عاجل: هذه تفاصيل الأحكام ضد الموقوفين الثمانية في قضية التسفير    قفصة: افتتاح فعاليات الورشة الوطنية للمشاريع التربوية البيداغوجية بالمدارس الابتدائية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    مع الشروق : ترامب.. مائة يوم من الفوضى !    أخبار الملعب التونسي : غيابات بالجملة والبدائل مُتوفرة    وزير الشباب والرياضة يستقبل رئيسي النادي الإفريقي والنادي الرياضي البنزرتي    عاجل/ من بيهم علي العريض: أحكام بالسجن بين 18 و36 سنة في حق المتهمين في قضية التسفير..    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    في افتتاح مهرجان الربيع لمسرح الهواة بحمام سوسة... تثمين للمبدعين في غياب المسؤولين    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    لماذا اختار منير نصراوي اسم 'لامين جمال" لابنه؟    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا"    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطة واهمة إذا ما صدّقت أنها نجحت في إخماد الاحتجاجات الاجتماعية
حوار مع المناضل النقابي عدنان الحاجي:
نشر في الشعب يوم 22 - 09 - 2012

في ضيافتنا هذا الأسبوع المناضل النقابي عدنان الحاجي الذي عرف بنضالية أوصلته في سنوات الجمر إلى السجون لكنه لم يسكت ولم تبحّ له حنجرة ولا يمكن أن نتصور أنّ يصمت خاصة عند المحطات السياسية والاجتماعية الكبرى...
دعوناه ضيفا في جريدتنا هذا الأسبوع ليطلع القراء على الوضع بالمناجم حيث لم يكن متفائلا اذ اكد أن شركة فسفاط قفصة ستمرّ سنة 2014 بعجز عن تصدير الفسفاط وقال ان السلطة الحاكمة واهمة اذا ما صدقت أنها نجحت في إخماد الاحتجاجات الاجتماعية.. بدا متشائما عندما قال قد يكون يوم 23 أكتوبر شبيها بيوم 14 جانفي 2011.
عدنان كان لابد ان يتحدّث عن الاتحاد وعن مبادرته ولم يخجله القول إنها جاءت متأخرة وقال مازال بامكان الاتحاد ان يلعب دوره.
لنبدأ هذا الحوار من النتائج النهائية للانتدابات بشركة فسفاط قفصة؟
النتائج النهائية لمناظرة انتداب عمال بشركة فسفاط قفصة اعتقد أنها نجحت في خلق حالة من الارتخاء واليأس في نفوس المعطلين عن العمل بالمنطقة باعتبار انها المرة الثالثة التي تصدر فيها هذه النتائج ثم تقع مراجعتها. يبقى الأمر المهمّ هو أن المقاييس التي وقع على اساسها الانتداب لم يقع الاتفاق عليها مع ممثلي جهة الحوض المنجمي من نقابات ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب السياسية ولذلك بقيت هذه المقاييس غامضة وغير مفهومة الى حد الساعة وفيها الكثير من الحيف والظلم الذي لحق بعض المعطلين ممن شاركوا في هذه المناظرة.
القضية ليست في عدد الانتدابات بل في أسس الانتداب التي تفتقد إلى شروط الشفافية والموضوعية وأعتقد ان القضية في الحوض المنجمي في علاقة بهذا المطلب تحديدا تتجاوز هذه المسألة إلى عديد الاشكالات والتي تتطلب حلاً مستعجلاً، بصورة اوضح تمّ اختزال قضايا منطقة الحوض المنجمي في انتداب بضع مئات من المعطلين في شركة قفصة بينما كانت اتفاقاتنا الأولى مع الرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة منذ ماي 2011 تنصّ على توفير كل مقومات الحلول الجذرية للمنطقة غير ان هذه الحكومة تراجعت وتنصلت من هذه الالتزامات.
هل نذكّر القراء بأهم مطالب أبناء الحوض المنجمي؟
أريد أن أوضح ان مطالبنا ليست متعلقة بالتنمية الشاملة والمستديمة لاننا نعلم ان التنمية الشاملة تتطلب عقودًا من الزمن وحوارًا وطنيّا جادًا، ولكن ما أريد ان اشير إليه هو تلك المطالب الخصوصية للحوض المنجمي وفي اعتقادنا ان تحقيق هذه المطالب سيوفرّ بالضرورة الاستقرار والأمن وللتذكير هذه المطالب يمكن اجمالها في ما يلي:
شركة فسفاط قفصة لابد من تأهيلها وتجديد أسطولها وأدوات عملها والعمل على زيادة طاقة انتاجها من أجل توفير مواطن شغل أكثر لاستيعاب اكبر عدد من المعطلين لأن نسبة الانتدابات الحالية هو ليس زيادة في عدد العمال بل هو تعويض لنسبة من عدد العمال الذين تم تسريحهم في اطار التقاعد لمدة خمس سنوات (2011 إلى 2015).
وبالتالي سنجد أنفسنا في المستقبل المنظور نعود إلى نفس النقطة والازمة، وعندما نطالب بتأهيل الشركة فهذا بالرجوع إلى الاحصائيات والارقام بشركة قفصة التي ستجعلها سنة 2014 عاجزة عن تصدير مادة الفسفاط.
أيضا تفعيل دور الشركة في محيطها اي ان الشركة تتحمّل مسؤولية اخلاقية وقانونية عن التلوث البيئي واهتراء البنية الاساسية وتدني الوضع الصحي للأهالي لذلك نرى لزامًا على هذه الشركة ان تساهم ماديا في اصلاح هذه الأوضاع.
كذلك تتحمل الشركة مسؤولية اخلاقية ازاء عائلات ضحايا الشغل ممّن تعرضوا إلى حوادث خطيرة نجمت عنها اعاقات دائمة وعليها ان تكافئ عائلات هؤلاء الضحايا بانتداب شخص على الأقل من كل عائلة.
أيضا تتحمل الشركة مسؤولية المتقاعدين الذين سُرّحوا قبل سنة 1986 والذين تراوحت مدة عملهم بين 30 و40 سنة ومازالوا إلى اليوم يتقاضون أجورًا أقل من الأجر الأدنى الصناعي أو الذين أحيلوا على عدم المباشرة في 1986 الى سنة 2000 والذين تعرضوا إلى مظالم كبيرة في احتساب أجورهم وهم الى اليوم يطالبون بحقوقهم ونذكر بان هذه الاتفاقية أبرمت بين الشركة و«الشرفاء» سنة 1986 بعد ضرب القيادة الشرعية للاتحاد العام التونسي للشغل.
أيضا بالنسبة إلى الفلاحين الذين تضرّرت أراضيهم جراء نشاطات الشركة والمعمل الكيمياوي بالمظيلة نرى أنّه لزامًا على الشركة تعويض هذه الأضرار.
وأخيرا نحن نطالب بتخصيص نسبة من أرباح الشركة للتنمية بالمنطقة وهذا ما التزمت به فعلاً ادارة شركة قفصة وأقرّه مجلس ادارتها وذلك بتخصيص 400 مليار دفعة واحدة بعنوان 2006 / 2011 لإنجاز بعض المشاريع بالمنطقة على سبيل المثال احداث بنك تجاري لتمويل المشاريع الصغرى وقد أنجزت دراسته ورصدت له الأموال وكذلك تهيئة 10 مناطق سقوية بمنطقة الحوض المنجمي وانجاز معمل اسمنت بمنطقة «تابديت» التابعة للرديف وغيرها الا ان الحكومة الحالة تنكرت لهذا الاتفاق ونذكر على سبيل المثال أن نَصيب الرديف لوحدها في هذا الاتفاق توفير ألف (1000) موطن شغل مباشرة مقسمة كالآتي: 454 انتداب بالشركة و200 بشركة البيئة والغراسة و300 بمعمل الاسمنت المزعوم و46 انتداب من عائلات ضحايا الشغل وعليه قبلنا هذا الاتفاق وأمام تراجع الحكومة لم نحصل الاّ على الانتدابات بالشركة فقط، ولو نُفِّذ هذا الاتفاق لحلّ المشكل من أساسه ومن بين المطالب الرئيسية هو الاعتراف بجميع حقوق عائلات الشهداء والجرحى واعتبارهم ضمن شهداء الثورة وتمكينهم من فرص العمل.
في حوار سابق أدلى لنا وزير الشؤون الاجتماعية خليل الزاوية بتصريح مفاده أن يوم 31 ديسمبر سينطلق العمل الفعلي لشركات البيئة فهل هناك من المؤشرات ما يدل على الشروع في هذه الخطوة؟
أوّلا لابد من الاشارة إلى أنّه ومنذ تأسيس شركات البيئة على أنقاض شركات المناولة سابقا وعمّالها يتقاضون أجورًا من أموال المجموعة العمومية دون انجاز اي عمل يُذكر وعددهم كان في البداية 2700 عامل أي بجملة اجور شهريا بما قيمتها مليار ومائة مليون، والاشكال في كل هذا ان هؤلاء العمّال يطالبون بوضع الأسس القانونية لهذه الشركات وتوضيح العلاقة الشغلية بينهم وبين مشغلهم وهذا من حقهم طبعًا، وقد طالبنا الحكومة بالتعجيل في التفاوض في هذا الموضوع وصرف العمال الى العمل إلا أنها بقيت تُماطل وهناك اشكال آخر يتمثل في تمثيلية العمال في التفاوض من خلال ما سمي بالنقابات المؤقتة ولا أعتقد ان المشكل القائم قد حُلًّ بمجرّد ابرام اتفاقية بزيادة 50 دينارا شهريا وبالتالي لا أعتقد ان الامور ستهدأ داخل هذه الشركات، وأتساءل هنا عن مبرّر تحديد نهاية ديسمبر موعدًا لانطلاق العمل بهذه الشركات.
هل يُنذر هذا الوضع بعودة الاحتجاجات الاجتماعية؟
اعتقد ان الاحتجاجات لم تخمد وان كانت في الوقت الراهن هادئة فإن ذلك يعود إلى المؤسسات وغياب ممثلي السلطة في الجهة والاحتجاج حاليا كمن يصرخ في الصحراء واعتقد ان السلطة واهمة اذا ما صدّقت انها نجحت في انهاء الاحتجاجات الاجتماعية بالحوض المنجمي واعتقد ان اليوم في الحوض المنجمي أنه بمجرّد عودة هذه السلطة السياسية والأمنية ستعود الانتفاضة من جديد وهذا المشكل لابد للحكومة من التفكير فيه بجديّة وتحمل مسؤوليتها في معالجة جُذور القضايا بالمنطقة.
ماذا تعني بغياب السلطة السياسية والأمنية؟
حاليا في الرديف لا يوجد المعتمد ولا العُمد ولا النيابة الخصوصية ولا رجال الامن ما عدا بعض العناصر أصيلي المعتمدية الذين يقومون بعمل اداري بَحْت، كذلك ام العرايس تفتقد إلى الامن ونيابة خصوصية ممثلة لأن النيابة الحالية تم تنصيبها من قِبل حركة النهضة ودون توافق أما المتلوي فهي على كفّ عفريت.
ثمّ إنّ الوالي منذ تنصيبه على رأس ولاية قفصة لم يحلّ أية مشكلة وقد دأب على التعامل مع عناصر حركة النهضة في الجهة فقط ويعمدُ إلى التسويف والوعود الكاذبة وهو في نظري غير قادر وليست له الكفاءة المطلوبة بادارة جهة مثل ولاية قفصة ورغم انتمائه إلى حركة النهضة فلم يُعرف عنه خوض غمار السياسة أو المشاركة الفعالة في الحياة العامة طوال اقامته بالجهة.
على ذكر حركة النهضة والسلطة السياسية، اليوم نحن على مقربة من انتهاء الشرعية الدستورية والانتخابية (23 اكتوبر) وهي المسألة التي قد تؤجّج الوضع من جديد، كيف ترون هذا التجاذب بين الأطراف السياسية وما مدى انعكاسه على الوضع العام؟
مما لا شك فيه ان يوم 23 أكتوبر هو تاريخ مفصلي لانتهاء الشرعية الانتخابية المزعومة التي طالما تغنت بها حركة النهضة لتبرير سياستها وأحيل القراء على المرسوم الرئاسي الداعي الشعب التونسي إلى انتخاب مجلس وطني تأسيس مدّته سنة واحدة وكذلك الى الالتزام الاخلاقي والسياسي لبعض الاحزاب منها حركة النهضة والتكتل الذين أمضوا بيان 15 سبتمبر 2011 والذي التزمت فيه الأطراف الممضية بان تكون مدة المجلس سنة لا أكثر، واذا كانت حركة النهضة اليوم تتعلّل بان القانون المؤقت المنظم للسلطات قد جبّ ما قبله ايّ المرسوم والالتزام والبيان فإن هذا عذرٌ أقبح من ذنب اذ انها تعمّدت منذ مناقشة القانون المؤقت الانقلاب على التزاماتها السياسية ولم تدافع عنها وهي الكتلة الاقوى في المجلس فيوم 23 اكتوبر سيكون منعرجًا خطيرًا في تاريخ ما بعد الثورة ولابد من التفكير جدّيا في ايجاد الحل المناسب من أجل تجنب الفراغ وأعتقد حسب رأيي ان الحل الوحيد يكمن في حل هذه الحكومة وتعيين حكومة تكنوقراط لتصريف شؤون البلاد مع تحديد موعد للانتخاب لا يزيد عن الستة أشهر والالتزام بذلك لأن يوم 23 أكتوبر قد يكون يومًا مشابها ليوم 14 جانفي إذا ما تواصل التعنّت.
ولكن اليوم هناك تمشٍّ نحو تشكيل حكومة ائتلاف وطني؟
من الآن والى توسيع الائتلاف الحاكم اعتبر ان المشاورات اليوم هي خطوة استباقية من حركة النهضة لسحب البساط من تحت أقدام المعارضة ولكن هذه المناورة لا يمكن لها ان تدرأ المقروء باعتبار ان انتهاء الشرعية الانتخابية لا تعني الحكومة فقط بل المجلس التأسيسي برمته الذي فشل في الالتزام بالمدة النيابية المحدّدة وعليه فان استمالة بعض الاطراف ومحاولة تشريكها في اقتسام غنيمة الحكم لا يمكن الاّ ان يزيد في تأجيج الغضب وعزل كل من تسوّل له نفسه المشاركة في هذه اللعبة وأقصد بالتحديد حركة نداء تونس التي ربما وحسب تصريحات قياداتها قد تتحول من منافس حقيقي وجدّي لحركة النهضة الى شريك فعلي ومتآمر على الشعب إذا قبل بالمشاركة في ما يسمى بحكومة الائتلاف الوطني. ففي ظلّ وجود أكثر من مائة حزب لا يمكن الحديث عن حكومة ائتلاف وطني.
ألا ترى أن الوقت الراهن يفرض بقوة المبادرة الوطنية التي طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل لفتح حوار جدي وعميق بين كل مكونات المجتمع المدني؟
مبادرة الاتحاد أود ان اشير إلى انها جاءت متأخرة وأعتقد ان مبادرة الاتحاد لا يمكن الحديث عنها اليوم باعتبار اقتراب موعد انتهاء الشرعية الانتخابية ورغم النقاط الايجابية في المبادرة الا انه لا يمكن الجمع بين الذئب والقطيع فما تضمنته هذه المبادرة من نقاط اساسية لابد من التوافق حولها فإن هذه المحاور فيها اختلاف كبير وجذري مع حركة النهضة ولو لم يكن هذا الاختلاف لما وجدنا انفسنا اليوم في هذا الوضع الخطير حسب رأيي، فالاتحاد اذا كان له من دور لابد ان يلعبه في كبح جماح هذا الائتلاف الحاكم ولعب دور كبير لخلق توازن اجتماعي يضمن الحقوق الدنيا للشعب التونسي وأنا أستغرب عندما نرى لافتة في تجمع نهضوي بالقصبة كتب عليها «إلى متى صمت الحكومة على عصابات التجمع والاتحاد» بينما قيادة الاتحاد تمرّ على ذلك دون تعليق فهذه الترويكا الحاكمة التي يريد الاتحاد من خلال مبادرته ايجاد توافقات معها يسعى طرفها الرئيسي (حركة النهضة) الى ضرب الاتحاد والتحامل عليه واعتباره عدوًا رئيسيّا للشعب والوطن.
وأدعو الاتحاد الى أن يكون محورا رئيسيا في مبادرة عملية تضمن الاستقرار في مرحلة ما بعد 23 اكتوبر وعليه كذلك ان يُعلن انحيازه بوضوح للكتلة الديمقراطية في البلاد.
في علاقة بالكتلة الديمقراطية طالبت مؤخرًا باستقالة وزير الداخلية على خلفية تدهور الوضع الأمني خاصة بعد اقتحام السفارة الامريكية فكيف ترون هذه المطالبة وكيف تقيمون المد السلفي في البلاد؟
وزير الداخلية هو جزء من هذه الحكومة التي فشلت فشلا ذريعًا في كل خياراتها بالنسبة إلى هذه المرحلة وقد لمس الشعب التونسي زيف وكذب برنامجها الانتخابي ونحن نلاحظ في كل جهات البلاد غضبًا شعبيا عارمًا ضد حكومة الترويكا ووزير الداخلية باعتباره وزيرًا في هذه الحكومة فقد باءت سياسته الامنية بالفشل وخاصة في ظلّ غياب اصلاح جذري وجدّي لاجهزة هذه الوزارة، فالبوليس السياسي مازال يعمل الى اليوم والممارسات والملاحقات والتتبعات للنشطاء مازالت كما في السابق والعناصر الفاسدة داخل الوزارة والتي لعبت ادوارًا قذرة ضد المناضلين مازالت إلى اليوم تنعم بالحرية ولا أدلّ على ذلك من الخلافات المتكررة والمتفاقمة مع نقابات الأمن الذين يطالبون بالاصلاح ومحاسبة الفاسدين فما كان من وزير الداخلية إلاّ أن أوقفهم عن العمل وزج بهم في السجن وقام بنقلهم الى مناطق مختلفة وأذكر على سبيل المثال السيد عصام الدردوري الذي أثار قضية شابين من الرديف هاجرا خلسة إلى اسكتلندا في 2008 في باخرة فسفاط وماتا على متنها ووقع دفنهما في اسكتلندا ولم يقع اعلام عائلتيهما بتدبير من السلط الامنية وإلى حد اليوم لم يقع فتح تحقيق في الموضوع ومازال المفقودان في عداد الاحياء ومسجّلين ببلدية الرديف وهما زهيّر بيّة ورفيقه وكذلك النقابي علي السلطاني بسلك الأمن الذي وقع ايقافه عن العمل لأسباب نقابية، أما السلفية فإن حركة النهضة ما فتئت تشجّعهم وتطلق أيديهم للوقوف ضد خصومها وهي المتسبب الرئيسي في تقوية شوكتهم بل سمحت لهم بالنشاط العلني رغم معاداتهم لمبادئ الجمهورية والديمقراطية وعدم اعترافهم بالنمط المجتمعي التونسي المتفق والمتوافق عليه.
إن ما قام به هؤلاء يوم 14 سبتمبر أمام وداخل السفارة الامريكية انما هو نتاج طبيعي لسياسة النهضة المهادنة لهم وقد كان هذا الفعل منتظرًا نظرًا إلى غياب الحزم والصرامة في تطبيق القانون معهم.
واعتقد أن الكثير من الوزراء كان لهم أن يستقيلوا من هذه الحكومة مثل وزير التربية خلال امتحان الباكالوريا في جوان الفارط وعلي العريض الذي اعترف بفشله في ضبط الأمن والاستقرار ولا أعتقد ان لديه ما سيضيفه في هذه الخطة وكذلك وزير التعليم العالي في أحداث منوبة وكذلك وزير الخارجية خاصة بعد فضيحة مركب لمبدوزا..
وأتساءل لماذا الكيل بمكيالين من قِبَل هذه الحكومة ووزرائها في علاقة باحتجاجات المعطلين عن العمل والمهمشين والمفقرين في حين يتم التغاضي عن العنف الممنهج والدعوات المتكررة إلى القتل من قبل بعض الائمة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.