يبدو ان قطعان الثقافة قد سيطرت على كل شيء. قطعان من كل حدب وصوب، هي أشبه بمصّاصي الدماء في الافلام الامريكية، هكذا فكرت في المشهد العام لهذا البلد الموبوء الموطوء... السياسة لها محترفوها: الدجالون على الناس المتشبثون بالكراسي، ولولا نفخ الاعلام في صورهم لرأيتهم بغاثا وغربان موت ووطاويط ظلام... لكني لن أتحدث عنهم لأنهم الى الغياهب ذاهبون... وسيبول عليهم التاريخ. أولئك الأوباش «بنو الخسيسة أوباش أخسّاء» كما قال أبو العلاء المعرّي. هذا بلد سيطر عليه الانتهازيون والسماسرة والتجار وعملاء الامبريالية... تنادي وزارة الثقافة بدسترة الحقوق الثقافية، لكن عن اي دسترة سنتحدث هذا اليوم والحال ان المبدعين من اهل المسرح والسينما والفن التشكيلي والنحت والحفر والأدب والموسيقى هم في عيشة ضنكى بلا سند !؟ كيف تفكر وزارة الثقافة في دسترة الحقوق دون ان تفكر في الحفاظ على المبدعين من غوائل الفقر والجوع والتشرّد!؟ هل فكرت الوزارة في إرجاع كتّاب أطردوا من العمل منذ سنوات طويلة مثل كمال بوعجيلة ورياض الشرايطي ولسعد بن حسين وعبد الجبّار المدوري وغيرهم!؟ وهل فكرت الوزارة في تشغيل كتاب عاطلين منذ قرون مثل : نبيل درغوث ورحيّم الجماعي ورضا الصّولي وليلى نصراوي.. وغيرهم كثير!؟ أما آن لشعارات وزارة الثقافة ان تترجّل، ليصبح لكل كاتب او فنان تونسي حق في الحياة والعيش الكريم، أم أن اللهفة على الكراسي والشغف بحبها أعمى المسؤولين عن الشأن الثقافي!؟ هذا المعرض سيكون مأتما للثقافة التونسية بعد أعوام طويلة من الظلام الحالك في انتظار خيمة للكتاب والفنانين الغاضبين ستقام امام مبنى المعرض الدولي للكتاب بالكرم أوائل نوفمبر القادم في عاصفة من الكلمات!