تاريخ نادي القصة بالوردية عريق ضاربٌ في الإبداع من خلال مواظبته علي إصدار مجلّة «قصص» وعلى إقامة الندوات والملتقيات ومنح الجوائز سنويّا في القصة المنفردة والمخطوط، لكن، الظّاهر أنّ الثورة كانت عكسية فبدأت عقاربُ ساعة جماعة نادي القصة تدور إلى الوراء فتحوّلوا من مدافعين عن عرين القصة القصيرة الى راقصين على جثّة «اللغة العربية» دائرين حول النّار مثل الهنود الحمر في الليل، ينتظرون انتهاء شَيّ الكلمات! وذلك بإصدار مجموعة قصصيّة جديدة فائزة بجائزة القصّة هذا العام، ونشر هذه المجموعة كان خيبةً لي قارئًا ومتابعا للقصة التونسيّة. لقد أُصبتُ بصدمةٍ قاتلةٍ حيث عثرتُ على مائة وثمانين خطأً في اللّغة والطّباعة ورسم العلامات في مجموعة قصصيّة لا يتجاوز حجمها 108 صفحات إضافة إلى الاعتداء على اللّغة تمّ الاعتداء على صاحب المجموعة القاصّ «فتحي الصّيفي» مرتين: الأولى بحرمانه من حقّه المعنوي في ضرورة التنصيص على غلاف المجموعة أنّ هذا الاصدار فائز بجائزة نادي القصة عام 2012، والثانية بممارسة رقابة سافرة نتنة بتغيير العنوان الأصلي للمجموعة من «كلاب في المدينة» إلى «من تاريخ عبد الله المنسيّ» فالعنوان الأوّل في علاقة بكلّ القصص بينما يتعلّق عنوان المجموعة بقصة واحدة! ولا أعرفُ حقّا كيف تفتّقت أذهان الحراس القدامى عن عنوان بائس شكّل تغييره طمسًا لروح المجموعة، التي تعتبر من وجهة نظري قارئا جادًّا للقصة التونسية والعربية فرغم ان المبدع فتحي الصّيفي ليس غزير الإنتاج ولكنّه كاتب حقيقيّ تنبئ مجموعته الثانية «كلاب في المدينة» «منشورات قصص 51» انّه من طينة الكبار في تواضُع وهدوء ورصانة، وما على جماعة نادي القصة بالوردية(أو حرّاسها القدامى) إلاّ إعادة طبع المجموعة حالاًّ بعنوانها الأصليّ ومراجعة 180 خطأ في اللغة والطباعة ورسم العلامات النصّيّة، والتعويض للكاتب فتحي الصّيفي ب 150 نسخة إضافية من الطبعة الثانية وسحب كمّية الطبعة الأولى وحرقها وما على وزارة الثقافة إلاّ رفض اقتناء المجموعة في طبعتها الأولى لانّ ذلك يشكّل جريمة ثقافية بجميع المقاييس وإهدارا للمال العامّ. وسأعود إلى الحديث عن المستوى الفنّي الذي بلغته مجموعة فتحي الصيفي وطنيا وعربيّا، من خلال «كلاب في المدينة» في طبعتها الثانية إن شاءت «جماعة نادي القصّة» ونسأل الله حسن العاقبة كما قال ابن ابي الضّياف في إتحاف أهل الزّمان!