لغاية تعصير البلاد و تحديث المجتمع، شرعت دولة الإستقلال و هي تخطو خطواتها الأولى في القطع مع أنماط الإقطاعية التقليدية التي هضمت حقوق الألاف من أبناء الشعب التونسي حيث وقع إلغاء العمل بنظام الأحباس عبر سن تشريعات و قوانين تسوي هذه المسألة كما تأسست لجنة تصفية الأحباس التى بدأت عملها مطلع الستينات، لكن رغم مرور أكثر من نصف قرن على الإستقلال مازالت الأمثلة الصارخة على ضياع حقوق كثير من المستحقين بادية للعيان و قد كنا في جريدة « الشعب « قد أشرنا الى حالة السيد صالح بن الطاهر النوري منذ أكثر من سنتين ( أنظر الشعب عدد 1077 ، السبت 05 جوان 2010 صفحة 8 ، مقال بعنوان : حقوق مهضومة منذ أكثر من نصف قرن )، هذا الشيخ الذي يبلغ من العمر اليوم 80 عاما و له 5 أبناء و 4 بنات لم ييأس من المطالبة بحقه المنجر له إرثا من والده الحاج الطاهر بن حسن النوري الذي تعترف اللجنة العليا لتصفية الأحباس الخاصة و المشتركة بأنه مدرج بجريدة المستحقين ( القرار عدد 1224 بتاريخ 15 فيفري 1966 ) في قطعة الأرض بمنطقة سيدي مدين موضوع الرسم العقاري عدد 180475 . لقد عانى السيد صالح النوري الأمرين في العهد البائد و كان في عديد المناسبات قاب قوسين أوأدنى من باب السجن ذنبه الوحيد مطالبته بحقه المشروع المدعم بوثائق قانونية لا تقبل الدحض من شهادة ملكية ، رسم عقارى ، قرار التصفية الصادر في 18 جويلية 1957 و قائمة المستحقين للوقف. ثم أتت ثورة 14 جانفي فأمل الشيخ و معه أكثر من مائة مستحق خيرا حيث أعاد إحياء المسألة فتقابل مرتين مع السيد أحمد عظوم وزير أملاك الدولة و الشؤون العقارية السابق لمرتين متتاليتين بتاريخ 30 جوان 2011 و 15 أوت 2011 و باطلاعه على مختلف الوثائق و المعطيات أعطى تعليماته الي الإدارة الجهوية لأملاك الدولة ب و الإدارة العامة للعقارات الفلاحية بالعاصمة للبت في ملف الوقف المذكور لكن المسؤولين المباشرين في الإدارتين مارسا صمت القبور و لم يقوما بما طلبه منهما السيد الوزير. واصل السيد صالح النوري تحركه و تقدم بطلب مقابلة السيد سليم بن حميدان الوزير الحالي لأملاك الدولة و الشؤون العقارية و ذلك بتاريخ 1 فيفري 2012 كما طلب مقابلة رئيس الجمهورية المؤقت بتاريخ 28 فيفري 2012 و لكن في الحالتين لا حياة لمن تنادي منذ 8 أشهر !! و في 11 جوان 2012 رفع قضية لدى المحكمة الإدارية مازال هو و بقية المستحقين في انتظار الحكم الذي ستصدره. هذا و تجدر الإشارة إلي انتخاب المستحقين في حبس سيدي مدين ل 5 ممثلين لهم في لجنة شكلوها لتمثيلهم لدى الدوائر القانونية المعنية بالموضوع و السلط الجهوية و المحلية المختصة في تعبير حضاري منهم عن احترام قوانين البلاد رغم إدانتهم اللامبالاة و سياسة التجاهل التي تنتهجها السلطات نحوهم. ملاحظة : كل الوثائق المذكورة في هذا المقال و غيرها موجودة لدى كاتب هذه السطور وهي موضوعة علي ذمة كل من يروم الإطلاع عليها ممن يهمهم الأمر .