اثر الكلمة الافتتاحية التي ألقاها الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل يوم 16 أكتوبر لدى افتتاحه لأشغال المؤتمر الوطني للحوار، تتالت كلمات الرؤساء الثلاثة، حيث كانت لرئيس الجمهورية المؤقت الدكتور محمد المنصف المرزوقي الكلمة الأولى، ثم تلتها كلمة السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة ثم كلمة الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي، وقد جاءت خطاباتهم الثلاثة متناغمة في عمومها، من خلال تأكيدهم على أهمية مبادرة الاتحاد ورمزيتها في الوقت الراهن، إلا أن العديد من الشخصيات الوطنية والسياسية من ضيوف المؤتمر، كانت لهم قراءات خاصة حول هذه الكلمات الثلاثة، خاصة أن حضور رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس الحكومة المؤقتة يأتي في ظل غياب حزبيهما عن فعاليات هذه المبادرة (المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب حركة النهضة). في هذه الورقة حاولنا رصد تفاعل عدد من الشخصيات السياسية مع كلمات المرزوقي وبن جعفر والجبالي. سمير بالطيب (عضو المجلس الوطني التأسيسي) تقسيم ثلاثي للأدوار من خلال الخطابات الثلاثة اعتقد أن هناك تقسيما للأدوار بين الأطراف الثلاثة، ويبدو أن الخطابات الثلاثة التي تم إلقاؤها اليوم في هذا المؤتمر هي حركة شكلية باعتبار أن الترويكا لا تراهن اليوم على مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل من اجل الحوار الوطني بل هي قد استعجلت الأمور بمفردها وقدمت جملة من الاقتراحات الاستباقية واختارت لها موعد 18 أكتوبر للإعلان عنها، ونحن في الكتلة الديمقراطية لن نذهب إلى هذا الموعد المقترح من طرف الترويكا والذي تحدث عنه رئيس الجمهورية المؤقت في خطابها اليوم أمامنا. حمة الهمامي (الجبهة الشعبية) مصير تونس ليس بيد النهضة أو المؤتمر من اجل الجمهورية الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم تتجاوز الحوار الدائر في المجلس الوطني التأسيسي وتتجاوز حدود الحكومة والترويكا عموما، ولذلك نجد مبادرة الاتحاد اليوم تفتح أفقا أوسع باعتبارها تظم فعاليات المجتمعين السياسي والمدني في تونس، ورغم ذلك فنحن مازلنا نستمع إلى أطراف الترويكا تتحدث عن الشرعية باعتبارها خطا احمر لا يجوز الاقتراب منه وهو ما لمسته شخصيا من خلال الخطابات الثلاثة، ولذلك ادعوها إلى الترفع عن هذه الأمور الشكلية والانغماس الحقيقي في حوار مثمر ومناقشة الأزمة السياسية والاجتماعية التي تعيشها اليوم تونس. وأعتقد أن غياب حركة النهضة وحزب المؤتمر اليوم وتخلفهما عن هذا الموعد التاريخي لا يمكن أن نفهمه إلا في إطار الانغلاق الذي تنتهجه هذه الأحزاب التي باتت تتوهم أنها ستنفرد بالحكم وبتحديد مصير البلاد. إياد الدهماني (عضو المجلس الوطني التأسيسي) هناك أزمة في إدارة الحوار الوطني ما لاحظته شخصيا بعد الاستماع إلى الخطابات الثلاثة لرؤساء الترويكا أن هناك اختلافا جوهريا لدى الثلاثي الحاكم في إدارة الحوار الوطني، فمن جهة رئيس الدولة المؤقت يدعو المشاركين إلى المساهمة في مقترحات الترويكا التي ستعلن عنها يوم 18 أكتوبر ومن جهة ثانية يدعو رئيس الحكومة المؤقتة المشاركين اليوم إلى إرسال مقترحاتهم إلى المجلس الوطني التأسيسي وهذا ما يدل على غياب الرؤية الواضحة لدى الترويكا الحاكمة حول طبيعة الأزمة السياسية الحالية. إبراهيم القصاص (عضو المجلس الوطني التأسيسي) سياسة الهروب إلى الأمام من خلال الخطابات الثلاثة للمرزوقي والجبالي وبن جعفر نستشف أن هناك نزعة للهروب إلى الأمام، رغم أن الاتحاد ومثلما يشهد بذلك تاريخه العريق لا يسعى إلا إلى التوافق من اجل مصلحة تونس، ولكن مع الأسف الترويكا اليوم لا ترى في هذه المبادرة سوى أنها محاولة لسحب بساط الشرعية من تحتهم وهذا خطئ جسيم لان لا احد يمكنه أن يزايد على مبادرة الاتحاد ولا على مناضليه وشهدائه الوطنيين. الاتحاد هو صمام الأمان ودوره اليوم تاريخي خاصة أن هناك من الأحزاب من أصابه الغرور وشرع في تأسيس حقبة جديدة من الدكتاتورية، ويظهر ذلك من خلال التشدق بالحوار في وسائل الإعلام وأمام الكاميرا والمصدح، أما على ارض الواقع وفي مستوى الفعل فهاهم يتخلفون عن هذه المبادرة المستقلة والجادة، واعتقد أن غيابهم لا ينم إلا عن غياب ذهنية التحاور وهي المبدأ الأول لإرساء الديمقراطية عصام الشابي (عضو المجلس الوطني التأسيسي) كلمة بروتوكلية في عمومها كلمة الرؤساء الثلاثة كلمة بروتوكلية، وقد اجتمع ثلاثتهم في التأكيد على الشرعية وكأن هاجس الخوف هو الذي يحركهم؟ وكأن غيرهم لا يحرص على هذه الشرعية. نحن حريصون على الشرعية التي تكتسبها المؤسسات اليوم باعتبارها شرعية منبثقة عن انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية، ولكن اليوم المجتمع التونسي بحاجة إلى شرعية توافقية وفتح أفق مشرق وواسع أمام الانتقال الديمقراطي، والمؤتمر الذي يقترحه اليوم الاتحاد من شأنه أن يدفع بهذا الأفق نحو الانفراج، وهو حوار يهم كل الفرقاء السياسيين بما فيهم أحزاب الترويكا ولذلك نحن اليوم موجودن هنا ونعمل بإخلاص وصدق لإنجاح هذه الخطوة التاريخية رغم مقاطعة حزب حركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية، وشخصيا لا أرى في مقاطعتهم سوى نية الإقصاء الذاتي تهربا من المواجهة ومحاولة منهم لإفراغ محتوى هذه المبادرة. سهام بن سدرين (ناشطة حقوقية) حضور الرؤساء الثلاثة تأكيد لمبدأ الحوار في الحقيقة أجمع الرؤساء الثلاثة على أن من يشكك في شرعية الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي هم من سيعرضون البلاد إلى خطر حقيقي. الشيء الايجابي في الخطابات الثلاثة هو تثمين مبادرة الاتحاد على مبدأ الحوار الذي تطرحه المنظمة الشغيلة في هذا المؤتمر وخاصة أن الحوار مفتوح للجميع ولا يقتصر على من هم في السلطة، لان مستقبل تونس لا يعني من هو الآن في السلطة ويسهر على تسيير البلاد بمفرده، وإنما هو مستقبل مشترك بين من هو في السلطة ومن هو خارجها وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل ومكونات المجتمع المدني، ودعني أقول صراحة أن التعبير عن هذا الاشتراك في مستقبل تونس يأتي على مضض من البعض، ولكن حضور الرؤساء الثلاثة اليوم هو إقرار بمبدأ الحوار والتشارك في المستقبل السياسي والشعبي لتونس. ايمن الزواغي (عضو المجلس الوطني التأسيسي) تمثيل مؤسساتي وليس حزبي الحضور الثلاثي للمرزوقي والجبالي وبن جعفر لا يعني انه تمثيل حزبي بقدر ما هو تمثيل مؤسساتي، فالنهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية تخلفا عن هذه المحطة التاريخية التي يمنحها الاتحاد العام التونسي للشغل لكل الفرقاء السياسيين، وبالتالي نفهم أن خطاباتهم تأتي في إطار الخطب الرسمية ولا تقدم مواقف حزبية من شانها أن تدفع بالحوار، وشخصيا استغرب هذا التخلف عن مثل هذه الفرصة في حين أن المنتمين للحزبين لم يجدا أيام الدكتاتورية سوى حضن الاتحاد العام التونسي للشغل للاحتماء به.