عاجل: أولى الساقطات الثلجية لهذا الموسم في هذه الدولة العربية    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    عاجل: النادي الافريقي يصدر هذا البلاغ قبل الدربي بسويعات    أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كادت أن تشتعل في مكثر وكسرى والروحية
بعد أن قالها المعتمد: «يا كلوشارات شدّو ايديكم بالشلاكة حتى يجيكم الصباط»
نشر في الشعب يوم 25 - 08 - 2012

انطلاقا من عديد المؤشرات والوقائع الميدانية في أكثر من ولاية والمرتبطة أساسا بتنامي وتيرة الحركات الاحتجاجية والتي قابلتها الجهات والمؤسسات الرسميّة امّا بالاستخفاف أو الاستفزاز أو التقصير والاستعلاء «الحقرة»، يبدو أنّ السلط الثلاث مازالت متمسّكة بمواقفها الدّاعية إلى عدم رصد نبض الشارع والاستماع إلى صوت الشعب. إذ ما إن يتمّ إخماد نيران الشوارع ونزع فتيل الاحتقان والاحتجاج والعنف في جهة من جهات الجمهورية، حتّى تنتفض جهات وترى أخرى محتجّة عن تردّي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وتدني الخدمات الإدارية والصحية والبيئية نتيجة عدم قدرة السلط الثلاث على الإيفاء بوعودها الانتخابية وانجاز ما قطعته على نفسها من إلتزامات بمعالجة قضايا حيوية ترتبط أشد الارتباط بالمكاسب الوطنية عامة وبشعارات الثورة خاصة وفي مقدّمتها الحريات العامة والفردية.
نفد الصّبر وضاق الصدر
لقد نفد صبر الفقراء والمحتاجين وضاق صدر العاطلين والمهمشين وازدادت تبعا لذلك ظروفهم اليوميّة قساوة وبؤسا.
فالطبقة الوسطى لم تتساقط فقط كالذباب في صنف «البروليتاريا»، بل أصبحت تواجه مدًّا سلفيا يسعى من يوم إلى آخر إلى قطع أكسجين حرّيتها وكتم أنفاسها ومصادرة مجالات فعلها الحيوية، مثلما تواجه سياسة المكيالين من قبل كلّ ماهو مؤقت.
كلّما اشتكى قطاع تداعى له الشارع
فكلّما تحرّك قطاع من القطاعات أو مكوّن من المكوّنات أو شريحة من الشرائح إلاّ وتمّت مواجهاتها بأساليب فيها من العنف الرمزي والمادي ما يصل إلى حدّ الايقاف والسجن، في حين أنّها تغضّ النظر أو لا تتعاطى بالحزم القانوني الذي تدعيه مع من يسعى إلى مصادرة حرية الرأي والابداع والمعتقد... ولعلّ ما حدث في العبدلية وفي الحمامات ليلة العيد وقبلهما ما حصل في سجنان وفي ماطر وفي بنزرت وفي ڤابس من ترويع للبلاد والعباد أكبر دليل على ذلك...
إنّ ما حصل بعد الثورة من محاولات الالتفاف على قطاع الاعلام والاعتداء على المبدعين والمثقفين وعزل للقضاة واعوان السجون ومحاكمة النقابيين والنشطاء والسعي الدؤوب إلى التضييق على حق التظاهر السلمي والاحتجاج بالاساليب القانونية والشرعية والخصم من رواتب المدرسين وفتح ملف المحاماة وتشويه الفاعلين السياسيين ومحاولة التعويض للسجناء، مقابل انقطاع الماء والكهرباء وتفشي الحرائق والاوبئة وتنامي عدد المعطلين عن العمل والارتفاع المشط للاسعار واعتماد التعيينات في الادارة داخليا وخارجيا على قاعدة أولوية الولاء المغشوش على حساب الكفاءة العالية، كلّها عوامل ساهمت في تأجيج التوتر والاحتجاج في اغلب جهات الجمهورية، لعلّ آخرها ماجدّ في ولاية سليانة وفي معتمدية مكثر تحديدًا والتي كانت على فوهة بركان كاد ان ينفجر يوم الاربعاء 22 أوت بالدخول في اضراب عام داخل المثلث كسرى الروحية مكثر نتيجة ايقاف شابين من المعطلين عن العمل واحالتهم على القضاء، في حين تتم حماية معتمد خاطبهم «انتم مجموعة من الكلوشارات وأنا صحراوي راسي صحيح ما تخوفونيش شدّو يديكم بالشلاكة حتى تجيكم الصبابط».
الولاء المغشوش والكفاءة العالية
هذه هي كفاءة معتمد لم يمر على تنصيبه أكثر من اسبوع كفاءة يشهد له بها السيد والي الجهة والسيد وزير الداخلية مرجعا نظره ووليّا أمره!
قد تبدو هذه المقاربة لدى البعض فيها الكثير من التجني والمبالغة والتحريض، وحتى نشر الاخبار الزائفة او النيل من مكانة المسؤول بتعلة العلكة التي فقدت حلاوتها «نحن أوّل حكومة شرعية منتخبة بصورة ديمقراطية».
ان الديمقراطية تستدعي أن ينصت الحاكم الى شعبه لا ان يفرض الحاكم على شعبه الانصات إليه فدرجة الوعي العالية وتطوّر نسب التمدرس وتعدّد التنظيمات الاجتماعية والسياسية كلها عوامل ألغت سياجات محاصرة حرية التعبير والحق في التظاهر والاحتجاج ونفت العلاقة القائمة بين حاكم مدرس ومحاضر وشعب في فصولهم ومدارسهم يتلقى العلم والمعرفة.
حيثيات الوقائع ودقائق الامور تكشف بما لا يدع للشك غياب الحوار بين الحاكم والمحكوم بل وتنكر الحاكم لمرجعياته التي تحاول بعض القنوات اذكاء ذاكرته ونفض ما علق بها من غبار من خلال الاصرار على اعادة بث «مسلسل يوسف الصديق» وعمر بن الخطاب الذي قال واللّه لو سقطت بغلة في العراق لسألني عنها ربي قال لي لماذا لم تمهد لها الطريق يا عمر » ورغم ذلك اغتالوا عدالته وتمسكوا بشورته التي لم تتعدّ سقيفة بني ساعده.
الحيثيات والواقع: «حقرة» وتهميش
يوم 10 أوت صباحا تجمع زهاء ألف شاب وشابة من المعطلين عن العمل ومن أفراد ينتمون إلى عائلات فقيرة داخل بهو المعتمدية مطالبين بحقهم في التشغيل والتنمية، لكن معتمد مكثر تجرّأ على مخاطبتهم بألفاظ نابية تحط من كرامتهم «أنتم مجموعة من الكلوشارات.. وأنا راني صحراوي ورأسي صحيح.. ما تخوفونيش: «شدّو أيديكم بالشلاكة حتى يجيكم الصّباط» ثمّ غادر مقر المعتمدية تاركا حالة من الاحتقان وخيبة الأمل في نفوس الحاضرين.
بداية الاحتقان وارتفاع درجة التوهج
هذه السلوكات والممارسات «الوضيعة» ولدت حالة من الاستيلاء لدى الأهالي والنشطاء السياسيون والحقوقيون والنقابيون، سيما أنّ هذه المعايير لا تنسجم مع مبادئ الثورة وقيمها وأهدافها وتضرب في عمق المطالب الشرعية المتعلّقة بالتنمية والتشغيل تسد قنوات الحوار بين المسؤول والمواطن.
هذه الحالة من الاحتقان والتوتر قابلتها عمليّة ايقاف شابين واحالتهما على القضاء، كما دفعت الأطراف الاجتماعية والمدنية إلى تسريع وتيرة الدفاع عن المظلومين من أبناء الجهة.
ردّ من خلالها المتظاهرون شعارات ثورة 14 جانفي ومطالب الجهة في التنمية والتشغيل مطالبين باطلاق سراح الموقوفين وحفظ القضية.
«الشعب» واكبت هذه الحراك الاجتماعي والتقت بعيّنة من الأطراف المشاركة في المسيرة والاحتجاج ثمّ تحوّلت إلى مدينة مكثر للالتقاء بالشابين اللّذيْن أطلق سراحُهما ورصد انعكاسات هذا القرار القضائي على الأهالي...
يقول السيد حاتم الخروبي ممثّل عن حزب العمّال بالجهة «لقد شاركنا في كلّ أشكال الاحتجاج والتحركات الشعبية والاجتماعية بالجهة من منطلق مساندتنا للمطالب المشروعة والمتمثلة في الحق في التنمية والتشغيل، عمّا عبرنا عن شجبنا لأساليب الاستفزاز وترسيخ عقلية العروشية داخل الجهة من قِبَلِ بعض المسؤولين الجهويين والمحليين.
وذهب الصحبي راتب إلى التأكيد انّ موظفي وأعوان معتمدية مكثر قد عبّروا عن عدم تعرّضهم للعنف من قبل المحتجين ومطالبين بحقوقهم الشرعية، مبرزًا أنّ أغلب هؤلاء الأعوان والموظفين باتوا غير متحمسين لمواصلة العمل مع هذا المعتمد الذي أعلن منذ مجيئه عن انحيازه لطرف سياسي بعينِهِ بما جعله يتعامل مع أبناء الجهة بضرب من التعالي و«الحقرة».
واستغرب الطيب الوسلاتي من وجود خطّة مدير مكتب الوالي وانخراط هذا الأخير في أساليب المخاتلة ضدّ الأهالي في وقت كان المفروض عليه التزام الحياد الاداري.
ونبّه قيس الوسلاتي إلى خطورة أساليب الضغط ووسائل الاستمالة غير المشروعة لعدد من المواطنين من قبل مسؤولين في أحزاب سياسية حاكمت ومن مسؤولين من السلطة التنفيذية.
واشتكى منصف الرّايس من غياب المعايير والأسباب الموضوعية التي تقف وراء ابنه التلميذ على ذمّة التحقيق الأوّل متسائلا عن نوعية التهم الموجهة لابنه الصغير.
وتحدّث الشاب حسام الرويسي عمّا أسماه بالانتدابات الجديدة للحكومة من خلال ما تقوم به من تجنيد قصري للشباب المحتج والمتظاهر والمطالب بحقّه في الشغل والتنمية.
وجدّد زبير العلوي (النقابة الجهوية للتعليم بالروحية) التزام القطاع بمساندة التحركات الاجتماعية وخاصة تلك المتعلقة بالتنمية في الجهة معربا عن استنكاره لتعافي السلط مع التحركات بنزعة أمنية وقضائية.
وقال ذاكر العياري (مستقل) ان هؤلاء المسؤولين ما كانوا ليتواجدوا إلى اليوم وراء الكراسي لولا نضالات الشباب الذين يقفون وراء القضبان أثناء أيّام عيد الفطر المبارك لا لشيء سوى أنّهم ربحوا أصواتهم منادين حيث انعقد يوم 18 أوت 2012 المجلس المحلي للاتحاد المحلي للشغل وطالب في بيان الصادر بنفس المناسبة بالافراج الفوري عن المعتقلين وحفظ القضية نهائيا ومعالجة أسباب التوتر بالتخلّي عن معوّقات التواصل مع أهالي مكثر من قبل المسؤولين الجهويين والمحليين وخاصّة المعتمد، كما أعلن المجلس المحلي عن قرار الاضراب العام بكامل جنوب الولاية (معتمديات مكثر، كسرى والروحية) كامل يوم الاربعاء 22 أوت 2012 في صورة عدم اطلاق سراح الشابين الموقوفين.
وبيّن نذير بن أحمد مهندس بشركة الطيران الاخلالات القانونية والاجرائية التي حفّت بايقاف الشابين مشدّدا على التجاوزات السياسية والأخلاقية التي قام بها معتمد مكثر أثناء تعاطيه مع مطالب المعطلين من الشباب والفقراء من أبناء الجهة.
نزع الفتيل.... إطلاق السبيل
قبل يوم من الدخول في هذا الاضراب انطلقت مسيرة حاشدة من دار الاتحاد الجهوي شاركت فيها مكوّنات المجتمع السياسي والمدني باتجاه مقر الولاية ومن بعدها أمام محكمة سليانة بحقهم في العمل والتنمية.
وتحيّة شكر وتقدير واجلال للاتحاد الجهوي للشغل بسليانة على مساندته لأهالي مكثر في المطالبة بحقوقهم الشرعية في التنمية والعيش الكريم.
وأنا أستغرب من أولئك المسؤولين الذين عهدنا لهم بالشرعية وانتظرنا منهم الكثير وانتظرناهم طويلا بأن يفوا بتعهداهم فما كان منهم أن أؤتُمِنُوا فخالفوا ماعاهدونا عليه.
واعتبر ماهر بن عمر رئيس جمعية التنمية والمعطلين عن العمل وأحد المتهمين المفرج عنهم ان الأحداث الأخيرة التي عرفتها المنطقة تعكس استهدافا سياسيا وحزبيا واضحا من قِبَلِ السيدين والي الجهة ومعتمد مكثر شباب مكثر لترويعهم وتركيعهم في اطار قضايا كيدية، مبرزا أنّه رغم الافراج عنه وعدم ايقافه قد دخل في اضراب جوع مفتوح إلى حين الافراج عن زميليْه.
وبيّن إيهاب الحاجي (معلّم) انّ شباب مكثر مثل سائر شباب المناطق الداخلية يعانون من البطالة والتهميش والانقطاع المبكر عن الدراسة لأسباب اقتصادية مبرزًا انّ السلطات كلّها لم تلتفت الى الجهة بحكم موروثها اليوسفي وتميّزها بالمعارضة والتعدّد والاختلاف.
واعتبر اعتقال الشابين مجرّد حلقة صغيرة من زخم نضالات شباب الجهة ضدّ الاضطهاد والقهر والظلم.
واعتبر عبد الرؤوف سعيد (اتحاد المعطلين عن العمل) انّ المعطلين ظلّوا بُعَيْدَ الثورة بمثابة احتياط انتخابي تتجاذبه كلّ الأطراف السياسية، لكن بعد الانتخابات تبيّن انتقاء المناظرات وغياب الحلول العمليّة انعدام استراتيجيّة واضحة المعالم والمراحل تعنى بقضيّة التشغيل.
وأكّد جمال الدين بالمذكور (كاتب عام جمعية التنمية والمعطلين عن العمل بمكثر) أنّ أهالي الجهة بصورة عامة وشبابها على وجه الخصوص يعيشون في مثلّث رعب متمثّل في قساوة الجغرافيا، والمحاكمات والمحاسبات السياسية والترويكا التي مازالت في نظره توظف الأساليب التجمعية.. في معاملاتها مع شباب مكثر ومع المعطلين عن العمل، حيث لم تشفع لاحفاد علي بن عمار نضالاتهم منذ الاستعمار الغاشم مرورا بالعهدين البورڤيبي والنوفمبري ودورهم الحاسم في ثورة 14 جانفي.
وأضاف أنّه لا وجود لحلول لهذه الجهة وانّ الحكومة تفتقرُ لتصوّرات وبرامج حقيقية تساعدها على الخروج من أزمتها ومن الأزمة المتفاقمة التي تعيشها بلادنا.
وانتهى إلى التأكيد على أنّ أبناء مكثر يتحدثون كلّ اللغات وهو ما ترجمته الاضرابات السلمية والاعتصامات الحضارية واستعمال العنف متى اقتضى الأمر ذلك.
وبين شكري الحركاتي الذي تمّ الإفراج عنه في جلسة يوم الثلاثاء أسبابَ هذا التصعيد الذي تعتمده السلط المحلية والجهوية ضدّ الأهالي والمواطنين وذلك لاخفاء عجزها عن معالجة الملفات المطروحة وقدرتها على الحوار مع الشباب المعطّل والفئات المفقرة مُنبّها إلى خطورة الأساليب المعتمدة في الحوار مع المحتجين على غرار الاستفزاز والمخاتلة والاعتماد الدسائس وفبركة التهم من قِبَلِ المسؤولين السياسيين والاداريين وذلك من أجل مكافأة من ناضل من مواقع متقدّمة في نجاح الثورة وطرد بن علي.
وبيّن سفيان النقاطي أحد المفرّج عنهما يوم الثلاثاء اثر الجلسة تضارب الشهادات والتراجع في ادعاءات بالباطل وخلوّ التهم من القرائن والمؤيدات... كما استغرب من كثرة التهم الموجهة إليه وخاصة افتعال أقوال وأحداث من نسج الخيال كشفَها لسانُ الدفاع وعرّتها تحركات الأطراف الاجتماعية والحقوقية السياسية وخاصة وقفة الاتحاد العام التونسي للشغل الحازمة في وجْه المظالم والمحاكمات غير العادلة.
وبيّن السيد محمّد بن ابراهيم النقاطي والد سفيان النقاطي ما تتعرّض له عائلته من مضايقات واعتداءات ومحاكمات كيدية توجهت أوّلها إلى ابنه حمزة الذي حكم عليه بالمحكمة العسكرية أربع سنوات ونصف سجنا رغم أنّ الشاهدين على القضيّة قد قدّموا اعترافات بعدم ضلوع ابنه فيما نسب إليه.
ويعتقد السيد محمّد النقاطي انّ عائلته بصدد دفع فاتورة نضال ابنائه أيّام الثورة وخاصّة مساهمتهم في حرق مقر التجمع الدستوري والالتحام بنضالات أبناء الجهة ضدّ الدكتاتورية والقمع والقتل ملتمسا من المؤسسة العسكرية ادراك هذه الخلفيات التي تقف وراء التهم الكيدية الباطلة.
وبيّن الأخ عبد الجليل الستاوي (الكاتب العام للاتحاد المحلي بمكثر، كسرى الروحية) ان تطوّر الأحداث قد اقترن بتاريخ 9 أوت حين توجهت مجموعة من المواطنين الى مقر معتمدية للاطلاع على آخر المستجدّات المتعلّقة بمطالب الجهة.
وأمام كثافة عدد الذين كان يحدوهم الأمل وفي معالجة ملفاتهم وتسوية مطالبهم ووضعياتهم، لم يتمالك المعتمد أعصابه ولم يبد أي استعداد للحوار فخاطبهم بأسلوب فيه الكثير من التعالي والاحتقار والشتيمة، وهو ما ولّد حالات غضب من المواطنين.
وبعد ان غادر مقرّ المعتمد والتحق بمركز الولاية طالبه الوالي برفع قضيّة عدلية، حيث كانت أسرع في تاريخ القضاء العدلي.
وفي يوم 11 أوت تمّ استنطاق الشباب من قبل مركز الشرطة العدلية حول عناوين احالة وقضايا لا علاقة لهم بها ورغم عودتهم للمكافحة، فإنّ معتمد الجهة قد تراجع عن ادعاءاته وأقرّ بعدم معرفته للشباب الذين توجهت إليهم التهم.
والغريب في الأمر ما وقع من تبادل الكرة بين السيدين وكيل الجمهورية وحاكم التحقيق، حيث ادعى كلّ منهما عدم استعداده للنظر في هذه القضية وكان لمئات الشباب الذين رافقوهما الى المحكمة ان عبّروا عن احتجاجهم لعمليّة الايقاف والايداع بالسجن بطرق احتجاجيّة دأبت عليها أغلب الاحتجاجات داخل مختلف الجهات.
ورغم انعقاد جلسة بساعتين عبّر السيد الوالي لمجموعة من المحتجين ألاّ دخل له في استقلالية القضاء في حين تمسّك الوفد المفاوضة بدقة المرحلة وحساسية الظرف (عيد الفطر) وانسانية الموقف.
لكن من مكثر انطلقت أم المعارك يتجمهر حوالي ألف من الشباب الذين جابوا شوارع المدينة رافعين شعارات ضد النهضة وضد الوالي وضد المعتمد ثمّ تجمّعوا أمام مركز الشرطة. وقد زاد موقف ماهر بن عمر المفرج الوحيد عنه والدّاعي الى الدخول في اضراب جوع مفتوح حتى يتمّ الافراج عن زميليْه توهّجا لهذه الحركة الاحتجاجية.
ولوضع حدّ لحالة الاحتقان الآخذ في الارتفاع تحرّك الاتحاد الجهوي للشغل يوم الأحد 19 أوت وعُقِدَتْ جلسة لمكتب تنفيذي موسّع تقرّر إثرها عقد مجلس محلي الذي اتخذ في نفس ليلة ذلك اليوم موقفا يدعو الى التمسّك بالاحتجاج السلمي بمشروعية المطالب بالنسبة إلى التشغيل وتنظيم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء 21 أوت أمام كلّ من الولاية والمحكمة بعدما انطلق في مسيرة من مقر الاتحاد الجهوي بسليانة.
وكانت مكثر والروحية وكسرى ستدخلان في اضراب عام يوم الاربعاء 22 أوت في صورة عدم الافراج عن الشابين.
قال الأخ أحمد الشافعي الكاتب العام المساعد بالاتحاد الجهوي للشغل بسليانة انّ السيد والي الجهة وبقيّة الأطراف الممثلة للحكومة لا تتعامل بالجدية المطلوبة مع المكوّنات الاجتماعية والسياسية بالجهة.
ولئن كان الخطاب الرسمي على المستوى الجهوي متمسّكا بالحوار فإنّ الممارسات العملية تبدو غير جادة.
وفي الحقيقة، فإنّه ومنذ قدومه لم يحرص السيد والي الجهة على التعامل مع الاتحاد الجهوي لشغل باعتباره طرفًا اجتماعيًا يتوفّر على أكثر من 13 ألف منخرط و800 إطار نقابي وعلى أكثر من مائة وعشرين تشكيلة نقابية.
انّ للاتحاد الجهوي للشغل عديد الدراسات والمقاربات والتصوّرات المنهجية والعمليّة القادرة على حلحلة الملفات والقضايا العالقة.
وقد بيّنت الجهات الرسمية مساندتها من ناحية إلى أرباب العمل على حساب الشغالين وعلى حساب الإمكانيات المتوفرة للجهة من أجل الترفيع في الطاقة التشغيلية وافراطها في التعامل الحزبي والرجوع الى الروابط السياسية أسلوبًا لمواجهة المجتمع المدني بكل مكوّناته. هذا النهج قلّص من مساحات الحوار وعطّل امكانيات توفير الحلول وفتح الأبواب على مصراعيها أمام المعالجات الأمنية والقضائية.
وللأسف الشديد أقول مؤكدا انّ الصورة الممجوجة الى الشرعية قد خلقت الكثير من الصلابة وحدّة التواصل وزرعت نزعة الاستعلاء على أبناء الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.